السؤال
السلام عليكم.
لي أخت عمرها 21 سنة, وأختي تعيش أوهامًا - منذ صغرها - أنه معمول لها عمل, وعندما بلغت انقطعت عنها الدورة الشهرية فجأة؛ مما سبب لها بدانة, ثم أصبحت تتخيل أنها متلبسة بجن مسلم, وهي تكلم نفسها, وأحيانًا يثقل لسانها, وأتى شيوخ إلى البيت للعلاج, لكني لا أؤمن بكلامهم فمنهم من قال: إنه سحر, ومنهم من يقول: إنها متلبسة بالجن, وعندما نقول لها: إنك متلبسة تفرح بذلك, وقد مرت سنوات على ذلك, وقبل عدة أشهر تغيرت كليًا, فأفاقت من النوم وكانت حرارتها عالية جدًّا, ولبست ثيابها وأصبحت تجري في الشارع في نصف الليل, وأمسك بها رجال الأمن, واتهمتني أني أريد قتلها, وأصبحت كل يوم تتكلم مع نفسها, وتضحك مع نفسها, وطلبتُ شيخًا ذا سمعة محترمة ليأتي إلى البيت فأخبرني أنها تعيش حالة نفسية وصراعًا, وأنها في أوهام, وذهبنا بها إلى طبيب نفسي, وأعطاها نوعين من الحبوب - لا أعرف اسمهما, أو لا أتذكر – إحداهما: للانفصام العقلي, والأخرى مهدئة, ولم تتغير إلى الآن, والطبيب مسافر, ولم يعد إلى الآن – أي: منذ 5 شهور - ونحن الآن نعطيها قليلًا من العلاج خوفًا عليها, لكنها ما زالت تتحدث مع نفسها, وتضحك, ولم تتغير, فما الحل؟
أرجو منكم مساعدتنا, وشكرًا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إجلال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
أشكرك على ثقتك بإسلام ويب, واهتمامك بأمر أختك, ونسأل الله لها الشفاء والعافية.
من الواضح أن هذه الأخت تعاني من اضطراب نفسي رئيسي، وأعتقد أن الناس قد أضاعت وقتًا طويلًا في علاجها, وتنقلها من معالج إلى آخر, وهذا قد لا يكون مفيدًا.
أنا أؤمن تمامًا بالرقية الشرعية, وإيماني بها قاطع, لكني أعتقد أن هنالك ما يفيد حقًا غير ذلك, وهو العلاج الدوائي.
فالرقية الشرعية هي المطلوبة في حالتها, مع تناول العلاج الدوائي, وقضية أن بها سحرًا, وأن بها جانًا, فهذا الكلام غير موثق, ويضرها أكثر مما يفيدها، فمشكلتها مشكلة طبية, وهنالك مواد في الدماغ تتأثر, وتتغير لأسباب غير معروفة, واضطراب هذه المواد هو الذي يؤدي إلى مثل هذه الحالات.
ولا أحد يستطيع أن ينفي أن التدخلات من جانب الشيطان والجن تلعب دورًا, وربما تساهم في هذه التغيرات الكيمائية, لكن الشيطان يخنس متى ما كان المسلم أو من حوله يقظون ومتوكلون على الله, ويقومون بمواجهة هذا الأمر شرعيًا، والمواجهة الشرعية تحتم الرقية, والتداوي بالدواء, والذهاب إلى أهل الاختصاص.
فأنا أؤيد تمامًا ذهابها إلى الطبيب النفسي, وإن كانت الحالة لا تستجيب للعلاج, فهذا لا يعني نهاية الأمر, ولا يعني أن نيأس أبدًا, فهذه الأدوية فعالة جدًّا، وأمرها يحتاج إلى ترتيب وإعادة تقييم من جانب الطبيب المعالج, وفي نفس الحالة نطلب منها أن تستمر على الأدوية التي تتناولها؛ حتى يرجع الطبيب الذي كان يعالجها, فهي محتاجة للأدوية المضادة للذهان, وهي أدوية كثيرة جدًّا، قد لا أكون أنا الشخص المناسب لأصف لها أحد الأدوية؛ لأن الدواء تقاس حاجته حسب عمر المريض, وحسب وزنه, وحسب ما هو متوفر من أدوية في البلد الذي يعيش فيه المريض، وكذلك المقدرات المالية, فهذه كلها تحتم الدواء التي يتم اختياره, لكن المهم أني أؤكد لكم أنها محتاجة للعلاج الدوائي.
والدواء الذي أشرت إليه - وهو مضاد للانفصام العقلي - أعتقد أنه سيكون الدواء الأنسب بالنسبة لها, وربما تكون الجرعة محتاجة إلى تعديل, فأعطوها نفسه الجرعة حتى يعود الطبيب، لكن لا تهملوا علاجها أبدًا فمع مرور الزمن - إن شاء الله - سوف تتحسن, مع ضرورة الالتزام بإعطائها الدواء، وإن رفضت الحبوب مثلًا فهنا يمكن أن يغير لها الطبيب إلى إبر, وتوجد نوع من الحقن طويلة الفعالية والأمد, وتظل في الدم من أسبوعين إلى أربعة أسابيع, وهي معروفة لدى الأطباء, وهذا يعتبر من أنواع التقدم الممتاز جدًّا.
أنا أود أن أقترح - إذا كان بالإمكان - أن تدخل هذه الأخت إلى مشفى الطب النفسي لفترة تتراوح من أسبوع إلى أسبوعين, فهذا يجعل الأطباء يتشاورون في أمرها, ويضعون خطة مناسبة، والعلاج داخل الطب النفسي ليس وصمة عيب - كما يعتقد بعض الناس – بل على العكس تمامًا، فالمرضى الذين يدخلون إلى مرافق العلاج النفسية الجيدة والمتقدمة يستفيدون كثيرًا, وبعد ذلك يمكن أن يواصل المريض علاجه ومتابعته في الوحدات الخارجية, وعلى مستوى العيادات الخارجية, أو ما يعرف بالمشفى النهاري.
بارك الله فيك, ونسأل الله لأختك الشفاء والعافية.