السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا
فتاة كنتُ أعاني من بعض المشاكل النفسيَّة؛ مثل: ضعف الثِّقة في النفس،
والاكتئاب، وقلَّة التركيز، وغيرها، فلجأتُ لطبيبٍ نفسيٍّ، وتابعتُ معه
العلاج لمدة طويلة.أصبحتُ أحب الطبيب، ولا أدري ماذا أفعل؟ لا أتصوَّر حياتي بدونه، أفكِّر فيه ليل نهار، حتى إنني لا أريد الشفاء حتى لا أتركه!كنتُ
أحب شابًّا آخر قبل زيارتي للطبيب، لكن كتماني الحب في نفسي، وعدم البوح
به لأحد، أصابني بالوحدة، وكُره النَّفس، والشُّعور بالضعف! والآن أجدني
متعلِّقة بالطبيب بشكلٍ كبيرٍ، لكنني في نفس الوقت أفكِّر في الشابِّ الذي
أحببتُه كثيرًا، وعندما أفكِّر فيه أُحاول الهرب؛ لأشغل نفسي بالتفكير في
طبيبي! لا أدري ما الحل؟ مع العلم أنَّ الطبيب
أكبر منِّي ومتزوِّج، وأما الشابُّ فهو أعزب؛ وأشعر أنه يُبادلني نفس
الشُّعور، لكنه يخاف البوح بسبب فقره! أرجوكم ساعدوني ما الحل؟ الجوابأختي الغالية، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أهلًا وسهلًا بكِ في شبكة الألوكة، نسأل الله أن نكونَ عند حسن ظنكِ، وظنِّ المتابعين الكرام. البشرُ جميعًا بحاجة إلى الحبِّ
والاهتِمام، وبحاجة إلى الأمان الجسَدي والصِّحة النفسيَّة، وعندما يشعر
المرءُ بالإعياء أو المرض؛ تزداد حاجته إلى مَن يحبه، ويهتم به، ويشعر قربه
بالأمان.
تعلُّقكِ بالطبيب المعالج وحبكِ
له؛ لأنه يحقِّق لكِ الأمان النفسي، وتشعرين قربه بالهدوء، وهي مشاعرُ
مؤقَّتة تحدث لأنَّ الطبيبَ النفسيَّ يُقدِّم المساعدة المخلصة، ويُساعدك
في حلِّ مشاكلكِ، فرأيتِ في طبيبكِ: القدوة، والأخ، والأب، والصديق، وبدأتِ
في الشعور بعاطفة نحوه، ترجمها إحساسُكِ على أنه حبٌّ لهذا الطبيب؛
فتعلَّقَ قلبُكِ به بصورةٍ مرضية، والأصلُ أنَّ هذه علاقة مريض بطبيب! وهي
عاطفةٌ مختلفة عن الحبِّ بين الرجل والمرأة، وسوف تجدين - بإذن الله -
الحبَّ الطبيعيَّ الحقيقي، وهذه العاطفةُ في صورتها الصحيحة هي عاطفة
امتنان وتقدير، يجب أن تستفيدي منها في تحقيق التقدُّم العلاجي المطلوب،
فهي خليط من الأبوَّة والصَّداقة والأخوَّة، ولكنَّها في النِّهاية يجب أن
تظلَّ في إطارها الأصلي، وهي علاقة الطَّبيب بالمريض الذي يمدُّ له يد
العون؛ لأنَّ هذا واجب، ومن الطبيعي أن يشعرَ المريضُ بالشُّكر والامتنان
نتيجة ذلك، لكن بمُجرَّد انتهاء مشاكل المريض وشفائه، لا بدَّ أن يكون
قادرًا على إنهاء هذه العلاقة، والفطام منها، والعودة إلى علاقاته
الطبيعيَّة مع أفراد مجتمعه، والتي ليس من بينها هذا الطبيب بطبيعة الحال.
أختي الكريمة، لماذا جعلتِ فكرة الارتباط محصورةً في شخص الطبيب، أو شخص الحبيب الذي ذكرته؟إنَّ الشابَّ الذي أحببتِه إذا
كان متعلِّمًا، وعلى خلُقٍ ودين؛ فهو مناسبٌ ما دام يوجد ميل مشتركٌ
بينكما، على أن تتأكَّدي أنه يميل إليكِ، مِن خلال أهله، أو تلميحات
معارفه، وأنه الآن يعمل على تأسيس أرض صلبة لبناء مُستقبله الأسَري، من
خلال ضمان حياة ماديَّة مُستقرة، حتى لا يضيمكِ، ولا يضيم أبناءكِ!
وقد يتقدَّم لك خلال هذه الفترة
شابٌّ غيره، متديِّن خَلُوق ذو مال؛ فاستخيري الله في قبوله؛ عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا خطب إليكم مَن ترضون
دينه وخلقه، فزوِّجوه، إلا تفعلوا، تكن فتنةٌ في الأرض، وفساد عريض)).
أخيرًا، عليكِ بالدعاء واللجوء إلى الله - سبحانه وتعالى - أن يرزقكِ الرجل الصالح، الذي يحقِّق لكِ الأمن المادي والنفسي، ويحققه لأبنائك.
دمتِ في رعاية الله وحِفْظِه