اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100260
بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (1) Oooo14
بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (1) User_o10

بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (1) Empty
مُساهمةموضوع: بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (1)   بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (1) Emptyالخميس 9 مايو 2013 - 13:21

حقائق الإسلام الدامغة وشبهات خصومه الفارغة
الرد على ضلالات زكريا بطرس
بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (1)


كتَب زكريا بطرس في موقعه المعروف على المشباك (الإنترنت) كلمة بعنوان "بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل"، يُقارِن فيها بين عيسى ابن مريم ومحمد بن عبدالله - عليهما جميعًا السلام - بُغية الوصول إلى أن ثَمَّة فرقًا شاسعًا لا يمكن اجتيازه بين المسيح (الله أو ابن الله عنده) وبين محمد، الذي ينكِر "القُمص" نبوَّته بطبيعة الحال، وتقوم الكلمة المذكورة على أساس أنَّ القرآن الكريم يقول في المسيح كذا وكذا مما لم يذكُره لمحمد، وهو ما يدلُّ في نظَر القمص على أن محمدًا رجل كذَّاب، وأن عيسى ابن مريم إله أو ابن للإله، وذلك على النحو التالي:

المسيح في القرآن هو:

1- كلمة الله.

2- ورُوحٌ منه.

3- آية من الله.

4- بلا مَساس من البَشر.

5- وأنَّه تكلَّم في المهد.

6- خَلَق طيرًا.

7- شفَى المرضى.

8- أقام موتى.

9- تنبَّأ بالغيب.

10- مُؤيَّد بالروح القُدس.

11- ﴿ مُبَارَكًا ﴾.

12- خلَت من قبله الرُّسل.

13- ممسوح من الأوزار والخطايا.

14- صعد إلى السموات.

15- سيأتي "حَكَمًا مُقسِطًا".

16- وأنه: ﴿ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾.



ودائمًا ما يختِم القمص كلامه في كل موضوع من هذه المواضيع بالسؤال التالي: وماذا عن محمد؟ وهو سؤال لا يحتاج إلى شرح ما يحمل في طيَّاته من مغزًى كما هو بَيِّنٌ واضح، وسوف نتناوَل ما قاله القمص بمنطق باترٍ يترك كل ما قاله مُهلهلاً لا يتماسَك.



وسنبدأ بما قاله عن وصْف القرآن للسيد المسيح بأنه "كلمة الله"، وهذا كلامه بنصه: "المسيح هو كلمة الله:

1- ﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾ [النساء: 171].



2- ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [آل عمران: 45].



3- (يوحنا 1: 1، 2، 14): "في البَدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله، هذا كان في البدء عند الله، كان في البَدء عند الله، والكلمة صار جسدًا وحلَّ بيننا، ورأينا مجده مجدًا كما لوحيدٍ من الآب".



4- معنى الكلمة في اللغة اليونانية التي كُتب بها الكتاب المقدَّس هي: لوغوس؛ أي: عقْل الله الناطق"، والواقع أنَّني لا أدري كيف يمكن الوصول إلى النتيجة التي يريدها هذا القمص من النصوص القرآنية التي أورَدها، إنَّ القرآن يؤكِّد أن المسيح - عليه السلام - لم يكن سوى رسول؛ أي: إنَّه لم يكن إلهًا أو ابن إله؛ إذ ليس للقَصر في هذا الموضع إلا ذلك المعنى، بل إنَّ مجرَّد كونه رسولاً، ليس له من معنى إلا أنه كان بشرًا؛ فقد جاء في القرآن عن الرُّسل قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾ [يوسف: 109] [النحل: 43]، ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد: 38]، ﴿ يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ﴾ [الأعراف: 35]؛ أي: بشَرٌ مثلُكم؛ أي: إن الرُّسل لم يُبْعثوا إلا من البشر؛ سواء قلنا: إنَّ "الرجال" هنا معناها "البشر" على وجه العموم (جمع "رَجُل" و"رَجُلَة")، أو "الذكور" منهم خاصة، ذلك أن الوثنيِّين كانوا يستنكِرون أن يكون الرسول من البشر، قائلين: ﴿ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولاً ﴾ [الإسراء: 94]، فرَدَّ القرآن عليهم: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولاً ﴾ [الإسراء: 95]، وبالمِثل يقع النص التالي قريبًا من هذا المعنى: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ﴾ [الأنعام: 8 - 9].



فمعنى أنَّ المسيح - عليه السلام - لم يكن سوى رسول، أنه كان بشرًا من البشر.



وقد قال القرآن هذا ردًّا على النصارى الذين ألَّهوه - عليه السلام - كما هو معروف، لكن زكريا بطرس يظنُّ أنه يستطيع خِداع القرَّاء، على حين أنه لا يَخدع إلا نفسه، ومَن على شاكِلته ممن يعيشون على الكذِب والتدليس.



أما وصْف القرآن له - عليه السلام - بأنه كلمة من الله، فمعناه أنه قد خلِق بالأمر المباشر؛ لأنَّه لم تكتمِل له الأسباب الطبيعية التي تحتاجها ولادة طفل جديد، وهي الاتِّصال الجنسي بين رجل وامرأة، وتأهُّل كليهما للإنجاب، ووقوع الاتِّصال في الأوقات التي يمكِن أن يتمَّ فيها الحمل، وغير ذلك.



والمقصود أن الله قد قال له: "كُنْ" فكان، وهو نفسه الحال في خَلْق آدم؛ ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59]، إن المدلِّس يحاول الاستشهاد بالقرآن، فكان من الواجب عليه الأمانة في النقل عن القرآن، وعدم اقتطاع أي نصٍّ من نصوصه من سِياقه العام، ولا من سياقه في الآيات التي تُحيط به... إلخ.



ثم إن المدلِّس يَسوق لنا كلام يوحنا ليُدلِّل به على ألوهية المسيح - عليه السلام - وهو: "في البَدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله، والكلمة صار جسدًا وحلَّ بيننا، ورأينا مجده مجدًا كما لوحيدٍ من الآب"؛ (يوحنا 1: 1، 2، 14)، وهذا كلام لا يوصِّل لشيء مما يريد أن يدلِّس به علينا؛ إذ إنَّه يَتناقض من الكلمة إلى الكلمة التي تليها مباشرة، كيف؟



لقد قال في البداية: إن الكلمة كان (أو كانت) عند الله؛ أي: إنَّها لم تكن هي الله، بل عند الله، ذلك أنَّ الشيء لا يكون عند نفسه، بل عند غيره، لكن يوحنا سَرعان ما ينسى، فيقول: إنَّ الكلمة التي كانت عند الله هي الله ذاته، ثم لا يكتفي بهذا أيضًا، بل يَمضي في التخبُّط قائلاً: إن الكلمة كانت كالابن الوحيد للأب (أو "الآب")، وكل ذلك في سطرين اثنين لا غير! ومع ذلك كلِّه، فإنه لا يكتَفي بهذا، بل يَمضي، فيقول: إن معنى "الكلمة" في اللغة اليونانية التي كُتب بها الكتاب المقدَّس هي "لوغوس"؛ أي: عقْل الله الناطق.



معنى هذا أن "الكلمة" كانت في البداية شيئًا عند الله، ثم صارت هي الله ذاته، ثم عادت فأَصبحت ابنه الوحيد، ثم عادت ثانية فأضحت عقْل الله، (عقل الله الناطق، من فضلك، تُرى هل هناك عقل ناطق وعقل ساكت؟ ولمَن؟ لله - سبحانه)!



ألم يفكِّر القمص فيما سيَحدث لله حين يتركه عقله، ويأتي فيتجسَّد في دُنيانا؟ تُرى كيف سيُدبِّر - سبحانه - العالَم بدون عقل؟



ليس ذلك فقط، بل إن القمص ليتكلَّف خفَّة الظل تكلُّفًا - رُغم ثِقَل رُوحه - فيسوق قوله تعالى في النبي محمد - عليه السلام -: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولاً ﴾ [الإسراء: 93]، ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ [الكهف: 110] و[فصلت: 6]، دليلاً على أن القرآن في الوقت الذي يحكُم فيه لعيسى أنه ابن الله أو الله نفسه، يقول عن محمد: إنه ليس سوى رسول.



وهذا كله كذِب وخداع، لا أدري كيف يجرؤ أي إنسان يحترم نفسه أن يُقدِم عليه؟!

لقد كان على القمص أن يُطلِع قارئه على الآيات القرآنية الكريمة التي تَنفي الألوهية تمامًا عن عيسى - عليه السلام - وتؤكِّد أنه مجرَّد إنسان كسائر الناس، يأكل، ويشرب، ويدخل الحمام؛ ليعمل كما يعمل الناس؛ قال - تعالى -: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 72 - 77].



﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * امَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المائدة: 116 - 117].



﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 30 - 31].



كما مرَّ قبل قليل أن عيسى مثل آدم، كلاهما مخلوق بكلمة "كُنْ"، لا من اتِّصال رجل بامرأة!



ويستمر القمص في تخاريفه التي يخال أنها يُمكن أن تجوز على العقول، فتراه يَستشهِد على زعْمه أن المسيح يختلف عن الرسول الكريم: (في أنه روح، وبالتالي فإنه إلهٌ لا إنسان)؛ يقول - جل جلاله -: ﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾ [النساء: 171]، ثم يعقِّب قائلاً: إن "البعض يعترِض بأن معنى رُوح الله؛ أي: رحمة من الله، والواقع أنا لا أدري لماذا يُمَوِّه المسلمون الحقائق؟ ففي "المعجم الوسيط" (الجزء الأول، ص380)، تجد هناك كلمتين:

(الرَّوْحُ): (بفتح الراء وسكون الواو)؛ معناها: الراحة أو الرحمة، أو نَسيم الريح.



(الرُّوحُ): (بضم الراء ومد الواو)؛ معناها: النَّفْس، (ورُوحُ القدُس): (عند النصارى): الأقنوم الثالث.



ويقول البعض: إن المقصود برُوح القدُس في القرآن، هو جبريل - عليه السلام - (سيأتي الحديث عن ذلك بعد قليل)، وقد يعترِض البعض أيضًا بأن مَثَل المسيح أنه رُوح من الله كمَثَل آدم الذي قيل عنه: ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ﴾ [الحجر: 29] و[ص: 72].



فدعْنا نناقِش هذا الرأي.

بمقارنة ما قيل عن المسيح وعن آدم نجد اختلافًا كبيرًا:

آدم


المسيح

ونفختُ فيه من روحي.


إنما المسيح رُوح منه.

هذا التعبير الذي قيل عن آدم ليس كالتعبير الذي قيل عن المسيح، بل كالتعبير الذي قيل عن مريم: ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا ﴾ [الأنبياء: 91]، فهل نحن نؤلِّه العذراء؟


ومعنى "رُوح منه": يتطابَق مع الآيات القرآنية التي تتحدَّث عن تأييد السيد المسيح بالرُّوح القدُس وهو في المهد، كما توضِّح الآيات التالية.



ومن الواضح الجلي أن الرجل قد غُشِّي على عقله تمامًا؛ إذ مهما يكن معنى الروح في كلام القرآن عن عيسى - عليه السلام - فلا ريب أن "الرُّوح" هنا هي نفْسها الروح في حال سائر البشر، أما ما يقوله هو، فكلام فارغ لا سبيل إلى صحته أبدًا؛ إذ يُضيف أن القرآن يقول عن آدم: ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ﴾ [الحجر: 29] و[ص: 72]، مثلما يقول عن مريم: ﴿ فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا ﴾ [الأنبياء: 91]؛ أي: إن النفخ - حسبما يقول - لم يتمَّ في آدم وعيسى، بل في آدم ومريم، فلا وجه للشَّبَه إذًا بين آدم وعيسى، أتعرِف أيها القارئ ما الذي يترتَّب على هذا؟ الذي يترتب عليه هو أن يكون الخارج من آدم ومريم مُتشابهَين؛ أي: إن البشر جميعًا - وهم الذين خرَجوا من صُلب آدم - يُشبِهون عيسى (الذي خرج من رحِم مريم)، وعلى هذا فإمَّا أن نقول: إن الطرفين جميعًا - البشر من ناحية، وعيسى من الناحية الأخرى - آلهة، إذا قلنا: إن "الروح" هنا تَعني: "الألوهية"، أو أن نقول: إنهما جميعًا بشر على أساس أن "الروح" تعني الحياة والوعي والإرادة، وما إلى ذلك"، ويَبقى آدم نفسه، فأما الإسلام، فيقول: إنه - عليه السلام -: بشر مخلوق من طين، وأما الكتاب المقدس، فيقول - في نَسَبه -: "إنه ابن الله، في الوقت الذي يُنسب عيسى فيه إلى يوسف النجار: "23ولما ابتدأ يسوع، كان له نحو ثلاثين سنة، وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي، 24بن متثات بن لاوي بن ملكي بن ينا بن يوسف 25بن متاثيا، بن عاموص بن ناحوم بن حسلي بن نجَّاي، 26بن مآث، بن متاثيا، بن شمعي، بن يوسف، بن يهوذا، 27بن يوحنا، بن ريسا، بن زربابل، بن شألتيئيل، بن نيري، 28بن ملكي بن أدي بن قصم بن المودام بن عير، 29بن يوسي بن أليعازر بن يوريم بن متثات بن لاوي، 30بن شمعون بن يهوذا بن يوسف بن يونان بن ألياقيم، 31بن مليا بن مينان بن متاثا بن ناثان بن داود 32بن يسَّى بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون، 33بن عَمِّيناداب بن أرام بن حصرون بن فارص بن يهوذا، 34بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن تارح بن ناخور، 35بن سروج بن رعو بن فالَج بن عابر بن شالَح، 36بن قينان بن أرفكشاد بن سام بن نوح، بن لامَكَ 37بن متوشالَح بن أخنوخ بن يارد بن مهللئيل بن قينان، 38بن أنوش بن شيت بن آدم، ابن الله"؛ (لوقا: 3).



فالمسيح - كما هو واضح من النص - لم يُنْسَب لله، بل الذي نُسِب لله هو آدم، وهو ما يعني أن الكتاب المقدَّس نفسه يضع آدم في مكانة أعلى بما لا يُقاس بالنسبة للمسيح - عليهما جميعًا السلام.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (2)
» إعجاز القرآن الكريم في ذكر ولادة السيد المسيح عليه السلام
» القمص - عبد المسيح بسيط يتساءل : كيف يحفظ الله القرآن ولا يحفظ التوراة والإنجيل ؟!
» محمد رسول الله حقاً وصدقا ( أنجليزي ) .. محمد السيد محمد
» شواهد ودلائل وبراهين ( باللغة الإنجليزية ).. محمد السيد محمد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: