<div class="content-windowBack largeFont">
<div class="content-data enlarge largeFont">
<div class="question"><u>السؤال</u><br><p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #000000;" lang="AR-EG">السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">أرجوكم
ساعدوني في أقرب وقت؛ أنا في حَيْرة من أمري، أنا فتاة أنتمي إلى أسرةٍ
محترمة، وذاتِ سمعة طيبة، وهذا من فضل الله عليَّ، وهذا ما جعل العديدَ من
الأشخاص يتقدمون لي مؤخرًا، وتحيَّرتُ كثيرًا في قراري، وقد منَّ الله
عليَّ بتفوُّقٍ في حياتي، فقد حصلت مؤخرًا على الماجستير، وأعمل كأستاذةٍ
جامعيَّة مؤقتًا إلى أن يتمَّ تعييني رسميًّا، المهم تَقَدَّم لي مجموعةٌ
من الأشخاص في نفس الوقت، واختار أهلي الأنسب فيهم؛ ليتقدم رسميًّا لي،
وأنا كذلك كنت أراه الشخص المناسب من بينهم؛ فهو خلوق جدًّا، ومحترم، وأهله
كانوا يريدونني بشدة، غير أنه من أسرة منفتحة، والتزامُه محدودٌ، وحينما
حضر إلى بيتنا للرؤية الشرعية، لم أشعر - صراحةً - بأي انجذاب نحوه، وشعرتُ
أنِّي لا أريده، وأنه ليس الشخص الذي كنت أحلم به طوال هذه السنين.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">وكنت
أدعو الله دائمًا أن يرزقني بالزوج الصالح، كما أني شعرتُ خلال حديثه أنه
طامع في عملي؛ فقد أظهر لي حرصه على ضرورة أن أعمل، وبعد رؤيتي له تردَّدت
كثيرًا، وما زلت أعيش صِراعَ التردُّد بين الرفض والمُوافَقة، فيومًا أشعرُ
بسعادة بالغة، ويومًا أفكِّر بحيرةٍ من جديد، أتعبت نفسي وأهلي في اتِّخاذ
القَرار.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">أخشى
إنْ رفضتُ ألاَّ يأتيَ مَن هو بمثل مواصفاته، وأخشى إن قبلتُ أن أكون
أرغَمتُ نفسي بسبب تردُّدها، ربما لم يعجبني لهذه الأسباب، أو ربما لأن
بالي وعقلي كانا مشغولين بشخص آخر؛ شخص تمنَّيتُه منذ مدة طويلة، كان يدرس
في نفس الجامعة معي، وفي نفس تخصُّصي، ويسبقني بسنتين؛ كما أنه يحضِّر
رسالة الدكتوراه، وهو مثالٌ للشابِّ الملتزم والمثقف، وقلما نصادف شخصًا
مثله.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">وشاءت
الأقدار أن يكون موضوع مذكرة الماجستير الذي درستُه من اختصاص هذا الشاب،
والذي وجدتُ فيه الكثير من الصعوبات، وتركت اللُّجوء إليه كآخِر حل، رغم
أنها كانت فرصتي للقرب منه، وأخذت أول خطوة لطلب مساعدته، وكانت خطوة صعبة
جدًّا عليَّ، ثم توالت الأيام، وأصبح أمرًا عاديًّا أن ألجأ إليه، وعلاقتي
به كانت علاقة الأستاذ بالتلميذ، وكلانا ملتزمٌ بالضوابط، إلى أن جاء اليوم
الذي قرَّر فيه مغادرة الجامعة، والتي كان يعمل فيها معي كمدرس؛ فقد وجد
منصبًا مناسبًا، وأصبح يعمل كباحث في مجال تخصصه، ولكن في مدينة بعيدة،
وأصبح الاتصال به عن طريق الهاتف، كلمتُه أربع مرات، ثم توقف عن الرد
عليَّ؛ لأنه علم أنه تقدَّم لي الشخص الذي ذكرتُه سابقًا.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">المهم
طلب مني بعدها أن أبعث له أسئلتي عن طريق (الإيميل)؛ لكي يتجنَّب الإحراج،
وخاصة أن الشخص الذي تقدَّم لي له به معرفة، وأصبحنا نتواصل عبر
(الإيميل)، ثم طلبتُ منه أن أطرح أسئلتي عليه مباشرة على (الماسنجر)، وافق
بعد أن أقنعتُه بأنها وسيلةٌ أسرع للتواصل، وفعلاً أصبحنا نتناقش عن
الدراسة، ولقد استفدت من خبرتِه كثيرًا، ثم أصبحنا نتطرَّق إلى مواضيع
أخرى، لكننا لم نتحدث عن شيءٍ خاصّ.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">المهم بعدها اتَّضح لنا أن هذا الأمر غير سويٍّ، واتفقنا على ألاَّ يكلم بعضنا بعضًا مطلقًا، خاصة وأني سأصبح مخطوبة.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">أما
بالنسبة للخاطب الذي كنت مترددة في أمره، فإن أهلي وافقوا عليه، وأخبروه
بذلك، دون أن يسألوني أو يستشيروني، وهذا أثار حزني وغضبي؛ لأن الأمر
يخصُّني، ولا بد أن يعرفوا رأيي، بعدها وضحوا لي أنهم فعلوا ذلك ظنًّا منهم
أنِّي موافقة، وأعطاني أبي مهلة لأفكر، إلى حين موعد تخرُّجي، وخلال هذه
المدة لم أكن أعدُّ نفسي مخطوبة؛ لأنَّهم لم يأخذوا رأيي في الأمر، ورغم أن
الجميع كان يعدّني مخطوبة، حتَّى أهل الخاطب أذاعوا الخبر، مما أشعرَني
بالاستياء، وساءت حالتي كثيرًا، ولم أتخيَّل أني سأفقد الشخص الذي أراده
عقلي وقلبي.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">لم
أستطع التحمُّل، وعاودتُ الاتِّصال بذلك الشاب بحجة الدراسة، ووعدته أن
نركِّز حديثنا على الدراسة فقط، لكننا عدنا إلى ما كنا عليه، وبالرغم من أن
كلاًّ منا كان يدرك الخطأ، إلاَّ أننا بقينا نتواصل، وبقي حديثُنا
عِلميًّا في أغلبه، مع بعض الأمور في الحياة العامَّة، كان نقاشنا ثريًّا،
ويُظهر مستوى رفيعًا، وأصبح كلُّ واحد منا مدمنًا للحديث مع الآخر، وبقينا
على هذا الحال حتى موعد تخرُّجي، وكنت أحدِّثه مرة أو مرتين في الأسبوع،
وأحيانًا أكثر، فكان هذا سببًا لتعلُّقه بي، وأنا كذلك، وبدا عليه التخوُّف
من الأمر؛ لسببين رئيسين: وهما خوفه من أنَّ هذا الأمر يغضب الله، وكذلك
خوفه من خِطْبتي من هذا الشخص، وقد كنت أخبرتُه من قبل أنِّي لست مخطوبة،
وأني لم أتخذ قراري بعد؛ لكي أُنقِص من تخوُّفاته.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">ولكن
ما كان يخشاه وقع؛ فقد أحبَّني فعلاً، وبعد تخرُّجي لم أعُد أدخل إلى
(النت)، ولا أكلِّمه؛ مما جعله يفتقدني كثيرًا، رغم كل محاولاته لِصَرفي،
حتى أنه كان يجرحني - أحيانًا - لكي أنصرف عنه، وفي الأخير؛ أرسل لي رسالة
صارحني فيها بكل شيء، وأنه ندم لأنَّه كان يجرحني، وأن غايته كانت أن
يبعدني عنه؛ لكي لا يسبِّب لي الإحراج مع أهلي، وأنه كان يتمنَّاني زوجة
له، لكنه يخشى؛ لأنَّه لا يريد أن يسبِّب لي المتاعب، خاصة وأنه ليس
مستعدًّا ماديًّا بعدُ، ولكنه يريدني، ويرجو معرفة قراري بخصوص الخاطب
السابق، فإمَّا أن يتقدم، وإمَّا أن يكتُمَها في قلبه، ويسأل الله أن
يعوضه.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">ولا
يزال يريد معرفة جوابي، ولكن بعد تخرجي تمت الخِطْبة، لا أدري كيف، ولكن
أنا لم أستطع أن أُعارض؛ لأن والديَّ أراداه، كما أنِّي لم أجد فيه عيبًا
أرفض من أجله، وخفت أن يعاقبني الله؛ لأنِّي لم أرضَ برزقه، لكن قلبي وعقلي
مع الآخر الذي لا يزال ينتظر ردي.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG">وأنا
الآن في حيرة كبيرة من أمري، وأتعذَّب كثيرًا، ولا أدري هل يجوز لي أن
أفسخ خطبتي لأقبل الذي أحببتُه، وخفتُ أن يغضب الله؛ لأنِّي رفضت رزقًا
ساقه الله إليَّ، ومن جهة أخرى هل يصحُّ لي أن أتزوج شخصًا وقلبي مع غيره؟
وهل أنا مجبرة، أو مخيَّرة؟ وأنا الآن أترك الأمر لله وحده؛ إنْ يشأ
يوقِفْه ويبدِلْني زوجًا صالِحًا، يرضى به، وأرضى به، ويرضى بي، وإن يشأ
يجعَلْ هذا الأمر يسيرُ دون أن أشقى، ولا أُشقي أحدًا معي.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #0000ff;" lang="AR-EG"> </span></p>
<p style="text-align: justify;"><span style="color: #008000;" dir="rtl" lang="AR-EG">أفادكم الله، أريد جوابًا مفصلاً من فضلكم، وبارك الله فيكم، وجزاكم كلَّ خير؛ لما تبذلونه من جهدٍ لِنَفع الناس.</span></p>
<p style="text-align: justify;"><span style="color: #0000ff;" dir="rtl" lang="AR-EG"> </span></p></div>
<div class="answer"><u>الجواب</u><br><p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: #008000;">الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: black;" lang="AR-EG">فالذي
يَظهَر أنَّه لا يَخفى عليكِ ما وقعتِ فيه من إثم؛ بِتَساهُلِكِ في الحديث
مع شخصٍ أجنبيٍّ عنك، وتَعدٍّ لحدود الله تعالى، وما استتبع ذلك من اشتعال
الحبِّ بينكما، ولا يخفى عليك أن الحُب في تلك الحال لا يبيحُه الشَّرع؛
فليس في الإسلام ما يُعرف بالحبِّ والتعارفِ والصداقةِ بين الجنسين، وهذا
هو السبب الوحيد لعدم راحتِكِ لخطيبك، ورغبتِكِ في فسخِ الخِطبة؛ لأنَّ
المشغول لا يُشغَل.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: black;" lang="AR-EG">والحلُّ
لمثل حالتك هو فسخ خِطبتك، والزَّواج بذلك الشابِّ الذي ملأ قلبَك؛ ما
دامت تتوافر فيه صفاتُ الزَّوج الصالح، ولا حرجَ في ذلك، وأيُّ حلٍّ سوى
هذا عواقبُهُ وخيمةٌ على حياتك المستقبليَّة، وحياةِ خطيبك؛ لأنَّ
مقارنتَكِ بينهما لن تنتهي، بل سَيزْكُوها الشيطان، حتى تَصيري معه جسدًا
بلا روح؛ وفي مثل هذا قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لَم
يُرَ للمتحابَّين مثلُ النِّكاح))؛ رواه ابن ماجه.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: black;" lang="AR-EG">والخِطْبَة
غايتُها أنَّها وعدٌ بالزواج، ولا يترتَّب عليها شيءٌ من آثار العَقْد،
وهذا الوَعْد غير مُلْزِم عند عامَّة العلماء؛ فيحقُّ لكلِّ واحدٍ منهما
العُدولُ عن الخِطْبَة متى شاء، وليس هذا من قبيل رفض رِزق الله تعالى كما
تظنِّين، فما أدراكِ أن الله كَتبَه لك؟! ثم هذه الأمور مما سُمِحَ للخلق
فيها بالاختيار.</span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: black;" lang="AR-EG">وأوصيكِ
بالاستخارة قبل الشروع في فعل شيء؛ لأنَّ حقيقتها التوكُّل والتَّفْويض
قبْل وقوع المقْدور، والرِّضا، والافتِقار لله، وسؤالٌ لِمَن بيده الخيرُ
كلُّه، الذي لا يأْتي بالحسنات إلاَّ هو، ولا يصْرف السيِّئات إلاَّ هو -
سبحانه وتعالى. </span></p>
<p style="text-align: justify;" dir="rtl"><span style="color: black;" lang="AR-EG"> </span></p>
<p style="text-align: justify;"><span style="color: #008000;" dir="rtl" lang="AR-EG">ونسأل الله أن يُلهِمَك رشدك، ويُقدِّر لك الخيرَ حيث كان.</span></p></div>
</div>
</div><div style="overflow: hidden; color: rgb(0, 0, 0); background-color: rgb(255, 255, 255); text-align: left; text-decoration: none; border: medium none;"><br><br></div>