اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  حينما تقاوم الشعوب ستنتصر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
 حينما تقاوم الشعوب ستنتصر Oooo14
 حينما تقاوم الشعوب ستنتصر User_o10

 حينما تقاوم الشعوب ستنتصر Empty
مُساهمةموضوع: حينما تقاوم الشعوب ستنتصر    حينما تقاوم الشعوب ستنتصر Emptyالإثنين 20 مايو 2013 - 22:04

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسولُه وصفيه من خلقه وخليلُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين،، أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون:
اتقوا الله حقّ التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

أيها الإخوة المسلمون:
نحمد الله عزوجل الذي أرانا بأعيننا أنّ أمتنا مازالت حية، وأن الخير فيها إلى يوم القيامة، والحمد لله الذي أنعم بالصبر والثبات على أهلنا في غزة، فحققوا من البطولة ما تعجز عن تحقيقه شعوب، والحمد لله الذي أراد لأمة الإسلام أن تنتفض من جديد فتتحرك العواطف في قلوب المسلمين من إندونيسيا إلى المغرب، وتهب الجاليات المسلمة في أمريكا وأوربا وآسيا، وغيرهم من الأحرار في العالم هبُّوا هبةً نشطة على الرغم من ظروف التضييق، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

إن الذي نراه في غزة الآن هو نوع من الصبر الفريد الذي لا يحققه إلا كرامُ الناس، إنه نصر من نوع خاص لا يفهمه إلا من نور الله قلبه وشرح صدره، إنه الثبات الذي لا يستوعبه إلا أهل الإيمان واليقين أما أهل الدنيا فيعتبرونه نوعاً من أنواع الجنون وضرباً من العبث وعدم تقدير الأمور.

لقد تحمّل شعب غزة عبءَ الحفاظ على كرامة الأمة الإسلامية بعد أن رأينا الانهيارات الأخلاقية الشنيعة في كثير من الذين يحملون أسماء إسلامية وتواطأوا عليناً مع اليهود على ذبح الشعب المناضل وسحق القضية الشريفة، إن ما يحدث في غزة هو معجزة حقيقية لا يمكن أن تفهم إلا إذا أدخلنا العامل الرباني في القضية، فهذا الثبات منحةٌ وهِبة من رب العالمين على من يشاء من عباده الصالحين، إن هذا الشعب الأصيل قد تحمل ما لا يتحمله البشر عادة من فقد الأبناء وتهدم الديار وضياع الأعمال، بل والافتقار إلى الطعام والشراب والكساء والدواء، وهذا – واللهِ - لهو خير أعمال النصر، نصرٌ على النفس ونصرٌ على الشيطان ونصرٌ على الدنيا ونصرٌ على الأعداء.

كيف حدث هذا مع كونهم حوصروا قبل هذا القصف عاماً ونصفَ عام؟

كيف حدث هذا وقد تخلى عنهم الأقربون؟

كيف حدث هذا وقد تعاونَ إخوانُهم من بَني جلدتهم مع أعدائهم؟

كيف حدث هذا والآلة اليهودية الجبارة تدكُّ البلاد ليل نهار؟

كيف حدث هذا والدولة الأولى في العالم تقف وراء الصهاينة الظالمين تؤيدهم بالسلاح والرأي والمال والإعلام والفيتو؟

كيف حدث هذا الثبات والنصر؟!

إنها معجزة ربانية بكل المقاييس، وحقَّ لكل المسلمين أن يقبلوا رؤوس إخواننا في غزة، بل ويقبلوا أيديهم، كيف وقد رفعوا رؤوسنا وبيضوا وجوهنا وستروا عوراتنا ووقفوا بعدوهم في الصف الأول أمام أعداء الله. إنها – واللهِ - نعمةٌ تستحق الحمد، فالحمد لله.

ومع هذا الصبر الجميل الذي نراه من إخواننا في غزة، ومع هذا السموّ الإيماني والنبل الإنساني، إلا أننا نسمع بعض الصيحات المنكرة من هنا أو من هناك، صوت الهزيمة تلقي التبعية على المظلومين وتحمّل المنكوبين ذنب تكبّر المتكبرين وإثم إجرام الظالمين، ويقولون في خنوع وذلة: لماذا لا يقدمون حججهم؟ لماذا لا يكفون صواريخهم؟ أو يقولون: لماذا لا يرحمون الشعب الفلسطيني ويسلمون الحكم إلى السلطة الفلسطينية؟ لماذا يتركون الأطفال يقتلون، والشيوخَ يذبحون، والنساء ترمَّل، والأطفال ييتمون؟ ولماذا لا يرفعون رايات الاستسلام؟

ويقول كثير من الكتاب والمفكرين وبعض المثقفين في قنوات الاستسلام، يقول أحدهم: مقابل ماذا يخسرون شعبهم المشلول في حبس مأساوي اسمه غزة، ويستمرون في إطلاق صواريخهم لا تفعل أكثر من حفرة صغيرة في أرصفة تل أبيب؟

ويقول آخر: جرب العرب الحروب فلم تزدهم إلا خبالاً وخساراً، وجربوا المقاومة المسلحة فلم تزدهم إلا رهقاً وتشتتاً وضياعاً.

ويقول كاتب مشهور في صحيفة مشهورة: قليل من الألعاب النارية التي قتلت من الغزِّيين أكثر مما قتلت من الإسرائيليين وتهجم إسرائيل وينسى الجميع البرنامج النووي الإيراني، وهذا هو كل ماتريده إيران، ومئات العبارات المشابهة التي حفل بها كثير من الإعلام الوبي.

هذه عبارات طائفة من كتابنا ومثقفينا تعلق على صمود غزة التي ذهب ضحيتها أكثر من ألف ومائة وأربعين شهيداً قبل صعودي على المنبر، وبعده حتماً سيتغير الرقم، عبارات إن حاولنا عبثاً أن نجعل بين يديها مقدمات تضامنية مع أهل غزة لا تنتهي بنا في نهاية قراءتها إلا إلى خذلان أهل غزة، لتكون قصفاً أشد على أهل غزة من قصف الصهاينة، في حين نجد كتاباً غربيين بل يهوداً مشهورين شنّوا حملةً شعواء على إسرائيل الصهيونية ووحشيتها وبأن المقاومة يحق لها أن تقاوم، بينما يشن إخواننا من الإعلاميين والكتاب ومعلقي بعض القنوات - غفر الله لهم - حرباً شرسة على المقاومة الباسلة، لن ألتفت كثيراً أو أقارن بين حتى السرقات لكلمات لهؤلاء الكتاب من مقالات وتصريحات الإذاعات الإسرائيلية والصحف العبرية حذو القذّة بالقذة، إن هذه الأطروحات تتبنى في مجملها أن صواريخ المقاومة بين قوسين - كما سموها - ألاعيب أو مفرقعات إنما هي السبب المباشر فيما حدث لغزة، وبالتالي فالمقاومة شريكة في الجريمة، وتنتهي هذه المقولات إلى فكرة واحدة في النهاية وهي أن خيار المقاومة المسلحة خيار خاطئ من كل جهة، وأن الحل يكمن في العقل والحكمة والسياسة الواعية المنضبطة بعيداً عن الشعارات التي تضر ولا تنفع، وفي أيام الفتن والهرج والمرج لابد أن تبين الحقائق. وأسوق هنا عدداً من الحقائق التي أراها مهمة وينبغي أن يفطن لها المسلمون.

أولاً: لنبدأ نقاشنا من مقارنة تاريخية، حديثي سيتركز على لماذا المقاومة؟ وهل هذا الشعب أول من قام وانتصر؟
لنبدأ مقارنة تاريخية قبل لما حدث من قبل، قبل 42 سنة وما يحدث الآن في حرب حزيران 67 تمكنت إسرائيل من تدمير سلاح الجو لعدد من الدول، الأردن ومصر وسوريا، واحتلت ثلاثة أرباع الأرض التي كانت فيها قبل الحرب وسقط المسجد الأقصى في يد الصهاينة وضاعت القدس ولم تكن تواجه الفلسطينيين وحدهم بل واجهت العرب جمعياً، العرب الذين يمتلكون حينها 600 طائرة بإزاء 197 طائرة صهيونية، الحرب التي انتهت بهزيمة منكرة للعرب، وها نحن اليوم نحن في اليوم 21 من أيام حرب غاشمة بدأت بعد طمأنة للفلسطينيين بأنه لن تكون هناك حرب، الحرب التي اختارت إسرائيل بدايتها وقت الذروة، الحرب التي ألقت وتلقي إسرائيل بثقلها العسكري بل خسرت إلى الآن 40% من ترسانتها العسكرية من القذائف والصواريخ، الحرب التي لم تتصدَّ لها إلا المقاومة، الحرب التي كان فيها بعض الفلسطينيين عوناً على إخوانهم، الحرب التي لعبت فيها آلة إعلامية لعبتها القذرة فجعلت الضحية مجرماً وشغلت الناس بصواريخ المقاومة عن أطنان قذائف الأباتشي ومع كل هذه الوقائع إلا أن صواريخ المقاومة مازالت تنطلق، بل إنها بلغت مدًى لم تبلغه من قبل، بلغت قواعدهم الجوية، وبدأ اليهود يختبئون في الملاجئ.

هل لاحظنا الفرق بين الموقفين؟ إن يهودياً واحداً داخل إسرائيل لم يصب بالفزع عقب حرب 67 وها نحن الآن نرى في حرب غزة مليون إسرائيلي في دائرة الخوف في الملاجئ ويعطلون دراستهم ويبكون على شاشات التلفزة. إن مسئولاً يهودياً واحداً لم يساوره القلق عشية حرب 67 وفي حرب غزة المباركة، حرب الفرقان، نرى الملايين عبر شاشات التلفزة، أكبر وزير متطرف يغلبه الفزع، فيختبئ تحت السيارة! كانت ابتسامات المسئولين الصهاينة تتسع مع مرور الأيام في أيام حرب 67 وها نحن الآن نرى ابتسامات الصهاينة تتقلص مع مرور الأيام يوماً بعد يوم.

ما الذي تغير؟ ما الذي جعل دول العرب تهزم أمام أيامٍ خمسة؟ بينما تصمد حركة يقولون إن صواريخها عبثية 21 يوماً، إن تبني فلسطين لخيار المقاومة هو الذي أحدث الفارق الجوهري، إن حجر المقاومة ومقلاع المقاومة وبندقية المقاومة وصاروخ المقاومة هو ما أحدث هذا الفرق الشاسع وهذا ما يجب أن نعيه جيداً قبل أن نزعم أن صواريخ المقاومة هي مشكلة فلسطين، باعتقادي أن الصواريخ هي الحل وليست المشكلة.

ثانيًا: ربما كان بإمكاننا أن نصدق أن صواريخ المقاومة كانت وحدها سبباً لعدوان الصهاينة لو لم تكن إسرائيل نفسها قد نفذت عشرات المجازر البشعة دون أن تستفزها يوماً صواريخ ولا حتى حجارة. لقد ارتكبت العشرات بل مئات المجازر بحق إخواننا في فلسطين ولبنان وفي مصر حتى دون أن تكون هناك حجارة ولا صواريخ.

ثالثًا: هناك جانب مهم يجب الالتفات إليه دائماً، يتحدث هؤلاء المتهمون للمقاومة: انظروا ماذا سببت المقاومة من دمار من قتلى ومن بيوت مهدمة ومن ضَياع بنية تحتية، ولكن أحداً لم يطرح السؤال بشكل معاكس: ماذا كان ستفعل إسرائيل لو لم تكن هناك مقاومة؟ ألم تكن إسرائيل إذا قامت تتحدث عن دولة عظمى من البحر إلى النهر، دولة تصل إلى خيبر بل إلى المدينة؟ لقد صرح كبير خاماتهم عندما قدم إليه تمر من تمور المدينة قال لن آكل من تمر المدينة إلا في المدينة، ألم تكن تتحدث في أبجدياتها وأدبياتها وكتبها الآن عن إبادة كاملة لكي يحل اليهود مكان هذا الشعب؟

إن تصريحاتهم مازالت مكتوبة بين أيدينا، ما الذي خفض سقف طموحاتهم وأراد أن يبقى في حدود إسرائيل الحالية دون التوسع؟

ما الذي قلل أحلامهم؟ أليست المقاومة المستمرة هي التي أجبرت إسرائيل على التنازلات؟

ولأطرح المسألة من زاوية أخرى وهي أهم الزوايا، يجب أن ندرك جيداً أن معظم المستوطنين الإسرائيليين الحاليين القادمين من أمريكا وبولندا وروسيا وإثيوبيا هم مجرد مرتزقة، فأكثرهم لم يأت إلى فلسطين إلا من أجل الرخاء المادي الذي وفرته له الحكومة الإسرائيلية بالمعونات الأمريكية والشركات التي تزدحم بشوارعنا وتصب في حانة الصهاينة.

كانت الأجيال الأولى من المستوطنين ذات بعد ديني عقائدي في قدومها إلى فلسطين أما الأجيال الحالية ومع تزايد معدل العلمنة في إسرائيل فإنها تبحث عن العيش الرخى الهانئ وذلك في الإعلانات التي تنشر في أوروبا وأمريكا تصور المستوطنين في مزرعة فارهة وفي بيوت بديعة وفي غنى ورفاهية، ليجلب المزيد فجاء هؤلاء إلى فلسطين بحجة الثراء وليستعيدوا أرض الأجداد، هذه الخارطة الإدراكية للمستوطن اليهودي تقول له إنه سيأتي إلى أرض ينعم فيه بالرخاء المادي والنعيم والاستقرار.

إذا فهمنا ذالك جيداً أدركنا أن كل ما ينغص على المستوطنين حياتهم هو في النهاية إحباط للمخطط الصهيوني، المسألة إذاً ليست مسألة الصواريخ أو المفرقعات تثقب حفراً في شوارع تل أبيب، المسألة أن هذه الصواريخ البسيطة تحفر النموذج الإدراكي للمستوطنين من أساسه، وبالتالي تدفعهم للهرب، ومن ثم يفضي ذالك إلى زوال نموذج إسرائيل كدولة آمنة مستقرة.

هل فهمنا الآن قيمة الصواريخ حتى قيمة الحجر الذي يلقيه الطفل الفلسطيني على دبابة ذلك المستوطن اليهودي؟

إن تعطيل الدراسة في جنوب إسرائيل وفي شمالها بسب صواريخ المقاومة يعني شرخاً هائلاً في الوعود والإدراكية التي صرفت إسرائيل مليارات الدولارات لتغرسها في نفوس مواطنيها، إن صاروخ المقاومة أيها الكتاب لا يثقب حفرة في أرض إسرائيل بل يثقب الكيان الإسرائيلي بأكمله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ}.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وإخوانه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:
وفي سياق إقرار أن المقاومة حقٌّ لكل شعوب العالم وهو ما أكّدته المواثيق الدولية ومعاهدات جنيف وغيرها، كلها تؤكد أن أي شعب تُحتل أرضه من حقه المقاومة، وأن هذه المقاومة شرعية.

وسأنطلق في استعراض لبعض أنواع المقاومة في العالم، فمن العجيب - وأبدأ بنا نحن العرب - أن كل دولة من دول العالم العربي تصوِّر حربها التأسيسية والتحررية أنها حروب كرامة ووطنية وهذا حق، ولكن لا يحق لهم أن يسلبوا من أبناء فلسطين مقاومتهم، إننا في هذه البلاد المباركة نفخر ويحق لنا أن نفخر بالوثبة التاريخية العظيمة الشجاعة التي كانت سنة 1319 التي قام بها الملك عبد العزيز آل سعود غفر الله له ورحمه، إنها مقاومة عجيبة! أربعون رجلاً وثلاثون بندقية ومائتا ريال توجه بها مع رجاله إلى الرياض لاستردادها، وهو حق له أربعون رجلاً فقط أمام جيوش ابن رشيد وعامله ابن عجلان، إنها وثبة شجاعة ومقاومة باسلة شريفة، من يحق له أن يقول إن هذا جنون أو هذا عبث؟ لن نسمح في هذه البلد المباركة لأحد أن يتجرأ علينا ويقول هذه المقولة. وفي قلب القاهرة ينتصب شامخاً نصب الجندي المجهول أقيم هذا النصب تكريماً للشهداء الذين قضوا في حرب الاستنزاف، والمصريون هم أكثر الشعوب العربية مقاومة وبسالة، لقد قاوموا نابليون وتحطمت حملات نابليون في القاهرة والحملات الصليبية، هم الذين أوقفوها في الإسكندرية والإسماعيلية، إن أبطال مصر الذين نصب لهم نصب تذكاري والذين واجهوا الاستعمار ببسالة بالسكاكين وبأيدهم وبالحجارة، لا يحق لأحد أن يصف مقاومتهم بأنها مجازفة، اقرؤوا سيرة عمر مكرم لتعرفوا كيف كانت المقاومة، إنها شبيهة بمقاومة أحمد ياسين وصلاح شحادة وعبد العزيز الرنتيسي ونزار ريان وسعيد صيام، غفر الله لهم.

التاريخ السوري يتغنى بمعارك الأبطال مع فرنسا، والتاريخ الجزائري يفخر بمليون ونصف شهيد في حربه مع الاستعمار، والتاريخ الليبي يكاد يقدس عمر المختار الذي واجه جبروت إيطاليا بالبندقية، وقِس على هذا كل دول العالم العربي التي تفخر ولها أيام وطنية وحق لها أن تفخر.

ألم يكن ذالك النظام غير متكافئ الأطراف؟ ألم يسقط ضحايا مليون؟ نحن الآن في غزة 1100، ألم تحصل بسببه الكوارث؟ لماذا كل بطولة الأرض حلال وبطولات أهل غزة ومقاومتهم حرام، لأن هؤلاء يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولا للاستسلام.

كانت هولندا مطمئنة إلى حيادها في الحرب العالمية الثانية حين فوجئت على غرة بهجوم الجيش الألماني في يوم العاشر من مايو سنة 1940 فكانت توازي ظهر الاحتلال، كان الجيش الألماني يتقدم ب750 دبابة وهولندا 10 دبابات وصدور الهولنديين كان هتلر يعرف أن هولندا سوف تستسلم خلال يوم واحد ولكن المقاومة البطولية للهولنديين وتضحياتهم حتى بعد أن يئسوا من نجدة بريطانيا وفرنسا هي السبب في أن الجنرال الهولندي "وكمن" لم يرفع وثيقة الاستسلام إلا بعد أيام طويلة بعد أن دُمرت روتردام مدينة كاملة دمرت وقتل 30 ألف من المدنيين وكانت تهديداً بالمصير نفسه بامتردام ولاهي، لم يكن انتصار هولندا خلال انتهاء الاحتلال بعد خمس سنوات؛ انتصارها الحقيقي المقاومة والتضحية والبطولية، وبذل الدماء هو السبب في أن تكون هولندا حرة الآن، وقس على ذلك عندما احتلت باريس واحتلها الألمان في الحرب العالمية الثانية وكانت المقاومة الباسلة التي قادها ديبول ومن معه من الفرنسيين هل هي الآن في تراث الفرنسيين مجازفة ومغامرة أم أنها أفضل أنواع المقاومة؟ إن هذه المقاومة هي التي حررت فرنسا من الألمان، والآن مئات الدواوين الشعرية وعشرات الروايات والقصص البطولية تمجد تلك المقاومة، فهل يحق لأحد أن يسميها مجازفة.

ماذا صنع الهنود أيام غاندي في مقاومة البريطانيين؟ وعن قريب سمعنا ورأينا هذا الجيل أدرك مقاومة الأفارقة في جنوب أفريقيا لنظام الفصل العنصري الذي بات كيف كانت المقاومة كانت أسلحتهم يدوية، وكان لدى البيض الدبابات والطائرات والراجمات وحارقات اللهب ومات مليون من الأفارقة، ولكن هذه الضربة الحربية هي المقاومة.

إن القضية إذاً ليست صواريخ تطلقها المقاومة، بل المشكلة عند إسرائيل هي في المقاومة ذاتها، إنها لا تريد أن يوجد شخص واحد يحل خيار المقاومة بل تريد أن يستسلم هذا الشعب ويرضى بما تعطيه زوائد فتاتها.

إنه من المحزن أن نجد كاتباً يهودياً يتفهم هذه الحقيقة بينما يجهلها كثير من العلمانيين في عالمنا العربي، يقول كاس بلر، وهو وزير المخابرات في جنوب إفريقيا الآن، هو يهودي ولكنه معادٍ للصهيونية، يقول: كان هدف الصهيونية منذ البداية هو طرد المواطنين الأصليين حتى تصبح الدولة دولة يهودية خالصة وعندما أدرك الفلسطينيون هذا بدؤوا في المقاومة، إنه يفهم جيداً أن المقاومة حالة طبيعية وحقٌّ لكل الشعوب، وأحب في حديثي هذا أن أذكر أنّ الشعوب المستعمرة والمضطهدة لو أخذت بنصيحة هؤلاء الكتاب والمعلقين والمذيعين الواقعيين، القاضية بضرورة توازن القوى وعدم المقاومة إلا عند تكافؤ العَدد والعُدد، لبقيت إلى اليوم كل بلاد مستعمرة مستنزفة ذليلة خانعة.

أخبِرني - أخي المسلم - عن حالةٍ تحررية واحدة، في العصر الحديث أو القديم، كان فيها المقاوم أقوى من المحتل أو حتى قريباً من قوّته؟ أين حصل هذا؟ في فيتنام أم في جنوب إفريقيا أم في الهند أم في بلادنا العربية؟ في فرنسا أيام النازيين، أم في أمريكا عندما تحررت من الاستعمار البريطاني؟

كل تلك الحالات التحررية التي انتهت إلى استقلال وعزة ورد اعتبار كانت كحالة إخواننا في غزة تماماً، مقاومة أضعف عدداً أو عدة، لكنها تملك إيماناً وعدالة قضية لا يملكها المحتل المدجج بالسلاح.

إذا كانت العقلانية تعني أن يصبح الضحية مجرماً والمظلوم ظالماً فلا بارك الله فيها من عقلانية، وإذا كانت العقلانية تعني التجرد من المروءة والإنسانية والولوغ في دماء القتلى والجرحى فلا مرحباً بها، وحيّهلاً بعقلانية تنصر المظلوم وتقول للظالم كفى.

لقد أبدع أمير الشعراء حينما وصف تحرر البلاد المسلمة من استعمار ولكن بعد بذل الدماء قال:

وللأوطان في دمِ كلِّ حرٍّ يدٌ سلفَت ودَين مستحَقُّ
ومَن يسقي ويشرب بالمنايا إذا الأحرارُ لم يُسقَوا ويَسقُوا؟
ولم يبنِ الممالكَ كالضحايا ولا يُدني الحقوقَ ولا يحقُّ


إن الذي يبني الممالك هم الضحايا من قبل...
ففي القتلى لأجيالٍ حياةٌ وفي الأسرَى فدًى لهمُ وعتقُ



ففي قتلى غزة الحياة للشعب الفلسطيني...
وللحرّية الحمراءِ بابٌ بكلِّ يدٍ مضرَّجةٍ يُدَقُّ



إن الحرية ليست بالمجان ولا تتحقق بالكتابات ولا بهجاء الباغي والانهزام، فتتحقق بالرجولة والتضحية والشجاعة في مقابلة الأهوال، وهو ما يصنعه.
والسؤال ماذا فعلنا في نصرة أهل غزة؟

أذكّركم بالخطوات الأربعة التي قلتها في الخطبة الماضية:
أولاً: المقاطعة لعدونا الأول أمريكا التي تمد إسرائيل بكل شيء.
ثانياً: أن نواصل تبرعاتنا لإخواننا في فلسطين.
ثالثاً: أن نتواصل مع إخواننا كتابياًّ، عبر الهاتف، بالإنترنت، بكل وسائل الاتصال في فلسطين، لتثبيتهم وتضميد جراحهم.

وآخرها الدعاء: أن ندعو لإخواننا بالنصر؛ فاللهم انصرهم، اللهم أفرغ عليهم صبراً وثبت أقدامهم وانصرهم على القوم الكافرين.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حينما تقاوم الشعوب ستنتصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  حقيقة استقلال الشعوب
»  جريمة الاستخفاف بدماء الشعوب
» ثورات الشعوب العربية انتصار لدولة الديموقراطية أم للإسلام؟
» حينما لم يقمن
»  حينما تفقد.. الأخلاق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: