بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا
مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
فإن المتأمل لكلام الله عز وجل يجد تفضيل الرجال على النساء ، وذلك بما ميز الله به أبدان الرجال وعقولهم عن النساء ،
فشهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين ولله في خلقه شؤون وحكم هي عبرة لمن اعتبر , وهذا تفضيل في الأمور الدنيوية أما
الأمور الأخروية فلا يفضل أحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
بل إن المرأة الصالحة التي تطيع ربها فتصلي فرضها وتصوم
شهرها وتصون فرجها وتطيع بعلها يقال لها يوم القيامة : " ادخلي من أي أبواب الجنة الثمانية شئتِ " كما جاء في ا
لصحيح ولم يُذكر ذلك للرجل ، فالإسلام كرم المرأة وحفظ لها حقوقاً عظيمة , ومن ذلك كون الرجل قوّاماً عليها وذلك ليكون
كالأسد الذي يحفظ عرينه ، فتكون مصونة في بيتها مكفولة برزقها مكرمة عند ربها وعند أوليائه " خيركم خيركم لأهله وأنا
خيركم لأهلي " , وفي حكم العرب [ ما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا اللئيم ] فمجال إكرام الله للمرأة وإعلائه شأنها لا
يمكن حصره في هذه الورقات ويكفي من ذلك هذان الحديثين لو اعتبرنا .
فيامن أكرمك الله ورفع قدرك لا تحقري من المعروف شيئاً ، فتتباطئي منتظرةً دور الرجال في نصرة دينك وتتكاسلي في
خدمته وأخُصُّ من ذلك فروض الأعيان فلا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك ، فلا تتهاوني وتَفَكَّري معي في واقع أمتنا المرير
وكيف تخاذل عنه أكثر رجالاتها في الوقت الذي يسام فيه أهل الإسلام سوء العذاب ، فلا ناصر لهم ولا مؤيد بقولٍ أو فعلٍ إلا
تلك الثلة المؤمنة التي خرجت في سبيل الله تبتغي الموت مظانَّه ناصرةً بذلك دينه زاهدةً في الدنيا راغبةً فيما عند الله
وخائفةً من عقابه .
أختي الغالية : إنني أخاطبك يوم رأيت كثيراً من رجال اليوم قد كبرَّوا وسائدهم فضعفت هممهم وأصبحت الدياثة تطرق
أبوابهم فلا غيرة على محارم الله تحركهم ولا صراخ العذارى يوقظهم ولا أنين الحيارى يشغلهم فهم بين مأكـلٍ ومشرب ،
ووظيفةٍ ومتجر ، وتدليل طفلٍ ومنكح ، وإذا حُدِّث عن الجهاد وحُرِّض عليه قال : إنني على ثغر فأنا معلمٌ في مدرستي ، أو
داعيةٌ في متجري ، أو عائلٌ لأسرتي ، ويتملص من الموضوع وكأنه يُدعى لفرض كفاية ، وعجباً من أمره ، المعلمون كثر
والدعاة كثر والتأليف أكثر ولم نسمع أحداً يتهرب من التأليف ويقول هو فرض كفايةٍ وكذلك الدعوة ، ونسي هذا أن العلم لا
ينفع صاحبه إذا لم يعمل به بل يكون وبالاً عليه في الدنيا والآخرة , والأعجب من هذا من يتابع أخبار المجاهدين ويدَّعي
حبهم وهو غير مستعد لنصرتهم بكلمة حق أو يصدقةٍ في سبيل الله لعلها تكون كفارة لقعوده ومعذرة عند ربه , ثم يقول
إنه من أنصار المجاهدين وهو والله من أبعد الناس عن نصرتهم وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أشر الصفات
وهي البخل والجبن التي تؤدي إلى فساد النفوس وتدمير المجتمعات ففي الحديث الصحيح " شرُّ ما في رجلٍ شحٌّ هالعٌ
وجبنٌ خالعٌ " فلا تكفي منهم الدعاوي فليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة ، فالمحب الحقيقي لأولياء الله
ينصرهم بقلمه ولسانه وماله ونفسه وولده ما استطاع إلى ذلك سبيلا وكلٌ على قدر طاقته وإلا كان حالهم كقول الشاعر :
فكلٌ يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقرُّ لهم بذاكَ
أختي الكريمة : إنني أخاطبك وكلي أمل فيك لأنني أعلم أنك مربية الأجيال وصانعة الرجال فهلا وقفتِ مع نفسك قليلاً
وتأملتِ حال أمتك اليوم وما يجب عليك تجاهها ،
أختي الفاضلة : هل عقدت يوماً ما مقارنة بينك وبين أخواتك المسلمات
المضطهدات في بلادهن وكيف أنك في راحة ودعة بين أهلك وخليلاتك وهن مشردات ذليلات يبحثن عن مثل ما أنت فيه
فلا يجدنه ، وتنامين عفيفةً شريفةً بين أهلك وأسرتك وهن حبالى من نطف إخوان القدرة والخنازير عباد الصليب وأنت
باردة القلب قد تتذكرينهن ساعة ولكنك تلهين ساعات!!!!!