السؤال:
معظم علماء الصوفية يذكرون هذا الحديث كجزء من تعاليمهم : ( مراقبة ساعة خير من عبادة سبعين سنة ) ، إنه يبدو لي حديثًا ضعيفًا ، فلقد حاولت البحث عن أصل له في كتب الأحاديث الستة فلم أجد ، فما رأيكم بصحته ؟ وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
هذا الحديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يثبت من قوله ، وإنما ورد بإسناد رواته من الكذابين والوضاعين ، وذلك في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فِكْرَةُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً )
رواه أبو الشيخ الأصبهاني في " العظمة " (1/299) قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، حدثنا عثمان بن عبد الله القرشي ، حدثنا إسحاق بن نجيح الملطي ، حدثنا عطاء الخراساني ، عن أبي هريرة به .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
" هذا حديث لا يصح ، وفي الإسناد كذّابان ، فما أفلت وضعُه مِن أحدهما : إسحاق بن نجيح ،
قال أحمد : هو أكذب الناس ، وقال يحيى : هو معروف بالكذب ووضع الحديث ، وقال الفلاس : كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحا ، والثاني : عثمان ، قال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات " انتهى من " الموضوعات " (3/144)
وقال الشيخ علي القاري رحمه الله :
" ليس بحديث " انتهى من " المصنوع " (ص/82)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" موضوع " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/173)
لذلك لا يجوز نسبة هذا الكلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانيا :
أما الثناء على التفكر والمتفكرين في آيات الله سبحانه فقد جاء في القرآن الكريم ، حيث يقول الله جل وعلا : ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) آل عمران/191.
وقد رويت في ذلك آثار كثيرة ، عن ابن عباس ، وأبي الدرداء رضي الله عنهما ، وعن الحسن البصري رحمه الله ، يدعون فيها الناس إلى العناية بالتفكر والتأمل في آيات الله الشرعية والكونية.
ومن ذلك ما رواه أبو الشيخ الأصبهاني في " العظمة " (1/297) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " تفكر ساعة خير من قيام ليلة ". وفي " مصنف ابن أبي شيبة " (7/190)، و " الزهد " (ص/220) للإمام أحمد مثل هذا النص عن الحسن البصري ، وفي " حلية الأولياء " (1/208) ، و " الزهد " (ص/114) مثله عن أبي الدرداء رضي الله عنه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" النظر إلى المخلوقات العلوية والسفلية على وجه التفكر والاعتبار مأمور به مندوب إليه " انتهى من " مجموع الفتاوى " (15/343)
وقال العلامة السعدي رحمه الله :
" التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/161)
وللتوسع في الاطلاع على الأدلة وأقوال العلماء في " التفكر " فليرجع إلى بحث " التفكير في آيات الله تعالى ومخلوقاته في ضوء القرآن والسنة "، عبد الله اللحيدان ، مجلة البحوث الإسلامية (66/123) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب