اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99980
 حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش Oooo14
 حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش User_o10

 حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش Empty
مُساهمةموضوع: حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش    حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش Emptyالخميس 3 أكتوبر 2013 - 14:50

حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش

سؤال: أريد شرحا لهذا الحديث ؛ لأن الشيعة دائما يستدلون به : في "صحيح مسلم" يروى أن محمدا صلى الله عليه وسلم قال : ( سيستمر الإسلام حتى قيام الساعة ، وسيتعاقب عليكم اثنا عشر إماما ، كلهم من قريش )


الجواب:

الحمد لله

أولا : نص الحديث :

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ :

( إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً . قَالَ : ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ . قَالَ : فَقُلْتُ لِأَبِي : مَا قَالَ ؟ قَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ )

رواه البخاري (رقم/7222) ومسلم واللفظ له (رقم/1821).

وفي لفظ عنده أيضا :

( لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً )، وفي لفظ آخر: ( لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً ) ، وأما لفظ البخاري فجاء فيه : ( يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا - فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِى إِنَّهُ قَالَ - كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ )

ثانيا :

للعلماء في تفسير وتوجيه هذا الحديث مسالك عدة :

المسلك الأول : قالوا : المراد العادلين من الخلفاء ، وقد مضى بعضهم في الأمة ، وسيكتمل عددهم إلى قيام الساعة .

يقول النووي رحمه الله ناقلا عن القاضي عياض :

" ويحتمل أن يكون المراد مستحقي الخلافة العادلين ، وقد مضى منهم من عُلم ، ولا بد مِن تمام هذا العدد قبل قيام الساعة " انتهى.

"شرح مسلم" (12/202).

واختار هذا القول الإمام القرطبي رحمه الله ، فقال :

" هم خلفاء العَدْلِ ؛ كالخلفاء الأربعة ، وعمر بن عبد العزيز ، ولا بُدَّ من ظهور من يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتهم في إظهار الحق والعدل ، حتى يَكْمُل ذلك العدد ، وهو أولى الأقوال عندي " انتهى.

"المفهم" (4/Cool

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحًا ، يقيم الحق ويعدل فيهم ، ولا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم ، بل قد وجد منهم أربعة على نَسَق ، وهم الخلفاء الأربعة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، رضي الله عنهم ، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة ، وبعض بني العباس .

ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة ، والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره " انتهى.

"تفسير القرآن العظيم" (3/65)

المسلك الثاني : تفسيره باجتماع هؤلاء الاثني عشر خليفة في زمن وعصر واحد .

يقول النووي رحمه الله – ناقلا عن القاضي عياض - :

" قيل : إن معناه أنهم يكونون في عصر واحد ، يتبع كل واحد منهم طائفة . قال القاضي : ولا يبعد أن يكون هذا قد وجد إذا تتبعت التواريخ ، فقد كان بالأندلس وحدها منهم في عصر واحد بعد أربعمائة وثلاثين سنة ثلاثة ، كلهم يدعيها ويلقب بها ، وكان حينئذ في مصر آخر ، وكان خليفة الجماعة العباسية ببغداد سوى من كان يدعي ذلك في ذلك الوقت في أقطار الأرض . قال : ويعضد هذا التأويل قوله في كتاب مسلم بعد هذا : ( ستكون خلفاء فيكثرون . قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا بيعة الأول فالأول ) " انتهى.

"شرح مسلم" (12/202)

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قال – يعني : المهلب - : والذي يغلب على الظن أنه عليه الصلاة والسلام أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن ، حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميرا ، قال : ولو أراد غير هذا لقال يكون اثنا عشر أميرا يفعلون كذا ، فلما أعراهم من الخبر عرفنا أنه أراد أنهم يكونون في زمن واحد . انتهى كلام المهلب .

قال الحافظ : وهو كلام مَن لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة ، وقد عرفت من الروايات التي ذكرتها من عند مسلم وغيره أنه ذكر الصفة التي تختص بولايتهم ، وهو كون الإسلام عزيزا منيعا ، وفي الرواية الأخرى صفة أخرى وهو أن كلهم يجتمع عليه الناس ، كما وقع عند أبي داود ، فإنه أخرج هذا الحديث من طريق إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبيه ، عن جابر بن سمرة بلفظ : ( لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلهم تجتمع عليه الأمة )، وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن الأسود بن سعيد ، عن جابر بن سمرة بلفظ : ( لا تضرهم عداوة من عاداهم ) " انتهى.

"فتح الباري" (13/211)

المسلك الثالث : المراد مَن يعز الإسلام في زمنه ويجتمع المسلمون عليه ، سواء عدل وحكم بالقسط أو لا .

يقول النووي رحمه الله – ناقلا عن القاضي عياض - :

" ويحتمل أن المراد مَن يعز الإسلام في زمنه ، ويجتمع المسلمون عليه ، كما جاء في سنن أبي داود : ( كلهم تجتمع عليه الأمة )

وهذا قد وجد قبل اضطراب أمر بني أمية واختلافهم في زمن يزيد بن الوليد ، وخرج عليه بنو العباس " انتهى.

"شرح مسلم" (12/202-203)

ويقول أبو العباس القرطبي رحمه الله - في معرض تعداده أقوال أهل العلم في الحديث - :

" أنَّ هذا إخبارٌ عن الولايات الواقعة بَعْدَهُ وبَعْدَ أصحابه ، وكأنه أشار بذلك إلى مدة ولاية بني أُمَيَّه ، ويعني بالدِّين : الملك والولاية ، وهو شرح الحال في استقامة السَّلْطَنَةِ لهم ، لا على طريق المدح .

وقد يقال : الدِّينُ على الْمُلْكِ ؛ كما قال :

لَئِنْ حَلَلْتَ بِجوٍّ في بني أسدٍ فِي دِينِ عمرٍو وحَالتْ بيننا فَدَكُ

وقيل ذلك في قوله تعالى : ( ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ) .

ثم عدّد هذا القائل ملوكهم فقال :

أَوَّلُهم يزيدُ بنُ معاوية ، ثم ابنه معاويةُ بن يزيد - وقال : ولم يذكر ابن الزبير لأنه صحابي ، ولا مروان لأنه غاصب لابن الزبير - ، ثم عبد الملك ، ثم الوليد ، ثم سليمان ، ثم عمر بن عبد العزيز ، ثم يزيد بن عبد الملك ، ثم هشام بن عبد الملك ، ثم الوليد بن يزيد ، ثم يزيد بن الوليد ، ثم إبراهيم بن الوليد ، ثم مروان بن محمد . فهؤلاء اثنا عشر . ثم خرجت الخلافة منهم إلى بني العباس " انتهى.

"المفهم" (4/8-9) ، وهذا القول ذكره ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين"، ونقله عن الخطابي أيضا ، في كلام طويل هذا حاصله ، ولعل القرطبي يقصد في نقله ابن الجوزي .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وهكذا كان فكان الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي .

ثم تولى من اجتمع الناس عليه وصار له عز ومنعة : معاوية ، وابنه يزيد ، ثم عبد الملك ، وأولاده الأربعة ، وبينهم عمر بن عبد العزيز .

وبعد ذلك حصل في دولة الإسلام من النقص ما هو باق إلى الآن ، فإن بني أمية تولوا على جميع أرض الإسلام ، وكانت الدولة في زمنهم عزيزة ، والخليفة يدعى باسمه عبد الملك وسليمان ، لا يعرفون عضد الدولة ، ولا عز الدين ، وبهاء الدين ، وفلان الدين .

وكان أحدهم هو الذي يصلي بالناس الصلوات الخمس ، وفي المسجد يعقد الرايات ، ويؤمر الأمراء ، وإنما يسكن داره ، لا يسكنون الحصون ، ولا يحتجبون عن الرعية " انتهى.

"منهاج السنة" (8/170)

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" أرجحها الثالث ؛ لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة : ( كلهم يجتمع عليه الناس ) ، وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته ، والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين ، فسمي معاوية يومئذ بالخلافة ، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ، ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك ، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف ، إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير ، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة : الوليد ، ثم سليمان ، ثم يزيد ، ثم هشام ، وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز ، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين ، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام ، فولي نحو أربع سنين ، ثم قاموا عليه فقتلوه ، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك ؛ لأن يزيد بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته ، بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان ، ولما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم ، فغلبه مروان ، ثم ثار على مروان بنو العباس إلى أن قتل ، ثم كان أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه ، ثم ولي أخوه المنصور فطالت مدته ، لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس ، واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك ، وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض ، إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم في بعض البلاد ، بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقا وغربا وشمالا ويمينا مما غلب عليه المسلمون ، ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها الا بأمر الخليفة ، ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك ، فعلى هذا يكون المراد بقوله : ( ثم يكون الهرج ) يعني : القتل الناشئ عن الفتن وقوعا فاشيا ، يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام ، وكذا كان . والله المستعان " انتهى.

"فتح الباري" (13/214)

المسلك الرابع : أن هؤلاء الاثني عشر خليفة يأتون بعد ظهور المهدي في آخر الزمان .

يقول ابن الجوزي رحمه الله :

" وأما الوجه الثاني الذي ذكره أبو الحسين ابن المنادي في هذا الحديث ، فإنه قال في قوله :

( يكون بعدي اثنا عشر خليفة ) قال : هذا إنما يكون بعد موت المهدي الذي يخرج في أواخر الزمان ، قال وقد وجدنا في كتاب دانيال : إذا مات المهدي ملك خمسة رجال ، وهم من ولد

السبط الأكبر - يعني ابن الحسن بن علي - ثم يملك بعدهم خمسة رجال من ولد السبط الأصغر ، ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر ، فيملك ، ثم يملك بعده ولده ، فيتم بذلك اثنا عشر ملكا ، كل واحد منهم إمام مهدي .

قال ابن المنادي : ووجدنا في رواية أبي صالح عن ابن عباس أنه ذكر المهدي فقال : ثم يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلا خمسين ومائة ، فستة من ولد الحسن ، وواحد من ولد عقيل بن أبي طالب ، وخمسة من ولد الحسين ، ثم يموت فيفسد الزمان ويعود المنكر .

قال : وقال كعب الأحبار : يكون اثنا عشر مهديا ، ثم ينزل روح الله فيقتل الدجال " انتهى.

"كشف المشكل من حديث الصحيحين" (1/292-293) وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام ابن المنادي هذا وقال:

" وأما ما ذكره عن أبي صالح فواه جدا ، وكذا عن كعب " انتهى. "فتح الباري" (13/214)

المسلك الخامس : تفسيره بتفاصيل الهيئة الحاكمة : الخليفة ، والوزراء ، والنواب ، والحكام وهكذا .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وقد تأول ابن هبيرة الحديث على أن المراد أن قوانين المملكة باثني عشر ، مثل الوزير ، والقاضي ، ونحو ذلك .

وهذا ليس بشيء . بل الحديث على ظاهره لا يحتاج إلى تكلف " انتهى.

"منهاج السنة" (8/173)

المسلك السادس : التوقف ، وإيكال العلم في ذلك إلى الله عز وجل .

يقول النووي رحمه الله – ناقلا عن القاضي عياض - :

" والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم " انتهى.

"شرح مسلم" (12/203)

ونقل ابن بطال عن المهلب قوله :

" لم ألق أحدا يقطع في هذا الحديث يعني بشيء معين " انتهى.

"فتح الباري" (13/211)

يقول ابن تيمية رحمه الله :

" ومنهم من قال : لا أفهم معناه كأبي بكر بن العربي " انتهى.

"منهاج السنة" (8/173)

ثالثا :

أما استدلال الشيعة بهذا الحديث على عقيدتهم الإمامية ، التي تؤمن بالإمامة – التي تعني العصمة والتدبير بل والتشريع والتصرف في الكون – لاثني عشر رجلا من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، يسمونهم بأسمائهم ، وآخرهم المهدي ، فهو استدلال بعيد محرف سببه التعصب والجهل والهوى .

ونحن نبين وجه وهاء قولهم من وجوه عدة :

1- المذكور في الحديث : " اثنا عشر خليفة "، وليس " اثنا عشر إماما "، وفرق بين الأمرين ، فالإمامة عندهم أمر زائد على الخلافة والحكم ، فالإمامة تقتضي عندهم وجوب الطاعة وعصمة الأقوال والأفعال والنيابة عن الله تعالى في التصرف بهذا الكون وعلم الغيب ونحو ذلك من الغلو الذي يصل إلى حد الكفر والعياذ بالله . وأما الحديث فغاية ما فيه أنه سيأتي اثنا عشر خليفة ، وفي رواية أميرا ، ليدل على وقوع الإمارة في اثني عشر رجلا من قريش .

2- هؤلاء الاثنا عشر نسبوا في الحديث إلى قريش ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( كلهم من قريش ) ، ولو كانوا من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لقال : ( كلهم من بني هاشم ) فإن الهاشمية أخص من القرشية ، وقد جرت العادة النسبة إلى أقرب نسب ، فلولا أنهم ليسوا كلهم من بني هاشم لما نسبهم صلى الله عليه وسلم إلى قريش .

3- نص الحديث يدل على أن عصر هؤلاء الخلفاء الاثني عشر هو عصر عز ومنعة واستقامة وظهور للإسلام ، وهذا ما لم يقع في عصور الأئمة الاثني عشر الذين سمتهم الشيعة ، فقد عاشوا كلهم حياة ضعف وملاحقة واختفاء عن الأنظار ، فأنى لهم بتحقيق عز الإسلام ومنعته وهم في هذا الحال ؟!

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ومن ظن أن هؤلاء الاثنى عشر هم الذين تعتقد الرافضة إمامتهم فهو في غاية الجهل ، فإن هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلا علي بن أبي طالب ، وأما سائر الأئمة غير علي فلم يكن لأحد منهم سيف ، لا سيما المنتظر ، بل هو عند من يقول بإمامته إما خائف عاجز ، وإما هارب مختف من أكثر من أربعمائة سنة .

وهو لم يهد ضالا ، ولا أمر بمعروف ، ولا نهى عن منكر ، ولا نصر مظلوما ، ولا أفتى أحدا في مسألة ، ولا حكم في قضية ، ولا يعرف له وجود .

فأي فائدة حصلت من هذا لو كان موجودا ؟ فضلا عن أن يكون الإسلام به عزيزا .

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإسلام لا يزال عزيزا ، ولا يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى يتولى اثنا عشر خليفة ، فلو كان المراد بهم هؤلاء الاثنا عشر ، وآخرهم المنتظر وهو موجود الآن إلى أن يظهر عندهم : كان الإسلام لم يزل عزيزا في الدولتين الأموية والعباسية ، وكان عزيزا وقد خرج الكفار بالمشرق والمغرب ، وفعلوا بالمسلمين ما يطول وصفه ، وكان الإسلام لا يزال عزيزا إلى اليوم ، وهذا خلاف ما دل عليه الحديث .

وأيضا فالإسلام عند الإمامية هو ما هم عليه ، وهم أذل فرق الأمة ، فليس في أهل الأهواء أذل من الرافضة ، ولا أكتم لقوله منهم ، ولا أكثر استعمالا للتقية منهم ، وهم على زعمهم شيعة الاثني عشر ، وهم في غاية الذل ، فأي عز للإسلام بهؤلاء الاثني عشر على زعمهم ، وكثير من اليهود إذا أسلم يتشيع ؛ لأنه رأى في التوراة ذكر الاثني عشر ، فظن أن هؤلاء هم أولئك ، وليس الأمر كذلك بل الاثنا عشر هم الذين ولوا على الأمة من قريش ولاية عامة ، فكان الإسلام في زمنهم عزيزا ، وهذا معروف " انتهى.

"منهاج السنة" (8/173-174)

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" وهذا الحديث فيه دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادلا ، وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر ، فإن كثيرًا من أولئك لم يكن إليهم من الأمر شيء ، فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش، يَلُون فيعدلون " انتهى.

"تفسير القرآن العظيم" (6/78)

ويقول الشيخ عثمان الخميس حفظه الله :

" ولسائل أن يسأل : هل الأمر مجرد مصادفة أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم يحكم أو يلي أمر المسلمين اثنا عشر ، ويكون عدد أئمة الشيعة اثني عشر ؟

والجواب : هو أن الأمر ليس مصادفة ، والشيعة الأول لم يكونوا يقولون بإمامة الاثني عشر ، ولهذا انقسمت الشيعة إلى فرق كثيرة ، فمن الشيعة من قال بإمامة علي وحده ، وهم السبئية ، ووقفوا عنده ، وفرقة قالت بإمامته وإمامة الحسن والحسين ومحمد بن علي ، وهم الكيسانية ، ووقفوا عند محمد ، وفرقة قالت بالإمامة إلى جعفر ووقفت ، وفرقة قالت بإمامة المنتظر ، وهم الاثنا عشرية . وهناك فرق أخرى واختلافات كثيرة من أراد التوسع فليرجع إلى كتاب النوبختي في فرق الشيعة .

فأنت أخي القارئ ترى أن القول باثني عشر إماما جاء متأخرا جدا ، وإلا ما كانت هذه الفرقة بين الشيعة المتقدمين ، فهي أحاديث وضعت بعد زمن من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ووفاة أكثر أئمة الشيعة .

فقد تبين لك أيها القارئ أن الشيعة هم الذين جعلوا هذا العدد مساويا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخيرا أقول : إن الرواية الصحيحة هي : ( كلهم من قريش ) ، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر الأعم وهو يريد الأخص ، فهذا خلاف البلاغة ، والنبي أبلغ الناس صلوات الله وسلامه عليه .

فلا أقول مثلا : ( كل عربي سأعطيه مائة دينار ) فإذا أتاني مصري قلت له : أنا أقصد كل سوري . ألن يتهمني بالسفه والعي ، ويقول لي : فقل إذاً كل سوري ؟!

والنبي صلوات الله وسلامه عليه لو كان يريد عليا وأبناءه لقال : ( هم علي وأولاده ) وحتى لو قال : ( كلهم من بني هاشم ) لما كانت بليغة ، فبنو هاشم كثر ، وقريش أكثر ، والرواية جاءت فيهم ، وإن كان التيجاني وغيره يحتجون بهذا الحديث لتناسب الرقم ، فما رأيهم بالحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه [2779] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( في أمتي اثنا عشر منافقا [ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ] ) " انتهى.

"كشف الجاني محمد التيجاني" – ردا على كتاب "ثم اهتديت" – ص/75 فما بعدها.



والله أعلم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  معنى حديث: الملك في قريش والقضاء في الأنصار ... الحديث
» حديث يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار
»  حديث يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا
»  اثنا عشر شهراً
» كلهم خاسر الخبيث!!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: السيره النبويه والحديث :: شرح الحديث المقروء-
انتقل الى: