اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  الرد على شبهة : اشتغال السلفيين بقضايا هامشية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99980
 الرد على شبهة : اشتغال السلفيين بقضايا هامشية  Oooo14
 الرد على شبهة : اشتغال السلفيين بقضايا هامشية  User_o10

 الرد على شبهة : اشتغال السلفيين بقضايا هامشية  Empty
مُساهمةموضوع: الرد على شبهة : اشتغال السلفيين بقضايا هامشية     الرد على شبهة : اشتغال السلفيين بقضايا هامشية  Emptyالخميس 9 مايو 2013 - 13:37

شبهات حول السلف والسلفية
شبهة: إن السلفيين يشتغلون بقضايا فكرية ونظرية في مجال العقيدة والإيمان والدعوة، وهذه القضايا عندهم قضايا هامشية لا تحتاج إلى كثير علم أو انشغال بها إلى هذا الحد


علمنا أن المنهج السلفي يثار الغبار عليه بين الحين والحين من ناحية خصومه ومخالفيه، ولعلنا وقفنا على بعض منها في المقالات السابقة، وما ذلك منهم إلا أنه تنفير للناس من متابعته، وإلا جهل بحقيقته ومنهجه، وإلا حب للمخالفة التي تشبه التميز عما سواه، وإلا متابعة للأهواء والنفوس فيما تميل إليه عن متابعة الحق مع وضوحه وكماله، وإلا حبائل الشيطان من التفرق والتحزب المقيت الذي يجعل صاحبه على شفا جرف هار، مما يأتي عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة".


ومن هذه الأمور قولهم: إن السلفيين يشتغلون بقضايا فكرية ونظرية في مجال العقيدة والإيمان والدعوة، وهذه القضايا عندهم قضايا هامشية لا تحتاج إلى كثير علم أو انشغال بها إلى هذا الحد. .


وهذا الكلام على حقيقته كلام خطير وكبير، لماذا؟.

لأن اعتبار قضايا العقيدة والإيمان قضايا ثانوية ونظرية لا فائدة تعود على الأمة من الناحية العلمية والدعوية، أمر يورد صاحبه المهالك إن اعتقد بهذا، لأن تسمية الإيمان قضايا نظرية، لا يترتب عليها عمل مخالف لمنهج أهل السنة وما كان عليه سلف الأمة من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا. لأن الإيمان ومسائله هي أصول الإسلام الكبرى وليست الهامشية، وهي الفارق بين أهل السنة والجماعة وبين المخالفين لهم من أهل البدع والأهواء.


فالإيمان هو روح الإسلام ولبه، بل هو أساس قبول الأعمال عند الله تعالى كما أخبر سبحانه: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النساء: 65]، فجعل تحقيق الإيمان هو الأساس في العمل الذي هو تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم. والمستقرئ لكتاب الله تعالى يجد تقسيمات أهل العلم لمواضيع القرآن يرجع ثلثها إلى التوحيد وما يتعلق به من مسائل الإيمان والملائكة والكتب والرسل والقدر وغيرها كما نجد هذا في سورة الإخلاص: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص:1-4]، فإن هذه السورة تعدل ثلث القرآن، وقد بوب كثير من أهل العلم وأئمة الحديث أبواباً في كتبهم تحت هذا الباب من التوحيد والإيمان ومسائله وتقرير ذلك كالبخاري ومسلم وغيرهما.


ثم إن الله تعالى في كتابه في عشرات من الآيات ما ذكر الإيمان إلا وجمع معه العمل وكذلك العمل إلا ودلل به على صدق وحقيقة الإيمان في القلوب فمن تلك الآيات القرآنية التي تدعوا إلى معرفة الله والإيمان به سبحانه، والإيمان بالملائكة والكتب والرسل، والإيمان باليوم الآخر والقضاء والقدر:

قول الله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِين ﴾ [البقرة: 177]. وقال تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير ﴾ [البقرة: 285].


وقال سبحانه وتعالى في شأن الملائكة: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [غافر: 7]. وقال عز وجل: ﴿ وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ [الزمر: 75]. وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف: 206]. وقال عز وجل: ﴿ وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24،23].


وفي شأن الكتب السماوية يقول تعالى: ﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِير ﴾ [آل عمران: 184].


وفي شأن التوراة يقول سبحانه: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ﴾ [المائدة: 44]. وفي شأن الإنجيل يقول عز وجل: ﴿ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِين ﴾ [المائدة: 46]. وفي شأن الزبور يقول جل وعلا: ﴿ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا ﴾ [الإسراء: 55]. وفي شأن الصحف يقول سبحانه: ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾ [الأعلى: 19،18].


وفي شأن القرآن الله سبحانه: ﴿ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [آل عمران: 2-4]. وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41،42].


أما في شأن رسل الله عليهم السلام فيقول سبحانه: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136]. وقال عز وجل: ﴿ وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾ [النساء: 164]. وقال سبحانه: ﴿ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124].


وقال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 73]. وقال سبحانه: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ " [الأنبياء: 73]. وقال سبحانه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90].


أما في شأن اليوم الآخر وأحواله يقول جل ذكره: ﴿ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ﴾ [محمد: 18].


وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ ﴾ [النمل: 82]. وقال سبحانه: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115]. وقال عز وجل: ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ﴾ [البقرة: 177].


وقال جل ذكره: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 3]. وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1]. وقال تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39].


وقال سبحانه: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾" [الجاثية: 22،21].


أما القضاء والقدر فيقول تعالى: ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8]. ويقول سبحانه: ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾ [القصص: 68]. وقال سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]. وقال جل ثناءه: ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ [الحجر:21].


فهل كل هذه الآيات القرآنية تدعوا إلى قضايا هامشية وثانوية، لا تعود على العبد بصلاح قلبه وقالبه، أم هي أساس الأيمان بالإسلام نفسه وشريعته؟

ثم إن علينا أن ندرك جيداً أن الإنسان مخلوق من مخلوقات الله عز وجل، وصلاح حياته مرهون بمعرفة الحق واتباعه، وفسادها نتيجة محتومة لجهله بالحق، أو تمرده عليه وإن عرفه. ولما كان الله سبحانه هو الحق، ومنه الحق، وأمره وتدبيره هو الحق، فإن سبب فساد الحياة البشرية كلها هو الكفر بالخالق، والكفر بأمره وتدبيره، والكفر بما أنزل من الحق، وسبب صلاح هذه الحياة كلها هو الإيمان بالله عز وجل. ولذلك قال عز من قائل: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124،123].


ولا يتبع هداه إلا من آمن به وذكره، واستشعر وجوده، وصفاته، وعظمته سبحانه، ومن نسي ذكر الله أعرض عن هداه، والإنسان في هذه الدنيا ممتحن بهذين الأمرين:

1- ذكر الله وإتباع هداه.

2-أو نسيانه والضلال.


فهو على مفترق طريقين لا ثالث لهما: طريق الإيمان والهدى والسعادة في الدنيا والآخرة، وطريق الكفر والضلال والشقاء في الدارين، لذا كان أشرف ما يتعلمه الإنسان، ويعلمه لغيره أمور الإيمان وأركانه ومقتضياته، وأحوط ما يحتاط ويتسلح به معرفة معالم الكفر وأسبابه ومقتضياته.


فإن كان على بصيرة من هذين الأمرين الخطرين، عرف الإنسان طريق سعادته فالتزمه، ولم يحد عنه، وطريق شقائه فاجتنبه،[1]ومن ثم كانت عقيدة التوحيد والإيمان، ضرورة لا يستغنى عنها الإنسان ليستكمل شخصيته، ويحقق إنسانيته.


ولقد كانت الدعوة إلى عقيدة التوحيد والإيمان، أول شيء قام به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، لتكون حجر الزاوية في بناء الأمة الإسلامية. ذلك أن رسوخ هذه العقيدة في النفس الإنسانية، يسمو بها عن الماديات الوضيعة، ويوجهها دائمًا وجهة الخير والنبل والنزاهة والشرف، وإذا سيطرت هذه العقيدة أثمرت الفضائل الإنسانية العليا، من الشجاعة والكرم، والسماحة والطمأنينة، والإيثار والتضحية. [2]



أما الانحراف عن العقيدة الصحيحة فهو مهلكة وضياع، لأن العقيدة الصحيحة هي الدافع القوي إلى العمل الصالح، والفرد بلا عقيدة صحيحة، يكون فريسة للأوهام والشكوك التي ربما تتراكم عليه، فتحجب عنه الرؤية الصحيحة لدروب الحياة السعيدة. حتى تضيق عليه حياته، ثم يحاول التخلص من هذا الضيق بأنها حياته ولو بالانتحار، كما هو الواقع في كثير من الأفراد الذين فقدوا هداية العقيدة الصحيحة.


والمجتمع الذي لا تسوده العقيدة الصحيحة هو مجتمع ضال، ويفقد كل مقومات الحياة السعيدة، وإن كان يملك الكثير من مقومات الحياة المادية التي كثيرًا ما تقوده إلى الدمار، كما هو مشاهد في المجتمعات الضالة، لأن هذه المقومات المادية، تحتاج إلى توجيه رشيد للاستفادة من خصائصها ومنافعها، ولا موجه لها سوى هذه العقيدة الصحيحة قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾ [المؤمنون: 51].


فقوة العقيدة يجب أن لا تنفك عن القوة المادية، فإن انفكت عنها بالانحراف إلى العقائد الباطلة، صارت القوة المادية وسيلة دمار وانحدار كما هو مشاهد اليوم في الدول الغير إسلامية التي تملك مادة، ولا تملك عقيدة صحيحة. [3].



وهذه العقيدة الإسلامية تقوم على ستة أركان تسمى أركان الإيمان، وهي بإيجاز كما يلي:

1- الإيمان بالله تعالى: ربًا وإلهًا موصوفًا بكل كمال، منزهًا عن كل نقص.


2- الإيمان بملائكة الله: وأنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، خلقهم الله من نور، منهم الحفظة على العباد، ومنهم الموكلون بقبض الأرواح، ومنهم خزنة النار، ومنهم غير ذلك.


3- الإيمان بكتب الله: وأنها من وحي الله تعالى إلى من اصطفاهم من رسله، تحمل الشرائع والهدى والنور للمؤمنين المتقين.


4- الإيمان برسل الله: مبشرين ومنذرين، قطع الله تعالى بهم على الناس الحجة، وبين بهم للعباد المحجة، فمن آمن بهم وأطاعهم، واتبع هداهم نجا، ومن كفر بهم وعصاهم، واتبع غير هداهم هلك.


5- الإيمان باليوم الآخر: وأنه اليوم الذي تنتهي فيه هذه الحياة، وتكون فيه الحياة الآخرة حيث البعث والحساب والجزاء والجنة والنار.


6- الإيمان بالقضاء والقدر: وكون القضاء والقدر نظام للحياة كلها لا يخرج بشيء منها وإن قل، عما حواه كتابه الذي هو اللوح المحفوظ، حيث كتب الله تعالى فيه كل ما قضى بوجود من خير وشر في الدنيا، وسعادة وشقاء في الآخرة.


فهذه الأمور الستة هي أركان الإيمان والعقيدة، وهي الأصول التي بعث بها الرسل جميعًا عليهم صلوات الله وسلامه، ونزلت بها الكتب، ولا يتم إيمان أحد إلا إذا آمن بها جميعًا، على الوجه الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن جحد شيئًا منها خرج عن دائرة الإيمان وصار من الكافرين.


هذه هي حقيقة الإيمان الذي لا يلتفت إليها كثير من العاملين للإسلام ودعوته اليوم، ولكننا مع ذلك نقول للإنصاف فحسب يجب أن نفرق بين أمرين كبيرين:

الأول: قضايا الإيمان الأساسية التي هي أصول الشريعة والدين.

الثاني: قضايا الخلافات بين الفرق التي تظهر بين وقت وآخر على طول التاريخ.


فالقضايا الأصول واجب شرعاً تعلمها وفهمها، أما القضايا التي تثار فيجب الوقوف عندها بحدها فما انتهى زمانه والخلاف فيه، نعم يجب ألا نعيد الكرة عليه ونحيي به مواتاً من الفتن. ولكن قد يستلزم الكلام فيها وتبيين الحق فيها إذا كان في الواقع ما يلزم ذلك، فلا نقول اليوم إن الكلام على مذهب الشيعة ومنهجهم عفى عليه الزمان، لأنهم لا يزالون بيننا، بل ويسعون للقضاء على أهل السنة وجعلهم في أضيق الخناق، بل ويسعون لتشييع العالم الإسلامي. .


الشيعة والروافض مثال ذلك:

فالشيعة الأوّل لربما يتأول لهم بعض أهل العلم بحسن النوايا منهم وسوء الفهم لنصوص الكتاب والسنة إلا أن شيعة زماننا لا يتأول لهم بذلك إلا السوقة والجهلة منهم ومن عامتهم، أما علماؤهم وأئمتهم الذين يزعمون فيهم العصمة والرفعة والتنزه عن الصغائر والكبائر معاً لربما لا يغتفر لهم ذلك؟


لأنهم على علم صحيح بما وقعوا فيه من التحريف والتأويل الباطل بل وإنشاء النصوص والأدلة المزعومة من كتب أئمتهم وعلمائهم على صحة مذهبهم الباطل في جملته وتكفيرهم وسبهم لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - و- رضي الله عنهم - جميعاً، بل وتفسيراتهم الباطلة لنصوص الكتاب والسنة في حق على رضي الله عنه وفاطمة والحسن والحسين - رضي الله عنهم - جميعاً.


يقول نعمة الله الجزائري: "إننا لا نجتمع معهم -يقصد أهل السنّة- على إلهٍ ولا على نبيٍ ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إنّ ربهم هو الذي كان محمد نبيَّه، وخليفته من بعده أبو بكر. . ونحن نقول: "إنّ الربّ الذي خلق خليفةَ نبيّه أبا بكرٍ ليس ربَّنا، ولا ذلك النبيُّ نبيَّنا" [4].


وكذلك قولهم بتحريف القرآن ولا أريد أن أنقل كثيراً من كلامهم كما جاء في الكافي عن جعفر بن محمد الصادق قوله: "عندنا مصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريهم ما مصحف فاطمة.. مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد" [5]. ويقول محمد باقر المجلسي: "إنّ كثيراً من الأخبار صريحة في نقص القرآن وتغييره، ومتواترة المعنى" [6].


وقال نعمة الله الجزائري: "الأخبار مستفيضة بل متواترة، وتدل بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادةً وإعراباً" [7]. ويقول الخميني: "لقد كان سهلاً عليهم -أي على الصحابة الكرام- أن يُخرجوا هذه الآيات من القرآن، ويتناولوا الكتاب السماويَّ بالتحريف، ويُسدِلوا الستار على القرآن، ويُغيِّبوه عن أعين العالمين. . إنّ تهمة التحريف التي يوجِّهها المسلمون إلى اليهود والنصارى، إنما ثبتت على الصحابة" [8]. وجاء في فصل الكتاب عن النوري الطبرسي أن الصحابة ما صانوا أمانة القرآن حتى أسقطوا: "آية الولاية من سورة الشرح ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، وهي: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4]، بعليٍّ صهرك".


ولكن الأدهى من ذلك في الواقع المعاصر اليوم أن تتحول الشيعة من مذهب وفرقة تنتسب إلى الإسلام بما لديها من أفكار ومعتقدات وأهواء. تتحول إلى مذهب سياسي، له قواعده وأصوله وأفكاره ومناهجه، فمنذ نشأة ما تسمى بثورة الخميني الخمسينية لاجتياح العالم الإسلامي وتشييعه والدولة الفارسية تتفاخر بأنها فارسية الأصل والنسب والمعتقد كذلك. بل وتسعى كذلك بما تملك من مقدرات للتدخل الكبير المباشر وغير المباشر في شؤون المسلمين هنا وهنالك ومحاولات كثيرة من ذلك قد نشأت كهذا الحزب الذي يسمى "بحزب الله" وما هو بحزب لله، وكذلك تدخلهم في شؤون العراق.


بل ونصب المحارق والمشانق لأهل السنة هناك الواقع العراقي اليوم خير شاهد على ذلك، ولم يلبث الشيعة أن سعوا بجهود خفية تارة ومعلنة تارة لتشييع العالم الإسلامي، وزيادة المد الشيعي الماكر فيه وعلى رأسه بلاد الحرمين ومهبط الوحيين السعودية وأرض الكنانة مصر، ومحاولة استرجاع دولة العبيديين والفاطميين التي اجتاحت العالم الإسلامي منذ قرون ليست بالبعيدة، وانتشارهم في البحرين والكويت والإمارات وغيرها من الدول الإسلامية والعربية.


ومما يؤسف له حقاً أن تفتح لهم بعض الدول وتتيح لهم الحركة والحرية تحت مسمى حرية الأفكار والمعتقدات حتى إذا وقعت الكارثة وبان الخفي من المكر والعبث اضطرت باتخاذ الإجراءات اللازمة، وهذا لا ريب نوع من العبث أيضاً بمعتقدات الأمة أن تسمح دول أهل السنة. أن يسب أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل وزوجاته الطاهرات العفيفات، وأن يكفروا أعلام الأمة وأسيادها من أمثال الصديق والفاروق وعثمان ممن زكاهم القرآن وزكاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأن تؤسس لهم المقار والمؤسسات تحت أسماء ومسميات. فهذا كله مما يؤسف له حقاً في بلاد تقر بالتوحيد وتوقر الصحابة وتقرأ القرآن في حقهم.


لقد تحول مسارهم إلى مطامع سياسية وجغرافية إلى كونهم معتقد خبيث ماكر جمع من كل ملة ما يهوى وخلط ما بين اليهودية تارة والنصرانية تارة أخرى والصوفية وغيرها، كما جاء عند الكُلَيني في أصول الكافي عن زرارة بن أعين: "ما عُبِدَ الله بشيءٍ مثل البداء". كما يروي عن أبي عبد الله زاعماً أنه قال: "ما تنبّأ نبيّ قط حتى يُقرَّ لله بخمس: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة". وهذا البداء يعني أن يظهر الأمر بعد أن كان خافياً، وفي هذا تنقص لجناب الله تعالى[9].


إن الشيعة خطر قادم ومكر داهم إذا لم يتنبه له المسلمون عامة وعلماء الأمة والدعاة وكذلك الساسة وأصحاب القرار خاصة، وإلا إن كنا نتخوف من الخطر الصهيوني اليهودي والخطر الغربي الصليبي فأقول إن الخطر الشيعي هو الخطر والخندق الحقيقي القريب إلينا لأنه يلبس لنا عباءة الإسلام والتدين المزعوم. ولأن كثيراً من الناس من اليسير جداً أن ينخدع بدعاوى محبة أهل البيت والتغني بذلك، فإذا به في شراك القوم وهو لا يدري.


ففي كل موطن يتغنى الشيعة بحب آل البيت، ونصرتهم، والولاء لهم، ومحبتهم والدفاع عنهم، وحب فاطمة وعلى رضي الله عنهما، وكذلك قولهم في الحسين رضي الله عنه وعن أبيه، حتى أطلوا علينا في هذه القرون المتأخرة، يرفعون عقيرتهم، ويشهرون سيوفهم الزائفة، ويقولون نحن سنحرر القدس، ونحن سندك اليهود، ونحن نصرة الإسلام وأعداء الأمريكان، إلى غير ذلك مما يقولون ويزعمون. وحقيقة الأمر أنها دعاوى زائفة، متجردة عن الصدق والبرهان، والواقع خير شاهد على ذلك.


وإن أهل السنة اليوم أحق بذلك كله منهم، وأولى بهم منهم، لأن أهل السنة لا يحقرون أهل البيت، ولا يقللون من مكانتهم السامية، بل هم على خلاف ذلك أصلاً، لأنهم يعتقدون أن محبة آل البيت، ونصرتهم، وإجلالهم طاعة وقربى إلى الله تعالى، كما أن أهل السنة أحق وأولى بقضية القدس وفلسطين منهم، وأولى بمسرى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبفتح الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهنا لا بد لنا هنا من وقفات:

الوقفة الأولى: نحن أولى بآل البيت ونصرتهم من الشيعة: نعم نحن أولى بآل البيت ونصرتهم ومحبتهم وموالاتهم من الشيعة أنفسهم لماذا؟

أولا: لأن محبة آل البيت واجبة على كل مسلم منتسب للإسلام، مصدق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر مسلم به لا إشكال فيه.


ثانياً: لأن المحبة تلزم أصحابها بقيود وشروط لا بد من الوقوف عندها، فمنها: الحب لله تعالى، والحب لشرف القرب والرحم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك المحبة لشرف الصحبة والمتابعة. ومنها كذلك ترك الغلو في المحبة، فلا تصل المحبة بأهلها إلى رفع المحبوب إلى منزلة لا تحل له، أو تصفه بما ليس فيه، أو تجعل له ما لا يكون إلا لغيره، ومنها كذلك الموالاة والنصرة فيما وافق الحق، وإلا لصارت مناصرة ومعاونة على الإثم والعدوان.


وحقيقة ذلك أن الشيعة لم يقفوا عند قيود المحبة والموالاة التي جاءت في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلقد تعدوا حدود الله تعالى في محبتهم وموالاتهم حتى وصل بهم الأمر إلى أن يضعوا النصوص الحديثية فيما يقرب من ثلاثمائة ألف حديث لمدح آل البيت.


مع أن الشريعة نهت عن الإطراء والمدح الذي يصل بالعبد إلى الغلو في الممدوح، حتى زعموا وقالوا: "إن السماء أمطرت دماً عبيطاً يوم قتل الحسين، وأنه ما رفع مسجد في الدنيا إلا وجد تحته دم عبيط"، قال ابن تيمية رحمه الله: كل ذلك كذب.


وكل الأحاديث التي جاء فيها سبي يزيد لأهل البيت وتقبيح معاوية والصحابة خاصة أبو بكر وعمر فكل هذه الأحاديث مكذوبة لا أصل لها، وكذا الأحاديث التي جاءت في المغالاة ورفع علي - رضي الله عنه - عن مكانة البشر وعلوه إلى مكانة الألوهية كلها كذب، ومن أمثلة هذا ما زعموه أن علياً في خيبر نصب يده ليمر عليها الجيش فوطئته البغلة فقال لها: قطع الله نسلك فانقطع نسلها بدعائه. [10] وكذلك غلوهم في مسألة الإمامة وتفضيل على رضي الله عنه على أبي بكر وعمر فيها - رضي الله عنهما -، وأنه أحق بها منهم، مما جعل الشيعة يدخلون في لعنة أبي بكر وعمر، ولا أدري متى كانت أولوية الإمامة تستوجب لعناً وغضباً حتى يصير سنة متبعة وعبادة في مذهبهم وعقيدتهم.


وخلاصة ذلك أن الشيعة تعدوا حدود الله تعالى في المحبة والنصرة والولاية لآل البيت وزعموا فيهم ما ليس لهم، حتى قالت السبئية منهم برجعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا كذلك بوصاية ونبوة علي - رضي الله عنه -، وقالوا أيضاً بالحلول وبالألوهية وغير ذلك، ومنهم القائلون بتكفير الصحابة والطعن فيهم وهذا واضح في صلاتهم وخطبهم.


أما أهل السنة فقد أنزلوا آل بيت النبوة مكانتهم، وعرفوا لهم قدرهم من الإجلال والإكبار والحب والتوقير ما ليس عند غيرهم، بل ويصلون عليهم في كل صلاة من صلواتهم ويسلمون، بل وفي دعائهم يقولون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد"، ومع ذلك لا يزعمون فيهم العصمة لأنها ليست إلا للأنبياء والرسل، ولا ينتقصون قدرهم، بل يقفون مع الأدلة التي أمرت بالمحبة والموالاة والنصرة فيما لا تعدي فيه على حدود الله ورسله.


الوقفة الثانية: نحن أولى بفلسطين والقدس من الشيعة: نعم ونحن أولى منهم كذلك بمناصرة قضيتنا الكبرى القدس والأقصى، بل وكل مقدس إسلامي الهوية والمنشأ، وهنا أقف سريعاً أمام نصين:

الأول: للأستاذ محمد كرد علي في كتاب خطط الشام حيث يقول: "والغريب أن شيعة جبل عاملة كانوا من حزب الصليبيين على المسلمين إلا قليلاً، كما أن هوى الموارنة مع الصليبيين ويعملون عندهم أدلاء وتراجمة".


الثاني: ما نقل عن بعض المؤرخين في النجوم الزاهرة لابن تغري: "قال ولم ينهض الأفضل [أي الفاطمي] بإخراج عسكر مصر [أي عند دخول الصليبيين فلسطين] وما أدري ما كان السبب في عدم إخراجه مع قدرته على المال والرجال".


وهذا كما قال ابن تغري يظهر عدم اكتراث أهل مصر بالفرنج من كل وجه، ومن هنا نعلم حقيقة الشيعة الفاطميين الذين كانوا سبباً كبيراً كذلك في احتلال القدس وسفك الدماء وتمزيق الأشلاء من المسلمين بالآلاف المؤلفة، في يوم دخلوا فيها القدس - حررها الله من كل دنس - فالدولة الفاطمية بتتبع تاريخها القاتم في هذه المرحلة نرى أنها تكاسلت تماماً عن قضية الصليبيين والقدس بل والشام، حماية لأملاكهم وأطماعهم من شر السلاجقة.


حتى أن أسد الدين شيركوه استعان بالوزير الفاطمي المسمى ضرغام ليكون وسيطاً بينه وبين الصليبيين، فلما علم تدبيره لهم باغته يومها في تل بسطة وانتصر عليه، وظلت هكذا حتى بعث لها صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى، فطارد الصليبيين، وأنكى الهزيمة بالمذهب الشيعي في مصر والشام[11].


واليوم يظهر الشيعة من جديد ليقولوا للعالم كله في خداع ومكر وخبث شديد أننا محرروا القدس، وناصروا الإسلام والمسلمين. ولا أدري كيف ينصر القدس ويحرر الأقصى من سلمها لأعداء الأمة بيد بيضاء؟ ولا أدري كذلك كيف يفتحون القدس ويحاربون اليهود، وقد فتحها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهم يلعنون عمر وحزب عمر، فكيف يفتحها بعد عمر من عبادته في صلواته لعن عمر والصحابة؟ والتاريخ اليوم خير شاهد على ذلك.


وأين كانت صواريخ حزب الله من الصهاينة يوم أن دخلوا جنين والخليل والضفة، وأين كانت دباباتهم يوم أن حاربوا بسيف من البطش والحقد الأسود الدفين في غزة، ولماذا إلى اليوم لم يحرروا القدس وفلسطين فضلاً عن العراق والجولان؟ الجواب إنه المكر والخداع، والحرب الكلامية والسياسية التي لا تكون إلا في حوزتهم ومصالحهم وأطماعهم، وكما قلت من قبل: لقد تحول مسارهم إلى مطامع سياسية وجغرافية إلى كونهم معتقد خبيث ماكر جمع من كل ملة ما يهوى وخلط ما بين اليهودية تارة والنصرانية تارة أخرى والصوفية وغيرها.


فليس للقدس اليوم إلا أهل السنة الذين فتحوها أول الأمر ودخلوا المسجد بالتوحيد والتمكين فاتحين مناصرين، ولن ينصر القدس يوماً من سلمها لأعدائه بيد بيضاء مخزية.


الوقفة الثالثة: نداء إلى المخدوعين بزيف الشيعة: أقول هل يفيق النائمون، وهل يعقل الجاهلون، وهل يدرك الخطر الداهم، والمكر القاتم كل منتسب لأهل السنة لا يزال يوالي هؤلاء المخادعين، ولا يزال يضع يده في أيديهم وينادي بالتقارب بيننا وبينهم، ونزع العداوة من أهل السنة لهم، وإني لأقول: أهل السنة لا يعادون بهوى ولا لهوى إنما هم قائمون على حدود الله فيها، لا إفراط ولا تفريط، فليترك الشيعة عداوتهم لمن أمر الله ورسوله بمحبته ونصرته، وليتوقفوا عن مناصرة أعداء الأمة من الشرق والغرب ضد إسلامهم الذي يزعمون، عندها لن يكون إلا مناصرتهم ومحبتهم إن استقاموا على شريعة الإسلام ومحبة أهل السنة المتبعين لآل البيت وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.


فهل لنا بعد كل ذلك أن نقول هذه قضايا عفى عليها الزمان، وخذ على ذلك جميع الفرق والطوائف كالصوفية والخوراج والمعتزلة والأشاعرة. فإذا وجدنا سائغاً لمناقشة هذه القضايا لبيان منهج أهل الإيمان والسنة، والتحذير من خطر المخالفين، فلا علينا أن يكون ذلك من قبيل الواجب الشرعي.



[1] الإيمان وأركانه. نعيم ياسين.

[2] إسلامنا. للسيد سابق.

[3] العقيدة الإسلامية. أحمد آل سبالك.

[4]الأنوار النعمانية. (ج2/287).

[5]الكافي. (ج/1239).

[6]مرآة العقول. (253).

[7]الأنوار النعمانية. (ج2/357).

[8]كشف الأسرار. (114).

[9] أصول الكافي. (ج/1146).

[10] انظر الفوائد الموضوعة للشيخ مرعي الكرمي.

[11] حزب الله. لسيد العفاني.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرد على شبهة : اشتغال السلفيين بقضايا هامشية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شبهة: تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، وأن السلفيين مشغولون بقضايا فقهية فرعية عن القضايا الكلية والمصيرية للأمة
»  الرد على شبهة حديث الثقلين
» الرد على شبهة: أن الدعوة السلفية تفرق ولا تجمع
»  الرد على شبهة التوسل والوسيلة
» الرد على شبهة: السنة تخالف العقل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: