اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  القضاء على صورة الأسرة المسلمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100205
 القضاء على صورة الأسرة المسلمة Oooo14
 القضاء على صورة الأسرة المسلمة User_o10

 القضاء على صورة الأسرة المسلمة Empty
مُساهمةموضوع: القضاء على صورة الأسرة المسلمة    القضاء على صورة الأسرة المسلمة Emptyالجمعة 10 مايو 2013 - 7:08

بعد إبعاد الإسلام عن مجال الأنظمة السياسة والاقتصادية والتعليمية
لم يبق للمسلمين من تشريعات دينهم إلا قوانين الأسرة ونظم الزواج والطلاق
وكانت هذه النظم هي آخر حجر في بيت المسلمين والبقية الباقية من شريعتهم،
ولم يسمح لنا أعداء الإسلام حتى بهذه البقية، وإنما حاولوا أن ينتزعوها من
المسلمين، فاعتدوا على قوانين الأسرة المسلمة ونظمها وعاداتها وتقاليدها،
عدلوا فيها وبدلوا، وهذا أمر خطير لم يحدث حتى في أوروبا النصرانية، فلقد
كان الاتفاق – يوم تم الفصل بين الدين والدولة هناك – على أن يكون لرجال
الكنيسة نفوذ محدد وهو ما يتعلق الأحوال الشخصية ومراسيم الزواج والطلاق،
يحكمون فيها بأهوائهم أو بما يظنون أنه تشريعات سماوية، وقد التزمت
الحكومات المدنية هناك بهذا الاتفاق في أغلب الأحيان.



أما في العالم الإسلامي فقد تعدوا هذه
الحدود، حيث طبقوا على الأسرة المسلمة قوانين الكنيسة ونظمها وعادات
المجتمع الغربي وتقاليده وهذا ما يدعونا إلى العرض المفصل لنظام الأسرة في
الإسلام وخصائصه حتى نتبين أساليب أعداء الإسلام في القضاء على هذا النظام.



نظام الأسرة في الإسلام:

الإسلام دين الفطرة، يلائم دائماً طبيعة
الإنسان وغرائزه ويلبي هذه الغرائز بوضعها في إطار مشروع، وغريزة الجنس من
أقوى الغرائز البشرية، لذلك اهتم بها الإسلام ووضع لها الطريق الطبيعي
والأمثل للتنفيس عنها وهو الزواج، فهو الطريق الوحيد لبناء المجتمع الفاضل
والعلاقة الوحيدة المشروعة بين الرجل والمرأة.



ومن هنا أمر القرآن الكريم بالزواج فقال:﴿وَأَنْكِحُوا
الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ
إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ
﴾[1] ﴿وَمِنْ
آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
﴾[2]
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج وجعله نصف الدين فقال: «إذا
تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتق الله في النصف الباقي»[3] وقال: «من أراد أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليتزوج الحرائر»[4] وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحب فطرتي فليستن سنتي، وإن من سنتي النكاح»[5] ويسر الرسول طريق الزواج فقد زوج أحد الصحابة على ما يحفظه من كتاب الله على أن يحفظه لزوجته، وعن علي رضي الله عنه: «جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل وقربة ووسادة حشوها إذخرة نبات».



وعن جابر قال: «حضرنا عرس علي وفاطمة، فما رأينا عرساً كان أحسن منه - حشونا الفراش- يعني الليف» «وأتينا بتمر وزبيب فأكلنا وكان فرشها ليلة عرسها إهاب كبش»[6].



هكذا جهزت بنت رسول الله صلى الله عليه
وسلم لكي تكون سلفاً ومثلاً للمسلمين وأما الذين لا يستطيعون الزواج فقد
وجههم الإسلام وجهات آخر تكفيهم شر الوقوع في الخطأ ومن هنا كان قول الرسول
صلى الله عليه وسلم للشباب: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة
فليتزوج وألا فعليه بالصوم فإنه له وجاء».



كما أمر القرآن بالاستعفاف والطهر فقال:﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾[7]
ثم رسم القرآن الكريم المثل الأعلى لعفة الشباب في هذه البطولة النفسية
التي تتجلى في قصة يوسف عليه السلام وجعلها نموذجاً رائعاً لانتصار العقل
على الهوى، حيث استعصم بدينه وتقواه بعد أن راودته امرأة العزيز وقال:﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾[8].



ومن أجل هذا كان توجيه الرسول للشباب
باستفراغ طاقاتهم في الرماية والسباحة وركوب الخيل، وكان ينادي في الشباب
«يا شباب قريش: احفظوا فروجكم لا تزنوا، ألا من حفظ فرجه فله الجنة»[9].



وإذا كان الإسلام قد شرع النكاح فقد حرم السفاح وحذر من مجرد الاقتراب منه بقوله الله تعالى:﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾[10] وسد الإسلام كل الأبواب التي تؤدي إليه فوجه المسلمين إلى الأصول التالية:

غض البصر:

فلا يحل للمسلم أن ينظر إل المحرمات بملء
العين وعليه أن يكف النظر عما لا يحل له بخفضه إلى الأرض أو بصرفه إلى جهة
أخرى ومن هنا كان الأمر القرآني ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾[11] ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾[12].



وقال رسول الله: «ثلاثة لا ترى أعينهم
النار، عين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين كفت عن محارم
الله» وذلك سداً للذرائع فإن النظرة بريد الزنا وهي سهم من سهام الشيطان
كثيراً ما يوقع الإنسان في الخطايا والإسلام يريد أن يسد هذا الباب لكي
يحيا المجتمع المسلم حياة طاهرة نقية يأمن فيه المسلم على بناته وزوجاته
وأخواته.



فرض الحجاب على المرأة ومنعها من إظهار مفاتنها:

التبرج هو إظهار الجمال وإبراز المفاتن والمحاسن، كما يقول البخاري رضي الله عنه: «التبرج أن تخرج المرأة محاسنها»[13].



وحفاظاً على المجتمع من ضرر التبرج.
وصيانة لكرامة المرأة وحماية لها من التبذل والتهتك، وإعفافاً لها وللرجال
نهى عن التبرج وإظهار المفاتن يقول الله تعالى:﴿وَلَا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
لِبُعُولَتِهِنَّ أَو آَبَائِهِنَّ أَو آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ
﴾[14] وقال تعالى:﴿يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى
أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
﴾[15].



وهكذا فرض الله الحجاب الشرعي ليصون كرامة
المرأة، ويحفظ عليها عفافها، ويحميها من النظرات الجارحة، والكلمات
اللاذعة والنفوس المريضة، وللتمييز بينها وبين الأمة والكافرة فقد كانت
الإماء والكافرات يسرن متبرجات فكرم الله المسلمات بهذا الزي المحتشم حتى
يتميزن عن الإماء والبغايا من النساء[16].
ومن أجل هذا شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة المتبرجة بالظلمة التي
لا نور فيها فقال: «مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها. كمثل ظلمة يوم
القيامة لا نور لها»[17]
ذلك أن الأزياء الفاضحة والزينة عدوان على عفاف الإنسان وإرهاق لمشاعره
وإغراء له باتباع الهوى والانحراف عن طريق الإيمان. ومن أجل هذا حرم الله
على المرأة المتزينة ريح الجنة، وذكر ابن حبان والحاكم عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ما يثبت اللعنة للمتبرجات وأزواجهن الذين يرضون فعلهن فيقول
النبي «يكون في آخر الزمان رجال يركبون على سرج كأشباه الرجال ينـزلون على
أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن
فأنهن ملعونات».



ومن هنا كان حكم الحجاب في الإسلام كحكم
الصلاة، فهو فريضة إذا تركته المسلمة جحوداً فهي كافرة مرتدة عن الإسلام،
وإذا تركته تقليدا للمجتمع الفاسد مع اعتقادها بفريضته فهي عاصية مخالفة
لتعاليم القرآن الكريم [18].



حرم الاختلاط:

ينظر الإسلام إلى المجتمع على أنه مجتمع
انفرادي للرجال مكانهم وللنساء مكانهن، ولا التقاء بينهما ولا اختلاط اللهم
إلا بالزواج يقول الله تعالى:﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾[19]
وإذا كان الحجاب على أمهات المؤمنين أطهر لقلوب الصحابة رضي الله عنهم وهم
نجوم الهدى فكيف برجال هذا الزمان؟ إنهم أكثر احتياجاً إلى حجب النساء[20].



يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا
يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما»: «إياكم والدخول على النساء،
فقال رجل من الأنصار أفرأيتم الحمو؟ «أي أقارب الزوج» قال صلى الله عليه
وسلم الحمو الموت».



وقال صلى الله عليه وسلم: «لأن يطعن في
رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» وقد وصف الله
نساء أهل الجنة بما تتصف به الحرائر العفيفات في الدنيا، فوصفهن بالبيض
المكنون ووصفهن بالمقصورات في الخيام.



بل إن الإسلام يحرم الاختلاط حتى في
المسجد، فقد كان لهن باب مخصوص يدخلن منه. وقد كانت النساء تقف خلف صفوف
الرجال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من صلاته مكث قليلاً حتى
تخرج النساء، كما كان النساء يحضرن صلاة العيد. ولكن في مكان خاص بهن، وكان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من خطبة الرجال أتى النساء فخطب فيهن،
بل كان صلى الله عليه وسلم يأمر النساء بالسير على حواف الطريق حتى لا
يختلطن بالرجال[21].



ولكن ما الحكمة من تحريم الاختلاط؟

والجواب: إن في هذا الأمر حكماً كثيرة منها:

أ‌- أن
الاختلاط ينافي العفة، ولذلك قال أحد الحكماء إن العفة حجاب يمزقه
الاختلاط، وهذا ما حدث بالفعل فقد رأينا البنت العذراء المصونة تدخل إلى
مجتمعات الاختلاط، بحيث تكون في متناول كل ساقط وفاسق، فيوجه السفهاء إليها
أنظارهم ويسترسلون معها في حديث الهزل والغزل، فلا تلبث قليلاً حتى تلقي
عن نفسها جلباب الحياء والحشمة، وتزول عنها العفة [22].



ب‌- أنه يفقد المرأة حياءها الذي هو بمثابة السياج لصيانتها وعصمتها، وإذا فقدت المرأة حياءها، فقدت الخير كله إن لم تستح فاصنع ما شئت.



جـ- أنه
يحط من كرامة المرأة فالمرأة المكنونة في بيتها كريمة عزيزة يتمناها
الأطهار من الرجال ولكن المرأة المختلطة بالرجال مهينة تعود النظر عليها
وألفها.



د- أنه
يقضي على الرجولة، فمن كثرة اختلاط الرجال بالنساء تجد بعض الرجال يصين
بطراوة في الأخلاق ولين في الرجولة لا يقف عند حد الرقة بل يتجاوز ذلك إلى
حد الخنوثة والرخاوة والتشبيه بالنساء.



هـ- وقد
يؤدي الاختلاط والالتقاء الدائم بين الذكر والأنثى إلى البرود الجنسي الذي
يصل إلى حالة المرض الذي يستدعي العلاج. وهذا ما يؤدي إلى ضعف النسل
وتخلفه وانحطاط خصائصه. ومن هنا يقول علماء الوراثة إن زواج الأقارب يؤدي
إلى ضعف النسل وهذا ما كشف عنه الرسول صلى الله عليه وسلم منذ أربعة عشر
قرناً من الزمان حين قال «لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق
ضاوياً».



وأدرك ذلك أيضاً الإمام الجليل أبو حامد
الغزالي، فجاء في كتابه إحياء علوم الدين من بين ما سرده في الخصال المطيبة
لعيش الزوجين قوله «أن لا تكون من القرابة
القريبة، فإن ذلك يقلل الشهوة، فإن الشهوة إنما تنبعث بقوة الإحساس بالمنظر
واللمس، وإنما يقوى الإحساس بالأمر الغريب الجديد، فأما المعهود الذي دام
النظر إليه مدة، فإنه يضعف الحس عن تمام إدراكه والتأثر به، ولا تنبعث به
الشهوة»
.



كما أن البرود الجنسي الناتج عن الاختلاط
وتعود كل من الذكر والأنثى على رؤية الآخر، يؤدي إلى نتيجة أخرى وهي انتشار
الشذوذ، وذلك أن الرجل الذي ألف أن يقع نظره على مفاتن المرأة فلا يثور،
إنما يلجأ إلى أساليب أخر لإثبات رجولته، وقد يغرق نفسه في أوكار المخدرات،
وأفلام الجنس وغير ذلك مما يساعد على إشباع الرغبة المفقودة ويؤدي بالتالي
إلى هدم كيان المجتمعات وهذا ما حدث للحضارة الغربية التي بدأت في التهاوي
بسبب مصادمتها للفطرة الطبيعية التي فطر الله الناس عليها [23].



و-
وأخيراً فإن الاختلاط يفتت الأسرة ويقضي على الحياة الزوجية حيث يستغني
الرجل عن زوجته بمجتمعات النساء في العمل وفي النوادي العامة، وكذلك تستغني
المرأة عن زوجها بمجتمعات الرجال.



وقد تنبه الفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل
إلى مخاطر الاختلاط فحذر منه بقوله: هناك شرط مهم يساعد على دعم الحياة
الزوجية، ذلك هو خلو الحياة الاجتماعية من النظام الذي يسمح بالمصادقة
والمخالطة بين المتزوجين من الرجال والنساء سواء في العمل أوفي المناسبات
والحفلات وما شاكلها، ذلك أن العلاقات العاطفية بين المتزوجين وغير
المتزوجين من رجال ونساء خارج دائرة الحياة الزوجية هي سبب شقاء الأزواج
وكثرة حوادث الطلاق[24].



وهكذا يصل هؤلاء المفكرون أخيراً إلى ما
قرره الإسلام منذ أربعة عشر قرناً من الزمان، ولا ينبغي أن يفهم من تحريم
الاختلاط أن الإسلام يرفض تعليم المرأة أو عملها، كلا فالإسلام أوجب تعليم
المرأة حيث يقول الله تعالى:﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾[25].



ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران»[26]
وقال صلى الله عليه وسلم «نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن
يتفقهن في الدين» وكانت عائشة رضوان الله عليها من أفقه نساء العالم
وأكثرهن رواية للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.



إذاً فالإسلام لا يمنع من تعليم المرأة ولكن المشكلة هي نوعية العلم الذي تتلقاه المرأة:

إنه العلم بأصول دينها أولاً.



ثم العلم بشئون الأسرة وتربية أطفالها وتدبير المنـزل والشئون الصحية وسياسة الأطفال وغير ذلك مما تحتاجه في بيتها.



أما أن تتعلم المرأة الجيولوجيا والتنقيب
عن البترول. والرياضة البدنية من الجري والجمباز والكرة، والموسيقى والنحت
والتصوير وغير ذلك مما تلقاه فتياتنا في المدارس؟! فهذا ما لا يرضاه
الإسلام.



كذلك فالإسلام لا يمنع من عمل المرأة بل
إنه يراعي طبيعتها فيوكل إليها من الأعمال ما يتناسب وهذه الطبيعة، وإن
الإسلام يدخر المرأة لأشرف عمل في أشرف ميدان وهو بناء الرجال وتربية
الأطفال الذين سوف يحملون على أكتافهم مسؤولية بناء المجتمع، ولذلك فرض
الإسلام على الرجل أن يكد ويكدح ويسعى في الأرض من أجل إنفاقه على زوجته
وهي معززة مكرمة تمارس عملها في بيتها. ومن أجل هذا أسقط الفقه الإسلامي حق
المرأة في النفقة حين تخرج من بيتها رغماً عن الرجل، فقد جاء في بدائع
الصنائع: «أن المرأة محبوسة بحبس النكاح حقاً للزوج ممنوعة من الاكتساب بحقه»[27].



ولكن الإسلام في الوقت ذاته أباح العمل للمرأة خارج المنـزل إذا كانت هناك ضرورة لذلك ومن الضرورات:

أ‌- ألا تجد لها عائلاً من زوج أو أب أو أخ.

ب‌- حين
يحتاج إليها المجتمع في الميادين التي لا تصلح فيها سواها مثل أعمال طب
النساء، والتوليد، وتعليم البنات وغير ذلك مما يناسب طبيعة المرأة.



ولكن عملها خارج بيتها مشروط بشرط أساسي وهو أن:
تعمل في ظروف تسمح لها بحفظ كرامتها بعيداً عن مزاحمة الرجال والاختلاط
بهم، أن تعمل على المكاتب عملاً يمكن أن يقوم به الرجل، وأما أن تقوم
المرأة بالأعمال الشاقة في المصانع وغير ذلك مما يتنافى مع طبيعة تكوينها
فهذا ما لا يرضاه الإسلام تكريماً للمرأة وصيانة لها وحماية للمجتمع من
السقوط.



إن خروج المرأة للعمل كارثة على البيت،
لأنه ضياع للمهمة الأساسية وهي، تربية الأطفال وإرضاعهم لبناً وحناناً ولكن
قد تبيحه الضرورة – أما أن يتطوع به الناس وهم قادرون على اجتنابه فهذا هو
الدمار الكامل الذي يصيب المجتمعات في مقتلها، حيث يفتت الأسرة ويترك
تربية الأطفال للخادمات والمدارس وحدها، كما أنه يؤدي إلى ضياع الجانب
الأنثوي في المرأة، ذلك أن المرأة الأوروبية حين سعت إلى المساواة بالرجل
في جميع أعمالة ووظائفه، لاحظ المراقبون ظاهرة خطيرة وهي ضمور أجهزة
الأمومة ووظائفها فلم تعد المرأة هناك امرأة كما فطرها الله. ولم تصبح
رجلاً كما تمنت في داخلية نفسها، وإنما أصبحت جنساً ثالثاً في طريقه إلى
الظهور جنساً حائراً قلقاً مضطرباً غير مستقر.



ويقول «الكسيس كاريل»:
للغدد الجنسية وظائف أخر غير دفع الإنسان لإتيان عمل من شأنه حفظ الجنس،
فهي تزيد أيضاً من قوة النشاط الفسيولوجي والعقلي والروحي، فليس هناك خصي
أصبح فيلسوفاً عظيماً، أو عالماً خطير الشأن أو حتى مجرماً عاتياً، لأن
للخصيتين والمبايض وظائف على أعظم جانب من الأهمية، إنها تولد الخلايا
الذكورية والأنوثية وهي في الوقت نفسه تفرز في الدم مواد معينة تطبع
الخصائص الذكورية أو الأنوثية المميزة على أنسجتنا وأخلاطنا وشعورنا،
فالخصية تولد الجرأة والقوة، ويؤثر المبيض في جسم المرأة بطريقة مماثلة،
ولكن عمله يستمر فقط إبان جزء من حياتها، فحينما تبلغ سن اليأس تضمر الغدد
بعض الشيء، وحياة المبايض القصيرة تجعل المرأة المتقدمة في السن أكثر ضعفاً
من الرجل الذي تظل خصيتاه نشيطتين حتى سن متقدمة جداً، ولقد أدى الجهل
بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن
يتلقى الجنسان تعليماً واحداً، وأن يمنحا قوى واحدة ومسؤوليات متشابهة
والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافاً كبيراً عن الرجل فكل خلية من خلايا
جسمها تحمل طابعها الجنسي .... فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعاً
لطبيعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور، فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من
دور الرجال فيجب عليهن ألا يتخلين عن وظائفهن المحددة[28].



هذه شهادة علمية من طبيب متخصص وحائز على
جائزة نوبل في العلوم، وهي دليل على مدى صدق موقف الإسلام من المرأة فهو
موقف يؤيده العلم التجريبي، وحينما خرجت المرأة من ثوبها ومن جلدها في
أوربا تحولت إلى أشباه الرجال وفقدت أنوثتها.



إنها عقوبة الفطرة الحاسمة التي لا تخضع
لحماقات الجاهلية وأهوائها ولم يكن الإسلام ليتبع الجاهلية، ومن هنا لم يرد
للمرأة المسلمة أن تكون الجنس الثالث الضائع المحير الذي نشأ من انحراف
الجاهلية الحديثة عن فطرة الله.



لذلك وكل إليها وظيفتها الفطرية وكفل لها – في هذه الوظيفة كل رعاية ممكنة.



كفل لها رزقها دون أن يحوجها إلى العمل.

وكفل لها احترامها الإنساني.

وكفل لها صيانة جهدها أن يتبدد ما بين العمل الخارجي والبيت.

كفل لها أخلاقها فلا تتعرض للفتنة ولا تصبح في فتنة يستغلها أعداء الإنسان لتدمير الإنسان.



وحين تخرج المرأة المسلمة إلى العمل بعد
كل هذا التكريم فإنه البطر بنعمة الله والكفر بها. إنه الشقاء الشامل
والخراب المدمر فلا بيت ولا أسرة ولا استقرار.



يقول كارليل «لقد ارتكب المجتمع العصري
غلطة جسيمة باستبداله تدريب الأسرة بالمدرسة استبدالاً تاماً ولهذا ترك
الأمهات أطفالهن لدور الحضانة حتى ينصرفن لأعمالهن ومطامعهن الاجتماعية أو
مباذلهن أو ارتياد دور السينما، إنهن مسئولات عن اختفاء وحدة الأسرة
واجتماعاتها التي يتصل فيها الطفل بالكبار فيتعلم منهم أموراً كثيرة، لأن
الطفل يشكل نشاطه الفسيولوجي والعقلي والعاطفي طبقاً للقوالب الموجودة في
محيطه، إذ إنه لا يتعلم إلا قليلاً من الأطفال الذين في مثل سنه»[29].



وتقول الكاتبة الشهيرة «أنارورد»
لأن تشتغل بناتنا في البيوت خوادم، أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن
في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تُذهب حياءها إلى الأبد، ألا ليت
بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف رداء، إنه لعار على بلاد
الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما لنا لا
نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية. من القيام في
البيت وترك أعمال الرجال سلامة لشرفها[30].



ألا ما احكم الإسلام الذي قرر ما يطالب به الغربيون منذ قرون عديدة.



ويجب أن تعلم المرأة المسلمة أن الغرب
المادي حين قدم المرأة في بعض الأعمال على الرجل وبخاصة في المتاجر
والسفارات والقنصليات وفي الأعمال الإخبارية كالصحافة والإذاعة
والتليفزيون، يجب ألا تغفل المرأة المسلمة عن المقصد الخبيث الكريه من هذا
التقديم، إنه معنى النخاسة والرقيق إنه استغلال للحاسة الجنسية في نفوس
الزبائن، فالذين قدموا المرأة في هذه المجالات يدركون الفوائد المادية التي
تعود عليهم من وراء استخدامها، ويعرفون كيف تحصل المرأة على النجاح في هذه
الميادين، ويعلمون ماذا تبذل المرأة من أجل الحصول على هذا النجاح – فإن
لم تبذل هي شيئاً وهو فرض بعيد، فهم يدركون أن شهوات جائعة، وعيوناً خائنة،
تستمع بجسدها وحديثها، وهم يستغلون ذلك الجوع للكسب المادي[31].



فعلى المرأة المسلمة أن تفهم أبعاد ذلك وتربأ بنفسها أن تكون كذلك، وعليها أيضاً أن تعرف الفرق بين الحقوق والواجبات.



إن عمل المرأة وخروجها من بيتها ومكابدتها
شقاء الحياة ليس حقاً حصلت عليه، وإنما هو حق سلب منها، إن إنفاق الرجل
على المرأة واجب عليه وحق للمرأة وعمل الرجل وشقاءه من أجل تحصيل لقمة
العيش واجب عليه وحق للمرأة فمن يقول إن الشقاء والتعب حق؟! ومن يقول إن
المرأة بخروجها من بيتها وتحملها لمسئوليات جسام هو حق حصلت عليه؟ إن
المفهوم الصحيح هو أن تقول إن هذا واجب ألقته المرأة على كاهلها في الوقت
الذي تنازلت فيه عن حقوقها للرجل.



ومن خصائص الأسرة المسلمة: أن القوامة فيها للرجل:

وذلك من أجل الحفاظ على نظام الأسرة
واستمراره، وهذا أمر طبيعي ملائم لفطرة الرجال والنساء معاً. فالقوامة هي
مسئولية الرجل عن بيته من حيث الإنفاق والتربية والتنظيم. يقول الله
تعالى:﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾[32] وقد جاءت أبحاث علم الأحياء، والتشريح لكي تؤكد قوامة الرجل على المرأة لما يتميز به من الخصائص البدنية والنفسية التي تؤهله لذلك[33].



فالمرأة باستعدادها الفطري – البيولوجي –
للحمل والولادة والإرضاع قد ركبت تركيباً نفسياً معيناً يجعل الجانب
العاطفي فيها هو الأقوى والأغزر والأملك لكيانها كله، أما الرجل فقد ركب
تركيباً خاصاً يناسب مهمته في الإنتاج والعمل.



وتتميز الأسرة المسلمة بإباحة الطلاق وتعدد الزوجات:

(أ‌) الطلاق:

شرع الإسلام علاقة الزواج لتبقى وتدوم،
ولذلك شرع لها من الوسائل ما يكفل الثبات والاستقرار ومن هنا كانت الأوامر
الإلهية بإحسان العشرة الزوجية والصبر على المكاره والملاطفة والملاينة
وغير ذلك مما أمر به الإسلام.



ولكن الإسلام في الوقت ذاته ينظر إلى
الواقع فليس كل الناس على هذه الدرجة من الالتزام، فهناك النفوس الشريرة،
وهناك الطبائع المتنافرة، لذلك شرع الإسلام الطلاق لكي يرتفع الضرر عن
الزوجين. ويزول الحرج ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾[34].



فالطلاق هو الحل الأخير للضرر الذي يصيب أحد الزوجين من الآخر ومن هنا كانت أحكامه في الإسلام بين الوجوب والتحريم والندب والإباحة.



فهو يكون واجباً إذا رأى الحَكَمَين استحالة الحياة الزوجين.

ويكون محرماً إذا لم تكن هناك حاجة إليه.

ويكون مباحاً إذا ساء خلق المرأة وساءت عشرتها.

ويكون مندوباً عند تفريط المرأة في حقوق الله مثل الصلاة ونحوها[35].



ومن عدل الإسلام أنه أعطى للرجل حق
الطلاق، وفي الوقت ذاته أعطى للمرأة حقاً مقابلاً وهو الخلع إذا تضررت من
الرجل أو كرهت العيش معه.



ومع أن الإسلام قد أباح الطلاق – مسايرة للفطرة البشرية – إلا أنه وضع أمامه مجموعة من العوائق والقيود فهو:

أولاً:
ينفر منه حين يجعله أبغض الحلال عند الله وحين يحذر المرأة من طلبه فيقول
الرسول صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير ما بأس
فحرام عليها رائحة الجنة».

ثانياً: وضع منهجاً للإصلاح حين يحدث النفور والشقاق، يبدأ بالوعظ ثم الهجر ثم الضرب غير المبرح.

ثالثاً: أمر بالتحكيم بين الزوجين في محاولة أخيرة للإصلاح ﴿وَإِنْ
خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ
وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ
بَيْنَهُمَا
﴾[36].

رابعاً:
وجعل للطلاق السني وقتاً محدداً وهو الطهر الذي لم يجامعها – وليس له أن
يطلقها وهو بعيد عنها في فترة الحيض، وفي ذلك دعوة له ليتمهل ولا يسرع بفصل
عرى الزوجية بل واجب عليه عدم إخراج الزوجة من بيت الزوجية رغم طلاقها
لعله يفكر ويراجع نفسه ويغلب حسناتها على سيئاتها[37] ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾[38].

خامساً:
جعل الإسلام الطلاق بالتدريج إعذاراً وإنذاراً فجعل الطلاق مرتين وله الحق
في مراجعتها بعد كل مرة منهما ما دامت لم تنقض عدتها وحتى بعد انقضاء
العدة له الحق في مراجعتها بعقد جديد.



فإذا لم تفلح تلك الوسائل فإن الطلاق يكون
هو العلاج الوحيد وذلك سداً لباب الزنا والخيانة الزوجية، وانتشار الفساد
والفجور كما حدث في أوربا التي حرمت الطلاق فدفعت الرجل والمرأة معاً إلى
مهاوي الرذيلة ففي أمريكا الآن عصابات من كبار المثقفين من المحامين
والأطباء والكتاب ورجال القانون مهمتها تيسير مهمة الزنا لأغراض قانونية!!



فهناك لا يباح الطلاق إلا في جريمة الزنا من أحد الزوجين، فيحق للزوج الآخر أن يطلب الطلاق.



ومن ثم يلجأ الطرف الكاره الذي يطلب
الطلاق – سواء الزوج أو الزوجة – إلى تأجير واحدة من هذه العصابات، للإيقاع
بالطرف الآخر في جريمة الزنا، وضبطه متلبساً، وإعطاء المستندات اللازمة
التي تمكن من طلب الطلاق، لقاء أجر معلوم ولذلك أباح كثير من دول أوربا
الطلاق كما سنبين فيما بعد إن شاء الله.



هذا هو حال المجتمع الأوربي الذي منع
الطلاق فهوى في حياة الرذيلة، ولكن المجتمع الإسلامي هو مجتمع الطهر والعفة
ولذلك يضع من التشريعات ما يناسب ذلك.



(ب‌) تعدد الزوجات:

أباح الإسلام للرجل أن يتزوج بأربعة من النساء ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾[39] وقد شرع لتعدد الزوجات فعل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة فهو من قبيل السنة العملية والتقريرية.



ومع أن الإسلام قد أباح التعدد إلا أنه قد قيده بقيدين:

الأول: هو القدرة المادية والجسدية.

الثاني: هو العدل بين النساء في الأمور المادية.



والعدالة المطلوبة عند تعدد الزوجات هي
حسن العشرة المطلوبة في كل زواج والمساواة بين الزوجات في المظاهر المادية
دون النواحي النفسية، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعدل بين زوجاته
في الأمور المادية، ولكنه كان يميل إلى عائشة ويحبها أكثر من غيرها،
وحينما عاتبته أم سلمة قال لها لا تؤذيني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا
في ثوب امرأة إلا عائشة [40].



وقال «اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، فلا
تؤاخذاني فيما تملك ولا أملك» وما يملكه الله تعالى ولا يملكه العبد هو
المحبة القلبية وهي غير مطلوبة[41] وإلا اتهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أعدل البشر بما لا يليق به. والعدالة النفسية هي المنفية في قوله تعالى:﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَو حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾.



فالعدل المطلوب هو عدل البشر لا عدل
الملائكة وهو العدل الظاهري في الحقوق والواجبات لا العدل النفسي والقلبي
الذي هو بيد الرحمن يقلبه كيف يشاء.



ولكن ما الحكمة من إباحة تعدد الزوجات؟

والجواب لما فيه من الفوائد والمنافع التي تعود على المرأة أولاً. وعلى الرجل ثانياً. وعلى المجتمع ثالثاً.



فمن
فوائده التي تعود على المرأة: أن النساء عادة يكن أكثر من الرجال وحين يمنع
التعدد تتضرر النسوة اللاتي لا يجدن زوجاً يعولهن وتظهر هذه الصورة بصفة
خاصة عقب الحروب التي تأكل الرجال وتكثر أعداد النساء والأرامل من هنا أباح
الإسلام تعدد الزوجات وجعله رخصة ورحمة وحماية للمجتمع من السقوط في مهاوي
الرذيلة والفوضى الاجتماعية التي تنشأ لا محالة من وجود نساء بلا رجال وفي
هذه الحالة يكون التعدد مصلحة اجتماعية لصالح الأمة [42].



وقد
يكون التعدد ضرورة بالنسبة للزوج كأن يتزوج بامرأة عاقر لا تلد أو امرأة
مريضة لا تكفيه لإحصان فرجه أو يكون الرجل بطبيعته شهوانياً لا تكفيه امرأة
واحدة، لأن غريزته تدفعه إلى كثرة إلافضاء[43].



ففي كل هذه الحالات يكون التعدد ضرورة لا
بد منها، وإلا فلا بد من وقوع المحظور وهو الزنا والمخادنة وغير ذلك من
العلاقات التي ظهرت في أوربا نتيجة لتحريم التعدد.



هذه هي
خصائص الأسرة المسلمة كما أراد الله سبحانه وتعالى ولكن أعداء الإسلام
حاولوا انتزاع هذه الخصائص وصبغها بالصبغة الغربية وهذا ما سوف نوضحه فيما
يأتي:


أساليب أعداء الإسلام في مسخ الأسرة المسلمة:

لقد قام المجتمع الغربي على نقيض ما قام
عليه المجتمع الإسلامي، فبينما قام المجتمع الإسلامي على أساس العفة والطهر
وتقديس العرض والشرف، واعتبار الزواج أساس بناء المجتمع، قام المجتمع
الغربي على أساس: السفاح والمخادنة والنظر إلى العرض نظرة ازدراء. وسبب ذلك
– أن أوربا قد داست على دينها بقدمها بعد الصراع الذي حدث بين الدين
والدولة هناك – وحينما قامت الثورة الصناعية. فرضوا على المرأة أن تخرج
للعمل بجانب الرجل، فخرجت المرأة لأن الرجل بخل بالإنفاق عليها، واختلطت
النساء بالرجال. وترتب على ذلك أن ظهرت صورة جديدة للعلاقة بين الرجل
والمرأة مثل علاقة الزمالة، والبغاء، كما ترتب على ذلك أن أصبحت الرذيلة
شيئاً معتاداً، بل أصبحت مهنة استغلها اليهود والرأسماليون الذين تاجروا في
كل شيء حتى في أعراض النساء.



ومع
الثورة الصناعية وظهور الرأسمالية المستغلة ظهرت ثورة على الأخلاق والقيم
حيث شاعت نظرية داروين التي ادعت أن الإنسان أصله القرد، ونظرية فرويد التي
فسرت الوجود الإنساني وجوداً جنسياً وحللت النفس البشرية على أساس من
الشهوة الحيوانية ودعت الإنسان إلى التحرر من قيم الأديان وتعاليمه، وإشباع
الشهوات الحيوانية بأي طريق، فالإنسان عنده ينبع من طاقة واحدة من طاقاته
هي الطاقة الجنسية وهي التي تحركه طفلاً وشاباً وشيخاً.



هذا بالإضافة إلى ظهور نظريات دور كايم في
علم الاجتماع حيث راح يدعي أن الأخلاق والدين شيء لا يمكن الحديث عنه
ككيان ثابت وأن الجريمة وارتكاب الفواحش ظواهر طبيعية، وأن الزواج ليس
فطرة.



وهكذا ظهرت المؤامرة على المرأة الأوربية.



ماركس يقول إن المرأة لا بد أن تعمل.

ودور كايم يقول لها إن الزواج ليس فطرة.

وفرويد يتلقفها فيقول لها إنها لا بد أن تحقق كيانها تحقيقاً جنسياً خالصاً من القيود.

والرأسماليون والمرابون اليهود يدفعونها إلى العمل تحت عنوان تحقيق الذات وتحرير المرأة.

ثم
قامت الحرب العالمية الأولى: وقتل فيها عشرة مليون رجلاً في ساحة القتال
-غير النساء والأطفال – ووجدت ملايين الأسر نفسها بلا عائل إما لأن عائلها
قد قتل في الحرب، أو شوه بدرجة تعجزه عن العمل، أو فقد عقله وأعصابه بفعل
الحياة الدائمة في الخنادق والغازات السامة، هذا من ناحية.



ومن ناحية أخرى، فإن الذين خرجوا من
الشباب قادرين على العمل لم يكونوا كلهم على استعداد لأن يتزوجوا ويكونوا
أسرة، وإنما راحوا يعيشون حياتهم على هواهم، فلا بأس بالمرأة صديقة تستجيب
للرغبة اللاهفة، أو جسداً يشترى بالنقود، ولكن لا مرحباً بها زوجاً وأم ولد[44].



ومن هنا فرض على المرأة أن تخرج للعمل في
أي مكان وبأي ثمن وفرض عليها أن تشبع رغبتها بأي طريق، مات الرجال وعزف
الشباب عن الزواج، والنظام الموجود هناك لا يسمح بتعدد الزوجات، وإن كان
يسمح بتعدد العشيقات.



ونضيف إلى ذلك الانقلاب النفسي الذي حدث
للمرأة الأوربية، فلقد كانت من قبل شيئاً مهملاً لا وجود له، ولا كيان ولا
استقلال، بل مجرد تابع للرجل تعيش عن طريقه اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً
وفكرياً. فقد كانت هذه المرأة في جاهلية العصور الوسطى لا قيمة لها، لا
تملك شيئاً ولا تستطيع أن تتصرف في شيء.



محرومة من حقوقها في كل شيء، فلما حدث
الانقلاب الصناعي وعملت المرأة شعرت بفرديتها، وتعاملت بنفسها مع المجتمع
في المصنع والمتجر. وتعاملت مع الرجل على أنها ند له يحاول أن يصل إلى
مستواه وينازعه السلطان في الحرية المطلقة من القيود ومن القيم والتقاليد.



فطالبت المرأة هناك بالمساواة في كل شيء
حتى المساواة في الإباحية والتحلل والانطلاق من قيود الزواج. ومن هنا ضاع
الزواج كأساس من أسس المجتمع وبعض دول أوربا مثل فرنسا حاولت تكثير نسلها
بأي طريقة حتى ولو كان هو الزنا دون مراعاة للقيود والتقاليد، فنادوا بأن
العذراء التي تتبرع برحمها للتوليد خدمة للوطن تستحق الكرامة والعزة لا
التحقير والازدراء. وترتب على ذلك ظهور المحاضن الجماعية التي تربي أطفال
الزنا، واختراع وسائل منع الحمل وإباحة الإجهاض وغير ذلك.



وهنا نجد أنفسنا في مجتمع لا يفرق بين
النكاح والسفاح، بل الفضيلة فيه تتحول إلى رذيلة والرذيلة تتحول إلى فضيلة،
مجتمع تطالب فيه المرأة بإلغاء عقد الزوجية لأنه يحد من حريتها.



مجتمع ليس فيه فرق بين طفل شرعي وآخر غير
شرعي، مجتمع يتبادل الزوجات، مجتمع متناقض تماماً مع خصائص المجتمع
الإسلامي الذي يقوم على أساساً من الأخلاق والمبادئ الرفيعة.



وهنا حاول أعداء الإسلام صبغ المجتمعات الإسلامية بالصبغة الغربية، والقضاء على صورة الأسرة المسلمة وسحب صفات الأسرة الغربية عليها.



وهذا ما أشار إليه الإنجليزي جلادستون بقوله. «لا
بد لاختلال قوى الإسلام من رفع الحجاب عن وجه المرأة المسلمة، ونغطي به
القرآن، ولا بد من إتيان المسكرات والمخدرات والفواحش والمنكرات»
[45].



ومن هنا قام أعداء الإسلام بما يأتي:

أولاً:
حاولوا هدم النظام الإسلامي في الزواج وتكوين الأسرة، وأشاعوا في العالم
الإسلامي صوراً أخر من العلاقات بين الرجل والمرأة غير علاقة الزواج.



وهدم الأسرة المسلمة خطة يهودية شيوعية معاً – فقد نص عليها اليهود في محاضر جلساتهم السرية بقولهم «سوف ندمر الحياة الأسرية بين الأميين ونفسد أهميتها التربوية»[46]
كما أكد ماركس في فلسفته على هدم نظام الأسرة وتنشئة الأطفال في محاضن
عامة بحيث لا يكون لهم أي ارتباط بأم أو أب أو أسرة، بل يكون ارتباطهم
الوحيد بالدولة والحزب.



كذلك أشار إنجلز إلى أهمية الزواج الجماعي, ودعا إلى تقويض القيود التي فرضتها الأديان في علاقة الرجل بالمرأة[47]
من أجل هذا دعا أعداء الإسلام في المجتمعات الإسلامية عن طريق الإذاعة
والتمثيلية والقصة الأدبية والتليفزيون والسينما – إلى تحرر المرأة والرجل
من قيود الزواج، والانطلاق في خلق علاقات جديدة مثل الزمالة والصداقة
والمخادنة والزنا، وشاعت في المجتمعات الإسلامية نظريات فرويد التي جعلت
الإنسان حيواناً هائجاً ليس له من هم إلا إشباع شهواته وأهوائه، فرويد الذي
يقول عنه اليهود في محاضر جلساتهم السرية «يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في
كل مكان، فتسهل سيطرتنا، إن فرويد منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء
الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، ويصبح همه الأكبر هو إرواء
غرائزه الجنسية وعنذئد تنتهي أخلاقه».



نعم أشيعت نظريات فرويد في العالم
الإسلامي وتعلمها أبناؤنا وبناتنا في الجامعات كما حاولوا تأخير سن الزواج
في المجتمعات الإسلامية بطريقة أو بأخرى حيث صورت أجهزة الإعلام في الأفلام
والتمثيليات الزواج على أنه كلفة ومشقة وأعداد معدودة من الحجرات وأكوام
من الذهب والأدوات الكهربائية، وغير ذلك مما جعل الشباب ينتظر حتى يصل إلى
هذا المستوى الفاره، فتأخر سن الزواج في المجتمعات الإسلامية إلى ما يقرب
من ثلاثين سنة بعد أن كان الشاب يتزوج حين يبلغ سن الرشد إحصاناً لفرجه
وإعفافاً لدينه بصرف النظر عن الكفلة والجهاز وغير ذلك مما صوره لنا أعداء
الإسلام.



وتأخير سن الزواج في غاية الخطورة حيث لا
مفر من أن يأخذ الجسم في الثورة وأن تضعف القدرة على ضبط النفس وتصبح العفة
التي كانت فضيلة موضعاً للسخرية، ويختفي الحياء الذي كان يضفي على الجمال
وجمالاً، ويفاخر الرجال بتعداد خطاياهم، وتطالب المرأة بحقها في مغامرات
غير محددة لكي تكون على قدم المساواة مع الرجال خصوصاً والأفلام والمسرحيات
وكل وسائل الإعلام تجسد الجنس في أعين الشباب وتدعوهم إليه ليلاً ونهاراً،
وبذلك تضيع العفة ويختفي الحياء وينطلق الشباب في مجونهم ولهوهم. ويبحثون
عن علاقات أخرى غير الزواج مثل السفاح والبغاء وغير ذلك من الصور التي كانت
موجودة في الجاهلية ولم يكن يلجأ إلا أخس خلق الله والقلة والشواذ رغم
الجاهلية التي كانت تغشاهم، فإن العرب على شركهم كانوا يتهالكون في حفظ
أحسابهم وأنسابهم وصيانة نسائهم ولذلك حينما سمعت هند أحكام الزنى تعجبت
وقالت: أو تزني الحرة يا رسول الله، استبعاداً لوقوع الزنا من الحرائر[48].



ولكن أعداء الإسلام حاولوا أن يعيدوا بين
المسلمين كل هذه الصور الجاهلية بديلاً عن علاقة الزواج الطاهرة الكريمة
التي قررها الإسلام.



ثانياً:
دعوة المرأة المسلمة إلى التبرج وإظهار زينتها مفاتنها تحت عنوان براق وهو
تحرير المرأة وأنشأوا لها بيوت الأزياء العالمية التي يديرها حفنة من
اليهود الذين يتفننون في إظهار مفاتن المرأة وجمالها عن طريق الموديلات
الجديدة في العالم أربع مرات مع الفصول الأربعة، تحت عنوان الموده التي
تجري وراءها المرأة لاهثة تبحث عن آخر خطوطها، ومن خلال الموضة دفعوها إلى
السفور والكشف عن وجهها وذراعيها وفخذيها، كل هذا جرت ورائه المرأة المسلمة
تحت عنوان الميدى والمبنى والشورت والبكيني وما زال الاختراع مستمراً، وقد
وصل الأمر إلى حد العري الكامل بقرية مجاويش بالبحر الأحمر في مصر
المسلمة؟!!



ومما هو جدير بالذكر أن قيصر ألمانيا
حينما زار تركيا بعد قيام انقلاب كمال أتاتورك الذي فرض السفور على
المسلمات – فأرسل إليه الأتراك سرباً من البنات يلبسن الزي الغربي فغضب
القيصر وقال لرئيس الوزراء: أتظن أني أفرح برؤية نسائكم بهذا الزي؟ إنكم
أمة ليس لكم مكانة بين الدول إلا بالإسلام، والإسلام مئات الملايين فإذا
أبحتم السفور لنسائكم وعبثتم بعادات قومكم آسفتم العالم الإسلامي الذي كل
أهميتكم قائمة به، ونفر منكم المسلمون، فلا تفعلوا هذا، فإنكم تصبحون على
ما فعلتم نادمين، ثم إن الشرف عندكم شيء جميل فلماذا تعدلون عنه؟[49].



ثالثاً:
دفعوا المرأة إلى الاختلاط بالرجال ومزاحمتهم في الطرقات، وفي المواصلات،
وفي العمل، وادعوا أن الاختلاط بين المرأة والرجل ضرورة من أجل تهذيب
الأخلاق، والرقة وحسن المعاشرة ولطف الحديث ودماثة الطبع، كما ادعوا أن
المباعدة بين الجنسين سيجعل كلاً منهما مشتاقاً إلى الآخر ولكن الاتصال
بينهما يقلل من التفكير في هذا الشأن.



وانخدعت
المجتمعات الإسلامية بهذا التضليل فخلطت الرجال بالنساء في كل مجال من
المجالات في المدرسة وفي الجامعة وفي العمل وفي زحمة الأوتوبيس والقطار
والترام. وجاءت النتائج على عكس ما بشر به المضللون:


فقد ضاعت الأعراض، وفسدت النفوس، وتهدمت البيوت.

وضاعت الرجولة وتخنث الشباب وظهر منهم الجنس الثالث الذي هو لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.



لقد ظهر سوسو وميمي وتوتو الذين لبسوا
لباس النساء وتحلوا بحُلِيِّهم، لبسوا السلاسل والذهب، ووضعوا على وجوههم
الكريمات والمساحيق، وصنعوا بوجههم ما يصنعه النساء بأنفسهن، وظهرت المرأة
المسترجلة، التي تلبس لباس الرجال وتتخلق بأخلاقهم، وتناسى الجميع تحت ضغط
الاختلاط قول الرسول صلى الله عليه وسلم: لعن الله المتشبهين من الرجال
بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، بل أصبح المنادون بسيادة هذه القيم
الإسلامية، شواذ في أعين المجتمع وكأن تاريخ الإنسانية يعيد نفسه «أخرجوا
آل لوط من قويتكم إنهم أناس يتطهرون»[50].



ازداد السعار الجنسي وهاجت الغرائز ولم تهدأ كما ادعى المضللون.



والواقع أن الهدف الحقيقي من هذه الدعوة هو: انهيار الأخلاق والقيم وهدم كل تعاليم الإسلام في مجال العفة والطهر.



وإلى الذين ما زالوا يطالبون بمزيد من الاختلاط وتقليد أوربا هذه الصفعة على وجوههم من إحدى الأمريكيات وهي الكاتبة الشهيرة «هيلين ستانبري»
قالت في إحدى المؤتمرات الصحفية بمصر «امنعوا الاختلاط، فلقد عانينا منه
في أمريكا الكثير، ولقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً معقداً مليئاً بكل
صور الإباحية والخلاعة، وإن ضحايا الاختلاط والحرية يملأون السجون والأرصفة
والبارات والبيوت السرية»[51].



رابعاً:
وحاولوا هدم نظام القوامة في الإسلام فدفعوا المرأة إلى المطالبة
بالمساواة بالرجال في كل شيء حتى في الميراث كما تنادي – أمينة السعيد –
سفيرة أعداء الإسلام في مصر وكما يكرر النداء اليوم الكاتب الماركسي أحمد
بهاء الدين على صفحات جريدة الأهرام القاهرية. ونـزلوا إلى الساحة بأبحاث
مضللة – وصفوها بالعلمية – تسوي بين الرجل والمرأة في التكوين الطبيعي
والتركيب البيولوجي والعقلي ومن هنا فهي مساوية له في جميع الحقوق، فلا
داعي إلى ما يقول القرآن الكريم:﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾[52].



وادفعوا المرأة إلى العمل حتى تستقل عن الرجل استقلالاً تاماً ألم تكن القوامة «وبما أنفقوا من أموالهم»
فلتعمل المرأة حتى تتحرر من الرجل هكذا قال المضللون، ولبئس ما قالوا فلقد
دفعوا المرأة المسلمة إلى طريق الانتحار، ودفعوها إلى العمل بصرف النظر عن
حاجتها إلى هذا العمل، وبصرف النظر عن طبيعة تكوينها وهل تقدر على هذا
العمل أم لا، وشبحوا المرأة ومزقوها بين متطلبات العمل ومتطلبات البيت،
فقصرت في هذا وأهملت في ذلك، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من إلجاء
المرأة إلى العمل مضطرة حتى لا تسير في طريق الرذيلة فقال: «لا تكلفوا
الصبيان الكسب فإنكم متى كلفتموهم الكسب سرقوا، ولا تكلفوا الأمة غير ذات
الصنعة الكسب فإنكم متى كلفتموها كسبت بفرجها وعفوا إذا أعفكم الله وعليكم
من المطاعم بما طاب منها».



ومع أن هذا الحديث ورد في شأن الإماء
اللاتي يجبرهن سادتهن على الكسب من أي طريق، فإن فيه إرهاصاً لما حدث
للمرأة المسلمة في هذا العصر حيث ألجأها المجتمع والدولة إلى الخروج من
بيتها بحثاً عن لقمة العيش من غير ضمانات أخلاقية حيث تعرضت للفساد، فهي في
سبيل حصولها على مكافأة أو علاوة إضافية أو حوافز رئيسها في العمل قد تبيع
كرامتها، وتهتك سترها، وتسلك أخس السبل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القضاء على صورة الأسرة المسلمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  فقه الأسرة المسلمة
»  الأسرة المسلمة في زمن العولمة
»  الأسرة المسلمة .. ومحاولات تفكيكها
» الأسرة المسلمة.. ومحاولات تفكيكها
»  أقوال الفقهاء في عورة المسلمة أمام المسلمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: