اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  أيها العاق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
 أيها العاق Oooo14
 أيها العاق User_o10

 أيها العاق Empty
مُساهمةموضوع: أيها العاق    أيها العاق Emptyالجمعة 7 يونيو 2013 - 3:49

إنَّ الحمد لله، نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

* أيها الناس: عنوان هذه الخطبة: (أيها العاقُّ).
والعقوق صوره كثيرة، وهو من أخطر ما ابتليت به هذه الأمة، ومن أبرز صور العقوق: عقوق الوالدين، عقوق الابن لأمه وأبيه، وقد نهى الله – عز وجل – عن عقوق الوالدين، ولو بأقل الألفاظ فقال تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء: 23-24].
وقرن سبحانه شكر الوالدين بشكره، فقال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].
وجعلَ الإحسان إليهما بعد الأمر بعبادته وحده لا شريك له فقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء: 23].
والإحسان إلى الوالدين هو وصية الله - تبارك وتعالى - لعباده كما قال سبحانه: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [العنكبوت: 8].
* وقد شدَّد النبي صلى الله عليه وسلم على عقوق الوالدين وجعله من أكبر الكبائر، وقرنه بالشرك بالله – عز وجل – فعن أبي بكرة قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟)) قالها ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله قال: ((الإشراك بالله وعقوق الوالدين ...)) الحديث[1].
ومع كل هذا الترغيب في طاعة الوالدين والإحسان إليهما وبرهما، والترهيب من عقوقهما وعصيانما، نجد صوراً مأساوية يتجلَّى فيها العقوق بأبشع صوره، فالولد يتهكَّم على والده، ويستهزئ به في المجالس، ويسخر منه أمام الناس، ويشتم أمه، وربما ضربها بيديه ورجليه، ولطالما كانت تمسح عنه الأذى بيمينها، وتسهر عليه إذا اشتكى، فلا تنام حتى ينام، ولا تستريح حتى يستريح.
ولقد فُجعنا جميعاً، وفُجعت الدنيا كلُّها، وضجت السماوات والأرض من هذا الحدثِ الرهيب، ومن هذه الجريمة الشنعاء، رجلٌ يفترض أنه من المسلمين يتآمرُ مع زوجته على قتل أمه، فتمسك زوجتُه أمَّه بيديها، ويأتي هذا المجرم بسكين ويطعن أمه طعنة، إلا أنها لم تمت منها واستطاعت أن تتخلَّص من امرأة ابنها، ولكن الابن المارد الخبيث أبى إلا أن يقتلها، فطاردها وأراد طعنها مرة أخرى، فأمسكت السكين بكفها، فانتزع منها السكين بقوة فقطع أصابعها، ثم ألقى عليها باباً من الخشب، فأمسكتها امرأته، فأخذ يطعنها طعناً متتالياً، ولم يكتف بذلك، بل أتى ببطارية سيارته وسكب عليها ماء البطارية ليتفنن في قتلها، وليستمتع بمشاهدة أمه وهي غارقة في دمائها!!
حقاً لقد فُجع المسلمون بهذه الجريمة، التي نشرتها الصحف وتكلَّمت عنها الإذاعات، والحمد لله فقد طبق عليهما حد الله وحكم عليهما بالقتل تعزيراً، ونفذ فيهما هذا الحكم العادل وذهبا إلى الله – عز وجل – يحملان الخزي والعار والخيبة، فلعنتهما القلوب ولم تترحَّم عليهما الألسنة.
ألهذا الحد وصلت بنا الحال؟ أين الله؟ أين كلامه؟ أين رسوله؟ أين شرعه؟ بل قل: أين الفطرة التي فطر الله عليها الإنسان، أن يحب أمه ويحسن إليها؟!
إن الإنسان مهما أحسن إلى أمه فلن يوفيها حقَّها، ولن يستطيع أن يعوِّضها عن تلك السنين التي أفنتها في خدمته وتربيته.
وإنِّي لأتخيَّل هذه القصة، وقد اكتظَّ الحرم بالطائفين من الحجَّاج، والشمس مشتعلة، والجو ملتهب، والزحام خانق، والناس يطوفون حول الكعبة المشرفة يسألون الله ويتضرَّعون إليه في مشهد من أعظم مشاهد العبودية.
ومن بين هؤلاء جميعاً حاجٌّ من اليمن، أتى يحمل أمه على كتفيه، تصبب عرقُه، وتتابعت أنفاسُه، وخارت قواه، وكَلَّ متنه، وهو يطوف بها؛ لأنها مقعدة لا تستطيع الطواف.
رأى أن من البر بأمه، ومن باب ردِّ الجميل أن يحملها ويحجَّ بها وهي على ظهره، لعله بذلك يكون قد أدَّى بعض الحق الذي عليه، ألم يكن في مرحلة من المراحل جنيناً بين أحشائها يأكل من لحمها وعظامها، ألم تتألَّم بسببه أثناء الحمل، ثم لما خرج من بطنها طفلاً صغيراً رضيعاً ضعيفاً، لا يملك من أمره شيئاً، ألم تسهر على راحته؟ ألم ترضعه من جسدها؟ ثم تظل على تلك الحال أعواماً عديدة، يمرض فتسهر عليه حتى يعافيه الله، ويجوع فلا ترتاح إلا بعد أن يشبع، ويظمأ فلا تهدأ حتى يروى.
فتذكَّر هذا الرجل كلّ ذلك، وظنَّ أنه بحمل أمه على ظهره، أنه بذلك قد كافأها، وردَّ إليها حقوقها.
وفي أثناء طوافه بأمه مرَّ بالصحابي الجليل عبد الله بن عمر – رضي الله عنه وعن أبيه – وهو واقف عند المقام، فقال الرجل: السلام عليك يا ابن عمر ... هذه والدتي وأنا ابنها، أترى أني كافأتها بذلك؟ فقال ابن عمر: والذي نفسي بيده ولا بطلقة واحدة من طلق الحمل!!
هذا التعب الذي تحمَّله الرجل وهو يحمل أمه ويؤدِّي بها مناسك الحج، وهذه المشقة، وهذا العرق والإعياء والمعاناة، لا يفي بزفرة واحدة من زفرات الأم في ساعات الحمل، فكيف بإحسانها كله إليك، وكيف بتاريخها الطويل معك ومع إخوتك وأخواتك.
جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن أبي أخذ مالي فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: ((اذهب فأتني بأبيك))، فنزل جبريل، عليه السلام، فقال: إن الله يقرئك السلام، ويقول: إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعَتْهُ أذناه!! فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما بال ابنك يشكوك، أتريد أن تأخذ ماله؟)) فقال: سله يا رسول الله، هل أُنفقه إلا على عماته أو خالاته، أو على نفسي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إيه، دعنا من هذا، أخبرنا عن شيء قلتَه في نفسك ما سمعَتْهُ أذناك))، فقال الشيخ: والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقيناً، لقد قلت في نفسي شيئاً ما سمعته أذناي، فقال: ((قل، وأنا أسمع))، قال: قلت:
