السؤالأختي
الكبيرة ووالدتي تعيشان في بيتٍ واحدٍ، وأمي كبيرةٌ في السن، قام أحد
إخوتي باستقدام خادمة لتعملَ عندهما، على أن تدفع أمي وأختي نصف الأجر،
وإخوتي الذكور النصف الآخر.لكن
للأسف اكتشفنا أن الخادمة غير منضبطة سلوكيًّا؛ إذ علمتْ أختي أنَّ زوجها
يزني ويخونها مع تلك الخادمة! فمنعتْ هذه الخادمة من العمل لديها، وأشارت
على أمي بسفرها، لكن أخي رفَض ذلك، وأصرَّ على بقاء الخادمة على أن تنامَ
وتعمل طول النهار عنده، وهدد أمي بأنه سيتخلى عنها بترْك أعمالها وشؤونها
إذ وكَّلَتْه بالقيام على عقاراتها!المشكلة أن أختي ترى أنها مهزومة بسبب هذه الخادمة، وأن الجميع ضدها. أرشدوني ماذا أفعل لحل هذه المشكلة حتى لا تكبر؟ الجواببسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان
أيتها العزيزةُ، بارك الله فيكِ، وأصلح بك وعلى يديك، وألهمك الرشد والصواب لما فيه خير أهلك وصلاح أمرهم، اللهم آمين.
لقد رابَني أمرُ أخيكِ بتهديد
والدتكِ الكريمة بتَرْك وكالة العقار استبقاء للخادمة! بل وإصراره على أن
"تنامَ وتعمل طول النهار عنده"! يبدو لي مِن هذا التهديد أن بقاءَ هذه
الخادمة فيه مفسدةٌ لدين إخوتك جميعًا، وليس لدين زوجِ أختكِ وحْدَه! وقد
أشبعتنا قصص الخدَم خوفًا وقلقًا بما يكفي للاتعاظ والازْدِجار؛ حمايةً
لأنفسنا وأزواجنا وأطفالنا وأهلينا مِنْ هذه الشِّرْذِمة التي تَهْدِم
أركان البيوت باسم الخِدْمة والمنفعة!
قبل مُناقشة الحلول أُذَكِّركِ
بضرورة مناقشة المشكلة مع أهلك، بعيدًا عن عين الخادمة وسمْعِها؛ كي لا
تُعْطَى الوقت لاستخراج الحيَل، وإضمار الشرِّ لكم، وحتى لا تمكنها الفرصة
مِنْ أن تمكرَ بكم.
إن كنتِ - أيتها الأخت الكريمة -
تُقيمين في المدينة نفسها التي يقيم فيها أهلكِ، فاستدعي والدتك وأختك،
وأعْقَل إخوتك لزيارتكِ في بيتكِ؛ مِنْ أجْلِ التشاور بشأن الخادمة، فإنْ
تعذَّر الاجتماع في بيتك، فتَخَيَّروا مكانًا آمنًا ومُناسبًا؛ "مطعمًا أو
متنزهًا" للاجتماع، واحرصي على أن تملكي زمام الحوار مِنْ أجْلِ الحِفاظ
على الحكمة والهدوء وضبْطِ الأعصاب!
ذكِّري والدتكِ في هذا الاجتماع
الأُسري بأنها راعية على بيت بَعْلِها وأولادها، وهي المسؤولة عنهم، وأنه
قد جيء بهذه الخادمة مِنْ أجل خدمتها وحدها، بقَطْع النظَر عمن دفع تأشيرة
دخولها، أو دفع راتبها؛ فهي لذلك أحقُّ بحَسْمِ أمْرِها، ثم خوفيها مِنْ
حمل أوزار إخوتك يوم القيامة، فهؤلاء الأبناء ليسوا ملائكةً، ولكنهم بشَرٌ،
ولهم شهواتهم! وهذه الخادمة ذات طبائع خسيسة، والشيطانُ مُتَرَبِّص
بالفتنة وتزيين المعصية.
حاولي أيضًا إقناع والدتك
وإخوتك بالاستِغناء عنْ خدمة أخيكم في إدارة العقار! فحِفْظُ محارم الله -
تعالى - وحدوده مِنْ أن تُنتهك أَوْلَى مِنْ حِفْظ المال الذي في إمكان أي
شخص آخر أن يجمعه، وأن يحل محل هذا الأخ، حتى يثوبَ إلى رشدِه، ويدرك خطأه!
مِنَ المهمِّ أن تصل إلى أخيك
رسالةٌ معنويةٌ، فحواها: أنه الخاسر الوحيد مِنْ وراء هذا التهديد؛ لأنَّ
ما يقوم به هو جزء مِنَ البر بوالدته، وجزء مِنْ عَمَلِه، فلا تُظهروا مسيس
الحاجة إليه، وإنما الغنية عنه، ما دام يعق والدته كرْمَى لعين الخادمة،
ولا تهمُّه كرامة أخته، ولا استقرار بيتها!
قد يسفر اجتماعكم المبارَك،
واتحاد قلوبكم عن حلول نافعةٍ، تُعينكم على إقصاء الخادمة من البيت، وإدناء
الراحة من القلب - بمشيئة الله تعالى - فعسى الله أن يسهلَ الأمرَ، ويصرفَ
عنكم شرَّ كلِّ ذي شرٍّ.
ولا تنسَي أن تَتَلَطَّفي في
نُصح أختك الكبرى، لتصلح ما فسد مِنْ علاقتها بزوجها، ذكِّريها بأن تفرغ
مِنْ نفسها لزوجها؛ كي لا ينظرَ إلى امرأة غيرها دونها في الجمال والدين
والأخلاق والعلم والنَّسَب،
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وله الحمد والنعمة، وبه التوفيق والعصمة