الله أكبر (تسعا) لا إله إلا لله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد... الله أكبر كلما صام صائم وأفطر... الله أكبر كلما لاح صباح عيد وأسفر ... الله أكبر كلما لمع برق وأمطر ... الله أكبر ما هلل مسلم وكبر، وتاب تائب واستغفر... الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا...
أما بعد:
تقبل الله طاعتكم، وكل عام وأنتم بخير، نسأل الله تبارك وتعالى أن يهل هلال هذا العيد علينا وعلى المسلمين بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما يحب ويرضى، وأن يجعل هذا العيد بشير خير وبركة على الأمة الإسلامية وأن يجعله نذير وبال وحسرة على أعداء هذه الأمة.
أيها المسلم الكريم:
ونحن نعيش في صباح عيد الفطر المبارك ينبغي على كل مسلم أن يعلم علم اليقين أن عيدنا الحقيقي ليس بلبس الملابس الجديدة، وليس بأن نجتمع لنأكل ما لذا وما طاب من الطعام والشراب، وليس أن نذهب هنا وهناك.
بل عيدنا الحقيقي هو يوم أن نعود عودة حقيقية إلى الله تعالى والى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، عيدنا الحقيقي يوم أن نقيم في بيوتنا منهج القرآن الكريم، عيدنا الحقيقي يوم أن نصل من قطعنا، وأن نعطي من منعنا، وأن نعفو عمن ظلمنا.
عيدنا الحقيقي يوم أن نخرج البغضاء من قلوبنا، يوم أن ندخل الطمأنينة في قلوب المسلمين، يوم أن نترك الخلافات ونعمل على توحيد الكلمة.
عيدنا الحقيقي يوم لا نعصي الله عز وجل.
هذا سيدنا عمر بنِ عبدِ العزيزِ رضي الله عنه، كان له ولدٌ صغيرٌ، فرآهُ في يومِ العيدِ، وعليهِ ثوبٌ خَلِقٌ قديمٌ مُتَمَزقٌ؛ فَدَمَعَتْ عَينَاهُ، لأنه لا يستطيعُ أن يكسوَ ابنَهُ ثوباً جديداً للعيدِ، فلمَّا دمعتْ عيناهُ رآهُ ولدُهُ، فقالَ: ما يُبكِيكَ يَا أميرَ المؤمنينَ؟ يَسألُ الوَلَدُ أباهُ! قالَ: يا بُني، أَخشَى أن يَنكَسِرَ قلبُكَ إذا رآكَ الصبيانُ، بهذا الثوبِ الخلقِ؟ قالَ: يا أميرَ المؤمنينَ: إنَّما يَنكَسِرُ قلبُ مَن أَعدَمَهُ اللهُ رضَاهُ، أو عَقَّ أمَّهُ وأباهُ، وإني لأرجو أن يكونَ اللهُ راضياً عني برضاكَ.
اللهُ أكبر... فبكى عمر وضمه إليه وقَبَّله بين عينيه، ودعا له بالخير والبركة؛ فكان أغنى الناس بعد أبيه..!!
نعم هذا هو المفهوم الحقيقي للعيد: ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعته تزيد.. ليس العيد لمن تجمّل باللباس والمركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب.. ليس العيد لمن حاز الدرهم والدينار، إنما العيد لمن أطاع العزيز الغفار.
أيها المسلم:
أنا أحببت أن أجعل خطبتي لهذا اليوم المبارك عبارة عن نصائح تعالج ما نحن عليه الآن.
هذه النصائح ليست مني بل هي من عباد الله الصالحين الذين نطقوا بالحكمة والموعظة الحسنة.
فيا من جئت إلى المسجد في صباح يوم العيد، أقدم لك هذه النصائح فان فهمتها وطبقتها في واقع حياتك فهذا هو عيدك الحقيقي الذي يريده منك الإسلام .... أما إن سمعتها ولم تطبقها وجعلتها وراء ظهرك فهذا ليس هو عيدك ولو لبست أجمل الثياب ولو أكلت ما لذا وما طاب من الطعام والشراب ولو ذهبت هنا وهناك فهذا ليس بعيد لأنك عن تعاليم الإسلام بعيد.
النصيحة الأولى: ما هو تعاملك مع الناس؟
لنستمع سوية إلى رجل من كبار الصحابة رضي الله عنهم، وهو يضعنا أمام حقيقة ينبغي للمسلمين أن ينتبهوا إليها إنه سيدنا عمر رضي الله عنه، وهو يقول: "لا تَغُرَّنَّكُمْ طَنْطَنَةُ الرَّجُلِ بِاللَّيلِ - يَعْنِي صَلاتَهُ - فَإِنَّ الرَّجُلَ كُلَّ الرَّجُلِ مَنْ أَدَّى الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ ، وَمَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ".
