اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100250
نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم Oooo14
نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم User_o10

نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم   نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم Emptyالأحد 2 يونيو 2013 - 15:09

نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستغفره، ونثني عليه الخير كله، أسدى إلينا نعمًا غداقًا، وأولانا مِنَنًا دفاقًا، سبحانه هو أهل المجد والثناء وجوبًا واستحقاقًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً نروم بها من الجنان تبوُّؤًا ولحاقًا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أزكى البرايا محتدًا وأعراقًا، وأظهرهم شمائلَ وأخلاقًا، وأسماهم سيرةً عمَّت الدُّنا إشراقًا، صلوات ربي وتسليماته تترى عليه إجلالاً لعظيم حقه ووفاقًا، وعلى آله وصحبه الناصرين لمحجته تنافسًا واستباقًا، والتابعين ومَنْ تبعهم بإحسانٍ اقتداءً واشتياقًا، أما بعد،

فيا عباد الله:
أكرم الوصايا الشريفة، والعظات المنيفة: الوصية بتقوى الله - عز وجل - ألا فاتقوا الله - رحمكم الله - واعلموا أن تقواه تعالى سبيل لنصرة السنة، ومرقاة لأهالي الجنة، وهي دون الأهواء والمحدثات جُنَّة، وبرهانٌ للمحبة الصادقة ومئنة، وخير زاد للقلوب المطمئنة: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 197].

أيها المسلمون:
لطالَما عاشتْ أرجاء المعمورة كلُّها قبل البعثة المحمديَّة حياةً مقطعةَ الروابط الاجتماعية، في بأوٍ وعنجهية، وضلالاتٍ ووثنية، تحيا في طغيان وتباب، ممزَّقة الإهاب، مشتتة الجناب، إلى أن أشرقت البعثة النبوية، على صاحِبِها أفضل صلاةٍ وأزكى سلامٍ وتحية، فنقلت العالم بفضل الله إلى مهاد التَّوحيد والحياة الإنسانيَّة، والحق والعدالة الربانية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} [الأحزاب: 45 - 46]، فوسع نور رسالته الغراء الأنحاء، وعمَّ فضلها الأرجاء، وائتلفتْ دولةُ الإسلام وامتدَّتْ، واستوثقتْ مرهوبةً دهورًا واشتدت، تنهل العالم الصدآن جمال الحق والعدل والسلام والهدى، ورونق الكرامة والعزة إلى أقصى مدى، فلله المحامد كلها، على هذه المنة العظمى والنعمة الكبرى.

سُبْحَانَهُ أَعْطَاكَ خَيْرَ رِسَالَةٍ لِلْعَالَمِينَ بِهَا نَشَرْتَ هُدَاكَ
مَاذَا يزِيدُكَ مَدْحُنَا وَثَنَاؤنَا وَاللهُ فِي القُرْآنِ قَدْ زَكَّاكَا
معاشر المسلمين:
لقد اقتضت حكمة المولى - جل جلاله - أن يكون صاحب هذا الفضل المخصوص، والمقام العلي المنصوص - إمام الأنبياء، وسيد الحنفاء، محمد بن عبدالله - صلوات الله وسلامه عليه - صاحب الغرة والتبجيل، الموحى إليه بالتنزيل، والمؤيَّد بالمَلَك جبريل، والمنوَّه به في التوراة والإنجيل.

هَاكَ الحَبِيبُ مزاجه أَشْوَاقُ وَقَفَ الحَبِيبُ فَكُلُّنَا سَوَّاقُ
عَنْ قَلْبِهِ، عَنْ حُبِّهِ، عَنْ لُطْفِهِ عَنْ كُلِّ مَا قَدْ جَادَتْ الأَخْلاقُ
طُوبَى لِمَنْ عَنْ نَهْجِهِ لَمْ يَغْفَلُوا يَوْمًا وَذَاقُوا فِي الْهَوَى مَا ذَاقُوا
وما خصَّ الله به نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - من الفضائل والمناقب، والاصطفاء والاستباء الثاقب، لا تستقلُّ به اليراعات والمحابر، ولا الطروس والمزابر؛ بل تفضح به مجلجلةً على الدوام المنائر، وتهتزُّ له أعواد المنابر: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4].

إخوة الإيمان:
وبِمُقْتَضى ذلك المقام الباهر، والفضْلِ العالي الزاهر، للرَّحمة المهداة، والنعمة المُسداة، ومع ما تطاير من كيد الأعداء ولؤْمِهم، حتى نعقوا بالحقد نعيقًا، وامتلأتْ قلوبُهم بنار الكيد حريقًا - آن الأوان خِلالَ هذه الهجمات التي لاحقتنا، والأوضاع التي أرَّقتنا، أن نتعرف موقعنا الحقيقي من جناب نبينا وحبيبنا - صلى الله عليه وسلم - اهتداءً وسنةً، وسيرةً ونصرةً، واقتداءً ومسيرةً، في زمن تعيش فيه الإنسانية عصرًا ماديًّا مظلمًا، وإفلاسًا روحيًّا معتمًا، وتهتُّكًا أخلاقيًّا مضرمًا؛ حيث تنكرت كثير من المجتمعات لأصول الشرائع السماوية، وعبثت بالمُثُل القِيَمِيَّة، والأعراف الدُّوَلية، وتجرأت بكل سفاقة وفدامة على أعظم البرية، صلوات ربي تترى عليه بكرةً وعشية.

وفئامٌ يعيشون أسقامًا فكرية، جنحوا إلى تحريف مراد السنة والسيرة، واقتضبوا فهمها اقتضابًا؛ فغدوا في هامة الأمة – والهفتاه - سيوفًا عضابًا، وألسنة حسرة غضابًا، وفي خضم ذلك كله، ما أقذَرَ القلوب الواعية على اختلاف مشاربها ومنازعها، وتباين أفكارها وأمصارها، وهي تنشد كرامة الإنسانية، وأمن الحضارة والمادية، أن تهرع بكل طاقاتها؛ انتصارًا لعظمة نبي الرحمة البهية، والأخلاقية السنية، وكيف لا يكون ذلك والمولى سبحانه يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

أمة الانتصار، أحبة الحبيب المختار، صلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار:
وتأصيلاً لحقيقة النصرة وتفصيلاً، وتآزرًا وتفعيلاً – لا بد من التأكيد على أن النصرة لخير البرية - صلى الله عليه وسلم - منهج شرعي مدى الحياة، ومعتقد رباني حتى الوفاة، وثبات على هديه - عليه الصلاة والسلام - من غير تبديل، ووفاء لسنته - صلى الله عليه وسلم - من غير تأويل، وسنلقى النتيجة البهيجة، والحصيلة الأريجة، إذا تجاوزت الأمة حيز الانفعال إلى التحقق والفعال، يوضح ذلك منهج سلفنا الصالح - رحمهم الله - امتثالاً لقوله سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة"؛ خرجه أهل "السنن" من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه.

يقول القاضي عياض - رحمه الله -: "ومن محبته - صلى الله عليه وسلم -: نصرة سنته، والذَّبُّ عن شريعته".
ويقول الزهري - رحمه الله -: "الاعتصام بالسنة نجاة، ولا يتم ذلك إلا بتجريد الاتباع، ونفي الابتداع ببُعْدَيْه الإيماني والعملي".
وقال العز بن عبدالسلام - رحمه الله -: "فيا سعادة مَنِ اقتدى به، واستنَّ بسيرته، وأخذ بطريقته، وامتلأ قلبه بمحبته، في دق ذلك وجله، وكُثره وكُله"؛ إذ ليس ارتباطنا برسولنا وقرة أعيننا - عليه الصلاة والسلام - رهين مناسبات وأويقات، ولا هو بتغنٍّ بشمائل ومعجزات، ولا مدائح مجردة تفديه بالنفيس والمُهَج؛ بل هو قَفْوٌ للأثر بصحيح الآثار والحجج، واتِّباعٌ وحب، ونُصرة وذَب.

مَنْ جَاءَ بِالدِّينِ الحَنِيفِ مُخَلِّصًا فَلَنَا بِقَفْوِ سَبِيلِهِ إِنْ جَاحُوا
هَذَا الكِتَابُ المُسْتَبِينُ وَمِثْلُهُ سُنَنٌ حِسَانٌ تُحْتَذَى وَصِحَاحُ
أمة الإسلام:
إنه لا صلاح لحال، يستتبع صلاح العقبى والمآل، إلا بالاعتصام بالكتاب والسنة، على منهج سلف الأمة، وتمثل الميراث المحمدي الخالد في جوانب حياتنا كلها؛ السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والفكرية، والإعلامية والتعبدية، كي يكون دون ضعفنا، ودون مطاعن الأعداء درعًا واقيًا، ودون الخرافات والمحدثات حصنًا أشم باقيًا، وإن تطيعوه تهتدوا، ومن ذلك - قيامًا بشرط الإيمان به، الموجب لحبه، وتوقيره ونصرته صلى الله عليه وسلم -: استحثاث جيلنا الصاعد، ونشأنا الواعد، بل العالمين أجمعين لتعظيم قدر النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - ومعرفة شمائله وخصائصه وفضله على جميع الناس، وبيان شرعه الذي ليس به التباس، والتمسك بسنته الزكية، وتمثلها حالاً ومقالاً، لفظًا وفعالاً، تعلمًا وتعليمًا، وحفظ سيرته عمليًّا ومنهجيًّا، وجعلها مهوى أفئدة المسلمين ونجوى ضمائرهم؛ عبر المدارس والجامعات، والهيئات والمؤسسات؛ كي ترقِّينا حضاريًّا وعلميًّا، وروحيًّا وأخلاقيًّا؛ لأنها المنهج الذي تفرَّع عن أرسخ سيرةٍ عرقًا، وأطيبها سنة عَبَقًا وعِبْقَا، وتلك هي النصرة الحقيقية التي نتمثلها تفسيرًا عمليًّا في قول المولى جل شأنه: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157]، والتنادي بذلك، وشحن الهمم في كل محفل، في مؤتمرات القمم، وهيئات الأمم، بكل عزٍّ وإباءٍ وشمم.

أَنْشَأْتَ مَدْرَسَةَ النُّبُوَّةِ فَاسْتَقَى مِنْ عِلْمِهَا وَيَقِينِهَا الأَبْرَارُ
هِيَ لِلْعُلُومِ قَدِيمِهَا وَحَدِيثِهَا وَلِمَنْهَجِ الدِّينِ الحَنِيفِ مَنَارُ
فهل بعد ذلك يصح يا أمة النصرة أن نحفظ الهدي المحمدي المبرور في السطور والصدور، ولا يكون إلا أبعد ما يكون، عطاءً نوَّارًا في الشعور، أو أن نعرفه دواوين وأوراقًا، ونهمله قيمًا ومثلاً وأخلاقًا، أو نتعرف إليه أيامًا ونهجره عامًا، أو نتيه به نغمًا وكلامًا، ويُجْفَى شِرعةً حياةً وأحكامًا!!

ألا كلا ولا، وألفٌ على الوِلَى، وهل – يا رعاكم الله - إلا السنة النبوية والسيرة الرضية، والذب عن جناب حبيبنا وقدوتنا وأسوتنا - صلى الله عليه وسلم - سبلُ الفلاح، وطرق النجاح، وبُرُد السؤدد والعزة والصلاح؟!

فَيَا رَبَّاهُ يَا مَنْ لا يُضاهَى وَلا مِثْلٌ لَهُ فِي العَالَمِينَا
سَأَلْنَاكَ انْتِصَارًا عَنْ قَرِيبٍ لِدِينِكَ رَبَّنَا نَصْرًا مُبِينَا
وَصَلَّى اللَّهُ رَبِّي مَعْ سَلامٍ عَلَى خَيْرِ البَرِيَّةِ أَجْمَعِينَا
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ} [آل عمران: 32].

بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة والسيرة، وجعلها خير منهج وذخيرة، وأصلح لنا الحال وزكى السريرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب وجريرة، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه كان للأوَّابين غفورا.

الخطبة الثانية
الحمد لله، عمَّ فضله كل موجود، ونطق بوحدانيته لسان الوجود، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، خُصَّ بالمقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود، اللهم فيا ربِّ صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه الباذلين لنصرته كل طوق ومجهود، ومَنْ تبعهم بإحسان يرجو الفوز بجنات الخلود، أما بعد؛

فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أنَّ من خير القربات وأزكى الطاعات، الذب عن جناب خير البريات: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25].

أمة النصرة:
ولا يعزب عن شريف علمكم ولطيف فهمكم - أن في طيات المحن منحًا؛ فالمحنة التي أناخت بكَلْكَلِهَا في مضارب أمتنا الإسلامية، لم تزد - وايم الله - قدر نبينا - صلى الله عليه وسلم - إلا تعريفًا وعلوًّا، وتمجيدًا في العالمين وسموًّا، وتشوقًا من الآخرين لعظمته ومناقبه ورنوًا.

نعم؛ هي بلا شك طعنة للأمة نجلاء أرمضتها، ولكن - بحمد الله - وعَّتها وأيقظتها؛ فها هم المسلمون في آفاق المعمورة يحصدون غِبَّها تآلفًا حول نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وحول إخوانه من الأنبياء منهجًا عالميًّا، وتخطيطًا لنصرته آنيًا ومستقبليًّا، وصدق الله: {لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [النور: 11].

هذا؛ وإن الغيور ليبارك جهود النصرة المتميزة الأَلِقَة، المتشحة بصوادق العزمات الغَدِقَة، التي تدأب للدفاع عن جناب المصطفى - صلى الله عليه وسلم – خصوصًا، وقضايا المسلمين عمومًا، بشتى الوسائل والإمكانات، وتعدد الطرائق والآليات، التي انتظمت المضامين العلمية البديعة، والمقاصد العالمية الرفيعة، واستشرفت المآلات النصيعة، وإنه لا يغدق ذلك الحب والإجلال للزود عن حياض الموصوف بأكرم الخلال - بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم - إلاَّ في نفسٍ على الاقتداء الصحيح ارتسمت، وبالاتباع الصدوق اتَّسمت.

على أن الطموح أفيح، ومداه أفسح وذلك بمزيد استثمار القنوات الفضائية، والمجالات التقنية، وتوحيد الجهود وترشيدها وتأطيرها من أجل نصرة الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - والسعي لنشر محاسن الإسلام وجمالياته، ورحماته وإشراقاته، وتفنيد الأباطيل حول الإسلام ونبيه - عليه الصلاة والسلام - ونشر سيرته - صلى الله عليه وسلم - بشتى اللغات والترجمات، يتوارد على ذلك جميع الجهود الرسْميَّة والشعبية من كافَّة شرائح الأُمَّة، هذا الرجاء والمأمول، وإلى الله نضرع لتحقيق كل سُول.

وبعد أيها المسلمون:
فإنَّ مُبادرة بلاد الحرمين الشريفَيْنِ - حرسها الله - الداعية للتعايش الإنساني الحضاري العالمي، الذي يكفل احترام الرسالات، وتوقير القداسات، وتواصل الحضارات، وتحاور كافة بني الإنسان فيما فيه رقيهم وأمنهم، وسلامهم وتواصلهم وتراحمهم؛ صيانةً للإنسانية من العبث والشقاء والملمَّات، زمن الاحترابات والانتهاكات والتحديات، وتحقيقًا لمصالح الأمة العليا، مع الاعتزاز بالقيم الرضيَّة، وعدم المساس بالثوابت السنية - لهي من أعظم مآثر النصرة الجليلة، والمناقب الكميلة، وإنها لَتَهْتِفُ للعالم بأسره: أنَّ هذا ديننا، وهذا نبينا - عليه الصلاة والسلام - وتلك حضارتنا ورسالتنا، تولى الله رائدها في كل ما قفز مسرةً وبشرى، وأجرى له على الألسن دعاءً موفورًا وذكرا: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105]، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
ألا وصلوا وسلموا - رحمكم الله – على من:

بَلَغَ العُلا بِجَلالِهِ
سَطَعَ الدُّجَى بِجَمَالِهِ
شَرُفَتْ جَمِيعُ خِصَالِهِ
صَلُّوا عَلَيْهِ وَآلِهِ
كما أمركم بذلك ربكم - جلَّ في عليائه - فقال تعالى قولاً يهمي دومًا بأندائه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ مَا صَحِبَ الدُّجَى حَادٍ وحَنَّتْ بِالفَلا وَجْنَاءُ
وَاسْتَقْبَلَ الرِّضْوَانَ فِي غُرُفَاتِهِمْ بِجِنَانِ عَدْنٍ آلُكَ السُّمَحَاءُ
صلاة لا يمل السامع همسها ونداءها، ولا تسأم الألسن إعادتها وإبداءها، اللهم صلِّ وسلم على نبيك النبي المختار، وارض اللهم عن صحبه الكرام الأبرار، أبي بكر أنيسه في الغار، وعمر الفاروق فاتح الأمصار، وعثمان ذي الفضائل الغزار، وعلي ذي التفكُّر والاعتبار، وسائر العشرة المبشرين بدار القرار، وعنا معهم بمنِّك وجودك وكرمك يا عزيز يا غفار.

اللهم شفِّع فينا نبيك وقدوتنا يوم القيامة، واجعل حبه في سويداء قلوبنا مقامة، ونصرته في حياتنا كلها مستدامة، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحبه وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وهيئ له البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم ووفقه وولي عهده وإخوانه وأعوانه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم - وعبادك المؤمنين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين، اللهم انصرهم في فلسطين، على اليهود الغاصبين المعتدين المحتلين، اللهم أنقذ المسجد الأقصى من براثن المعتدين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعله شامخًا عزيزًا إلى يوم الدين، اللهم أصلح إخواننا في العراق، اللهم أصلح حال إخواننا في العراق، اللهم ولِّ عليهم مَنْ يسوسهم بالسنة والكتاب، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، واهدهم سُبل السلام، وجنبهم الفواحش والفتن، ما ظهر منها وما بطن.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، اللهم اشف مرضانا، اللهم ارحم موتانا، اللهم بلغنا فيما يرضيك آمالنا، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولوالديهم وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: