السؤال
السلام عليكم.
جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه للمسلمين, وأسأل الله العظيم أن يجعله في ميزان حسناتكم.
أعذروني إن لم أستطع شرح وضعي بطريقة جيدة, ولكن كلي ثقة أنكم ستفهمون ما أقوله, مع العلم أني شاب, وشخصيتي ليست ضعيفة والحمد لله.
وأعتذر مسبقا عن الإطالة والفضفضة, ولكني بحاجة ليد المعونة من بعد معونة الله, ولا أريد أن أخبر أحدا من أصدقائي أو أهلي؛ لأنهم قد ينظرون لي ببعض الشفقة, مع أن أهلي متفهمون ولله الحمد, إلا أنني قد مللت من نفسي فكيف هم!
مشكلتي بدأت منذ فترة بسيطة بشكل مفاجئ, وهو الخوف الشديد, وفي البداية لم أكن أعلم سبب ما يحدث لي.
أعاني من الخوف من كل شيء, من الموت, والمرض, ومن الخروج من المنزل, ومن قيادة السيارة, ومن دخول بيت الخلاء, ومن الاستحمام -أجلكم الله- وأحيانا وليس كثيرا أستيقظ من النوم من تسارع ضربات قلبي,
وأحيانا أخاف عندما أصلي, ولكني بفضل الله لم أترك فرضا واحدا, وأجاهد نفسي على ذلك.
ولكني أحمد الله ربي -تبارك وجل في علاه- لأنه صبرني, على رغم ما يحدث لي من الخوف, والهلع, وتسارع ضربات قلبي, والتعب, والإرهاق, وسرعة التنفس.
بدأت الحالة على فترات متباعدة, في البداية أصابني خوف وتسارع كان عندما أكلت وجبة دسمة, ونمت تحت المكيف, صحوت خائفا جدا, مع العلم أني نحيف, ولست سمينا.
بعدها بسنة أو أكثر كنت أعاني من ألم في بطني, واكتشفت أنه القولون وجرثومة في المعدة, ولم آكل وأشرب ليومين تقريبا؛ فأصابني جفاف, وكان ينزل ضغطي ويصيبني تسارع مفاجئ, إلى أن استعدت عافيتي بعد 3 أيام ولله الحمد.
بعد صيام رمضان كذلك تعبت, وفتحت مرة النافذة لأتنفس لتهدأ نفسي.
والمرة الرابعة كانت عندما كنت أستحم, خفت كثيرا, والآن أغلب الوقت أكون قلقا, وخائفا, وأعاني من البرد في جسمي, وأراقب نفسي وكأن عقلي يعمل فحصا كاملا لجسمي, وعندي جهاز لقياس الضغط قد أدمنت عليه فترة ولكني خففت استعماله الآن, وبعد معاناة مع المستشفيات هدأت نفسي قليلا, وانتظمت والحمد لله.
علمت بشيء يسمى الهلع, فحللت الذي حدث لي على أنه هلع, وأكثر شيء أثر في نفسيتي خلال آخر 3 سنوات هي صدمة عاطفية أثرت بي, وعصفت بكياني, وتركت بصمة في نفسيتي, وهي رفض أهلي الفتاة التي أحببتها وعشقتها من كل قلبي, ولكني للأسف لم أتمسك بها جيدا, وأعترف بذلك.
ثم اختار لي أهلي فتاة من أقربائي, وزكوها لي فوافقت ليس من باب الضعف, ولكن من باب الشفقة على أمي وأبي؛ لأنهم رغبوا بها كثيرا, فخطبتها ولكن لم تستمر خطبتي؛ لأنني لم أحبها, مع أني حاولت, ولكن هو القلب وما يهوى.
حصلت بعض المشاكل, ولكني حزمت موقفي, ورفضت الوساطات؛ لأنها حياتي, ثم حاولت التعلق بفتاة غيرها لأسد النقص العاطفي, ولكني أحمد ربي لأنني اقتربت منه, وتركت هذه الأمور, وبعدها بفترة تزوجتِ الفتاةُ التي أحببتْ.
والشيء الثاني الذي أثر بي هو القولون العصبي, وتفكيري الزائد به, وأرجو ألا تستغربوا أنني كنت أذهب لعملي, وأنا في الطريق لا أفكر إلا به, وأنه سيحدث شيء لبطني, كإسهال مفاجئ, وخوف من عدم وجود حمام, وكنت أحيانا أنزل من السيارة لأقرب مسجد أو محطة لأدخل الحمام -أجلكم الله-.
راجعت أخصائي الباطنية منذ فترة بسيطة -وهو نفسه الذي أخبرني بالقولون منذ سنتين, وطمأنني وقال أنني سليم والحمد لله- وعملت أغلب التحاليل والفحوصات, من فيتامينات, وغدة درقية, وقلب, ودم, وسكر, ولكنه فهم حالتي وأخبرني أنني مثل أولاده, ولا يريد أن يصرف لي أي دواء نفسي, مع أنه أخصائي باطنية, فاستغربت منه.
ذهبت للعمرة, وخرجت رحلة استجمام إلى البحر, ولكن لم يتغير شيء, فهل من الممكن أن تسبب لي الصدمة أو القولون والتراكمات كل هذه المخاوف والتعب؟ وهل يمكن أن يدخل الوسواس والشيطان بهذه الأمور؟ خاصة أنني أعاني من أحلام مزعجة وحزينة, وأرى بعض الحيوانات والكلاب والقطط -أجلكم الله-.
فما هي نصائحكم؟ لأنها فعلا أثرت بي وبشخصيتي, وأوقفت عملي وتفكيري.
أعتذر على الإطالة, وأسأل الله العظيم أن يجعله في ميزان حسناتكم, ويحط عني وعنكم السيئات, وعن جميع المسلمين.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله النوباني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك, رسالتك طيبة وجميلة، ونحن سعداء أنك قد عبرت عن نفسك بوضوح شديد، وهذه الفضفضة -كما أسميتها- لها قيمة علاجية جدا مهمة، وهي أن الإنسان حين يخرج المخزون القلقي النفسي هذا يساعده كثيرا، وهذه آلية علاجية تعرف بالتفريغ النفسي.
الخلاصة التي وصلت إليها بعد أن اطلعت على كل شكوى، وما تعاني منه أستطيع أن أقول أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، وأعراض القولون العصبي متجسمة بصورة واضحة، والذي أراه أن استعدادك للقلق والتوترات هو الذي يثير لديك نوبات القولون العصبي, وحين تشتد نوباتك تؤدي إلى المزيد من التوتر, والقلق, والمخاوف, والوساوس, وربما شيء من عسر المزاج, وهي درجة بسيطة من الاكتئاب.
إذاً هناك حلقة مفرغة, القلق يؤدي إلى اضطراب القولون العصبي, والقولون العصبي يؤدي إلى القلق والتوتر, وهذا التفسير العلمي الدقيق لهذه الحالات النفسية والجسدية.
أخي الفاضل: حالتك ليست خطيرة, حتى وإن كانت مزعجة, إلا أنه يمكن تخطيها، والتخلص منها بإذن الله تعالى.
أهم علاج يجب أن تعطيه اعتبارا كبيرا في حياتك: هو تحقير فكرة الخوف, وعدم ترصد ومتابعة الأعراض, وأعرف أن ذلك ليس بالسهل ولكنه ممكنا جدا.
ثانيا: أن تكثف من ممارسة الرياضة, وأن تتخذ من ذلك مخرجا حقيقيا للمعالجة.
ثالثا: أن تطبق تمارين الاسترخاء, وإسلام ويب لديها استشارة في ذلك، والاستشارة رقمها: (2136015)
رابعا: عليك بالإصرار على التواصل الاجتماعي, وهناك تواصل اجتماعي محبب للنفس, مرغوب فيه، جميل وسهل, وهو زيارة الأصدقاء والأرحام والجيران، الحرص على صلاة الجماعة, ممارسة رياضة جماعية، مع من تعرف من الشباب, وهذه الأطر التواصلية الاجتماعية التفاعلية والإيجابية هي من أجمل ما يعالج به الإنسان خوفه ورهابه ووساوسه, فكن حريصا على البرنامج السلوكي النفسي والاجتماعي.
وعليك أن تسعى وبصورة جادة لتطوير مهاراتك الشخصية والاجتماعية, وكذلك مهاراتك في محيط عملك هذا من أفضل وسائل بناء الشخصية، والشخصية المهاراتية: تتخطى القلق والتوتر بشكل واضح وسهل جدا.
النقطة الأخيرة في العلاج: أنا أرى أنك بحاجة إلى علاج دوائي, وأنا أحترم وجهة نظر الطبيب الباطني, لكن من الطبيعي واضح أن حدة قلق المخاوف يجب أن تعالج دوائيا أيضا, والحمد الله أن هناك أدوية سليمة وفاعلة وممتازة.
أنا أرى أن العقار الذي يعرف باسم زولفت هو عقار جيد في حالتك, ويمكن أن تبدأ بجرعة نصف حبة ليلا لمدة أسبوع, بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة أربع أشهر, ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة أسبوع, ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر, ثم توقف عن تناول الدواء,
وهنالك دواء جميل جدا متوفر في الأردن يسمى دينكفيت, هذا يمكن أن تتناوله حبة واحدة في الصباح لمدة أسبوعين فقط.
أخي الكريم: هذه الأدوية سليمة وفاعلة وممتازة جدا, وإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا فيه خير كثير لك.
أسأل لك العافية والشفاء، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.