المتعة… أنواعها وأطوارها
إن أهل السنة يوافقون الشيعة في أن نصوص كتب الحديث السنية كـالبخاري ومسلم وغيرهما قد تضمنت روايات تفيد أن المتعة كانت جائزة في أول الأمر، غير أنهم يعارضون وقوف الشيعة عند الأحاديث المنسوخة دون التعرف على الأحاديث الأخرى الصحيحة التي نسختها، والتي تبين بوضوح أن المتعة كانت مباحة في أول الأمر ثم نزل تحريمها في القرآن، والنسخ مأخوذ به لدى علماء الشيعة.
وهم يقولون: إن عمر هو الذي حرّمها، ويروون في ذلك روايات مضحكة مبكية، وشر البلية ما يضحك مثل رواية الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية: "ويحكى في سبب تحريم متعة النساء أنه -أي: عمر- قد طلب أمير المؤمنين عليه السلام ليلة، فلما مضى من الليل جانب، طلب منه أن ينام عنده فنام، فلما أصبح الصبح خرج عمر من داخل بيته معترضاً على أمير المؤمنين -عليه السلام- بأنك قلت: إنه لا ينبغي للمؤمن أن يبيت ليلة عزباً إذا كان في بلد، وها أنت هذه الليلة بت عزباً، فقال أمير المؤمنين -عليه السلام-: وما يدريك أنني بت عزباً، وأنا هذه الليلة قد تمتعت بأختك فلانة، فأسرّها في قلبه حتى تمكن من التحريم فحرمها"(1).
والرواية طعن صريح في إمامهم الأول المعصوم على حد زعمهم حيث صورته هذه الرواية بصورة الخائن الذي لم يراع حرمة بيت مضيفه، إضافة إلى ارتكاب الفاحشة. وأيضاً يبطلها عمل الإمام علي الذي أقر بالتحريم في مدة خلافته، والرواية من ألفها إلى يائها مختلقة لا أساس لها، ولكن حبهم في النيل من الفاروق -رضي الله عنه- جعلهم يضعون المثالب في النيل منه، ولكن كما يقال: لا يضر السحاب نبح الكلاب.
وقد جعلوا الإيمان بها أصلاً من أصول الدين ومنكرها منكراً للدين، فقد نقل ابن بابويه عن جعفر الصادق قوله: "إن المتعة دين ديني ودين آبائي، فمن عمل بها عمل بديننا، ومن أنكرها أنكر ديننا"(2).
ورتبوا عليها الأجور العظيمة، واسمع لهذه الرواية العجيبة: "يروي حضرة سلمان الفارسي والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر رضي الله عنهم حديثاً صحيحاً أن خاتم المرسلين قال: (إن من يتمتع في حياته مرة يكون من أهل الجنة، حين يجلس مع المرأة المتمتع بها بقصد المتعة ينزل ملك من السماء يظل يحفظه في مجلسه حتى يغادرها، والحديث بين الاثنين يكون بمرتبة التسبيح، وحين يمسك الواحد يد الآخر فإن أصابعهما تخلو من الذنوب، وحين يقبل الرجل المرأة يهبه الله عن كل قبلة ثواب الحج والعمرة، وحين ينصرف إلى جماعها يعطيه الله عن كل لذة وشهوة ثواباً يعادل الجبال، وحين يفرغ ويغتسل شريطة أن يؤمن أن الله حق، وأن المتعة سنة من سنن الرسول يخاطب الله الملائكة قائلاً: انظروا إلى عبدي هذا، فقد قام واغتسل واعترف بي إلهاً له، واشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه، وسوف أهبه من الثواب ما يعادل عدد شعرات بدنه، وأغفر له عشرات الذنوب، وأرفعه عشرات الدرجات.
فسمع أمير المؤمنين علي فضائل المتعة، فقال: ما هو ثواب من يسعى إلى هذا العمل الخير؟ فقال صلى الله عليه وسلم: حين يفرغ منه ويغتسل فإن الله يخلق من كل قطرة تسقط من جسده ملكاً يظل يسبح الله ويقدسه وينال هو الثواب)"!!(3).
وقد أوردنا هذه الرواية رغم طولها لنعرف أن صاحب الهوى لا حدود لهواه. وإذا كانت هذه هي المتعة وهذا فضلها، والإمام الخميني في كتابه الوسيلة يقول: "إن المتعة يمكن أن تكون مع البغي وتكون أيضاً لساعة أو لساعتين"! فلماذا يغضب المحترمون من رجال الشيعة وعلمائهم حين يطلب منهم الواحد أن يزوجه ابنته زواج متعة كما هو مشاهد؟ أليس ذلك دليلاً دامغاً على أنها ضد الطبائع السليمة، وضد الفطرة والرجولة والشهامة والغيرة؟
بل زادوا الطين بلة وقالوا بالمتعة الدورية! وقد صرح بعضهم للشيخ محمد نصيف بأنه يجري عندهم استعمال المتعة الدورية بحيلة وضعها شيوخهم وهي أن المتمتع بالمرأة يعقد عليها بعد نهاية متعته منها عقد زواج دائم ثم يطلقها قبل الدخول فتصبح لا عدة عليها فيتمتع بها الآخر ويفعل كالأول. فتدور المرأة على مجموعة من الرجال بهذه الطريقة بلا عدة(4).
وقد دافع أحد علمائهم وهو خنيزي عن المتعة الدورية بقوله: "لها أن تتزوج بمجرد كمال صيغة الطلاق حتى لو كان الحاضرون عشرة، وكل منهم يعقد عليها ويطلقها، ثم يعقد عليها الآخر ويطلقها، وهكذا إلى كمال العشرة لصح وجاز بلا إشكال ولا ريب في زواج المتعة"(5).
ولذا قال الألوسي: "إن من نظر إلى أحوال الرافضة في المتعة في هذا الزمان لا يحتاج في حكمه عليهم بالزنا إلى برهان، فإن المرأة الواحدة تزني بعشرين رجلاً في يوم وليلة وتقول: إنها متمتعة، وقد هيأت عندهم أسواق عديدة للمتعة توقف فيها النساء ولهن قوادون يأتون بالرجال إلى النساء فيختارون ما يرضون ويعينون أجرة الزنا"(6)، كما هو مشاهد في إيران(7).
كذلك يبيح شيوخهم اللواطة بالنساء حتى قال شيخهم الخميني: "والأقوى والأظهر جواز وطء الزوجة في الدبر"(
.
أين عفة المرأة وحياؤها وكرامتها التي أعطاها الإسلام إياها من هذه المتعة؟
أليس هذا يتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»؟
وقد استغلوا هذه الفوضى الأخلاقية في إغراء طلاب المتعة الرخيصة في اعتناق مذهبهم.
______________
(1) الأنوار النمانية (2/230).
(2) من لا يحضره الفقية (3/266).
(3) عجالة حسنة ترجمة رسالة المتعة للمجلسي (14-16).
(4) مجلة الفتح العدد (84).
(5) كشف غياهب الجهالات (3).
(6) الشيعة. د. النمر (136).
(7) تحرير الوسيلة (1/244).
المصدر: مركز التنوير للدراسات الإنسانية.