* قصة ثعلبة بن حاطب الأنصاري *
قال ثعلبة بن حاطب الأنصاري لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يرزقني مالا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه ,
ثم قال مرة أخرى فقال أما ترضى أن تكون مثل نبي الله فوالذي نفسي بيده لو شئت أن تسير معي الجبال ذهبا وفضة لسارت
قال والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالا لأعطين كل ذي حق حقه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارزق ثعلبة مالا
قال فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهما ثم نمت وكثرت فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة وهي تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعة , فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة يسألهم عن الأخبار
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل ثعلبة فقالوا يا رسول الله اتخذ غنما فضاقت عليه المدينة فأخبروه بأمره
فقال يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة
قال وأنزل الله خذ من أموالهم صدقة ( الآية) ونزلت عليه فرائض الصدقة
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة رجلا من جهينة ورجلا من سليم وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين وقال لهما مرا بثعلبة وبفلان رجل من بني سليم فخذا صدقاتهما
فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية ما أدري ما هذا انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي
فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهم بها فلما رأوها قالوا ما يجب عليك هذا وما تريد أن نأخذ هذا منك قال بلى فخذوه فإن نفسي بذلك طيبة وإنما هي لي فأخذوها منه فلما فرغا من صدقاتهما رجعا حتى مرا بثعلبة
فقال أروني كتابكما فنظر فيه فقال ما هذه إلا أخت الجزية وانطلقا حتى أرى رأيي فانطلقا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم
فلما رآهما قال يا ويح ثعلبة قبل أن يكلمهما ودعا للسلمي بالبركة فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي فأنزل الله تبارك وتعالى فيه (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين) إلى قوله (وبما كانوا يكذبون) وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج
حتى أتاه فقال ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا
فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل منه صدقته
فقال إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك فجعل يحثي على رأسه التراب
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني فلما أبى أن يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى منزله وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئا.
ثم أتى أبا بكر حين استخلف فقال قد علمت منزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي فقال أبو بكر لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أنا أقبلها فقبض أبو بكر ولم يقبضها ,
فلما ولي عمر أتاه فقال يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي فقال لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وأنا لا أقبلها منك فقبض ولم يقبلها ,
ثم ولي عثمان رحمة الله عليه فأتاه فسأله أن يقبل صدقته فقال لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر رضوان الله عليهما وأنا لا أقبلها منك فلم يقبلها منه وهلك ثعلبة في خلافة عثمان رحمة الله عليه.
تفسير الطبري
قال تعالى :
{وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ{75} فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ{76} فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ {77} أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ
وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ{78} } [التوبة:75-78]