السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا
خريجةٌ جديدةٌ في مجال "علم النفس العيادي"، وتمَّ توظيفي بمستشفى في
"مصلحة تصفية الدم"، وهناك قابلتُ شخصًا في منتصف العشرينيات، أصيب بالقصور
الكُلَوي منذ عامين؛ مما جعله يتخلَّى عن دراسته الجامعية، (والدراسة في
الجامعة في المنطقة تتطلَّب السفر لمدة ثلاثة أشهر على الأقل؛ يعني: عدم
العودة للبلاد إلا في فترة العطلة)، والمستوى الاقتصادي للعائلة متدنٍّ.حاولتُ إقناعه بالدراسة في مؤسسةٍ مِن المؤسسات الموجودة بالمنطقة، لكنه لم يَرْضَ بمُستواها.كانتْ
هوايته قبل المرَض كرةَ القدم، ويقضي الآن معظمَ وقتِه في المقاهي، وهو
شخصٌ اجتماعيٌّ، لكن تقدير الذات لديه ضعيف، ويُعاني مِنْ كثرة الملَل
والروتين اليومي، وهو ذو شخصية قلِقة. فأرجو منكم المساعدة، ليتمكَّن مِنَ التغلب على حالته النفسيَّة. الجواببسم الله الرحمن الرحيم
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.يُسعدنا أن نرحِّبَ بانضمامكِ إلينا ، ونسأل الله تعالى أن يسخِّرنا ويسدِّدنا في تقديم ما ينفعك، وينفع جميع المستشيرين.عزيزتي، مِن الشروط الواجبِ
توفُّرها في المستفِيد مِن الاستشارة: إقبالُه النفسي عليها واقتناعه بها،
ولكي يستفيدَ زميلُكِ مِن الاستشارة، فلا بدَّ أن تَبنِي لديه أولًا الدافع
نحوها، والحافزَ للعمل بما تتضمَّنه.
فإن الشعورَ بالقلقِ الذي
ينتابُ زميلَكِ، يعود لأسبابٍ جسمانية تتعلَّق باختلال إفراز "هرمونات
معينة"؛ بسبب حالة كُلْيَته المَرَضِيَّة، وإلى خبراته السيِّئة في تحوُّل
حياته فجأةً من النشاط والقوة والاندفاع إلى العجْز والفشل؛ (كما يرى هو
ذلك).
ولذلك، فإن عليه السعيَ لمواجهة
الاختلال الهرموني، سواء كان ذلك عبر الأدوية التي يصفُها الطبيبُ له، أو
بالإكثارِ مِن الأطعمةِ والفواكهِ التي تُعِينُه على ذلك، ولا بأس أن
يَستَشِير الطبيبَ أيضًا في ذلك.
أما عن تخطِّيه لخبراته السيئة
وإحباطه مما يُعاني، فأنصحه بالاطِّلاع على قصصٍ واقعية لأشخاصٍ وَاجَهُوا
المصاعبَ المَرَضِيَّة والاقتصاديةَ وغيرها، وتحدُّوها بإصرارٍ وصبرٍ جميل،
حتى حقَّقوا ما لم يحقِّقْه أصحَّاء كثيرون، ثم عليه استكشاف ما هو متاحٌ
في منطقتِه، وما هو الأنسب مع ظروفِه؛ ليكملَ دراسته، دون النظَر إلى
مُستويات الدراسة هنا وهناك؛ لأن الأمرَ يعود أولًا وأخيرًا إلى جهدٍ
واجتهاد الطالب.
وإذا اقتنعَ زميلُكِ بهذه
النصائح، فأنصحُه بأن يتَّخِذ مِن هذا الأسلوب الفكري نهجًا له في حياته؛
لتحقيقِ أية أهداف يظن أنها بعيدة المنال.
وليُوقِن بأن الله تعالى إنْ
أخَذ منه شيئًا، فقد منَّ عليه بأشياءَ أخرى كثيرةٍ، فعليه الالتفات إليها،
واستثمارها بما هو أهْلٌ لها.
كما أنصحُه بالبحث عن هِواية
أخرى يكتشِف في نفسه ميلًا لها؛ كأن تكون إحدى الرياضات الخفيفة، ويتبادل
مع هُوَاتِها خبراتهم، ويشاركهم نشاطاتهم بها؛ فإن ذلك سيُساعد في تدعيمه
النفسيِّ، وتصريف بعض المشاعر السلبية.
كما أوجه نصيحتي إليك يا عزيزتي
، وإلى جميع أخواتي ، لاسيما اللائي يعملن في مجال التمريض ونحوه من
المجالات التي تتطلب التعامل المباشر مع الرجال في ظروف خاصة ،
بعدم الخلوة – بتاتاً- معهم . وليس في هذا الأمر مبررات تسوّقه ، فقد (ربط) نبينا
ومعلمنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام بين الإيمان بالله تعالى واليوم
الآخر!، وبين عدم الخلوة ، كما ورد عن الإمام أحمد، وهو حرام باتفاق
العلماء ، كما يرى الإمام النووي، وابن تيمية ، وغيرهم ، رضوان الله تعالى
عليهم جميعاَ.
وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يمنَّ على زميلِكِ بالشفاء والعافية، وأن يفتحَ لكما أبوابَ الخيرِ، وسنسعدُ بسماع طيب أخباركما