غَذَوْتُك مولوداً ومُنْتُك يافعاً تَعلُّ بما أجْني عليكَ وتَنْهلُ
إذا ليلةٌ نابَتْك بالشَّكْوِ لم أبِتْ لِشَكْواكَ إلاّ ساهراً أتَمَلْمَل
كأنِّي أنا المطروقُ دونَك بالَّذي طُرِقتَ به دُوني فعَيْنِي تَهْمُلُ
تخافُ الرَّدَى نفسي عليك وإِنَّني لأعلمُ أنّ الموتَ حَتْمٌ مُؤجَّلُ
فلمّا بلغتَ السِّنَّ والغايةَ التي إليها مَدى ما كنتُ فيك أُؤمِّلُ
جَعَلْتَ جَزَائي غِلْظةً وفَظَاظةً كأنَّكَ أنتَ المُنْعِمُ المُتَفضِّلُ
فَلَيْتَكَ إذْ لم تَرْعَ حقَّ أبوَّتي فَعلتَ كما الجارُ المجاورُ يفعلُ
قال: فحينئذٍ أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتلابيب ابنه وقال: ((أنت ومالك لأبيك))[2].
قال ابن حبان: معناه أنه- صلى الله عليه وسلم - زجر عن معاملته أباه بما يعامِلُ به الأجنبيين، وأمره ببره والرفق به في القول والفعل معاً[3].
* وحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من إغضاب الأب وإسخاطه فقال عليه الصلاة والسلام: ((رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد))[4].
* وقال عليه الصلاة والسلام: ((الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فاحفظ، وإن شئت فضيِّع))[5].
فهذا حق الوالد على ولده، ولكن – ويا للأسف – فإن الذين يقومون بهذا الحق هم الأقلون، والذين يضيعونه هم الأكثرون، فما أكثر ما نسمع عن أناس قويت سواعدهم، واشتدت كواهلهم، فأول ما فعلوا أن تَكَبَّرُوا على أوامر الله تعالى وشرعه، فأعرضوا عن كتاب الله، وأعرضوا عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لم يعرفوا طريقاً إلى المسجد، ولا سبيلاً إلى طاعة من الطاعات، ثم بعد ذلك عقُّوا الوالدين في وقت ضعفهما، في وقت قد بلغا فيه من أرذل العمر، وهما في حاجة إلى العطف والحنان والرعاية من هؤلاء الأبناء.
فكم رأينا من شيخ يبكي بسبب ابنه، وكم رأينا من امرأة طاعنة في السن تدبُّ على الأرض دبيباً تشكو ابنها وهي باكية منتحبة، ونحن نرفع تلك الشكاوى إلى من لا يغفل ولا ينام، نرفعها إلى الواحد الأحد، الذي لا تخفى عليه خافية، والذي لا تسقط عنده مظلمة، ولا تضيع لديه شكاية.
يقصُّ علينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة من بني إسرائيل، خرجوا يتمشون فأخذهم المطر، فأوَوْا إلى غار في جبل، فانحطَّت على فم غارهم صخرةٌ من الجبل، فانطبقت عليهم – أي سُدَّ عليهم بابُ الغار، فلا يستطيعون الخروج – فقال بعضُهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها صالحةً لله، فادعوا الله تعالى بها، لعلّ الله أن يَفْرُجها عنكم، فقال أحدهم – وهو موضع الشاهد من هذا الحديث -:
"اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أَرَحْتُ عليهم[6]، حلبتُ، فبدأت بوالديَّ فسقيتُهما قبل بنيَّ، وأنه نأى بي ذات يوم الشَّجَرُ[7]، فلم آتِ حتى أمسيتُ، فوجدتهما قد ناما، فحلبتُ كما كنتُ أحلُبُ، فجئتُ بالحِلابِ، فقمتُ عند رؤوسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبيةُ يتضاغون[8] عند قدميَّ، فلم يزل ذلك دَأْبي ودأبَهم[9] حتى طلع الفجر، ثم دعا الله فقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاءَ وجهِك، فافرج لنا منه فرجةً نرى منها السماء، ففرّج الله منها فرجة فرأوا السماء))[10]، ثم دعا الثاني والثالث حتى انفرجت عنهم الصخرة، وخرجوا يمشون.
والشاهد من القصة أن الله استجاب لهذا الرجل ببره لوالديه ولعدم تفضيله أحداً من أبنائه وزوجته عليهما.
فكيف بنا اليوم نسمع ونشاهد من يغضب أمه لترضى زوجته، ومن يقطعُ أمه ليصل زوجته، ومن يَحْرِمُ أمه ويغدقُ على زوجته، إن هذا من أعظم الكبائر.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة قاطعُ رحم))[11] فمن قطع أباه وأمه حرَّم الله عليه الجنة؛ لأنه خبيث الطبع، سيئ الخلق، منكِرٌ للجميل والمعروف.
* وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: ((لما خلق الله الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائِذ من القطيعة. قال: نعم. أما ترضين أنْ أصل من أصلكِ وأقطع من قطعكِ؟ قالت: بلى. قال: فذلك لكِ))[12].
* ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْض وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22-23].
وإذا وصل الله عبده فيا فوزه ويا سعادته، وإذا قطع الله عبده فيا حسرته ويا ندامته.
إذا وصلك الله – عز وجل – جعلك من أهل طاعته، وقرَّب إليك سبل هدايته، ويسَّر لك أمرك، وجعل لك من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، واتتك الدنيا وهي راغمة.
وإذا قطعك الله – عز وجل – عسَّر عليك أمرك، وقرَّب إليك سبل المعصية والغواية، وضيَّق عليك في الدنيا، فكلَّمَا سلكت وادياً هلكت، وكلما التمست باباً أغلقه دونك.
* أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أحب أن يبسَطَ في رزقه، وَيُنْسَأَ له في أثره[13] فليصل رحمه))[14].
فصلة الرحم من أسباب بسط الرزق وسعته وكثرته، وكذلك من أسباب البركة في المال والعمر والأبناء والزوجة وغير ذلك.

* أيها الناس:
أهل البر في هذه الأمة لهم قصص عَبْرَ التاريخ يضربون بها أروع الأمثلة في البر واحترام الوالدين ورحمتهما.
فهذا الإمام ابن سيرين بلغ من بره بوالدته أن قال: والله ما ارتقيت سطح بيتٍ ووالدتي في البيت لئلا أرتفع عليها!!
كان يقدِّم لها الطعام فلا يبدأ حتى تبدأ هي، وكان لا يأكل من الإناء الذي كانت تأكل منه أمه، فقيل له في ذلك فقال: أخشى أن تقع عينها على شيء من الطعام فآخذه فأكون عاقاً.
وكان إذا جلس أمامها لا يمدها بصره، بل كان يخفض من بصره أمامها وكأنه عبدٌ مملوك.
وإمام آخر، هو الإمام أحمد بن حنبل – رضي الله عنه -:
جعل من نفسه – وهو إمام أهل السنة والجماعة – خادماً لوالدته، يغسل ثيابها، ويصنع طعامها، ويقوم على حاجتها؛ لأنه أخرج حديثاً أن معاوية بن جاهمة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أردتُ الغزو وجئتك أستشيرك. فقال صلى الله عليه وسلم: ((هل لك من أم)). قال: نعم. فقال صلى الله عليه وسلم: ((الزمها فإن الجنة تحت رجليها))[15].
فأي حقٍّ لهذه الأم التي جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجنة تحت رجليها، وإذا كانت الجنة تحت رجليها فلن يستطيع أحد دخول الجنة إلا عن طريق أمه.
وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: ((الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فاحفظ وإن شئت فضيِّع))[16].
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وليُّ الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها الناس:
إن صور العقوق كثيرة في هذه الأمة، وهي أمة عاشت الجمود والجحود في فترة من فتراتها طويلة، جحدت في الإبداع والابتكار، وجمدت في مجال الاكتشاف والاختراع، فسبقتها أرذل الأمم وأحط الشعوب.
أمة عقت ربها فجحدت حقوقه في عبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة غيره من الأصنام والأوثان والقبور والمبادئ والشعارات والانتماءات والآراء والأهواء.

وعقت رسولها صلى الله عليه وسلم فلم تتبعه، ولم تهتد بهديه، ولم تسر في طريقه، ولم تحكمه في أمورها؛ بل حكمت الأفكار البشرية، والمبادئ الشيطانية، التي ما قامت إلا للقضاء على هذه الأمة، وسلخها عن دينها، حتى تصبح أمة بلا هُوِيَّة، ولا حضارة، ولا تاريخ، ولا مبادئ، فتكون بذلك كالقصعة التي يتداعى عليا الأكلة من كل جانب، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان - أيضاً - عقوق الوالدين، الذي هو نتيجة طبيعية لتفكك الأسرة، التي بعدت كثيراً عن تعاليم الإسلام، فالأب لا يسأل عن أبنائه، ولا يتفقد صحبتهم، ولا يسأل عن صلاتهم، ولا عن صيامهم، وإنما جلُّ اهتمامه بطعامهم وشرابهم وكسوتهم، فهل هذه هي أمانة الأبوة، وهل هذا هو القيام بالمسؤولية؟
والأم أيضاً لا تهتم إلا بإعداد الطعام والشراب، فلا تقرأ في كتاب ربها، ولا تعلم شيئاً عن أمور دينها، ولا تغرس في نفوس أبنائها القيم الإسلامية الراقية، التي تحفظهم من شَُلَلِ الإجرام والضياع، كيف ننتظر بعد ذلك أن تكون أسرنا متماسكة، أو أن تكون مجتمعاتنا صالحة، يحترم فيها الأبناء آباءهم وأمهاتهم، ويعرف الصغير للكبير حقه فيجله ولا يتطاول عليه، ويرحم الكبيرُ الصغيرَ فلا يقسو عليه ولا يهنه أو يعمل على إلغاء شخصيته.
وقد عقّت هذه الأمة علماءها، وأهل الفضل فيها، وهم الذين تبنى عليهم الأمجاد، وبفضلهم تصنع البطولات، أين مكانة العلماء في بلاد المسلمين؟ بل أين مكانتهم في قلوب المسلمين؟