والله كلمة رائعة، والتفاتة مهمة، أراد أن يقول: إن هناك إنسان إذا رأيته يعجبك منظره ترى هيئته إسلامية، يصلي في المسجد ويقوم الليل، لكن تعامله غير إسلامي، إن أقرضته ماطل في دينه،إن وضعت عنده أمانة أكلها عليك، إن وعد أخلف في وعده، إن أخطأ معه إنسان فلن يرحمه لا بلسانه ولا بيده، أهل بيته يشكون إلى الله من ظلمه، في دائرته ومحل عمله لا يعمل بأمانة.
فسيدنا عمر يقول لكم: احذروا من هذه الشخصية فإنها شخصية مزيفة ومتسترة باسم الدين والإسلام بري منها ... إنما المسلم الحقيقي هو من يكون تعامله إسلامي، من يترجم صلاته في الواقع ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾، ولا خير في صلاة لا تبعد صاحبها عن المعاصي والفواحش.
ولذلك لما جاء الصحابة رضي الله عنهم فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكروا له امرأةً تقوم الليل وتصوم النهار وتقرأ القرآن، ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في النار))، قالوا: يا رسول الله تقوم الليل وتصوم النهار, ولها, ولها، فقال: ((لا خير فيها، هي في النار)) الحديث يرويه أحمد.
فيا من جئت إلى المسجد في صباح يوم العيد خذ الدرس الأول من سيدنا عمر رضي الله عنه بأن عيدك الحقيقي يوم ان تكون مسلما حقيقيا ، وحقيقة إسلامك هو يوم ان تعمل بأمانة في مكان عملك ، يوم ان يسلم الناس من لسانك ويدك .فخذوها من ابن الخطاب: "لا تَغُرَّنَّكُمْ طَنْطَنَةُ الرَّجُلِ بِاللَّيلِ - يَعْنِي صَلاتَهُ - فَإِنَّ الرَّجُلَ كُلَّ الرَّجُلِ مَنْ أَدَّى الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ ، وَمَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ".
النصيحة الثانية: المسلم يشتغل بعيوبه عن عيوب الآخرين:
النصيحة الثانية لرجل من التابعين، هذا الرجل تتلمذ على يد سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال له ابن مسعود رضي الله عنه في ذات يوم: "يا أبا يزيد، لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين أي الخاشعين".
إنه الربيع بن خُثيم، اسمعوا إلى نصيحته: في ذات يوم قيل له: يا أبا يزيد ألا تذم الناس؟ فقال: "والله ما أنا عن نفسي براض فأذم الناس, إن الناس خافوا الله على ذنوب الناس وأمنوه على ذنوبهم".
نعم والله صدق الربيع، ألا ترون أيها الناس أننا في مجالسنا نتحدث ونقول والله نخشى من عذاب الله من أفعال فلان وعلان ... ونخاف من عذاب الله من أقوال فلان وفلان ... ولكننا ننسى أن نخاف على أنفسنا من عذاب الله من ذنوبنا وأفعالنا وأقوالنا.
أنا أروي هذه النصيحة لأننا نرى الاشتغال بعيوب الآخرين هي الفاكهة الشهية في مجالس الناس في أيام العيد، فمجالس الناس في أيام العيد ترى فيها الطعن والسب والانتقاص من الآخرين والاشتغال بعيوب الناس: فلان فعل كذا وكذا، وفلان نهب كذا، يا مسكين ما لك وفلان.
هذا أحد الصالحين واسمه (وهب بن الورد) رأى قومًا يضحكون في يوم عيد، فقال كلمة رائعة اسمعوا اليها: "إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين".
فماذا سيقول هذا الرجل الصالح لو جلس اليوم في مجالسنا أيام العيد؟ والله ينبغي على كل واحد منا ان يراجع حساباته مع الله.
إلى متى نبقى نتكلم على فلان وفلان؟ إلى متى تبقى مجالسنا مجالس غيبة ونميمة؟ إلى متى؟
جاء رجل إلى الربيع بن خثيم, فاغتاب أخاً له, فقال الربيع بن خثيم: أقاتلت الروم؟ قال: لا.... قال: أقاتلت فارس؟ قال: لا... قال: فيسلم منك فارس والروم ولا يسلم منك المسلم؟! قم عني.
إذن ليحاسب كل منا نفسه قبل أن يحاسب الآخرين... وليعد كل منا ذنوبه قبل أن يعد ذنوب الآخرين... وليصحح كل منا أخطاءه قبل أن يصحح أخطاء الآخرين... فإياك أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَشَّةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ! وأَنْتَ لاَ تُلاحِظُ الْخَشَبَةَ الَّتِي في عَيْنِكَ أَنْتَ ، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَعِنْدَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً لِتُخْرِجَ الْقَشَّةَ الَّتِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ....
فدرس من الربيع بن خثيم رحمه الله ونحن في صباح يوم العيد لكل من أطلق العنان للسانه بالتكلم على المسلمين، وبذكر عيوبهم، ليشتغل بعيوب نفسه عن عيوب إخوانه من المسلمين، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس..وان عيدنا الحقيقي يوم ان نشتغل بعيوبنا ونترك عيوب الآخرين.
إن شئت أن تحيا ودينك سالمٌ
وحظك موفور وعرضك صَيِّنُ
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكُلُّك عورات وللناس ألسنُ
وعينك إن أبدت إليك مساوئا
فدعها وقل يا عينُ للناس أعينُ
النصيحة الثالثة : فأعفوا ألا تحبون ان يغفر الله لكم:
النصيحة الثالثة هي لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فعندما طعنه عبد الرحمن بن ملجم وهو خارج لصلاة الفجر بالسيف وقيل بخنجر مسموم هجم المسلمون على ابن ملجم ليقتلوه فنهاهم سيدنا علي الطيب المؤمن الورع عن قتله وقدم لهم هذه النصيحة... واسمعوا إلى كلمات أبي الحسن وهو يشير إلى قاتله قائلا: "أكرموا نواله... وأحسنوا مثواه فان أعش فأنا أولى بدمي قصاصا أو عفوا، وان أمت فألحقوه بي ضربة بضربة أخاصمه عند رب العالمين، ولا تقتلوا بي سواه، أو فأعفوا ألا تحبون ان يغفر الله لكم".
أتسمعون إلى هذه النصيحة! أتسمعون إلى كلمات أبي الحسن! ألا تتعجبون معي إنسان يطعن ظلما والدماء تسيل منه ويرى قاتله أمامه ومع ذلك يتكلم بمثل هذا الكلام ، كلام يبدو وكأنه خيال ولكنها الحقيقة فهذا الرجل هو تلميذ من تلاميذ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. سيدنا علي العادل لا ينسى حتى عدد الضربات فيقول لهم: "ضربة بضربة"؛ لأن ابن ملجم ضربه ضربة واحدة فلا يريد ان لمن ياخذ حقه أن يزيد؛ بل يقول لآخذي حقه "وإن شئتم فأعفوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم.. ".
ما أعظم حاجتنا اليوم وسط هذا الكون المليء بالحقد والكراهة إلى أن نتخلق بأخلاق سيدنا علي، ما أعظم حاجتنا في هذا الزمان الذي كثر فيه أخذ الثأر والانتقام إلى أن نتعلم العفو نعمل به.. فسيدنا علي لم يرد من نصيحته هذه إلا أن تكون نبراسا يهدي الناس على مر العصور إلى العدل والتسامح.
فيا من جئتم إلى صلاة العيد وانتم تبحثون عن السعادة في الدنيا والآخرة ، وانتم تبحثون عن راحة البال والضمير، وانتم تبحثون عن البيوت السعيدة البعيدة عن المشاكل والخلافات خذوها من أبي الحسن رضي الله عنه: "فأعفوا، ألا تحبون ان يغفر الله لكم".
وأختم كلامي بهذه النصيحة: قيل لسلطان الزاهدين إبراهيم بن أدهم- رضي الله عنه- أوصنا بما ينفعنا، فقال رحمه الله:
1-إ ذا رأيتم الناس مشغولين بأمر الدنيا فاشتغلوا بأمر الآخرة..
2- وإذا اشتغلوا بتزيين ظواهرهم فاشتغلوا بتزيين بواطنكم..
3- وإذا اشتغلوا بعمارة البساتين فاشتغلوا بعمارة القبور..
4- وإذا اشتغلوا بخدمة المخلوقين فاشتغلوا بخدمة رب العالمين..
5- وإذا اشتغلوا بعيوب الناس فاشتغلوا بعيوب أنفسكم..
6- واتخذوا من هذه الدنيا زادا يوصلكم إلى الآخرة فإنما الدنيا مزرعة الآخرة.
أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال.. وأن يجعل عيدنا سعيداً.. وأن يعيد علينا رمضان أعواماً عديدة.. ونحن في حال أحسن من حالنا وقد صلحت أحوالنا، وعزّت أمتنا، وعادت إلى ربها عودة صادقة.. اللهم آمين.
الخطبة الثانية
الله أكبر (سبعا) لا إله إلا لله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد...
من العادات والتقاليد الفاسدة التي اعتاد عليها الناس في أيام العيد وغيرها: مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية، وبعض من تنصحه بترك المصافحة ولكنه يقول لك هذه العبارة التي يرددها أكثر الناس في دنيا: (من أين لكم هذا الشرع الجديد) مع الأسف بدلا من يقف عند حدود الله بدلا من ان يشجع على ترك مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية راح يستهزئ بتعاليم الإسلام .نحن لم نقل هذا الكلام ولم ناتي بجديد انما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي يقول: (إني لا أصافح النساء) رواه البخاري، هناك الكثير من يتساهل في هذا فصارت مصافحة بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة وزوجة الأخ وزوجة العم وزوجة الخال أسهل في مجتمعنا من شرب الماء ولو نظروا بعين البصيرة في خطورة الأمر شرعا ما فعلوا ذلك.
فعن مَعْقِلَ بن يَسَارٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ"رواه الطبراني ..ولا شك أن مصافحة المرأة الأجنبية من زنا اليد كما قال صلى الله عليه وسلم" العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يزني" رواه الإمام أحمد..
فليحذر المسلم من هذا ليخش عيب الآخرة قبل عيب الدنيا.اللهم أعد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا ...