السؤال
تنتابني يوميا نوبات غضب، أشعر وكأني أريد الانتقام من كل من آذاني في حياتي وظلمني, ولا تهدأ نفسي حتى يشاء الله, أشعر أن هذه النوبات قد أكلت شخصيتي وتفكيري، بل وأثرت علي وعلى حياتي كثيرا, أعاني من هذه المشكلة منذ زمن طويل، والقهر يملأ قلبي, ساعدني أرجوك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن الغضب عاطفة إنسانية، وتعبير عن مشاعر، ووجود الغضب في حد ذاته ليس هو المشكلة، إنما المشكلة التي لدى بعض الناس هي الطريقة التي يعبرون بها عن غضبهم، حيث تكون هنالك مبالغة في التعبير، وتعجل وتسرع، ويكون الانفعال زائدا بصورة ملاحظة كمًّا وكيفًا، وهذا يُدخل الإنسان في مشاكل نفسية كثيرة، وكذلك فيما يخص علاقته الاجتماعية، وفوق ذلك هو أمر ذميم وغير محمود، أي زيادة الانفعال أثناء الغضب.
العلاج هو: أولاً أن تراجع نفسك، وتحاول أن تجد سببًا لماذا تغضب بهذه الصورة، أو لماذا تعبر عن غضبك بهذه الصورة، لابد أن يكون هنالك سبب، هل الأمر متعلق بشخصيتك؟ هل أنت شخص اندفاعي؟ هل أنت تميل إلى الكتمان، وعدم التعبير عن الذات مما يؤدي إلى الاحتقانات الداخلية، وهذا يؤدي إلى حدوث هذه الانفجارات النفسية السلوكية. إن وجد هذا فالطبع يعالج ويعالج عن طريق: أن تعبر عما بداخلك أولا بأول، ولا تحتقن أبدًا. وهذا ثانيًا.
ثالثًا: أرجو أن تضع نفسك في مكان الأشخاص الذين تغضب أنت أمامهم أو تواجههم بغضبك، ضع نفسك في مكان هؤلاء، تأمّل ما يُصيب مشاعرهم من ألم ويثير فيهم ثائرة الغضب الداخلي هم أنفسهم، فضع نفسك في مكانهم، وهذا يذكرك بسوء الغضب.
رابعًا: دائمًا الإنسان يتذكر أن إسداء المعروف للآخرين، والإحسان، وحسن الخلق، وكظم الغيظ هي من أجمل الدفاعات النفسية، والإنسانية التي يجب أن ينتهجها الإنسان، وهذا أيضًا سوف يساعدك كثيرًا في التخلي عن الغضب.
خامسًا: أرجو أن تركز أن تكون لك علاقة اجتماعية سوية وطيبة، ومع الصالحين من الناس، في مثل هذا المحيط لا تجد من يغضبون بصورة مخلة، على العكس تمامًا سوف تجد الأريحية، سوف تجد الانضباط في المشاعر، الأخوة الصادقة، الرفقة الطيبة، هذه محاسن عظيمة تروض النفس للتخلي من الغضب السريع، والانفعالات الخاطئة.
سادسًا: أرجو أن تطلع، وبتدبر، وتأمل، وجدية وتركيز تام على ما ورد في السنة المطهرة في كيفية التعامل مع الغضب وإدارته، ارجع إلى كتاب الإمام النووي، وحاول أن تطبق ما ورد في السنة المطهرة، وسوف تجد فيه خيرًا كثيرًا، ومن وجهة نظري المتواضعة هذا العلاج النبوي العظيم هو أرقى وأرفع وأجمل وسيلة لتعديل السلوك، وقد جربه الكثير من الناس وانتفعوا به، فأرجو أن تكون منهم.
سابعًا: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، إليك بعض الاستشارات السابقة التي تبين لك كيفية تطبيقها، وهي برقم (2136015) فهي مفيدة جدًّا.
ثامنًا: التمارين الرياضية أيضًا وجدت كأحد المنفسات، وأدوات التفريغ النفسي الإيجابية جدًّا، فاحرص على ممارسة الرياضة.
تاسعًا: لابد أن تحرص على أن تنخرط في الأنشطة الثقافية، والاجتماعية، وأعمال الخير، وأن تكون بارًا بوالديك، وأن تحسن إلى أقربائك وأصدقائك، هذه كلها سمات وسجايا، وخصال تفيد النفس الإنسانية في كيفية إدارة القلق، والغضب وما يصاحبه من انفعال.
أخيرًا: لا شك أن الغضب كثيرًا ما يكون مرتبطًا بالقلق والتوتر، وفي بعض الأحيان يكون أحد مكونات النفس، وربما أيضًا يكون مرتبطًا بعسر في المزاج، فأنا أرى أنه لا بأس أبدًا أن تتناول أحد مضادات القلق البسيطة، ومنها عقار يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول) ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول) جرعته هي أن تبدأ بحبة واحدة ليلاً – وقوة الحبة هي نصف مليجرام – تناولها ليلاً لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة صباحًا وأخرى مساءً لمدة شهرين، ثم حبة مساء لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول هذا الدواء البسيط والسليم، والجميل جدًّا، لكن لا مانع أن تتناوله عند اللزوم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأقول لك: لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب.