السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدمت لخطبة فتاة, ورأيتها مرتين, ثم تم العقد منذ شهر, وعندما رأيتها للمرة الثالثة وجدت أنها ليست التي أتمناها, وليست جميلة كما رأيتها أول مرة, وأفكر في تطليقها, ولكني متردد, وأحيانًا أقنع نفسي أنها ليست قبيحة, ولكني أحس بألم شديد, وأحس أني تسرعت, وأخشى أن أطلقها وأندم, وأخاف على مشاعرها أيضًا, وأني لو تركتها ستكون مطلقة فماذا أفعل؟
أفيدوني يرحمكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام نور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يسترك في الدنيا والآخرة، وأن يمنّ عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من أنك الآن متردد في الارتباط أو مواصلة الرحلة مع هذه الفتاة التي رأيتها مرتين قبل العقد, وكنت تراها جميلة ورائعة، ولكنك بعد أن رأيتها للمرأة الثالثة وجدت أنها ليست كما تتمنى وليست جميلة كما رأيتها أول مرة، وتفكر الآن في تطليقها، إلا أنك متردد في هذا الأمر نظرًا لما سيترتب عليه من آثار لهذه الفتاة ولأسرتها، وتقول: ماذا تفعل؟
أقول لك - أخي الكريم الفاضل – إنه مما لا شك فيه أن الجمال شيء مطلوب، وهو أمر يسعى إليه الكثير من الشباب, خاصة الذين يتعاملون مع المجتمع المفتوح من أمثال حضرتك، فإنك تتعامل مع الرجال والنساء، وتذهب إلى المحاكم والقضاء، وتتعامل تعاملاً مفتوحًا مع فئات المجتمع، وهذا مما لا شك فيه يجعل حرصك على أن تكون الفتاة التي ترتبط بها جميلة في محله، ولكن بما أنك رأيتها المرة الأولى والثانية وكنت مقتنعًا بها، فإني أخشى أن يكون قد حدث هناك نوع من الاعتداء عليك في المرة الثالثة، وأقصد بالاعتداء عليك أن هناك من تدخل لإفساد هذه الزيجة، ولذلك قام بعمل شيء من الأعمال السحرية لتشويه صورتها في نظرك، ولذلك فإني أرى أن تتوكل على الله, وأن تواصل رحلتك حتى وإن كانت متواضعة الجمال؛ لأنك كما ذكرت أنك لو تركتها الآن ستكون مطلقة، وقد لا يتقدم إليها أحد، خاصة وأنك تعلم أن هناك ملايين العوانس الآن في بلدك لم يتقدم لهن أحد، رغم أن الكثيرات منهنَّ على قدر من الجمال والثقافة والوعي، إلا أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد حالت دون ارتباط مثل هؤلاء الفتيات بكثير من الشباب لهذه الظروف المشار إليها.
وعليه فإني أرى أن تحتسب أجرك عند الله تعالى، وأن تواصل رحلتك، وأن تقوم بإتمام مراسم الزواج، وأن تدع الأمر لله تعالى، ولكن كل الذي أريده منك هو أن تتضرع إلى الله جل جلاله أن يحسّنها في عينك, وأن يجمّلها في نظرك، وأن يسترك كما سترتها، وتتقرب إلى الله بذلك، تقول: (يا رب إني أردت أن أطلق هذه الفتاة ولكني أعلم أن هذا الأمر سيسبب لها حرجًا عظيمًا, وقد لا تتزوج إلى أن تموت، وقد تدعو عليَّ دعاء لا أتحمله، ولذلك إني أتزوجها لأستر عليها، فأسألك أن تجمّلها في عيني, وأن تجعلها من أحب الناس إليَّ, وأن تجعلها قرة عينٍ لي، وأن تجعلها عونًا لي على طاعتك، وأن ترزقني الرضا بها) وتوكل على الله، واعلم أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، فقد تكون الأخت متواضعة الجمال, ولكن لعلها تتمتع بأخلاق عالية، لعلها تكون سيدة راقية بمعنى الكلمة، لعلها تضفي لمسة إلى حياتك فتجعلك قمرًا في هذا الوجود, وتجعلك ناجحًا بين العالمين.
فأرى أن تتوكل على الله، وأن تتم مسيرة الزواج، مستعينًا بالله تبارك وتعالى، متوكلاً عليه, ومفوضًا أمرك إليه، واعلم أن الله لا يضيع أهله، وأنك إن حرصت على الارتباط بها رغم أنك قد لا تكون مقتنعًا بها فلن يضيع لك عند الله أبدًا؛ لأن الله تبارك وتعالى يحب مكارم الأخلاق، ولأن الله يكره سفسافها، ولأن الله يحب المواقف الرائعة الجليلة، ويعطي عليها ما لا يعطي على غيرها من الأعمال.
فتوكل على الله - أخي الكريم الفاضل أستاذ إسلام – وأتم مراسم زواجك في الوقت الذي حددته مع أهلك، واستعن بالله تعالى، وأبشرك بفرج من الله قريب، عسى الله أن يجعل فيها الخير كله, والعز كله, والأنس كله, والسعادة كلها، إنه جواد كريم,
هذا وبالله التوفيق.