السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لكم كل ما تقدمونه في خدمه الإسلام والمسلمين, وأسأل الله العلي القدير أن تكون أعمالكم خالصة لوجهه سبحانه, وأن يجعلها الله سبحانه في ميزان حسناتكم.
أنا أشكو من وسواس الكفر, بدأت معاناتي منه تقريبًا في 5 من رمضان وإلى الآن وهو يلازمني, حتى أصبحت لدي حالة نفسية, المرض هذا يقل عندي أيامًا قليلة, ومن ثم يزداد, وهكذا.
ماذا تقدمون لي من نصيحة؟
وهل هي تدخل في تكفير الذنوب؟
وما هي أسباب المرض؟
وكيف العلاج والتخلص منه إلى الأبد؟
علمًا أني أحافظ على صلاتي, والحمد لله ربي وفقني بالقيام, وقراءة سورة البقرة يوميًا تقريبًا.
أفيدوني, جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أريد رؤية الله في الجنة بكرة وعشية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فمرحبًا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب, نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يدخلنا وإياك الجنة، وأن يجيرنا من النار.
نشكر لك - ابنتنا الكريمة - علو همتك، وحرصك على بلوغ المنازل العالية في جنة الله، ونسأله سبحانه وتعالى أن ييسر لنا ولك أسباب الوصول إلى تلك المقامات.
لا شك - أيتها البنت الكريمة - أن الله سبحانه وتعالى جعل أسبابًا توصل إلى الجنة بإذنه ورحمته، فدخول الجنة مجرد فضل من الله تعالى ومنّة، ولكن جعل سبحانه وتعالى له أسبابًا، وخلاصة ذلك كله ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى), فطاعة الله تعالى وطاعة رسوله مبلغة -بإذن الله تعالى - الجنة، فندعوك إلى الاستمساك بالأعمال الصالحة, والإكثار منها.
ومما لا ريب فيه ولا شك أن هذه الأعمال بعضها أفضل من بعض، فأداء الفرائض يقدم على النوافل، فحاولي أن تلزمي هذا الطريق الذي قال الله عنه في الحديث القدسي: (وما تقرب إليَّ عبدي بأفضل مما افترضته عليه، ولا يزال يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه) فأدي الفرائض فعلاً وتركًا، أي افعلي ما أمر الله تعالى بفعله، واجتنبي ما نهى الله عز وجل عنه، ثم بعد ذلك أكثري من النوافل: كنوافل الصلوات, ونوافل الصيام, ونوافل الذكر، وهذه النوافل مدعاة لحب الله تعالى, وسبب للقرب منه، كما أخبرنا سبحانه في هذا الحديث.
وبعد هذا وقبله حسّني ظنك بالله تعالى، وتعلقي بفضله ورحمته، فإن رحمته وسعت كل شيء، وهو سبحانه قد قال في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء), فحسّني ظنك بالله أنه سيرحمك ويعافيك ويدخلك الجنة برحمته.
أما عن الوسوسة: فالوسواس - أيتها الأخت الكريمة والبنت العزيزة - من شر الأدواء التي تُفسد على الإنسان دينه ودنياه إذا هي سيطرت عليه، فننصحك إلى الأخذ بأسباب الشفاء من هذا الداء، ولا شفاء له - كما قرر ذلك علماؤنا – إلا بالإعراض عنه بالكلية، وهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال لصاحب الوسواس والشكوك: (فليستعذ بالله ولينتهِ).
فهذان أمران مهمان ينبغي أن تلازميهما:
الأول: الاستعاذة بالله، واللجوء إليه سبحانه ليصرف عنك شر الشيطان.
والثاني: الانتهاء, وترك الاسترسال مع هذه الوساوس، وذلك بأن تشغلي نفسك بأي شيء يصرفك عنها حين تداهمك تلك الوساوس, فانصرفي إلى الاشتغال بأمر دنياك أو بأمر دينك، وجاهدي نفسك على ذلك حتى يمنّ الله عز وجل عليك بدفع هذه الوساوس والشكوك.
ونحن نطمئنك - أيتها الأخت الكريمة والبنت العزيزة - إلى أن هذه الوساوس والشكوك لن تؤثر على دينك وإيمانك، فكراهتك لها ونفورك منها دليل على إيمانك، فإن القلب المؤمن يتألم من هذه الشكوك والوساوس حيث ينفر منها، فوجود الضيق والألم بسببها دليل على وجود الإيمان، أما القلب الذي لا إيمان فيه فإنه لا يبالي بورودها عليه، ولا يتألم منها، ولهذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم – نفرة بعض الصحابة حين شكوا إليه ما يجدونه من وساوس، جعل نفورهم منها وكراهتهم لها دلالة على الإيمان، فقال لهم: (ذاك صريح الإيمان).
فاطمئني واهدئي بالاً وانشرحي صدرًا، واعلمي أن إيمانك ثابت بإذن الله تعالى، وأن هذه الوساوس لن تضرك، وأنك إن دمتِ على الأعمال الصالحة فإن الظن الكريم بالله تعالى أن يتوفاك على تلك الحال، فإن من عاش على شيء مات عليه.
نسأل الله تعالى أن يمنّ علينا وعليك بحسن الخاتمة، وأن يدخلنا وإياك جنته ودار كرامته.