يجب على الأمة وهي في مرحلة الصحوة أو اليقظة، أن تضع هؤلاء الأخيار تاجاً على رأسها، وأن تجعلهم في مكان المسؤولية والصدارة، بدلاً من أن تجعلهم في مؤخرة الركب كما هو الحال، بينما نجد في المقدمة أساطين الفن، ونجوم التمثيل، وصرعى الكرة، مع أن هؤلاء لم يصنعوا حضارة، ولم يقدموا مجداً، ولم يشاركوا في انتصار.
أين الابتكار والاختراع في واقع هذه الأمة؟

لماذا لا يُشَجَّع المخترعون والمكتشفون والمبدعون، ويقدَّم لهم ما يحتاجونه من إمكانات، سوف تخدم الأمة في يوم من الأيام؟ لماذا نغلق الأبواب في وجوه هؤلاء، بينما نجد الدول الغربية والشرقية تفتح لهم الأبواب، وتقدِّم لهم كل ما يحتاجونه، ليستفيدوا من علمهم في مخترعات ومكتشفات تصدَّر إلينا فيما بعد بمئات الملايين.
فكيف لا تتخلَّف الأمة إذن؟ وكيف لا تكون في ذيل الأمم؟ وكيف لا تكون متبوعة مقهورة ذليلة غارقة في بحار من الديون والقروض والهزيمة والعار.

* عباد الله:
أين الكتاب والسنَّة في حياة المسلمين؟
أين تحكيم شرع الله في ديارٍ فتحها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وأقام عليها دولة الإسلام؟
إن غالب شعوب الإسلام الآن تحكم بأنظمة علمانية لا تعرف ربّاً ولا رسولاً ولا كتاباً.
* فكيف نرجو بعد ذلك النصر والتمكين، وقد غفلنا عن قوله تعالى: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، وقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور: 55].
فهل نصرنا الله – عزَّ وجلَّ – في أنفسنا؟ هل أقمنا شرعه فيما بيننا؟ هل عبدناه حقَّ عبادته؟
هل نصرنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بإتباع سنته والاهتداء بهديه؟
لقد كذب أقوام ادَّعوا محبة الله – عز وجل – ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يحكِّموا شرعه، ولم يتبعوه عليه الصلاة والسلام، قال الله - تبارك وتعالى - : {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31].
ولقد نفى الله الإيمان عن أقوام أعرضوا عن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو حكَّموه مع الكراهة وعدم التسليم، فقال – جلَّ وعلا -: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء: 65].

