من الدلالات اللغوية لألفاظ الآية الكريمة :في قوله ـ تعالى ـ:
" وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى ... "أمر بالابتعاد عن جميع مقدمات الزنى من التبرج، والمبالغة في إبداء الزينة, والاختلاط مع غير المحارم في غير ضرورة, والخلوة غير الشرعية, والخضوع المتكلف في القول, وعدم غض البصر, والنهي عن مجرد الاقتراب من هذه الجريمة البشعة ـ ألا وهي جريمة الزنى ـ هو أبلغ من النهي الوقوع فيها.
و(الزِّنَى) هو وطء المرأة من غير عقد شرعي. يقال
زَنَى) (يَزْنِي) (زِنَىً), و(زِنَاء) أي فَجَرَ.
ويقال: (زَاَنَى) (مُزَانَاةً) و(زِنَاءً) بمعنى فعل الفجور والفحش.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الفاحشة في تسعة مواضع منها:
(1) ما ينزه عباد الرحمن عن الوقوع في هذه الجريمة النكراء، وفي ذلك بقول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ:
" وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً "(الفرقان:68-70).
(2) ومنها ما نزل من هداية الله ـ تعالى ـ لعباده أمراً بالبعد عن جميع مقدمات الزنى فيقول ـ عز من قائل ـ وسط سلسلة من الأوامر الربانية :
" وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً "(الإسراء:32).
(3) ومنها ما جاء حكما لجريمة الزنى في سورة النور، وذلك بقول ربنا ـ وهو أحكم الحاكمين ـ:
" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ . الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ . وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوَهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ . إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "(النور:2-5).
وبالإضافة إلى هذه الأحكام القرآنية القاطعة، فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينفي صفة الإيمان عن الزاني،
وذلك بقوله الشريف : " لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن, ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن, ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن, ولكن أبواب التوبة معروضة " (البخاري, وأبو داود, وابن ماجة).وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن, وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا " (ابن ماجه).