الرد على شبهة سبِّ الصحابة
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح:18]، فهنا يشهد الله وكفي به شاهداً.. شهد برضوانه عليهم، وكانوا قرابة 1400 صحابي.
والسؤال: هو هل الله عز وجل يشهد برضوانه على من سيكفر في المستقبل بعد وفاة نبيه صلى الله عليه وسلم؟! نحن نقول بالطبع: لا. والروافض يقولون بأن رضاه ليس دليلاً على رضاه عنهم كلهم، وإنما المؤمنون الذين بايعوا منهم وليس كل من بايع، والدليل حديث: «لا ترجعوا بعدي كفاراً»، وكذلك الملائكة تذودهم عن الحوض، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أصحابي أصحابي. فتقول الملائكة: لا تدري ما أحدثوا بعدك»، وهذا دليل على أنهم ألصق الناس به.
فهنا نحن نقول الرد من وجوه:
الوجه الأول: أنكم لم تقولوا لنا من المقصود بأصحابي أصحابي؟
نريد أسماءً في حديث صحيح صريح من عندنا؛ لأن هذا الحديث الذي ذكرتموه من عندنا، فلا يحق لكم أن تفسروه إلا بما عندنا، أو بكلام علمائنا المعتبرون.
الوجه الثاني: إن قلتم لنا أصحابه الذي كفروا بعده، بدليل تعميم هذا الحديث هم كأبي بكر وعمر وعثمان والزبير وطلحة و و و. فأقول لك: وأين علي بن أبي طالب والسبطين وأبي ذر وسلمان والمقداد؟! لماذا لم يشملهم تعميم هذا الحديث؟!
فإن قلتم لنا: ولكن هم عندكم أبرار بأحاديث ثبتت عندكم من كتب السنة. فنقول لك: وكذلك ثبت عندنا أن أبوبكر وعمر وعثمان أعلى قدراً وبراً من أبي الحسن وغيره رضى الله عنهم أجمعين.
الوجه الثالث وهو الذي سيعيدنا لموضوع الآية: أنتم تستشهدون بحديث: لا ترجعوا بعدي كفاراً، والذي يرجع للكفر لا بد أنه كان مسلماً في السابق؛ بدليل أنكم تعترفون من كتبكم أنه لم يبق بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مسلماً إلا القليل كسلمان وأبي ذر والمقداد، والعجيب أنكم لم تذكروا اسم عمار بن ياسر في أحاديث مع من ثبت على الإسلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تذكروا السبطين وفاطمة فهل أنتم تخرجونهم ممن بقى على إسلامه؟! وهذا ليس موضوعنا.
والشاهد: أنكم لا تقولون أن آية الرضوان نزلت فقط لإثبات رضوان الله عن المقداد وأبي ذر وسلمان وعلي. ولكن الشيعة تقول أن الآية تشمل أيضاً الذين آمنوا بدون المنافقين، ولكن مع الأسف الشديد كفر الجميع من الذين نزلت الآية فيهم حتى من كان مؤمناً بخلاف المقداد وأبي ذر وسلمان وعلي الذين ثبتوا ودليلهم الحديث: «لا ترجعوا بعدي كفاراً».
وهذا عدوان على الله، وتجرؤ على الخالق وعظمته وكماله من كل نقص؛ لأن الله أخبر أنه رضي عنهم، وشهد بذلك، وجعله قرآناً يتلى إلى يومنا هذا، تشهد الآيات برضوانه عنهم، وأنتم تقولون كفروا. فنقول لكم: وهل يشهد الله برضاه عن أناس رغم أنه يعلم أنهم سيكفرون في المستقبل، ويكونون أعدى أعدائه بعد وفاة نبيه؟!
وهل يشهد الله برضاه في الحاضر عن ألد أعدائه في المستقبل؟!
والله إلى الآن وأنا أسأل الشيعة ولا مجيب بجواب نعم أم لا!
أقول لأحدهم: لو كنت رئيساً لدولة وأعطاك الله قدرة علم المستقبل، ثم أنت علمت أن وزراءك سيخونونك، وسيكونون أعدى أعدائك بعد عشرة سنوات، هل ستقف على الملأ وتجمع الناس وتكتب مرسوماً يقرأه الجميع، وتسمعهم أنت بصوتك قائلاً: إني أشهدكم أني راض عن وزيراي، وسأرفع من قدرهما عندي وسأكافئهما بأموال وقصور؟! هل ستفعل هذا؟! والله لا يقول نعم إلا سفيه ذو غباء مخل بالعقل؛ لأنه سيعينهم على تسلطهم عليه ويبني لهم قوة ستهلكه.
ولذلك كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل لكي لا يأتي الرجل الذي سيقضي على ملكه منهم ولكن حفظ الله موسى وجعله ينشأ في بيت عدوه قال تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِين،﴾ وقال تعالى على لسان فرعون لموسى: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِن عُمُرِكَ سِنِينَ﴾.
بربكم يا شيعة! هل لوكان فرعون يعلم أن هذا المولود الذي التقطه سيكون له عدواً وحزناً، وسبباً لزوال ملكه وهلاكه هل سيربيه ويسمنه ويغذيه حتى يشتد عوده ليرى سبب هلاكه يكبر أمام عينه يوما بعد يوم؟!
هو كان يقتل أبناء بني إسرائيل رجاء أن يكون موسى عليه السلام من القتلى ليستريح منه. لو كان فرعون يعلم بأمر موسى وهو طفل لأغرقه في اليمِّ، ولما تركهم يلتقطونه، ولربما قطعه إرباً إرباً ليتأكد من أمر هلاكه.
فكيف يشهد الله برضاه عن أعداء المستقبل له ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولوصيه كما تزعمون؟!
أما فرعون فلا يعلم أمر مستقبل موسى عليه السلام لأنه بشر، ولكن الله هو رب البشر الذي يعلم السر وأخفي، ويعلم كل تفاصيل المستقبل، فكيف تجيزون أنه يفعل شيئاً تنزهون أنفسكم عنه؟! أما تستحون؟!
ثم إن الله عز وجل يستحيل أن يشهد برضاه عمن يسكون في المستقبل من الكفرة أصحاب النار؛ لأن شهادة الله برضاه عنهم هي نفسها شهادته لهم بالجنة وهي شهادة وإعجاز بأنه يستحيل أن يكفر منهم أحد بعد تلك الشهادة، ويستحيل أن يموتوا إلا على ملة الإسلام. وكما قيل: "وبضدها تتميز الأشياء".
نرى أن الله عز وجل أخبر بأن عمَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أبي لهب سيدخل النار هو وزوجته، والملاحظ أنه وزوجته لم يموتا إلا على الكفر. وهذا إعجاز من الله؛ لأن الله أخبر أن لهم النار، وهذه شهادة سخطه عليهما، وشهادته لا تتبدل، ولم يحصل أن طمع الرسول في إسلامهما بل يأس بعد هذه السورة من إسلامهم، رغم أن غيره من الكفار أسلم كعمر ابن الخطاب رضي الله عنه الذي قال عنه المسلمون في يأسهم من إسلامه: "لو أسلم حمار عمر لما أسلم عمر"، ولكن حصل وأسلم لأن الله هو الذي يرى القلوب وأحوالها والناس لا ترى إلا الظاهر.
وكذلك تعب نوح عليه السلام من دعوة قومه ولبث فيهم 950 سنة، ويالها من مدة! ولكنه بقي يدعوهم إلى أن أنزل الله عليه وحياً فيه إعجاز: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾، إخبار فيه إعجاز بأنه يستحيل أن يؤمنوا بعد هذا الوحي؛ لأنه لو آمن واحد منهم بعد ذلك الوحي لكان الله يقول خلاف ما أخبر في المستقبل، وهذا لا يحصل البتة، فالله خالق المستقبل، وهو أعلم أنه لن يكون إلا ما أخبر به تماماً.
والسؤال هنا: هل استمر نوح عليه السلام يدعو قومه بعد أن أوحى الله إليه أنهم لن يؤمنوا به؟
الجواب: لا. بل تركهم وبدأ يصنع السفينة، والدليل قوله تعالى: ﴿ويَصْنَعُ الْفُلْكَ وكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾، سبحان الله ماذا جرى لنوح عليه السلام؟! لماذا تغير عما عهده قومه منه؟! كان يدعو قومه ليلاً ونهاراً، ويسر لهم في الدعوة ويجهر، وفعل كل ما استطاعه معهم حرصاً على إسلامهم، ولكن بعد خبر الوحي المعجز علم أنهم لن يسلموا فتركهم، وأصبح يسخر من سخرهم الذي سيأتي عليهم بالماء من كل مكان وبعدها نار تلظى، وتم أمر وحي الله المعجز تماماً كما أخبر؛ لأنهم ماتوا على الكفر ولم يسلموا، قال تعالى: ﴿أغرقوا فأدخلوا ناراً﴾، فالله شهد بسخطه عليهم في كونهم لن يؤمنوا به، وختم الله لهم بخاتمة سوء نعوذ بالله منها.
فإن قال قائل: أنت أخطأت لأن نوح عليه السلام لم يتوقف عن الدعوة، والدليل قوله تعالى: ﴿وهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ونَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا ولَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾.
فأقول: هو هنا لا يدعو ابنه للإسلام وإنما ظنه مسلماً فأمره أن يركب معهم لينجو من الغرق، والدليل على ظن نوح عليه السلام أن ابنه كان مسلماً غير كافر قوله: ﴿ونَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِين﴾، فماذا كان جواب الله له؟ أخبره الله بما في قلب ابنه من الكفر الذي لم يعلمه نوح عليه السلام ولكن الله يعلم ما تخفي الصدور فقال: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِين﴾، فقال نوح عليه السلام: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِين﴾، فهنا استغفر نوح عن هذا السؤال؛ لأنه كان يدعو لكافر وهولا يعلم، فلو علم نوح أن ابنه كافر لما دعاه لسفينة النجاة أصلاً.
وهنا نقول: لماذا لم يخبر الله نبيه عن أعدائه الملتصقين به كما يزعم الروافض كالصديق والفاروق وذو النورين وغيرهم على وجه التعيين كما عين الله ابن نوح لنوح عليه السلام وعين الله أبو لهب وعين الله زوجته وعين الله رأس المنافقين في حياته حتى بعد دفنه، وقال تعالى ناهياً رسوله: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [التوبة:84].
لماذا لم يشهد الله برضوانه على رأس المنافقين كما فعل للـ 1400 صحابي؟!
الجواب: لأنه لم يرضِ عن فعله ولم يوفقه ليكون مع الـ 1400 صحابي من الذين بايعوا تحت الشجرة.
لماذا لم يبشره الله بالجنة ويرضى عنه؟!
أقول: لم يبشره الله بالجنة ولم يرض عنه لأنه يعلم أنه في المستقبل لن يموت إلا على الكفر والعداء لله ورسوله ويقلب للنار والعار ولكن الله عز وجل بشر الـ 1400 لعلمه أنهم لن يموتوا إلا على ملة الإسلام التي لا يرضى الله إلا عن من كان عليها.
وكذلك أخبر الله إبليس بسخطه عليه قائلاً: وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين، فهل يجوز لمجنون أن يقول لنا: لماذا لا ندعو إبليس لعله يسلم!؟ نقول له: الله أخبرنا أنه لن يسلم وعليه لعنه الله ليوم الدين وسيكون من أصحاب النار كما أخبر الله: ﴿وقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾، وأنت تقول لنا ندعوه لعله يسلم؟!
الذي يزعم أن الله سيرضى عن إبليس وسيرحمه وأن إبليس سيسلم ويتوب إلى الله وسيدخله الله الجنة فهو كافر بما أخبر الله متهما لله في علمه للمستقبل وقوله على أن الأمر سيحصل خلاف ما أخبر عنه في المستقبل.
ويقول الروافض أنه حصل أن بايع المنافقون في بيعات أخرى متفرقة وهنا مثل هناك فنقول لكم يا مفترون وهل شهد الله هناك برضوانه عنهم حتى تقارنون تلك البيعات بهذه التي أخبر الله رسوله عن علم قلوبهم؟! لا وجه للمقارنة.
ويقول الروافض: إن الله لم يرض عن كل من بايع وإنما المؤمنون منهم فقط لوجود المنافقون بينهم كأبي بكر وعمر. وهذا ما قاله مفسرهم القمي المشهدي في كنز الدقائق في تفسير هذه الآية وصرح بنفاق الشيخين.
فنقول لهم: وهل عثمان منافق معهم أيضا؟ أنتم تقولون نعم عثمان كان منافق والسؤال هو أنكم تعترفون أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في تفاسيركم لهذه الآية كالجوهر الثمين وغيره كثير في تفسير هذه الآية تعترفون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدعو للبيعة إلا بعد أن ظن أن قريش قتلت عثمان.
فهنا نقول: لو علم الرسول صلى الله عليه وسلم أن عثمان ما قتل هل سيدعو للقتال؟!
والجواب عندكم يا شيعة من كتب تفاسيركم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما دعا للبيعة إلا لإشاعة قتل عثمان وهذا كان هو السبب الرئيس لتلك الدعوة للبيعة فنحن نقول بالله عليكم يا شيعة هل الرسول صلى الله عليه وسلم يغضب ويدعو للقتال والبيعة انتقاماً على قتل منافق كما تزعمون في عثمان؟! ولماذا أصلاً يرسل الرسول صلى الله عليه وسلم منافقا يفاوض عنه في مكة؟! أليس عثمان لكونه منافقا كما تزعمون قد يخبر قريش بكل ما يجب أن لا تعلمه قريش من أمر المسلمين! أنتم تعلمون أن هذا المنصب لا يعطي إلا لأمين على دين الله فإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم استأمنه فكيف تتهمونه بالنفاق! فإن قلتم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم نفاقه نقول لكم وهل أنتم علمتم نفاقه ونفاق الشيخين رغم أنكم لم تعاشروهم وخفي ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يخالطهم ليل نهار! الله أعلمه بالوحي نفاق رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول فهل الله عز وجل أخبر رسوله بأبي بن سلول ونفاقه وترك إخبار رسوله بالذين هم أخطر على الإسلام منه؟! الدليل على أنكم تزعمون أنهم أخطر من أبن سلول أنكم تنسبون لهم خرابا للدين لم يفعل أبن سلول عشر معشاره في هدم الدين. ثم لماذا يبايع على بن أبي طالب على هذه البيعة وسببها انتقاما لمنافق!؟
هل لو قتل فرعون هامان لدعا موسى عليه السلام البيعة انتقاما لهامان؟ المنافق هو كافر أيضاً وأخطر منه فإن قلتم لنا مكررين نفس الاسطوانة هو منافق والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم نفاقه نقول لكم ولكن لماذا لم يخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن عثمان منافق كافر كما أخبر الله نوحا عليه السلام بأن ابنه كافر: ﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾؟! فإن قلتم لنا إن الله مدح المبايعين الخلص على الصدق للتضحية وليس نصرة دم عثمان قلنا لكم أن الله تعالى قد جعل لكل شيء سبباً كما في قوله: فأتْبَعَ سبباً، وسبب هذه البيعة إشاعة قتل عثمان فلماذا يجعل الله مدحاً ورضواناً للمبايعين سببه دم منافق؟ والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان سيقاتل قريش ولكن عندما علم أنهم لم يقتلوا عثمان توقف عن عزمه وصالحهم باعترافكم أنتم ولوكان الأمر لغير سبب عثمان لقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لولم يقتلوا عثمان.
فإن كان الله عز وجل رضي عن الذين بايعوا رسوله لسبب دم عثمان رضي الله عنه فالله عز وجل من باب أولي أن يرضي عن عثمان الذي ما تحرك الرسول لدعوتهم للبيعة إلا لسببه.
أقول لإخواني السنة: وهذه نقطة مهمة نفيسة يا حبذا لو تأملها المتأملون فإني والله استنبطتها استنباطا ولم أقرأها من كتاب فيما أعلمه؛ فإن وجدتم في كلام علمائنا الجبال الذين يردون على الرافضة ما يخالف قولي فنبهوني للأمانة، والمستشار أمين.
وقال لي رافضي: ألا تؤمن بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر:65]، وأنا فهمت أنه يستدل بهذه الآية على أن المبشر بالرضوان قد يلحقه الخسران في المستقبل بنص هذه الآية فأقول:
إن هذا دليل منكوس كخيط العنكبوت بل أهون منه؛ لأنه لم يكن رسولاً من الرسل قد انتكس وأشرك بالله لأن الله لا يختار إلا الأفضل من البشر رسلاً له كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام:124]، فالله يعلم المستقبل في أنهم لن يخذلوا رسالته ويعاونوا الشيطان؛ لأن الله يعصمهم. فإن كنتم أنتم أيها الشيعة تعترفون بعصمة الأنبياء والرسل فهل أنتم تشكون أن الله سيعصمهم من الشرك!؟ بالطبع إن الله عز وجل يعصمهم من الشرك لأن الشرط أعظم من الإصرار على شرب الخمر مثلاً، فإن كان الله عز وجل قد عصم رسله من شرب الخمر والزنا فعصمته لهم من الشرك من باب أولى؛ لأن الشرك أخطر من الزنا وشرب الخمر. ثم إنه لوكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجوز عليه الشرك فنحن نلزمكم أن تلزموا علي رضي الله عنه بجواز الشرك عليه؛ لأنه ما أسلم إلا على يديه، فإن عبتم وأجزتم الشرك على المصدر البشري الأول للرسالة بعد انقطاع الرسل فتطرق العيب لمن هم دونه من باب أولى.
فإن قلتم فما المقصود من الآية إذاً!؟
فنقول لكم: إن الخطاب الرباني إن وجه للرسول صلى الله عليه وسلم فهو خطاب لأمته؛ فإن الله عز وجل يخاطب أعلى منزلة بشرية وهم الرسل بهذا الكلام، فيتبادر لقلوبنا فوراً أنه إن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب هكذا فما يكون حالي لو أشركت؟ فيكون لسامع تلك الآية أشد زجراً ونهراً وتحذيراً عن الوقوع في الشرك؛ لأنه الرسول الذي هو رسول يخاطب بهذا فما بالنا نحن! وهذا اسلوب قرآني عظيم يستعمله الله عز وجل في موعظة الأمة التابعة لرسولها ومثاله آيات أخرى، كقوله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب:32]، إلى آخر الآيات.
فنقول: هل هنا حرم الله الخضوع بالقول على أمهات المؤمنين وأحله على بقية النساء؟! بالطبع لا فإن كان الله عز وجل يعض من هم أشرف النساء في العفة والطهارة فموقع الوعظ يجب أن يكون على الذين هم دونهن من باب أولى وقعه أشد، فتقول إحدى نساء المسلمين: الله عز وجل يعظ الطاهرات فما بالنا نحن. فتزيدها تلك الآيات بعداً عن المحظور، والدليل أيضاً على أن الخطاب الذي للرسول يوجه للأمة أيضاً قوله تعالى: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [التوبة:84]، فهنا نحن لا يجوز لنا أن نصلى على المنافقين والكفار، ولا يجوز أن نصلى ونقول: إنما النهي كان للرسول صلى الله عليه وسلم وليس لأمته، وأنتم تعترفون بهذا يا شيعة!
ثم نحن نقول هذا الأسلوب استعمله الرسول صلى الله عليه وسلم في وعظه للناس: لوفاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، فهل يعني هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يلمح أن ابنته ستسرق في المستقبل وهو يهددها؟! لا والله بل زجرا للسامعين فكلهم سيرتدع ويقول هو سيقطع يد ابنته لوسرقت رغم أنها ابنته، فكيف بنا نحن ولا قرابة بيننا وبينه! فنحن نقول: الله عز وجل يقول هذا لرسله فكيف بنا نحن؟!
وهذا الكلام أشبه بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة:44-47]، فهل معني هذا الكلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تقول على الله! بالطبع لا؛ لأن الله لم يقطع من الوتين فهذه الآية والتي قبلها لا تنافي حصول ما أخبر الله عن صيرورته لنبيه من بلوغه أعلى المراتب في الجنة، وكذلك آية الرضوان تشهد بأنهم سيصيرون للجنة جمعنا الله بهم بحبنا لهم.
فحديث الذود عن الحوض لا يكون للـ 1400 من الذين بايعوا وإنما غيرهم من الذين كفروا وارتدوا، فالصحابي تعريفه: كل من اجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم وآمن به ومات على ذلك. والملاحظ أن الذين كفروا هم الذين حاربهم الصديق رضي الله عنه فهم كانوا مسلمين وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم واجتمعوا به وبايعوه وآمنوا به ولكن انقلبوا ولم يموتوا على ما بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وماتوا كفارا لأنهم منعوا الزكاة، ولذلك استحل أبو بكر دماءهم؛ لأنهم خالفوا شروط شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله لأن الزكاة من حقها.
فالدين ليس فيه تؤمن ببعض وتكفر ببعض، ولذلك منهم من قال بل المفروض أن الزكاة لا تدفع إلا للرسول صلى الله عليه وسلم أما بعد مماته فلا زكاة.
فهل الله عز وجل أنزل آيات الزكاة والرسول شرحها تفصيلاً بالسنة هل هذا فقط لوقت حياته! بالطبع لا؛ لأن الله عز وجل شرع ديناً ليس بعده شرع آتي وهو لكل الأجيال القادمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فالله لم يشرع الصلاة فقط بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
والعجيب أن الروافض نسوا وتناسوا كلا المرتدين عن الإسلام من العرب من الذين حاربهم الصديق ولم يصرحوا إلا بالصحابة الباقون على الإسلام، واتهموهم بالكفر والأعجب منه أنهم أخرجوا علي والمقداد وسلمان وأبو ذر من هذا التعميم بدون دليل من الحديث الذي هومن عندنا بما استشهدوه علينا!
وفي نهاية المطاف أقول: في هذه الآية يخبر الله عز وجل ويشهد برضوانه عنهم ثم يتنطع الروافض ويقولون بل سيكفرون ويكونون أعداءا لله في المستقبل. وينسب الروافض لله ما ينزهون أنفسهم عنه فنعوذ بالله من قولهم ونبرأ لله منهم.
المصدر: شبكة الدعاة إلى العلم النافع الإسلامية