فـفـروا إلـى الله هو حوار بين النفس و نفسها
.. حين تنقسم المشاعر و الأحاسيس ، و تتأرجح بين ظلمة اليأس و بارقة الأمل . حوار بين النفس المجاهدة المطمئنة الواثقة في وعد الله ، الراجية ما عنده من ثواب المتشوقة للقائه تعالى . و هي هي ذات النفس حين يتملكها اليأس و تعلوها الكآبة ، حين تتذبذب بين التفريط و الندم ، و الرغبة في الحياة و الشوق إلى الموت للخلاص من الحياة !!
و في كل مرحلة من مراحل الحوار ، تتخذ النفس الإيجابية مسميات متتعدة و كذا النفس المترددة ( لا السلبية) . و كلا النفسين في داخل كل منا ، في كل وقت و في كل حين ذات الحوار يدور في نفس كل مسلم ملتزم أو مفرط و الكل تعتريه فترات الإحباط و الكآبة و تسكن خافقة الالتزام بين جوانحه حينا فكان هذا الحوار على مسرح الحياة !
_______________________
مطرقة حزينة يكسو محياها الوجوم و تتغشاها الكآبة
، هكذا جلست النفس البعيدة ، حين قطع عليها تلك الكآبة الصامتة أو الصمت الكئيب ، صوت أختها .. النفس القريبة : - مالك قد جلست هكذا ، كمن يحمل هموم الدنيا على كتفيه - (تزفر زفرة حارة ) و مالي لا أحملها و ليس في هذه الدنيا غيرها - لا حول و لا قوة إلا بالله ، لم هذه النظرة المتشائمة ... - ( تقاطعها في غضب ) أووووه ، لا تلقي على مسامعي واحدة من محاضراتك تلك ، أما كفاك من تثقبين آذانهم بوعظك ذاك ، حتى جئت تتصيدينني أنا الأخرى ؟؟!! - ( في ألم ) ما كنت أحسبك تقولين مثل هذا الكلام ! ألم تكن هذه أحلام كلتينا يوما ما ؟؟! تذكرين ؟ حين كنا نجلس معا فنتشارك أحلامنا و آمالنا في خدمة ديننا و أمتنا .. أما كنا نحلم بـ... - ( تقاطعها في أسى غاضب ) كنا نحلم ، كانت كلها أحلاما ، لا بل أوهاما ، أوهام جوفاء و خيالات شباب فارغة . ( تنهض و تدير ظهرها لأختها ، ثم تردف في نبرة كسيرة )
كلها أحلام .. قصور في الهواء .. أي واقع هذا ؟؟ أي أمة تلك ؟؟ أين ؟؟ أنا لا أرى شيئا .. لا أرى إلا قلوبا ختم عليها و آذانا ملئها الوقر فثقل عليها سماع كل شئ إلا ما يغضب الله ! - ( تقاطعها في حنان ) لم لا ترين إلا هذا الجانب الأسود .. ما زال .. - (تقاطعها في عنف و الدموع تتفجر من مآقيها ) أي " ما زال تلك " ؟؟ إنني لا أرى إلا الجانب الأسود لأنه لا يوجد غيره . الفرق بيني و بينك أنني أعيش الواقع ، و أنت .. لا زالت تلك الحالمة بأن " الشمس ستشرق" و " الخير باق "و " الأمل قادم " ..
و كل تلك الترهات التي لا تسأمين ترديدها ، و على مسامع من ؟؟ من لا يقابلونك إلا بالاستهزاء او الإغضاء ، و لربما تكرموا عليك بكلمة شكر أو دعوة لا تكاد تتجاوز حلوقهم !!!!! نعم تشاركنا يوما تلك الأحلام .. حين كنا في فورة الشباب ، و باكورة النضج ، و الحياة لما تكشف لنا بعد حقيقتها الخبيثة و جانبها الأسود . ( تقاطعها النفس المجاهدة في توسل ) حنانيك أختاه ، حنانيك ! ( تتنهد ) لا أنكر مرارة الواقع و قسوته ، و لكن خبريني بالله عليك .. أين المفر .. أين المهرب ؟ أن نتوقعقع على أنفسنا ، و ندير ظهرنا للآخرين ، و نعيش في كآبة تنسج خيوطها في جوانب قلوبنا و تتعشش بين جنباتنا ؟؟
أهذا ما ترين ؟ لا يا أخية ، لا .. مكانك .. إنك لعلى خطأ كبير . إن الله تعالى عادل بل أعدل العادلين .. و هو العليم الخبير علام الغيوب ، و يعلم سبحانه علم اليقين ما سيكون عليه حالنا لا ريب ، و لذلك نبهنا الحبيب المصطفى و بشرنا " يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه كالْقَابْضِ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ" ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ، قَالَ: «بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» . كما أننا لا نحاسب على أخطاء غيرنا ﴿ ما عليك من حسابهم من شئ و ما من حسابك عليهم من شئ ﴾، و لا ينتقص منا صدهم عن الحق و إعراضهم عن الخير ، كل يحاسب وحده ، و كل مسؤول عن نفسه ، و كل محصى في كتاب مبين : ﴿ووجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربك أحدا ﴾ و لنا في الحبيب المصطفى أسوة حسنة و قدوة متبعة ، إذ لقي من أذى المشركين و صدودهم ما لتزلزلت له الجبال الراسيات ، و ذاق المسلمون الصحابة و من بعدهم من التابعين من الأذى ألوانا في سبيل نشر كلمة الحق ، فما ردعهم ذلك و ما أحجموا ،
و ما نحن إلا مذكرين ليس لنا من الأمر شئ إلا أن نبلغ كما أمرنا ، و ما عدا ذلك فأمره إلى الله ﴿ إنما عليك البلاغ و علينا الحساب﴾﴿ ليس لك من الأمر شئ ﴾ ﴿ فذكر إنما أنت مذكر ﴾ ﴿و لكن ذكرى لعلهم يتقون ﴾ و ليس التذكير و الدعوة بالذين يستهان بهما ، فلأن " يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " كما علمنا نبينا المصطفى عليه أكرم الصلاة و أجل التسليم ، بل هما أمر إلهي " يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ " ، {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {78} كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}. فكل يذكر و يبلغ قدر علمه ، و يحاول قدر استطاعته ... أن يأخذ بأيدي إخوته .
تحدرت جمانتان كبيرتان على خديها ، و من بين شهيق الألم و زفير الندم على التفريط .. قالت النفس النادمة : آخذ بيدهم ... ويلي ! إن أريد من يأخذ بيدي أنا ! كيف ألزمهم بما لا ألتزم أنا به ؟؟ كيف أشعرهم بما لم أذق له طعما قط .. بم أنصح و أنا التي كثيرا ما مر ذكر الله علي فما انتبهت له من غفلتي ..! ويل لي أنا المقصرة المفرطة .. ما أقول .. ما أبلغ ؟؟ و أنا التي لم تترك صغيرة و لا كبيرة إلا أتتها .. ويلي .. و يلي .. ( تخفي وجهها بيديها و تنتحب )
اقتربت منها أختها ، النفس التائبة ، و ضعت كفها على كتفها و بصوت حان هادئ عذب استرسلت : أي أخية فابكي ! نعم فابكي على ما فرطت في جنب الله ! و اهنئي .. أي أخية ، بأنك من النادمين الأواهين .. رفعت النفس النادمة لها عينين منتفختين دامعتين : أهنأ ؟؟!! و بم اهنأ يرحمك الله ؟؟!!!! أولمثلي هناءة ؟!! بل ألمثلي حق في الحياة و أنا المذنبة الخطائة .. و ما ينفع الندم و العويل و أنا لا أنفك أكرر الذنب و أعود إليه ؟؟!!! - ( في ثقة مطمئنة ) إن بمثلك يفرح الرحمن !!! بل بمثلك يباهي ملائكته !! بمن يخافه و يتذلل على بابه .
أما ترين إلى ثناء الرؤوف الرحيم على عبده و نبيه أيوب " نعم العبد إنه أواب " ، لم يقل سبحانه إنه كان معصوما أو متعبدا ولكن " أواب " . و هذه الكلمة وحدها تضع قاعدة ذهبية لو اتبعناها لكفتنا ، فالأواب : كثير الرجوع إلى الله ، كثير الإنابة والتوبة هو يذنب و يخطئ ولكن دائم التوبة والعودة والإنابة إلى الله ، وذلك من صفات المتقين ، فيقول الله سبحانه وتعالى عن المتقين الذين أعدت لهم جنة عرضها السماوات والأرض " و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " لله ما أروعها من بشارة تثلج صدور أولئك الذين يظلمون أنفسهم . أما سمعت إلى قوله تعالى ۞ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ۞ وأنيبوا إلى ربكم و أسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة ثم لا تنصرون ۞ و اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرون ۞ أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله و إن كنت لمن الساخرين ۞
أما ترين إلى حديث الحبيب المصطفى { إن عبدا أصاب ذنبا فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي , فقال له ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له . ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا آخر فاغفره لي , قال ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له . ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي , فقال ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فقال ربه : غفرت لعبدي فليعمل ما شاء } ( 1 ) أي أخية { إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } (2) و إن { التائب من الذنب كمن لا ذنب له } (3)
بل انظري إلى رحمة الغفار الودود تتجلى في هذه القصة : { كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب , فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال لا , فقتله فكمل به المائة . ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم , فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال : نعم من يحول بينه وبين التوبة ؟ , انطلق إلى أرض كذا وكذا , فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء , فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت , فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب , فقالت ملائكة الرحمة جاءنا تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى , وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط , فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له , فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي وقال قيسوا بينهما فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له } .
(4) أيتها النفس العائدة ، ( لما خلق الله الخلق كتب في كتابه ، هو يكتب على نفسه و هو وضع عنده على العرش " إن رحمتي سبقت غضبي " ) هو الغفور الحليم ، يغفر لعبده إذا أذنب ويعفو ، ثم يغفر له إذا أذنب كرة أخرى ويعفو . ليس بينه وبين العبد حجاب و لا قس ولا حاجب " و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان " . بل هو سبحانه و تعالى يتودد لعباده يرغبهم في التقرب إليه " من أتاني يمشي أتيته هرولة ، ومن أعرض عني ناديته من بعيد : أين تذهب ؟ ألك رب سواي ؟! " أما علمت أن الحسنة الواحدة – و لو شق تمرة أو تبسم في وجه أخيك – بعشر أمثالها إلى سبعائمة ضعف - ( ترفع رأسها غير مصدقة ) : الحسنة الواحدة .. إلى سبعمائة ضعف ؟؟!! - و يزييييييييييييييييييد - يزيد ؟؟!! - و السيئة بمثلها - بمثلها فحسب ؟؟!! -
و يعفوووووووووووووووو - يعفو ؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!! ( تنهض من مكانها ، و تدور في المكان تخفي وجهها بيديها و تبكي ) واااااااااااااسوءتاه !! وااااااخجلاه منك ربي .. واااااااخجلاه .. ما أحلمك .. ما أعظمك .. ما أكرمك !! و أنا الغافلة اللاهية .. أذنب و من جهلي أفرح بالذنب ....... وااااااااااااااأسفاه .. واااااااسوءتاه و إن عفوت مولاي .. أجعلتك أهون الناظرين إلي ؟؟؟!!! يا لي من ظالمة !! - ( تدركها الخشية و الندم فتستعبر باكية ) أجل أخيتي .. سبحانه "إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، وأرزق ويُشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلى صاعد. أتحبَّبُ إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، فيتعرضون إليَّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليَّ، مَن أقبل عليَّ منهم تلقيته من بعيد، ومَن أعرض عني ناديته من قريب آل ذكري آل مجالستي، وآل شكري آل محبتي، وآل معصيتي لا أُقنِّطهم من رحمتي، إن تابوا إلى فأنا حبيبهم، أحب التوابين وأحب المتطهرين، وإن لم يتوبوا إليَّ فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب. الحسنة عندي بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف و أزيد، والسيئة عندي بواحدة و أعفو، رحمتي سبقت غضبي، وحلمي سبق مؤاخذتي، وعفوى سبق عقوبتي، وأنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها (6) " إبن آدم ، خلقتك بيدي وربيتك بنعمتي وأنت تخالفني وتعصاني فإذا رجعت إلي تبت عليك فمن أين تجـــد إلهـــآ مثلي وأنـــا الغفور الرحيــــــــم عبــــدي . . أخرجتك من العدم الى الوجود وجعلت لك السمع والبصر والعقل عبـــــدي . . أسترك ولاتخشانــــي وأذكــــرك وأنت تنساني أستحي منك ولا تستحي مني ، ومن أعظم مني وجودا ؟؟ ومن ذا الذي يقرع بــــابي فلم أفتح لـــه ؟؟ ومن ذا الذي يسألني ولم أعطيه ؟؟ أبخيــــــل أنا فيبخل علي عبــــدي ؟ ؟ أبخيــــــل أنا فيبخل علي عبــــدي ؟ ؟ أبخيــــــل أنا فيبخل علي عبــــدي ؟ ؟ " -
ترفع النفس النادمة يديها مرددة : لا و عزتك يا رب .. أكرم الأكرمين .. و أجود الأجودين .. ( ثم تطرق في وجوم ) .. و لكني .. كثيرة الخطأ .. أندم كثيرا .. لكن أحيان تغلبني الشهوة .. و أندم بعدها حيث لا ينفع الندم ! -
لا يا أخية .. إن التوبة النصوح و الندم الصادق و الحرقة على التجرؤ على إغضاب الله ، كل ذلك إن كان قويا في نفسك ، ثقي بأنه كفيل بإذن الله بإبقائك على جادة الصواب ، فستضعف في نفسك أثر اللذة من الذنب ، و يزداد حياؤك من الله حين إتيانه حتى تقلعي عنه نهائيا . حين تصدقين فعلا معه سبحانه فإنه يصدق معك أخيتي . وإذا عرف ربّك منك تكرار التّوبة وتعاهدها فلا أثر لذنبك بعد ذلك أبداً .وإذا عرف إبليس منك كثرة التّوبة وتعاهدها قنط وأيس منك.
جاء رجل إلى الرسول الأكرم فقال
يا رسول الله أحدنا يذنب ، قال : يُكتب عليه ، قال : ثمّ يستغفر منه ، قال : يُغفر له ويُتاب عليه ، قال : فيعود فيذنب ، قال : يُكتب عليه ، قال : ثمّ يستغفر منه ويتوب ، قال : يُغفر له ويُتاب عليه ،ولا يملّ الله حتّى تملّوا )(7). وعن عليّ رضي الله عنه قال : ( خياركم كلّ مفتّن توّاب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : حتّى متى ؟ قال : حتّى يكون الشّيطان هو المحسور . وقيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربّه يستغفر من ذنوبه ثمّ يعود ثمّ يستغفر ثمّ يعود ، فقال : ودّ الشّيطان لو ظفر منكم بهذه ، فلا تملّوا من الاستغفار )
(
. أي أخية " إنه لا ييأس من روح الله إلى القوم الكافرون " ، أيحزن من الله ربه ؟؟ كيف وهو الأنيس و الرب و المولى و السيد ، و الركن الشديد الذي نأوي له في كل آن و حين ، هو من على بابه فابكي ، و بين يديه فاسكبي العبرات ، و ازفري الأنات ، سبحانه .. هو الرفيع فلا الأبصار تدركــه سبحانه مـن مليك نـافذ الـقدر سبحان من هو أنسي إذا خلوت به في جوف الليل و في الظلمات و الحر أنت الحبيب و أنت الحب يا أملي من لي سواك و من أرجوه يا ذخري تجلس النفس العائدة تبكي و تردد : سبحانك .. سبحانك .. أنت الحبيب و أنت الحب يا أملي .
. تقترب منها النفس القريبة و تجلس قبالتها : نعم أخية ، هو سبحانه من له صلاتنا و نسكنا و محيانا و مماتنا ، هو من له نحن نجاهد و نشق الطريق وسط الألغام ، هو من لأجله نصبر على مرارة الدنيا ، أملا و رغبة في حلاوة اللقاء و أنس العودة . هو من نحن له على العهد ما استطعنا ، له وحده سبحانه وجهنا وجهنا و فوضنا أمرنا و ألجأنا ظهرنا ، عليه وحده توكلنا و هو نعم المولى و نعم الوكيل و نعم النصير . ترفع إليها النفس العائدة عينيها : كم أشتاق للعودة ... و لكني ... أخاف من النكوص تنهض النفس القريبة : كلنا هكذا .. و لكنه الله ربنا لن يضيعينا ، و قد تكفل لنا بحفظنا : ﴿ و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين ﴾ يا أخية ، إن الله كتب على هذه الدنيا " ألا يتم فيها شئ إلا لحقه النقصان ، و لا يربح فيها امرؤ إلا أدركه الخسران "
(10) إلا المتقين الثابتين على عهد الله ، و ملاك التقوى الجهاد : جهاد النفس و ردعها عن الآثام ، و الجهاد بنشر كلمة الحق و حماية أعراض المسلمين ، و كل في سبيل الله تعالى وحده . - تنهض النفس الأوابة : لقد استبد بي الشوق و الحنين يا أختي ، فتعالي نفر ! - ( مستغربة ) نفر ؟؟ إلى أين ؟؟!! - ( تبتسم ) إلى الله ! - ( تترقرق الدموع في مآقيها
أجل أخية .. تعالي نفر إلى الله ، إلى الذي لم و لن نر الخير إلى منه ، الحمد لله الذي جمعنا بعد افتراق ! تأخذ الأختان بيدي بعضهما البعض و تلتحمان ... لتصيرا نفسا واحدة .. ( النفس المطمئنة ) ( ستار ) و بعد إخوتي في الله ، فهذه المسرحية ليست بغريبة علينا ، و لكن مسرحها صدرك أنت ، و أنت المخرج كذلك ! فإما أن تختار النهاية السعيدة ، و إما أن تكون الأخرى . و لكن الفارق أخي أنه لا نقاد لإخراجك .. ليس هنا .. و ليس الآن . تقييم عملك أيها المخرج الفاضل و أيتها المخرجة الكريمة ..هناك .. بين يديه هو سبحانه ، في يوم تشيب فيه الولدان .. ﴿ يوم يقوم الناس لرب العالمين ﴾ . و إن اخترت النهاية السعيدة ، فهاك تذكرة من مخرجة سابقة : إن الوصول إلى تلك النهاية في الواقع يلزمه صبر أكيد ، و عزيمة آكد . ﴿ و اصبر و ما صبرك إلا بالله ﴾ و أبشر فإن الله مع الصابرين