اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100260
وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Oooo14
وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه User_o10

وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Empty
مُساهمةموضوع: وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه   وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Emptyالثلاثاء 2 يوليو 2013 - 15:37

ملخص الخطبة
1- فضل الصديق الأكبر رضي الله عنه. 2- جوانب من عظمة أبي بكر وتضحياته في مهد الإسلام. 3- مكانة الصديق عند رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon. 4- عظمة الصديق في خلافته نموذج لأولياء أمور المسلمين.
الخطبة الأولى
أما بعد، فاتقوا الله ـ إخوة الإيمان رحمكم الله ـ. أيها المسلمون، الأمم والشعوب كما تحقق العز والمجد يمسها الضعف والهوان، وتاريخ الإسلام ليس مجرد أحداث مدونة ووقائع مسجلة، ولكنه عقيدة الأمة ودينها ومقياسها وميزانها وعظتها واستكبارها والتاريخ هو الكنز الذي يحفظ مدخرات الأمة في الفكر والثقافة والعلم والتجربة، وهو الذي يمدها ـ بإذن الله ـ بالحكم التي تحتاجها في مسيرة الزمن وتقلّبِ الأحداث. والأمة التي لا تحسن فقه تأريخها، ولا تحفظ حق رجالها أمة ضعيفة هزيلة مضيعة لمعالم طريقها.
إخوة الإيمان، نقف اليوم بكم مع رجل لا كالرجال, وفذ لا كالأفذاذ, يكفيه أنه صاحب رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconالمقدَّم، إنه عظيم القدر رفيع المنزلة، نصر الرسول يوم خذله الناس، وآمن به يوم كفر به الناس، وصدقه يوم كذبه الناس، جَِهل فعله الكثير من أبناء المسلمين، ولم يقدره قدره بعض أجيالنا ورجالنا ومثقفينا وكتابنا, يعرفون عن مغنية أو مغنًّ أو لا عب رياضي أو ساقط أو ساقطة، أكثر مما يعرفون عن هذا العَلمَ، إنه أفضل الصحابة، ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على خير منه، إنه من وُِزن إيمانه بإيمان الأمة فرجح إيمانه، لم يُؤْثر عنه أنه شرب خمرا قط، ولم يُْؤثر عنه أنه سجد لصنم قط، ولم يتعامل بربا قط، ولم يُؤْثر عنه كذب قط، إنه من لا يخفى،فهو أبو بكر الصديق وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Radia-iconوأرضاه، ولعن الله من أبغضه وعاداه من الرافضة والباطنية والضلال، نقف بكم اليوم على شيء من خبره وفيض من سيره، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى سير أمثال هؤلاء، والحال في الغالب قد تسر العدو وتحزن الصديق، ولنعلم أنه يوم تدارى أمثال هذا الرجل ظهر الفساد، وتطاول الأقزام، ونطق الرويبضة، وضيعت الأمانة.
روى ابن كثير في سيرته: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (لما اجتمع أصحاب رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconألح أبو بكر على رسول الله في الظهور وعدم الاختفاء، فقال وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon: يا أبا بكر إنا قليل فلم يزل أبو بكر يلح حتى وافقه وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconعلى ذلك، وظهر رسول الله والمسلمون، وتفرقوا في نواحي المسجد وقام أبو بكر خطيبا في الناس فكان أول خطيب دعا إلى الله، وثار عليه المشركون وثاروا على المسلمين معه، وضربوا أبا بكر ضربا شديدا حتى  أن عتبة بن ربيعة دنا منه فجعل يضرب وجهه بنعلين مخصوفتين، ثم ينزو على بطنه حتى ما يعرف وجهه من أنفه وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Radia-iconوجاء بنو تيم قوم أبي بكر وأجلوا عنه المشركين، وقالوا: لئن مات لنقتلن عتبة ثأرا لأبي بكر، وأبو بكر مغمى عليه لا يتكلم بكلمة، رجع إليه قومه ليكلموه، فما تكلم إلا آخر النهار، فماذا قال ؟ لقد قال: ما فعل رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon؟ هذا همه الذي يشغله حتى عن نفسه وراحت أمه تلح عليه أن يطعم شيئا وهو يقول: ما فعل رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، فتقول: والله يا بني ما لي علم بصاحبك، فيقول لها: اذهبي إلى أم جميل فاطمة بنت الخطاب فسليها، فخرجت إليها: فقالت: إن ابني يسأل عن محمد، فقالت لها أم جميل: أتحبين أن أذهب معك إلى ابنك، تريد سرية الأمر، فقالت: نعم، فمضت إلى أبي بكر فوجدته صريعا، فقالت: والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم، فيقول أبو بكر مرددا: ما فعل رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، فقالت: إنه سالم صالح، فقال: أين هو ؟ فقالت: في دار ابن الأرقم، قال: فإن لله علي أن لا أذوق طعاما ولا شرابا، حتى آتي رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، فانتظروا حتى سكن الناس، ثم خرجت أمه وأم جميل يتكأ عليهما، حتى أدخلتاه على رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، فلما رآه عليه الصلاة والسلام قبله وأكب عليه المسلمون، ورق له رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconرقة شديدة لما يرى منه، فقال أبو  بكر: بأبي أنت وأمي ليس بي من بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، ثم قال:يا رسول الله هذه أمي برة بولدها، وأنت مبارك فادع الله لها وادعها إلى الله، فدعاها ودعا لها رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، فشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله)[1]، وهذا من أعظم البر.. .
هذا موقفه، وهذه تضحيته في سبيل الله، الذي به علا شأنه، وارتفعت مكانته، وأبو بكر كان السبب في دخول الكثير في الإسلام منهم ستة من العشرة المبشرين: عثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة رضي الله عنهم.
وهو من أعتق عشرين من الصحابة من ربقة العبودية، الذين كانوا يعذبون بأشد أنواع العذاب وأقساه، وأنفق في ذلك أربعين  ألف دينار، هي كل تجارته، ليحقق معنى الجسد الواحد، الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
ثم إلى وقفة أخرى مع الصديق حينما أسُري وعرج بالنبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconفي حادثة ومعجزة غريبة لم يعتدها مشركو قريش، بل لقد تأثر بعض ضعاف المسلمين وُِفتن بأن كَذَّب بالإسراء والمعراج، وحصوله في ليلة واحدة، فيذهب بعضهم إلى أبي بكر يريدون زعزعة عقيدته وإيمانه، فيخبرونه الخبر فوقف أمامهم ثابتا، وهو يقول: (إن كان قال فقد صدق الآن..) [2]، واستحق أبو بكر أن يلقب بالصديق.
أما حديثه في الهجرة فهو الحديث الذي لا ينقضي منه العجب، هل أحدثكم عن رغبته الملحة بمرافقة النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، وإعداده لهذه الرحلة وتربية أولاده لخدمة الدعوة في هذه الرحلة، أم أحدثكم عن فرحته العارمة حينما أذن الله لنبيه بالهجرة، وصحبته معه حتى أن فرحته هذه أبكته، كما تقول عائشة رضي الله عنها في حديث البخاري: (ما علمت الرجل يبكي من شدة الفرح إلا يومئذ حينما رأيت أبي يبكي من شدة الفرح) [3]، ترى هل كان فرحه لمرافقة النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconلنزهة صيفية؟، لا إنها رحلة إلى عمق الأخطار، حيث قريش تبذل مائة ناقة لمن يأتي برأس أحدهما، أم أخبركم عن محافظته على النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconفي هذه الرحلة حين كان يمشي أمامه تارة ثم يرجع خلفه ثم يذهب يمينا ثم شمالا، فيسائله رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconعن ذلك فيقول: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إذا تذكرت الرصد تقدمت، وإذا تذكرت الطلب تأخرت، فدعا له النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconبخير وقبل دخول الغار، يدخل أبو بكر ليتفقد الغار من الحشرات الضارة ويسد خروق الغار، بيديه ورجله حفاظا على النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon[4].
إنها التضحية والفداء في سبيل نماء هذه الدعوة، وظهورها، فبذل أبو بكر والصحابة معه كل قدراتهم في سبيل ذلك فأين نحن من هذا ؟! أين دورنا مع الدعوة إلى الله ؟! أين دفاعنا عن الدعاة والعلماء والذب عن أعراضهم ؟!.
أيها الإخوة المؤمنون، أما وقفتنا التالية مع أبي بكر الصديق y فهي تبين لنا مكانته عند النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، أخرج البخاري عن أبي الدرداء وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Radia-iconقال: (كنت جالسا عند رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى ركبته، فلما رآه وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconقال: أما صاحبكم فقد غامر، أي وقع في هول وخطر، فأقبل حتى سلم على رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconثم قال: يا رسول الله: إنه كان بيني وبين عمر شيء فأسرعت إليه أي أخطأت عليه ثم إني ندمت على ماكان مني فسألته أن يغفر لي، فأبى علي، فتبعته البقيع كله حتى تحرز بداره مني، وأقبلت إليك يا رسول الله ؛ فيقول وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon: ((يغفر الله لك يا أبا بكر يغفر الله لك يا أبا بكر))، ثم ندم عمر حين سأله أن يغفر له فلم يصفح عنه فخرج يبحث عنه، حتى أتى منزل أبي بكر، فسأل هل ثمَّ أبو بكر، فقالوا: لا نعلم، فعلم أنه عند رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconفأقبل إلى رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon، حتى إذا سلم فجعل وجه النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconيتمعر حتى أشفق أبو بكر أن يكون من رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconإلى عمر ما يكره فجثا أبو بكر على ركبتيه، وقال: يا رسول الله، كنتُ أظلم كنتُ أظلم، فيقول وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon- مبينا مكانة أبي بكر ((إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي ؟! فهل أنتم تاركون لي صاحبي ؟! )) فما أوذي الصديق بعدها أبدا[5].
أما بذل الصديق وعطاؤه، فيصفه لنا عمر بن الخطاب وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Radia-iconفيقول: كما روى الترمذي بسند حسن: (ندب النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconوسلم للصدقة ذات يوم فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر ولم أكن أسبقه في شيء طول الدهر، فجئت بنصف مالي فتصدقت به، فقال وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon: ما أبقيت لأهلك، قال عمر: أبقيت لهم مثله، ويأتي أبو بكر بكل ماله لم يبق قليلا ولا كثيرا، فيقول له رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon: ما أبقيت لأهلك، قال: أبقيت لهم الله ورسوله !! فيقول عمر: فقلت في نفسي والله لا أسابقك إلى شيء بعد اليوم أبدا) [6].
وروى الإمام أحمد أن النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-icon  قال: ((أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي))، فقال أبو بكر وددت يا رسول الله أني معك حتى أنظر إليه، فقال له عليه الصلاة والسلام: ((أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي)) [7].
هذه مواقف أبي بكر، هذه تضحياته، هذا فضله. أما حاله حين ولي الخلافة، حين ولي مقاليد الأمة، فهو الحال الذي تفتقده أمة الإسلام اليوم في ولاتها وحكامها، وجدير بكل من ولي من أمر المسلمين شيئا أن يتأمل سيرته وحاله في ولايته، أرأيتم خطبته حين تولى فماذا قال؟!
(أيها الناس إني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوِّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، الضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، لا يدع قوم الجهاد إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيتهما فلا طاعة لي عليكم)[8] هذا هو دستور أبي بكر في خلافته وولايته، فهل كانت هذه خطبة رنانة، وأقوالا فضفاضة، كالتي تنشر على شعوب الإسلام اليوم ولا يطبق حرف؟ هل كان قوله هذا غشا أو تجارة أو دعوة لانتخابه فقط؟ لا؛ إنه أبو بكر، إنه الصديق.
أول ما عمل أن سير جيش أسامة الذي ندبه النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconفأرهب به الروم والعرب، ثم قام بحرب المرتدين، وما تهاون معهم بل قال: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ؟ والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه للنبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconلقاتلتهم عليه)[9]، روي في السير عن عمر بن الخطاب وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Radia-iconقال: (كنت أفتقد أبا بكر أيام خلافته ما بين فترة وأخرى، فلحقته يوما فإذا هو بظاهر المدينة أي خارجها قد خرج متسللا، فأدركته وقد دخل بيتا حقيرا في ضواحي المدينة، فمكث هناك مدة، ثم خرج وعاد إلى المدينة، فقلت لأدخلن هذا البيت فدخلت فإذا امرأة عجوز عمياء، وحولها صبية صغار، فقلت: يرحمك الله يا أمة الله من هذا الرجل الذي خرج منكم الآن؟ فقالت: أنه ليتردد علينا حينا، والله إني لا أعرفه، فقلت: فما يفعل ؟ فقالت: إنه يأتي إلينا فيكنس دارنا، ويطبخ عشاءنا، وينظف قدورنا، ويجلب لنا الماء، ثم يذهب، فبكى عمر حينذاك، وقال: الله أكبر والله لقد أتعبت من بعدك يا أبكر) [10].
إننا إخوة الإيمان، تحت ضغط الحياة المادية نعتبر هذا الكلام نسج خيال، ولكنه الإيمان الذي وقر في قلوب أصحاب النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconفحولوه من أقوال إلى أعمال ومن آيات تتلى وتحفظ إلى أحكام تطبق ويعمل بها.
هذه جهود أبي بكر في الإسلام  وهذا عمله، وهذه ولايته، ولذلك فقد استحق عن جدارة قول النبي وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconفيما رواه الترمذي: ((ما من صاحب يد إلا وقد كافأناه عليها إلا أبا بكر فإن له عند الله يدا يكافئه بها يوم القيامة ))[11]، وختم حياته أبا بكر وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Radia-iconعنه بالمسك بأن ولي عمر بن الخطاب الخلافة بعده فكانت خلافته عزًا وقوة للإسلام، وأوصى أبو بكر في حال موته، فقال: "أما قد ولينا أمر المسلمين فلم نأكل درهما، ولا دينارا، ولُكْنا خشن طعامهم في بطوننا، ولبسنا خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا شيء من فيء المسلمين، فانظروا ما زاد  من مالي فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي "، فما تَرِكتُه يا ترى؟ ما تركة من كانت ميزانية الأمة تحت يديه ؟ لقد خلف عبدا حبشيا وبعيرا كان يسقي عليه وعباءة لا تساوي خمسة دراهم، فلما بعثوا بها إلى عمر بكى حين رآها حتى سالت دموعه، وقال: (رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده) [12].
نعم رحم الله أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا وسائر صحابة رسول الله وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Salla-iconلقد ودع الصديق الأمة بعد أن جعل من نفسه مثلا للداعية والمجاهد والعابد والزاهد والخليفة والوالي.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه Start-iconلَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاّوْلِى ٱلالْبَـٰبِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَىْء وَهُدًى وَرَحْمَةً لْقَوْمٍ يُؤْمِنُونَوقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه End-icon.[يوسف:111]



[1] البداية والنهاية لابن كثير (3/29 ـ 30).
[2] أخرجه الحاكم في المستدرك (3/62 ـ 63) وصححه ووافقه الذهبي.
[3] هذه اللفظة ليست في حديث البخاري، وانظر القصة في صحيح البخاري (3906)، وقول عائشة هذا أخرجه ابن إسحاق في سيرته (سيرة ابن هشام  2/485)، وراجع فتح الباري (7/235).
[4] أخرجه الحاكم (3/6) وقال: صحيح على شرط الشيخين لولا إرسال فيه. ووافقه الذهبي.
[5] صحيح البخاري (3661).
[6] سنن الترمذي (3675) وقال: حسن صحيح.
[7] لم أجده في مسند أحمد، وأخرجه أبو داود (4652)، قال الألباني: إسناده ضعيف. مشكاة المصابيح (6024).
[8] سيرة ابن هشام (4/661).
[9] أخرجه البخاري (1400) ومسلم (20).
[10] أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق، كما ذكر ذلك السيوطي في تاريخ الخلفاء (1/78) بنحوه.
[11] سنن الترمذي (3661)، وصححه الألباني. صحيح الترمذي (2894).
[12] انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي (1/78).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وقفات مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موقف بين ابو بكر الصديق رضي الله عنه والرسول صلي الله عليه وسلم
»  أبو بكر الصديق رضي الله عنه
» ابو بكر الصديق رضي الله عنه
»  أبو بكر الصديق رضي الله عنه
» إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: