اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 الراغب الأصفهاني وآراؤه في كيفية حل المشكلة الأخلاقية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100250
الراغب الأصفهاني وآراؤه في كيفية حل المشكلة الأخلاقية Oooo14
الراغب الأصفهاني وآراؤه في كيفية حل المشكلة الأخلاقية User_o10

الراغب الأصفهاني وآراؤه في كيفية حل المشكلة الأخلاقية Empty
مُساهمةموضوع: الراغب الأصفهاني وآراؤه في كيفية حل المشكلة الأخلاقية   الراغب الأصفهاني وآراؤه في كيفية حل المشكلة الأخلاقية Emptyالخميس 9 مايو 2013 - 15:03

الراغب الأصفهاني وآراؤه في كيفية حل المشكلة الأخلاقية


عالجنا في مقال سابق[1] بعض رؤوس الموضوعات المتصلة بالأخلاف عند الراغب الأصفهاني، حيث أثبت حرية الإرادة الإنسانية وإمكان الارتقاء بالإنسان إلى مقام "الخلافة" عن طريق العمل بمكارم الشريعة، وهي مرتبة أعلى من الشريعة ذاتها.



وسنحاول الآن عرض أفكار مقالنا السابق مع شرح منهجه في ميدان الأخلاق، وكيف أخذ بيد الإنسان لمعاونته في اجتياز طريق الحياة المليء بالمخاطر، إذ بعد أن أرسى قواعد المنهج وحلل المشكلة الأخلاقية، قدم لها بتحليل مسهب للإنسان ومكانته بين المخلوقات والغرض الذي من أجله خلق وبيان مصيره وإمكان إصلاح أخلاقه وتوجيه الإرادة الإنسانية الوجهة الأفضل عن طريق بذل الجهد والعمل الدائب لرياضة النفس وتحسين الخلق.



وبعد كل هذه المقدمات والأصول التفسيرية التي استقرأها من فهمه للآيات القرآنية والسنة النبوية، أصبح أمامنا الطريق ممهدًا لشرح آرائه العملية في تنفيذ ما رآه كفيلًا بتحقيق سعادة الإنسان والوصول به إلى حياة أفضل من الدنيا، وصولًا إلى الجنة في الآخرة.



والمنهج الذي خطه الراغب يعد جديدًا وأصيلًا في نفس الوقت. إذ يرشدنا أيضًا معشر مسلمي العصر الحاضر إلى الطريقة التي نحقق بها الصفات الإنسانية بفضائلها الأخلاقية كأحسن ما تكون في ضوء الشرع الإسلامي، وسنبدأ بالتعريف به قبل عرض آرائه.



الراغب الأصفهاني (أبو القاسم الحسين بن محمد) 402هـ:

يعد الراغب الأصفهاني من حكماء المسلمين الذين أكدوا علو مكانتهم العقلية وجهودهم البناءة في عالم الفكر الإسلامي، ولكنهم لم يلقوا العناية الجديرة بهم بسبب الانحصار في دائرة بعض فلاسفة المسلمين التقليديين الذين كثر الاهتمام بهم، وتشعبت حولهم الدراسات والأبحاث، أمثال: الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وغيرهم، فأشبعتهم الدراسات بحثًا حتى راجت أفكارهم واشتهرت أسماؤهم على حساب عدد آخر من حكماء الإسلام، فكم من العلماء، الحكماء الغائبين في متاهات النسيان أو زوايا النكران؟!!



ولا نحب الانسياق وراء التعليلات والتفسيرات بسوء الحظ الذي لحقهم أمواتًا كما لحقهم أحياء، فقد آلينا على أنفسنا أن نساهم بجهدنا المحدود - والله المستعان - في مسح غبار النسيان عن بعض بناة أمجاد الثقافة الإسلامية، بادئين بأحد حكمائها الشيخ أبي القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب الأصفهاني، الذي جمع ثقافات عصره من لغة وأدب وتاريخ وتفسير وحديث وفقه وفلسفة وعلم كلام ومقارنة الأديان، وكتب في هذه العلوم عن دراسة واسعة وفهم عميق. فأخرج كتابه "محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء"، الذي جمع فأوعى من كافة صنوف المعرفة والعلوم التي أحاط بها علمًا، كما تفتق ذهنه عن منهج جديد في تفسير القرآن الحكيم، فرأى أن أول ما يحتاج أن يشتغل به من علومه، ((العلوم اللفظية))، ومن العلوم اللفظية تحقيق الألفاظ المفردة (فتحصيل معاني مفردات ألفاظ القرآن في كونه من أوائل المعاون لمن يريد أن يدرك معانيه، كتحصيل اللبن في كونه من أول المعاون في بناء ما يريد أن يبنيه)[2]، والقارئ لكتابه "المفردات في غريب القرآن" يقتنع بصحة منهجه.



كما أوضح لنا رأيه في الاتجاهات الأخلاقية السائدة حينذاك واستوعبها في كتاب، ربما يعد من أفضل كتب الأخلاق التي أبدعتها قرائح علماء المسلمين، وسماه "الذريعة إلى مكارم الشريعة"، إلى جانب كتب أخرى ما زالت راقدة على أرفف المخطوطات تنتظر من يحييها بعد طول رقاد.



ونقول باختصار:

أننا نرى أنه أسهم بمؤلفاته في مقاومة تيار الغزو الثقافي الأجنبي، بل استطاع تطويع هذه الثقافة للتصورات الإسلامية، فكشف عن حكيم مسلم، حيث مزج النظر العقلي التأملي في موضوعات الغياب - أو ما وراء الطبيعة - بنبضات الحياة الأخلاقية المثلى للإنسان أثناء سعيه في الأرض نحو غاية الغايات، وهي السعادة الأخروية الأبدية، وأعطى مدلولًا مبتكرًا للحرية بشقيها الميتافيزيقي والأخلاقي لما أثبته من حرية الإنسان في اختيار أفعاله، إلى جانب مدلول الحرية المعبر عن سيطرة الإنسان على أهوائه وشهواته وارتقائه إلى مستوى ((التلطف عن الأخذ))[3].



واسترشد الراغب بالآيات القرآنية للاستدلال على مفاهيم متعددة تتناول الغرض من وجود الإنسان على هذه الأرض، مستخلصًا فكرة "عمارة الأرض" التي عنى بها كأحد الأهداف الإلهية من خلق الإنسان.



وفي نظرته إلى ((العبادة)) لم يقتصر على المعنى الأخلاقي لها كفعل مناف للشهوات - كما سنرى - ولكنه جعل الأعمال الإنسانية كلها لونًا من العبادات، أي أنه بالاصطلاح الحديث، جعل من مظاهر هذه العبادة سيطرة الإنسان وتسخيره لما في السماء والأرض من موجودات لصالحه والارتقاء بحياته، ونجاحه في الاكتشافات العلمية المؤدية لاستخراج ما في باطن الأرض وظاهرها، وتعميرها، واستغلال كنوزها، واستخدام الآلات المخترعة في توفير احتياجاته وتحقيق سعادته في الدنيا والتمتع بخيراتها. وحث على بذل الجهود اللإنسانية بكافة قواها - مباشرة أو بواسطة الآلات المحققة لهذه الأغراض - للوصول إلى تسخير المخلوقات وتحسين ظروف الحياة على ظهر الأرض، جاعلًا من كل هذه الأعمال لونًا من العبادات. فقد جعل من كل فعل يتحراه الإنسان عبادة سواء كان الفعل واجبًا أو ندبًا أو مباحًا، متوسعًا في الأعمال المباحة، لأنه ما من مباح في رأيه إلا وإذا تعاطاه الإنسان على ما يقتضيه حكم الله تعالى كان ((كالإنسان في تعاطيه عابدًا لله مستحقا لثوابه))[4]، مستندًا لخطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد ((إنك لتؤجر في كل شيء حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك))، وعلى هذا الوجه قال أيضًا: ((ما من مسلم غرس غرسًا لم يأكل منه أحد إلا كان له صدقة))، ولكنه يشترط في هذه الأعمال لكي تكون عبادة، مراعاة أمر الله في جميع الأمور دقيقها وجليلها، وأن يتحرى بها حكم الشريعة[5].



ودعاه ذلك إلى بحث مدلول "الإنسان الحضاري" بلغتنا، وهو عنده الإنسان المؤمن، الآخذ بالأسباب المؤدية إلى جعله مستحقًا لخلافة الله سبحانه وتعالى في الأرض، أي الأخذ بمكارم الشريعة، وهى الحكمة والقيام بالعدالة، جاعلًا دور الحكماء يلى الرسل والأنبياء عليهم السلام.



الحكمة لدى الأصفهاني:

عرض الأصفهاني أولًا للمعنى اللغوي للحكمة، فردها إلى الفعل الثلاثي "حكم" وأصله منع منعًا لإصلاح، ومنه سميت اللجام "حكمة" الدابة فقيل حكمته، وحكمت الدابة منعتها بحكمة، وأحكمتها جعلت لها حكمة، وكذلك حكمت السفينة وأحكمتها.



عندما نظر إلى الكلمة كما وردت في القرآن، ميز بين الحكمة المنسوبة لله سبحانه وتعالى والمتصف بها الإنسان، فالحكمة من الله تعالى "معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام، ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات" أي لأن لها وجه أخلاقي عملي إلى جانب المعرفة.



وقد تفرد الله عز وجل بمعنى لا يوصف به غيره في قوله: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ [التين: 8].



وأوضح الراغب المقصود بالحكمة في بعض الآيات الواردة في القرآن مثل قوله تعالى ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [البقرة: 129] فقيل: تفسير القرآن؟ ويعنى ما نبه عليه القرآن، مستندًا إلى تفسير لابن عباس بأنها علم القرآن ناسخه ومنسوخه محكمه ومتشابهه[6].



وربما يتضح الاتجاه الأخلاقي للأصفهاني في تعريفه للحكمة في موضع آخر بأنها: اسم لكل علم حسن وعمل صالح، فهي بالعلم العملي أخص منه بالعلم النظري.



أما الوسيلة لبلوغ درجة الحكمة فهي لا تتحقق إلا لرجلين:

أحدهما: مهذب في فهمه، مؤمن في فعله، ساعده معلم ناصح وكفاية وعمر، أي أنه يجعل الغاية من الحكمة تكوين الإنسان المؤمن، لأن الإيمان زبدة العقل والعمل، ومن ثم فلا يعد الكافر إنسانًا إلا على سبيل المجاز لأنه لم يستكمل مرتبة الإنسانية القائمة على العلم بالله وعبادته[7].



الثاني: الذي يصطفيه الله تعالى. وربما يقصد الحاصلين على الحكمة بنوع من الإلهام[8].



وقد تنبه الأصفهاني إلى اختلاف مفهوم الحكمة كما وردت في القرآن والحديث، ويبين الحكمة عند فلاسفة اليونان، إذ وصفهم بأنهم كانوا أصحاب حكمة ولم يكونوا عملة، ويستطرد في بيان رأيه عنهم فيقول: ((كانوا يصورون الآلة ولا يخرطون الأداة، يشيرون إليها ولا يمسونها يرغبون في التعلم ويرغبون في العمل))[9].



بينما يلح على ذكر العمل لأنه ما خلى ذكر الإيمان في عامة القرآن من ذكر العمل الصالح كقوله ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [البقرة: 25]، وإلى ذلك أشار بقوله تعالى ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [فاطر: 10]، ويجمع الأقوال الدالة على إبطال فائدة العلم بلا عمل فالعلم من غير العمل مادة للذنوب، وقال رجل لرجل يستكثر من العلم ولا يعمل "يا هذا إذا أفنيت عمرك في جمع السلاح فمتى تقاتل"[10].



ونكتفي بهذه المقدمة للتعريف بالراغب الأصفهاني وأشهر كتبه المطبوعة، لننتقل للحديث عن مواقفه الميتافيزيقية والأخلاقية، وبيان منهجه الذي جمع فيه بين العقل والنقل ومزجهما عن دقة فهم وإحاطة، وسنحاول التعبير عن هذا الامتزاج الذي يلمسه القارئ لمؤلفاته النابضة بالحياة والحركة، فنصحب معه الإنسان منذ ولادته إلى موتته الأولى ثم بعته، ونسير معه على الدرب الطويل، نرقبه في مجاهداته وصراعاته مع هوى النفس وهواتف الشيطان، ونرتقي معه إلى الكمالات الإنسانية، وننظر وإياه إلى أعماق النفس البشرية في أحوالها وتقلباتها. ثم نستمع إلى إجاباته الواضحة، المحددة عن الأسئلة الملحة التي تراود الإنسان في كل عصر ومصر بعامة، والحكماء والفلاسفة بخاصة، ألا وهي:

كيف خلقنا؟ ولم خلقنا؟ وإلى أين المصير؟



أولًا: كيف خلقنا؟

تقتضي دراسة النظرية الأخلاقية عند الأصفهاني أن نستطلع آراءه في أهم الموضوعات التي تطرق إليها، حيث تكلم عن الإنسان من حيث ماهيته مبينًا ما يفضل به على سائر الحيوان، وأنه على سفر إلى الدار الآخرة، مع بيان الغرض الذي من أجله خلق الإنسان. وعالج الصلة بين العقل وهوى النفس كما تطرق إلى أنواع الأفعال الإرادية والغير الإرادية، وأوضح مفهوم السعادة الحقيقية التي ينبغي أن يسعى لها الإنسان.



أولًا: الإنسان

1- ماهية الإنسان:

الإنسان عنده مركب من جسم مدركه البصر، ونفس مدركها البصيرة، ويستند في ذلك إلى تفسيره لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 29]، فالروح هي النفس، ويرى أن إضافتها إلى الله تعالى تشريفًا لها[11].



والإنسان أفضل من سائر الحيوان بالعقل والعلم والحكمة والتدبير والرأي، وإن كل ما أوجد في هذا العالم فمن أجل الإنسان[12]، وهو يعنى أن تخصيص الإنسان بالعقل يجعله قادرًا على التمييز بين الخير والشر، وقد ارتقى إلى درجة الكمال ببعثة الأنبياء[13].



ويقول في إحدى عباراته "وجملة الأمر، أن الإنسان هو زبدة هذا العالم، وما سواه مخلوق لأجله، ولهذا قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]، والمقصد من الإنسان سوقه إلى كماله الذي رشح له[14].



وللنفس الإنسانية قوتان، قوة الشهوة وقوة العقل، فبالأولى يحرص الإنسان على تناول اللذات البدنية والبهيمية، وبالثانية يحرص على تناول العلوم. وقد عالج الراغب اختلاف الناس في الخلق "الأخلاق"، حيث رأى بعضهم أنها من جنس الخلقة ولا يستطيع أحد تغيير ما جبل عليه إن خيرًا وإن شرًا، ويعارض هذا الرأي لأن للإنسان قوة تجعله يستطيع أن يتخلق بالأخلاق الحسنة، فقد جعل الله له سبيلًا إلى إسلاس أخلاقه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9، 10]، وإذا لم يكن الأمر كذلك لبطلت فائدة المواعظ والوصايا والوعد والوعيد والأمر والنهي ولما جاز عقلًا أن نسأل أحدًا لم فعلت ولم نكصت وكيف يكون هذا في الإنسان ممتنعًا وقد وجدناه في بعض البهائم ممكنًا، فالوحش قد ينقل بالعادة إلى التأنس والجامح إلى السلاسة[15].



ومهما اختلف الناس في غرائزهم، من حيث قبول البعض إلى إمكان التغيير السريع لأخلاقهم والبعض الآخر إلى البطء والبعض في الوسط؛ إلا أنه لا ينفك من أثر قبول.



والبواعث على طلب الخيرات الدنيوية ثلاثة، أدناها مرتبة الترغيب والترهيب ممن يرجى نفعه ويخشى ضره، وهي من مقتضى الشهوة؛ ولذا فهي من فعل العامة، والثاني: رجاء الحمد وخوف الذم ممن يعتد بحمده وذمه وهي من مقتضى الحياء وهي لكبار أبناء الدنيا، والثالث: تحري الخير وطلب الفضيلة وهي من مقتضى العقل وفعل الحكماء.



أما البواعث على طلب الخيرات الأخروية فهي ثلاثة أيضًا:

الأول: الرغبة في ثواب الله تعالى والمخافة من عقابه وهي منزلة العامة، والثاني: رجاء حمده ومخافة ذمه وهي منزلة الصالحين والثالث: طلب مرضاته عز وجل وهي منزلة النبيين والصديقين والشهداء، وهي أعزها وجودًا وأفضل ما يتقرب به العبد؛ قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الكهف: 28]، فإن أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه عز وجل أن لا يريد في الدنيا والآخرة غيره[16].



ثانيًا: لم خلقنا؟

يقسم الراغب الأصفهاني الكائنات من حيث الأغراض التي تحققها، والأفعال التي تختص بها، كالبعير خصص ليبلغنا وأثقالنا إلى بلد لم نكن بالغيه إلا بشق الأنفس، والفرس لنصل به إلى غاياتنا في سرعة ويسر، والمنشار لإصلاح المصنوعات الخشبية وغيرها، والباب لندخل به إلى المنزل.



وبالمثل فإن للإنسان ثلاثة أفعال تختص به وهي:

1- عمارة الأرض المذكورة في قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61] لتحصيل المعاش. لنفسه ولغيره.



2- عبادته المذكورة في قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، أي الامتثال لله سبحانه في عبادته في أوامره ونواهيه.



3- خلافته المذكورة في قوله تعالى: ﴿ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 129][17].



ولا يستحق الإنسان الخلافة إلا بتحري مكارم الشريعة، وهي الحكمة والقيام بالعدالة بين الناس في الحكم والإحسان والفضل، والغرض منها بلوغ جنة المأوى.



ولما كان شرف الأشياء بتمام تحقيق الغرض من وجودها ودناءتها بفقدان ذلك المعنى، فإن الفرس إذا لم يصلح للعدو اتخذ للحمولة، والسيف إن لم يصلح للقطع اتخذ منشارًا، وبالمثل فمن لم يصلح من الإنسان لتحقيق ما لأجله أوجد، فالبهيمة خير منه ولذلك ذم الله تعالى الذين فقدوا هذه الفضيلة ﴿ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴾ [الأعراف: 179][18] وتحري مكارم الشريعة يحتاج إلى أن يصلح الإنسان نفسه أولًا بتهذيب نفسه قبل غيره، حيث ذم الله تعالى من يأمر غيره بالمعروف، وينهاه عن المنكر وهو غير مهذب في نفسه. فقال سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].



وتبدأ مكارم الشريعة بطهارة النفس بالتعلم للتوصل إلى الحكمة، ثم العفة للتوصل إلى الجود، والصبر ليدرك الشجاعة والحلم، والعدالة لتصحيح الأفعال.



وباستكمال هذه الدرجات فإنه أصبح المعنى بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13] وصلح لخلافة الله عز وجل.



ويظهر لنا من التفرقة بين مكارم الشريعة والعبادات، أن العبادات فرائض معلومة ومحددة وتاركها يصبح ظالمًا، بينما المكارم درجة أعلى من العبادات، ولذا فإن أداء العبادات من باب العدالة، ولكن التحري بمكارم الشريعة من قبيل النفل و الأفضال[19].



وهكذا فإن الراغب الأصفهاني يضع مستويات أخلاقية لأعمال الإنسان، فالعدل فعل ما يجب والتفضل الزيادة على ما يجب.



كذلك لا يصلح لخلافة الله ولا يكمل لعبادته وعمارة أرضه إلا من كان طاهر النفس، فكما أن للبدن نجاسة فكذلك للنفس نجاسة، الأولى تدرك بالبصر والثانية تدرك بالبصيرة، وإياها قصد تعالى بقوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة: 28] ولقوله تعالى: ﴿ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125] كما أشار سبحانه إلى طهارة القلوب بقوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ﴾ [الحجرات: 3]، وقوله: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ﴾ [الأعراف: 58].



ومن الآيات أيضًا التي تتضمن معنى التطهر قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]، وقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222][20].



ما تطهر به النفس:

ولكن كيف يتم تطهير النفس في رأي حكيمنا الأخلاقي حتى يصبح الإنسان مرشحًا لخلافة الله تعالى مستحقًا به ثوابه؟

يرى أن العلم والعبادات هما المطهران للنفس، إذ أن أثرهما في النفس كأثر الماء الذي يطهر البدن[21]، وأدلته على ذلك الآيات القرآنية التي يفسرها بهذا المعنى، مثل قوله تعالى: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، وقوله تعالى: ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ﴾ [الرعد: 17].



فالآية الأولى تدل على أن حياة النفس في العلم والعبادة.



أما الآية الثانية فقد فسرها ابن عباس بأن الماء يعنى به القرآن لأن به طهارة النفس والأودية هي القلوب التي احتملته بحسب ما وسعته[22].



والذي يلزم تطهيره من النفس القوى الثلاث: قوة الفكر بتهذيبها حتى تحصل الحكمة والعلم - والحكمة هي أشرف منزلة من العلم[23] لأنها العلم والعمل به. ولهذا وصف الله تعالى الذين ليس لهم علم صحيح ولا عمل على الطريق المستقيم بقوله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 170].



فالعقل يقال بالإضافة إلى المعرفة، والاهتداء بالإضافة إلى العمل[24].



وتهذيب قوة الشهوة بقمعها لكي تكتسب العفة والجود، ويتم إخضاع قوة الحمية باستيلاء العقل عليها حتى تنقاد له فيحصل الشجاعة والحلم "فيتولد من اجتماع ذلك العدل"[25].



الطريق ممهد إذن للإنسان لتطهير نفسه ورياضتها، وتقويم أخلاقه والارتقاء بها إلى ما يمكنه بحيث يصل بها إلى أرقى المستويات، لأن الإنسان هو مختار، والأدلة على ذلك تلزمنا بإيضاح وتحليل العوامل المؤثرة في الإرادة إذ يخيل للبعض أنه "مجبر" ولكن الحقيقة غير ذلك. وإليك البيان.



2- الإنسان مختار:

يقسم الأصفهاني الأحياء إلى ثلاثة أنواع، نوع للدار الدنيا وهي الحيوانات، ونوع للدار الآخرة والملأ الأعلى "أي الملائكة"، والإنسان بين هذين النوعين يصلح للدارين لأنه واسطة بين اثنين أحدهما وضيع وهو الحيوانات والثاني رفيع وهو الملائكة، فهو كالحيوانات من حيث الشهوة البدنية والغذاء والتناسل والمنازعة وغيرها من صفات الحيوانات، وكالملائكة في العقل والعلم وعبادة الرب والاتصاف بالأخلاق الشريفة كالصدق والوفاء وغيرها، وذلك لأن حكمة الله عز وجل اقتضت أن يرشح الإنسان لعبادته وخلافته وعمارة أرضه وهيأه أيضا لمجاورته في جنته فلو خلق كالحيوانات لما صلح للمجاورة بالجنة، ولو خلق كالملائكة لما صلح لتعمير الأرض "فاقتضت الحكمة الإلهية أن تجمع له القوتان وفي اعتبار هذه الجملة تنبيه على أن الإنسان دنيوي أخروي وأنه لم يخلق عبثًا ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115][26].



أما بالنظر إلى البشر في مدى اختلافهم فإنه يرى أن التفاوت بينهم يظهر للأسباب الآتية:

أولًا: اختلاف الخلقة، مستخرجًا هذا المعنى من قوله تعالى: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ﴾ [الأعراف: 58]، والآية الأخرى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ [آل عمران: 6]، ويستشهد بما روي عن واقعة أصل الخلق "إن الله تعالى لما أراد خلق آدم عليه السلام أمر أن يؤخذ من كل أرض قبضة فجاء بنو آدم على قدر طينها الأحمر والأبيض والأسود والسهل والحزن والطيب والخبيث"[27].



ثانيًا: اختلاف طبائع الوالدين وتأثير عوامل الوراثة، ولهذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم – ((تخيروا لنطفكم))[28].



ثالثًا: اختلاف الوالدين من حيث الصلاح والفساد؛ إذ أن الطفل بحكم نشأته بينهما ومخالطته لهما قد يتأثر بما هما عليه من جميل السيرة والخلق وقبيحها.



رابعًا: أثر الغذاء من حيث الرضاع وطيب المطعم، وبسبب هذا التأثير تصف العرب صاحب الفضل بقولها "لله دره"[29].



خامسًا: من حيث التربية والتهذيب وتنشئتهم على التعود بالعادات الحسنة ونبذ القبيحة، وبيان تفصيل ذلك أخذ الطفل بالآداب الشرعية وأمره بالصلاة لسبع وضربه لعشر طبقًا لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع إبعاده عن مجالسة الأردياء؛ لأنه يتطبع بطبائعهم، وتعليمه أن يسلك السبيل القويم في أقواله وسلوكه، وأن يقتصد في المآكل والمشارب، ويخالف الشهوة "ويمنع من المفاخرة ومن الضرب والشتم والعبث والاستكثار من الذهب والفضة، ويعود صلة الرحم وحسن تأدية فروض الشرع".



سادسًا: اختلاف الناس الذين يعيشون معهم ويختلطون بهم من حيث الآراء و المذاهب[30].



سابعًا: مدى الاختلاف في الاجتهاد في تزكية النفس بالعلم والعمل، فإذا ما اجتمع للإنسان هذا الركن فجاهد نفسه في تعريف الحق وزكاها مع توفر الاستعدادات الجبلية من حيث طيب المنبت وصلاح الوالدين وحسن التربية عن طريق الأخذ بالقواعد السالف الإشارة إليها، بلغ المرتبة العليا في الخيرات من جميع الجهات، وحق فيه قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ﴾ [ص: 47] على عكس من يسميهم بالرذل التام الرذيلة أي بعكس الأمور التي ذكرها[31].



وهكذا نجد الأصفهاني يقر جانب عوامل الوراثة والبيئة وأصل الخلقة من حيث التكوين البيولوجي، ثم يحرص على التنويه بأنه مهما تفاوت الناس في هذه العوامل التي تعد في حكم الجبرية، إلا أنه ما من أحد "إلا وله قوة على اكتساب قدر ما من الفضيلة، ولولا ذلك لبطلت فائدة الوعظ والإنذار والتأديب"؛ ولهذا فإن على الإنسان أن يبذل قصارى جهده ليكتسب ما يقدر عليه من أنواع الفضائل والله تعالى يعذره بقوله سبحانه ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].



فالأمر المهم والضروري هو المحاولة وعقد النية على تغيير سلوكه وتحسينه، حتى إذا فعل غاية وسعه كان ذلك إيذانًا بأن يزيل الله عنه باقي السيئات التي عجز عن التخلص منها. يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ [التحريم: 8][32].



إنه يثبت جانبًا جبريًا في الإنسان، يتمثل في عوامل الوراثة والخلقة وظروف النشأة والبيئة، ولكنه يرى أنه مختار لأفعاله، ويدعوه إلى بذل الجهد واستخدام إرادته الحرة في رياضة نفسه وتقويم أخلاقه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وهنا يكاد يتفرد الأصفهاني بنظرته إلى دور العبادة في المجال الأخلاقي.



العبادة ودورها في السلوك الأخلاقي:

تمهيدًا لبيان دور العبادة في تقويم الأخلاق، ينبغي البدء بشرح ما يمتاز به الإنسان عن الحيوان، من حيث القوى والطبائع الحيوانية أي الشهوة البدنية والغذاء والتناسل وغيرها، ولكن الإنسان ينتقل إلى مستوى أعلى حيث يتميز بالعقل، بل إنه بسبب العقل صار إنسانًا، ولكن العقل لا يصلح وحده بغير الشرع، وهنا تظهر أهمية العبادة في السلوك الإنساني عند الراغب الأصفهاني "فمن قام بالعبادة حق القيام فقد استكمل الإنسانية، ومن رفضها فقد انسلخ عن الإنسانية فصار حيوانًا أو دون الحيوان"[33]؛ لأنه بالعبادة يحقق الغاية التي من أجلها خلق، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴾ [الذاريات: 56، 57]، ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].



فما هي العبادة وما هو دورها في السلوك الأخلاقي؟

العبادة كما يعرفها هي: "فعل اختياري مناف للشهوات البدنية تصدر عن نية يراد بها التقرب إلى الله تعالى طاعة للشريعة".



أما دورها فهو المحافظة على الفطرة التي خلق بها الإنسان المشار إليها بقوله تعالى: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 30]، وقوله عز وجل: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾ [البقرة: 138] فالصبغة هي العقول التي تميز بها الإنسان عن البهائم، والاستفهام في الآية للإنكار والنفي، فلا صبغة أحسن من صبغته تعالى، ويتساءل الراغب ((فكيف تذهب عنا صبغته ونحن نؤكدها بالعبادة، وهي تزيل رين القلب فينطبع فيه صورة الهداية؟))[34].



وترتفع العبادة إلى أرقى مراتبها عندما يحب الإنسان أن يتحرى بها ابتغاء مرضاة الله. يؤديها بانشراح صدر بدلًا من مجاهدة النفس "ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: إن استطعت أن تعمل لله في الرضا باليقين فاعمل وإلا ففي الصبر على ما تكره خير كثير"[35].



ثالثًا: إلى أين المصير؟

يرى الراغب أن الإنسان في دنياه مسافر متخذًا الدليل على ذلك قصة الخلق؛ إذ قال تعالى: ﴿ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ [البقرة: 36]، ويستشهد بعبارة على بن أبي طالب رضي الله عنه "الناس على سفر والدنيا دار ممر لا دار مقر وبطن أمه مبدأ سفره والآخرة مقصده وزمان حياته مقدار مسافته وسنوه منازله وشهوره فراسخه وأيامه أمياله وأنفاسه خطاياه يسار به سير السفينة براكبها"[36].



فالغاية للإنسان ينبغي أن تكون دار السلام، ويحتاج في حياته إلى التزود للسفر، وهو في كدح وكبد ما لم ينته إلى دار القرار، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6].



والناس في طلبها على ضربين:

ضرب انصرفوا عن طلب الآخرة وركنوا إلى الدنيا، وقالوا: ﴿ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا ﴾ [الجاثية: 24] وطلبوا الراحة فيها من حيث لا راحة، أي أنهم في أعمالهم وسلوكهم يبتغون من الدنيا ((ما ليس في طبيعتها ولا موجودا فيها ولها))[37].



ونفهم من رأي الأصفهاني انحراف هذا الموقف من الناحية الأخلاقية لأن أصحابه يسعون في تصرفاتهم نحو غاية لن تتحقق، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ﴾ [النور: 39] أما الضرب الثاني من الناس، فهم الذين عرفوا أنهم يعيشون في الدنيا بصفة مؤقتة كما قال سبحانه: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ [البقرة: 36]، ومن ثم فقد أصبح الدافع لهم في أعمالهم التزود لدار اخلود، فاغترفوا من الزاد الروحاني كالمعارف والحكم والعبادات والأخلاق الحميدة، لأنهم على يقين من الحصول على ثمرته وهي الحياة الأبدية، فإن الاستكثار من هذا الزاد محمود "ولا يكاد يطلبه إلا من قد عرفه وعرف منفعته"[38].



ولم ينس هذا الفريق من الناس في الوقت نفسه نصيبه من الدنيا، فتزود بالزاد الجسماني كالمال والأثاث ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾ [آل عمران: 14]، وغايتهم أن يستعينوا به على الحياة الدنيوية الفانية، إذ من طبيعة هذا الزاد أن يسترد من الإنسان بعد مفارقته للدنيا، فلا ينبغي الركون إليه والاستغناء به عن الزاد الروحاني اللازم للآخرة: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ ﴾ [آل عمران: 185] ويخشى على المتكثر منه أن يثبط صاحبه عن مقصده. يقول الراغب "والاستكثار منه ليسر بمذموم ما لم يكن مثبطًا لصاحبه عن مقصده، وكان متناولًا على الوجه الذي بجب وكما يجب"[39]، ويقصد بالشق الثاني من عبارته التقيد في المعاملات بمقتضى الشرع.



وقد تقصر نفس المرء عن الجمع بين الأمرين، وهنا يجب الاهتمام بما يبقى وتفضيله عما يفنى، أي إيثار الآخرة على الدنيا، ولا يأخذ من الثانية إلا بما يبلغ به دار الخلود بضرط مراعاة حكم الشرع والمحافظة على قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [فاطر: 5][40].



ويحرص عالمنا الأخلاقي على أن يستخدم الإنسان قواه التى فطر بها للوصول إلى أشرف مراتب السعادة وأعلاها وهي السعادة الأخروية الجديرة بأن تعد السعادة الحقيقية والتي لا سبيل إليها إلا باكتساب الفضائل ولذلك قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19][41].



ونكتسب الفضائل باستخدام القوى الثلاث التى خص بها الإنسان، أي السعي في استخدام القوى الشهوية في حدود ما رسمه الشرع، واستعمال القوة الغضبية في المجاهدة التي تحميه، وقوته الفكرية لتحصيل العلم الذي يهديه، وعليه ألا يركن إلى الخمول والكسل، بل أن يعمل بقول القائل: "إن أردت أن لا تتعب فاتعب لئلا تتعب" فإن الإنسان أسمى من الحيوان، وإذا كان للحيوان قوة التحرك سعيًا لطلب الرزق، فللإنسان قوى العقل الذي إن لم يستخدمه فقد أبطل كل نعمة أنعمها الله عليه ويصبح وجود العقل عبثًا، لأن النفس تتبلد بترك التفكر والنظر كما يتبلد البدن بتعود الرفاهية بالكسل "فحق الإنسان أن لا يذهب عامة أوقاته إلا في إصلاح أمر دينه ودنياه وموصلاته إلى آخرته مراعيًا لها".



إن الحكيم الأصفهاني يصور الإنسان في حركة دائمة ساعيًا نحو غايته، فهو على سفر، ومقصده الدار الآخرة حيث تتحقق له السعادة الدائمة. بل إنه يستخدم لفظ "التحريك" معبرًا عن هذا التصور للإنسان في حركته، نحو الآخرة ويستند إلى الحديث "سافروا تغنموا" فإنه في رأيه يحث على التحريك الذي يثمر المأوى ومصاحبة الملأ الأعلى ومجاورة الله تعالى وكلها أسمى الغايات.



ولكن الإنسان في سعيه هذا يحتاج إلى خمسة أشياء: معرفة المعبود المشار إليه بقوله ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾ [الذاريات: 50] ومعرفة الطريق المشار إليه بقوله: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾ [يوسف: 108] وتحصيل الزاد المتبلغ به المشار إليه بقوله: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197] والمجاهدة في الوصول كما قال تعالى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ [الحج: 78] وبهذه الأشياء يأمن الغرور الذي خوفه الله تعالى منه في قوله: ﴿ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].



السعادة الأبدية:

يطلق الراغب الأصفهاني السعادة الحقيقية على الخيرات الأخروية، أما تسمية غيرها بهذا الاسم، فإما لكونه معاونًا على ذلك أو نافعًا فيه "وكل ما أعان على خير وسعادة فهو خير وسعادة"[42].



ولهذا فإن سعى الإنسان يجب أن يتجه لتحقيق هذه السعادة حيث البقاء بلا فناء والعلم بلا جهل والقدرة بلا عجز والغنى بلا فقر.



ولكن الوصول إليها أمر بعيد المنال ولا يتم إلا باكتساب الفضائل النفسية وهي أربعة أشياء: "العقل وكماله العلم، والعفة وكمالها الورع، والشجاعة وكمالها المجاهدة، والعدالة وكمالها الإنصاف"[43] ولذلك قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19] فنبه أنه لا مطمع لمن أراد الوصول إليها إلا بالسعي[44].



وللإنسان سعادات[45] أبيحت له في الدنيا وهي النعم المذكورة في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34] ولكن الفرق بين النعم الدنيوية والأخروية هو أن الأولى تبيد بينما الثانية دائمة لا تبيد.



والنعم الدنيوية تكون نعمة وسعادة إذا تناولها الناس على الوجه الذي جعل الله لهم فأصبحت لهم نعمة وسعادة وهم الموصوفون بقوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 30].



وهناك فريق آخر ركنوا إليها فأصبحت عليهم نقمة فتعذبوا بها عاجلًا وآجلًا وهم الموصوفون بقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55][46].



واللذات الأخروية لا تدرك بالعقل في هذه الدنيا لأنه يقصر عن معرفتها، ولهذا قد قرب الله سبحانه تلك اللذات في الأذهان فشبهها لهم بأنواع ما تدركه حواسهم فقال تعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ﴾ [محمد: 15]. وقوله عز وجل في أول هذه الآية ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الرعد: 35] يدل على أن ذلك تصوير وعلى سبيل التشبيه[47].



ولئن كان الموت هو الذريعة إلى السعادة الكبرى، وإن الإنسان لن يطلع على سعادة الآخرة إلا بعد مفارقته الهيكل الإنساني، إلا أن بوسعه قبل مفارقته لهذا الهيكل أن يزيل الأمراض النفسانية المشار إليها بقوله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: 10]؛ لكي يطلع "من وراء ستر رقيق على بعض ما أعده له"، وقد حدث هذا لحارثة الذي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - عزفت نفسي عن الدنيا فكأني أنظر إلى عرش ربي بارزًا وأطلع على أهل الجنة يتزاورون، وعلى أهل النار يتعاوون" فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "عرَفت فالزم"[48].



السعادة الأخروية إذن هي الجديرة بالسعي والعمل، ولا يجب على الإنسان أن يبتئس إذا حرم من نعم الدنيا بالرغم من محاولاته ودعواته وابتهاله إلى الله، بل عليه أن يعلم "أن نعمته فيما يمنعه من دنياه كنعمته فيما خوله وأعطاه"[49]، وربما يقصد بذلك أن اختيار الله تعالى للعبد أفضل من اختيار العبد لنفسه.



ولا يعد فقدان النعيم الدنيوي خسارة، بل هو على سبيل الاختيار والابتلاء؛ إذ قال تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ﴾ [محمد: 31] فإن هذه الآية مشتملة على محن الدنيا كما بين تعالى ما للصابرين عنده بقوله: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ﴾ [البقرة: 155، 156]؛ أي: الذين إذا أصيبوا بهذه البلايا، ﴿ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 156] أي أننا ملك لله وخلق له، فلا يجب المبالاة بالجوع؛ لأن رزق العبد على سيده، ((فإن منع فلا بد أن يعود إليه وأموالنا وأنفسنا ملك له، فله أن يتصرف فيها بما يشاء))، ﴿ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156] في دار الآخرة، فيحصل لنا عنده ما فوته علينا[50].

[1] ينظر مقالنا: (الذريعة إلى مكارم الشريعة كما يوضِّحها الراغب الأصفهاني) مجلة الدارة بالرياض (ص 206- 227) جمادى الثاني 1397 هـ - يونيو 1977م.

[2] المفردات في غريب القرآن: تحقيق، وضبط محمد سيد كيلاني ص 6 ط الحلبي 1381هـ- 1961م.

[3] الذريعة إلى مكارم الشريعة: تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ص 59 ط مكتبة الكليات الأزهرية 1393هـ- 1973م.

وقام زميلنا الأستاذ الدكتور أبو اليزيد العجمي بإصدار طبعة محققة جديدة. دار الصحوة بالقاهرة 1405هـ- 1985م.

[4] تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين: الأصفهاني ص 48 من سلسلة الثقافة الإسلامية العدد 28 ذو القعدة 1380هـ- أبريل 1961م.

[5] تفصيل النشأتين، وتحصيل السعادتين: ص 48- 49 وفي مسند الإمام أحمد عن أبي الدرداء: (من غرس غرسًا لم يأكل منه آدمي خلق من خلق الله..).

[6] المفردات ص 126- 128.

[7] تفصيل النشأتين ص 45- 46.

[8] الذريعة ص 41.

[9] محاضرات الأدباء ج1 ص93.

[10] الذريعة ص 115- 116.

[11] الذريعة إلى مكارم الشريعة، الأصفهاني ص 11.

[12] تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين ص 15 سلسلة الثقافة الإسلامية (العدد 28) 1380هـ- 1961م.

[13] محاسن التأويل، القاسمي ج 2 ص 283.

[14] نفسه ص 109-110.

[15] الذريعة إلى مكارم الشريعة ص 29.

[16] الذريعة إلى مكارم الشريعة ص 47.

[17] الذريعة إلى مكارم الشريعة: الراغب الأصفهاني ص 18.

[18] الذريعة إلى مكارم الشريعة ص 18.

[19] نفسه ص 20.

[20] الذريعة إلى مكارم الشريعة: ص 20.

[21] نفسه ص 21، 22.

[22] نفسه ص 22.

[23] تفسير القاسمي ج 2، ص 260- محمد جمال الدين القاسمي، تصحيح محمد فؤاد عبد الباقي، ط عيسى البابي الحلبي، 1376هـ- 1957م.

[24] نفسه، ج3، ص 374.

[25] نفسه ص 30.

[26] الذريعة، ص 22.

[27] تفصيل النشأتين: الراغب الأصفهاني، ص 19، 20.

[28] نفسه ص 30.

[29] نفسه ص 31.

[30] نفسه، ص 24.

[31] تفصيل النشأتين: الراغب الأصفهاني ص 54.

[32] نفسه ص 54.

[33] تفصيل النشأتين ص 5.

[34] تفسير القاسمي ج 2 ص 274.

[35] الذريعة إلى مكارم الشريعة: الراغب الأصفهاني ص 34.

[36] نفسه ص 9.

[37] تفصيل النشأتين: الراغب ص 39.

[38] تفصيل النشأتين: الراغب ص39

[39] نفسه ص 40.

[40] تفصيل النشأتين ص 40.

[41] الذريعة إلى مكارم الشريعة ص 38.

[42] الذريعة إلى مكارم الشريعة: ص 152.

[43] الذريعة إلى مكارم الشريعة ص 35.

[44] نفسه ص 38.

[45] ونلاحظ أن التصور الإسلامي للدنيا والآخرة هو القاسم المشترك بين علماء الأخلاق، فانظر مثلًا قول ابن حبان (وأن الحر حق الحر- من أعتقته الأخلاق الجميلة، كما أن أسوأ العبيد من استعبدته الأخلاق الدنية ومن أفضل الزاد في المعاد اعتقاد المحامد الباقية، ومن لزم معالي الأخلاق أنتج له سلوكها فرحًا تطير بالسرور) ولا حظ أيضًا مدلولات - الحرية - المحامد الباقية- الأخلاق كتاب (روضة العقلاء ونزهة الفضلاء) ص 252- 253 تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد. ط دار الكتب العلمية- بيروت 1395هـ- 1975م.

[46] تفصيل النشأتين ص 35- 36.

[47] نفسه ص 37.

[48] نفسه ص 38.

[49] تفسير القاسمي ج 3 ص 434.

[50] نفسه ج2 ص 326.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الراغب الأصفهاني وآراؤه في كيفية حل المشكلة الأخلاقية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» علماء الإسلام والقضايا الأخلاقية (1)
» فلسفة كانط الأخلاقية (الواجب)
» المشكلة الأخلاقية وكيفية التغلب عليها عند ابن قيم الجوزية (751 هـ)
» الشريعة الإسلامية وفضائلها الأخلاقية
» الأربعون في المهدي المؤلف أبو نعيم الأصفهاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: