السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله ويركاته.
بداية أشكر لكم مجهودكم الرائع, وأسأل الله تعالى أن يوفقكم لفعل الخير, وأتمنى أن أجد حلا لمشكلتي التي باتت تنهش سعادتي وصحتي, وكل أمل بداخلي.
بدأت معي قبل 4 أشهر نوبة هلع شديدة جدا, وقضت على الكثير من أحلامي, خسرت وظيفتي وعائلتي وأصدقائي, وأصبحت أعيش ما يسمى بالوحدة القاتلة,
أصبحت عصبيا بشكل لا يطاق, ولا يخفى عليكم أن الكثير من مرضى الهلع يكون الموت هو التفكير الأساسي عندهم, حيث إنني كنت أرى الموت أمامي من هول ما أراه من أعراض (خفقان - ضيق بالتنفس - صعوبة البلع - رجفة الأطراف - برودة - وأحيانا حرارة - شد وتنميل اليدين والأرجل والرأس).
لا أخفي عليكم أنني أجريت كامل الفحوصات للتأكد من عدم وجود شيء عضوي, وكانت نفس الكلمة أسمعها وأنا أنتقل بين العيادات (أنت سليم) وهذا ما زاد الأمر سوءاً, بعدها قررت الذهاب إلى دكتور نفسي, فوصف لي (سيبرام + انديرال + ريميرون) تحسنت نوعا ما, وبعد فترة شهر انتهى علاجي ولم أجدد الذهاب, فحصلت لي انتكاسة قوية, حيث إنني مررت باكتئاب حاد ممزوج بتوتر وقلق شديدين, وازدادت مخاوفي من الموت أو من حدوث أمر مكروه, والأعراض أصبحت ملازمة لي طوال الوقت, وفي ازدياد ملحوظ, مما أجبرني على مراجعة الطبيب, فقام بوصف دواء فافرين والانديرال والريميرون, وزاد جرعة الفافرين إلى حبتين بعد أسبوعين.
بعد أيام قليلة أحسست براحة في البطن مع حاجتي للتقيؤ لكن دون جدوى,
بالإضافة إلى أنني دخلت في دوامة ما يسمى باختلال الآنية, وهو مفارقة الذات, وعدم إدراك الواقع والناس, وينتابني غشيان فظيع, وظلام في العين, مع شد منطقة الأنف وعضلات الوجه, وكأنها أعراض نزع الروح, اللهم ارحمنا.
فجئتكم حائرا, أحمل أعبائي على متني؛ لعلي أجد بصيصا من الأمل, فحياتي أصبحت مدمرة بالكامل, ولم أعد أشعر بتلذذ أو طمأنينة أبدا, وإحساسي بالموت في كل لحظة ودقيقة أرهقني.
أفيدوني جزيتم خيرا في الدنيا والآخرة, علما أنني لا أريد العودة للأدوية النفسية لأنها باتت تقلقني أكثر, وفي اليوم الذي أمتنع عنها تخف هذه الأعراض.
أعتدر جدا للإطالة, وأتمنى وأريد حلا عاجلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
نوبات الهلع والهرع أتفق معك أنها خبرة سلبية جدا, وقد ينتج عنها القلق والمخاوف الوسواسية, وما يسمى بالقلق التوقعي، أهم وسيلة للعلاج هي أن يتفهم الإنسان طبيعة حالته, وأنها ليست خطيرة أبدا, وأن الشعور بقرب المنية هو شعور مرضي وليس شعورا حقيقيا.
إذن تغير المفاهيم والارتباط بالواقع من حيث التفكير، هو أحد العلاجات الرئيسية لنوبات الهرع والهلع.
الأمر الآخر ممارسة الرياضة بانتظام، ثالثا ممارسة وتطبيق تمارين الاسترخاء بجدية تامة.
وبالنسبة للعلاج الدوائي أنا أقدر تحفظاتك حوله, لكن لا أحد يستطيع أن ينكر الجانب البيولوجي كمسبب لنوبات الهلع والهرع وما يصحبها من مخاوف وسواسية، فربما يكون من الأفضل أن تتناول دواء واحدا بإشراف طبي نفسي، أعتقد أن ذلك سوف يكون جيدا، تجاربك السابقة مع الأدوية حتى وإن لم تكن جيدة هذا لا يعني أن تجارب المستقبل سوف تكون سلبية أيضا، دواء مثل سبرالكس مثلاً بجرعة بسيطة ومعقولة ومنتظمة سوف يفيدك, إلى جانب التطبيق الآخر مثل التطبيقات السلوكية والتطبيقات الاجتماعية، تصحيح المفاهيم، التغير الإيجابي، يا أخي الكريم هذه نصيحتي لك.
أراك منزعجا نسبة لإصابتك باضطراب الأنية, وهو نوع من القلق النفسي, وليس أكثر من ذلك، بكل أسف أنه يوجد اختلال كبير في الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى هذه المصطلحات، لأن الكلمات التي تستعمل حقيقة لوقف هذه الحالة كلمات قوية ومنفرة جدا, اضطراب الأنية ومفارقة الذات، عدم إدراك الواقع، التقرب عن الذات، البعد عن النفس, ومن وجهة نظري هذه المسميات أعاقت الناس كثيرا.
فيا أخي الكريم هو مجرد نوع من التعبير عن وجود قلق وليس أكثر من ذلك, فأرجو ألا تنزعج لهذا الجانب, نحن دائما ننصح بأن الهلع, أو الوساوس, أو المخاوف, أو أي حالة نفسية مشابها يجب ألا تعطل حياة الناس أبدا، والخروج من هذه الحالات النفسية هو من خلال التأهيل, والتأهيل الاجتماعي, والتأهيل الوظيفي, والتواصل، تطوير الذات، الاطلاع، القراءة، التطور الفكري والمعرفي، أخي الكريم هذه تمثل رصيدا حقيقيا لكي تخرج من هذه الحالات.
لا شك أنك مستبصر بكل ما قلته, لكني ذكرته من قبيل التذكرة, والتأكيد على ما سوف يفيدك إن شاء الله.
أشكرك أخي على تواصلك مع إسلام ويب, وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.