* أيها الناس:
أما آن لكم أن تعودوا إلى ربكم وقد كشرت لكم الأمم عن أنيابها؟
أما آن لكم أن ترجعوا وأنتم ترون إخوانكم المسلمين يذبحون في كل مكان، ويقتلون في كل أرض، لا لشيء إلا لأنهم مسلمون؟
أما آن لكم أن تستيقظوا من غفلتكم بعد أن رأيتم سيوف اليهود والنصارى تعمل في المسلمين ذبحاً وتقتيلاً؟
يقول شوقي مصوراً هذه المحنة:
شعوبُكَ في شرق البلاد وغربها كأصحاب كهفٍ في عميقِ ثُبَاتِ
بأيْمَانِهِم نورانِ ذِكْرٌ وسُنَّةٌ في بالهم في حالكِ الظلمات
لماذا نسير في الطرق المظلمة والوعرة، التي لا يهتدي سالكها، بينما نترك الطريق الممهد المضيء بأنوار التوحيد؟ لماذا نترك عظماءنا الذين حملوا راية التوحيد، وفتحوا بها مشارق الأرض ومغاربها، بينما نجعل النجوم والكواكب أولئك المنهزمين اللاهين اللاعبين.
إذا تَفَاخَرَ بالأَهْرَامِ مُنْهَزِمٌ فنحن أهْرَامُنَا سَلْمَانُ أو عُمَرُ
لقد أخطأت مناهج التعليم أيما خطأ حينما جعلت لنابليون أو سليمان فرنجية مساحة كالتي جعلتها لمحمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أو أبي بكر أو عمر، فهذا من أشد صور الجحود والعقوق لتاريخنا الإسلامي وحضارتنا المجيدة التي أسسها رسول الله عليه الصلاة والسلام.
فكيف يفهم الجيل الجديد تاريخه، وكيف يتعرف على عظمائه، وكيف يعود إلى أمجاده؟
والعقوق صوره متعددة، وأشكاله متباينة، فهناك عقوق في العلوم الشرعية، وعقوق في التاريخ، وعقوق في التربية، وعقوق في الأدب والسلوك، وعقوق في القيم والمبادئ، ولن تمضي هذه الأمة إلى الأمام إلا بالتخلص من هذه الصور جميعاً، لتصبح حرَّةً في مبادئها وقيمها التي فتحت بها مشارق الأرض ومغاربها.
نسأل الله لنا ولكم هداية ورشداً، وتوفيقاً وتسديداً.

* أيها المسلمون:
وصلوا وسلموا على مَنْ أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: 56].
* وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من صلَّى عليَّ صلاة صلَّى الله عليه بها عشراً))[17].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين.
وارض اللهم عن أصحابه الأطهار, من المهاجرين والأنصار، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أكرم الأكرمين.

[1] أخرجه البخاري (3/152) كتاب الشهادات، ومسلم (1/91) رقم (87).
[2] أخرجه أبو الشيخ في عوالي الحديث (1/22/1)، والطبراني في ((الصغير)) ص (195) قال الطبراني: لا يروى عن محمد بن المنكدر بهذا التمام والشعر إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به ((عبيد بن خلصة)).
قال الألباني: ولم أجد من ترجمه، والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث كما في ((التقريب)).
قلت: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنت ومالك لأبيك)) صحيح أخرجه بن ماجه رقم (2291، 2292)، وأبو داود (3530). انظر: ((الإرواء)) (3/324)، ((صحيح الجامع)) رقم (1486)، و((الإحسان)) رقم (410).
[3] ((الإحسان)) (2/143).
[4] أخرجه الترمذي (4/274) رقم (1899)، وابن حبان كما في ((الإحسان)) رقم (429)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) رقم (2). وصححه الذهبي في كتاب ((الكبائر)) ص (42)، وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) رقم (516).
[5] أخرجه الترمذي (4/275) رقم (1900)، وأحمد (5/196)، وابن ماجه (1/675) رقم (2089) قال الترمذي: حديث صحيح. وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) رقم (913).
[6] أرحت عليهم: أي إذا عدت بالماشية إليهم من المرعى.
[7] أي بَعُد المرعى.
[8] أي يصيحون ويستغيثون من الجوع.
[9] دأبي ودأبهم: أي حالي وحالهم.
[10] أخرجه البخاري (3/51) كتاب الإجارة، ومسلم واللفظ له (4/2099) رقم (2743).
[11] أخرجه البخاري (7/72) كتاب الأدب، ومسلم (4/1981) رقم (2556).
[12] أخرجه البخاري (7/72-73) كتاب الأدب، ومسلم (4/1981) رقم (2554).
[13] يُنسأ له في أثره: أي يؤخَّر في بقية عمره.
[14] أخرجه البخاري (3/Cool كتاب البيوع، ومسلم (4/1982) رقم (2557).
[15] أخرجه أحمد (3/429)، والنسائي (6/11) رقم (3104)، وابن ماجه (2/929) رقم (2781) ولفظه: ((ويحك الزم رجلها فثمَّ الجنة))، والحاكم (4/151) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح.
[16] تقدَّم تخريجه في نفس الخطبة.
[17] أخرجه مسلم (1/288) رقم (384).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أيها العاق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأب العاق
» العاق لوالديه‏
»  مهلاً أيها المسافرون
»  من أنت أيها المستقل؟!
»  أفيقوا أيها المتكبرون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: