اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  حسبنا الله ونعم الوكيل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100265
 حسبنا الله ونعم الوكيل Oooo14
 حسبنا الله ونعم الوكيل User_o10

 حسبنا الله ونعم الوكيل Empty
مُساهمةموضوع: حسبنا الله ونعم الوكيل    حسبنا الله ونعم الوكيل Emptyالإثنين 29 أبريل 2013 - 11:50

(حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ)

الحمد لله الذي من علينا فهدانا ، وأطعمنا وسقانا ، واصطفانا على الأمم واجتبانا ، أحمده سبحانه على ما أسبغ من النعم وأعطانا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو حسُبنا ومولانا ، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله أفضل العالمين بيانا ، وأصدقهم لسانا ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد : فاتقوا الله إيها المؤمنون حق التقوى .



معاشر المسلمين:

إِذَا نَطَقَتْ بِهَا الأَفْوَاهُ، هَزَّتْ فِي النُّفُوسِ وِجْدَانَهَا، وَتَعَلَّقَتِ الأَرْوَاحُ خَارِجَ عَالَمِهَا.



هِيَ مَفْزَعُنَا إِذَا ضَاقَتِ الكُرُوبُ، وَهِيَ مَلَاذُنَا إِذَا عَظُمَتِ الخُطُوبُ.



هِيَ الكَلِمَةُ الَّتِي تَقِفُ عَلَى طَرَفِ اللِّسَانِ حِينَ يَأْخُذُ الخَوْفُ وَالحُزْنُ مَكَانَهُ فِي القَلْبِ.



وَهِيَ العِبَارَةُ الَّتِي تَلُوحُ أَمَامَنَا حِينَ تَنْقَطِعُ وَتَتَخَلَّى عَنَّا الأَسْبَابُ الأَرْضِيَّةُ.



حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، مَا أَكْبَرَ مَعْنَاهَا! وَمَا أَعْظَمَ دَلَالَتَهَا! وَمَا أَشَدَّ أَثَرَهَا!



حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، اسْتَشْعَرَهَا إِبْرَاهِيمُ الخَلِيلُ حِينَ حَمَلَهُ أَهْلُ الإِشْرَاكِ لِيُلْقُوهُ فِي النَّارِ، فَلَمَّا بَصَرُتْ عَيْنُهُ النَّارَ، رَدَّدَ بِلِسَانِهِ، وَقَدْ مُلِئَ قَلْبُهُ تَوْحِيدًا: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، فَقَالَ اللهُ: ﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69].



حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، اسْتَشْعَرَهَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ، فَقِيلَ لَهُ وَقَدْ تَجَمَّعَتْ عَلَيْهِ الكُلُومُ وَالهُمُومُ: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ﴾ فقال هو وأصحابه :حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173 - 174].

حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، هِيَ مَنْهَجُ حَيَاةٍ، نَلُوذُ بِهَا، وَنَعْتَصِمُ بِهُدَاهَا فِي أَحْوَالِنَا كُلِّهَا.



هِيَ سِلَاحُنَا قَبْلَ القُوَّةِ المَادِّيَّةِ، وَالأَسْبَابِ الأَرْضِيَّةِ.



هِيَ هُتَافُنَا .... حِينَ نَرَى تَسَلُّطَ أَهْلِ الطُّغْيَانِ عَلَى رِقَابِ المُسْتَضْعَفِينَ.



نُرَدِّدُهَا ....حِينَ نَسْمَعُ تَسَافُلَ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ عَلَى شَرَائِعِ الدِّينِ، وَمَقَامِ وَقَامَاتِ المُرْسَلِينَ.



حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، هِيَ سَلْوَانَا .... إِنْ قَلَّتْ أَمْوَالُنَا، وَجَفَّتْ مَوَادُّنَا، وَشَحَّتْ مَصَادِرُنَا، هِيَ مَفْزَعُنَا إِذَا عَمَّتِ الشَّهَوَاتُ، وَتَعَلَّقَتِ القُلُوبُ بِالفِتَنِ وَالمُغْرِيَاتِ.



فَلَا شَيْءَ إِلَّا اللهَ، لَا حَوْلَ إِلَّا حَوْلَهُ، لَا قُوَّةَ إِلَّا قُوَّتَهُ، لَا إِرَادَةَ إِلَّا إِرَادَتَهُ.



(حَسْبُنَا اللهُ): كَلِمَةُ الْتِجَاءٍ يَسْتَشْعِرُ فِيهِ العَبْدُ اسْمَ اللهِ الحَسِيبِ، وَالحَسِيبُ هُوَ: الكَافِي، فَهُوَ سُبْحَانَهُ كَافٍ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ.


وَإِذَا العِنَايَةُ لَاحَظَتْكَ عُيُونُهَا
نَمْ فَالمَخَاوِفُ كُلُّهُنَّ أَمَانُ



هُوَ سُبْحَانَهُ يَكْفِي عَبْدَهُ مَا أَهَمَّهُ مِنْ ضُرٍّ، وَيَجْلِبُ مَا رَجَاهُ مِنْ خَيْرٍ.



(وَنِعْمَ الوِكْيلُ): أَيْ كَفِيلٌ عَلَى أُمُورِنَا، قَيِّمٌ عَلَى مَصَالِحِنَا، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: أَيِ اللهُ وَحْدَهُ كَافِينَا كُلَّنَا.



حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ: عَقِيدَةٌ رَاسِخَةٌ، تَعْنِي: تَوَكُّلَ العَبْدِ عَلَى رَبِّهِ، وَالْتِجَاءَهُ إِلَيْهِ، وَافْتِقَارَهُ لِعَوْنِهِ وَتَسْدِيدِهِ، وَمَدَدِهُ وَتَوْفِيقِهِ.
إِنْ مَسَّنَا الضُّرُّ أَوْ ضَاقَتْ بِنَا الحِيَلُ
فَلَنْ يَخِيبَ لَنَا فِي رَبِّنَا أَمَلُ
اللهُ فِي كُلِّ خَطْبٍ حَسْبُنَا وَكَفَى
إِلَيْهِ نَرْفَعُ شَكْوَانَا وَنَبْتَهِلُ
وَمَنْ نَلُوذُ بِهِ فِي كَشْفِ كُرْبَتِنَا
وَمَنْ عَلَيْهِ سِوَى الرَّحْمَنِ نَتَّكِلُ
فَافْزَعْ إِلَيْهِ وَأقْرِعْ بِابَ رَحْمَتِهِ
فَهْوَ الرَّجَاءُ لِمَنْ أَعْيَتْ بِهِ السُّبُلُ



فَيَا أَهْلَ التَّوْحِيدِ، هَذَا أَصْلُ التَّوْحِيدِ، التَّعَلُّقُ بِاللهِ - جَلَّ جَلَالُهُ، وَارْتِبَاطُ القُلُوبِ بِخَالِقِهَا وَمُوجِدِهَا، وَبِالذَّاتِ إِبَّانَ مَصَائِبِهَا وَمِحَنِهَا وَأَزَمَاتِهَا، فَلَا خَلَاصَ وَلَا نَجَاةَ مِنْ مِحَنِ الدُّنْيَا إِلَّا بِحَبْلِ السَّمَاءِ؛ ﴿ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ﴾ [الأنعام: 64].



إِذَا تَعَلَّقَتِ القُلُوبُ، بِحَوْلِ وَقُوَّةِ عَلَّامِ الغُيُوبِ، تَنَاهَتْ فِي ذُلِّهَا وَعُبُودِيَّتِهَا، فَصَغُرَ وَضَعُفَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا حَوْلَهُ وَقُوَّتَهُ.



إِذَا الْتَجَأَتِ الأَفْئِدَةُ، بِرَبِّهَا اسْتَشْعَرَتْ هَيْمَنَةَ اللهِ عَلَى الحَيَاةِ، فَلَا يَجْرِي فِي الكَوْنِ شَيْءٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ، فَحُقَّ لِلْقُلُوبِ بَعْدَهَا أَنْ تَعِيشَ مَسَاحَاتٍ مِنَ التَّوَكُّلِ وَتَفْوِيضِ الأُمُورِ للهِ.



وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ، فَهُوَ أَهْلٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].



مَنْ كَانَ هَذَا مَخْبَرَهُ، فَقَمِنٌ أَنْ يَحْفَظَهُ رَبُّهُ وَيَكْفِيهِ؛ ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]



يَا أَهْلَ التَّوْحِيدِ، التَّعَلُّقُ بِاللهِ عِزٌّ وَاسْتِعْلَاءُ كَرَامَةٍ، وَالتَّعَلُّقُ بِمَا دُونِ اللهِ ضَعْفٌ وَهَوَانٌ وَمَهَانَةٌ.



التَّعَلُّقُ بِاللهِ هُوَ وَرَبِّي بُرْهَانُ التَّوْحِيدِ، وَدَلِيلُ الإِيمَانِ، يُحْيِي الهِمَمَ الفَاتِرَةَ، وَيُوقِظُ النُّفُوسَ الغَافِلَةَ، وَيَقْذِفُ فِي القُلُوبِ شُحْنَاتٍ مِنَ التَّذَلُّلِ وَالافْتِقَارِ، وَتِلْكَ وَاللهِ مَقَامَاتٌ يُحِبُّهَا اللهُ وَيَرْضَاهَا، وَيَجْزِي أَهْلَهَا الجَزَاءَ الأَوْفَى.



عِبَادَ اللهِ:

مَنْ أَعْظَمُ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ وَالْتَجَأَ إِلَيْهِ ؟ مَنْ أَشَدُّ مَنْ فَوَّضَ أَمْرَهُ لِخَالِقِهِ وَاعْتَصَمَ بِهِ؟


إِنَّهُمْ رُسُلُ اللهِ، صَفُوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ عِبَادِهِ.



اسْتَعْرِضُوا حَيَاتَهُمْ كَمَا قَصَّهَا القُرْآنُ، لِتَرَوْا أَنَّ التَّعَلُّقَ بِاللهِ وَحْدَهُ هُوَ رَفِيقُهُمْ، وَبَثَّ الشَّكْوَى إِلَيْهِ هُوَ حُدَاؤُهُمْ.



كَمْ تَعَرَّضُوا فِي حَيَاتِهِمْ لِمِحَنٍ وَإِحَنٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا يَمِينًا وَشِمَالًا، وَإِنَّمَا شَمَخَتْ جِبَاهُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، يَسْتَمْطِرُونَ الفَرَجَ وَالمَخْرَجَ وَرَفْعَ العَنَاءِ.



سُفِّهَ نُوحٌ فِي عَقْلِهِ، وَزُجِرَ وَعُنِّفَ، حَتَّى أَيِسَ مِنْ قَوْمِهِ، وَضَاقَ عَلَيْهِ كَرْبُهُ، فَالْتَجَأَ إِلَى رَبِّهِ بِالدُّعَاءِ؛ قَالَ اللهُ عَنْهُ: ﴿ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ [القمر: 9، 10]، ﴿ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الصافات: 75، 76].



صَرَخَ قَوْمُ مُوسَى: ﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء: 61]، فَقَالَ كَلِيمُ اللهِ - وَقَدِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ تَعَلُّقًا وَيَقِينًا -: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الصافات: 114، 115].



رَكِبَ يُونُسُ بْنُ مَتَّى مَعَ الرَّاكِبِينَ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ، فَأُلْقِيَ فِي لُجَجِ البِحَارِ، وَانْقَطَعَ عَنْهُ الضُّوءُ وَالنَّهَارُ، فَالْتَجَأَ إِلَى رَبِّهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالاعْتِرَافِ؛ ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].



مَرِضَ أَيُّوبُ، وَطَالَ عَلَيْهِ الدَّاءُ؛ فَفَزِعَ إِلَى رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ؛ ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83]، فقال الله: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ﴾ [الأنبياء: 84].



تَأَلَّمَ يَعْقُوبُ لِفَقْدِ يُوسُفَ، وَلَازَمَتْهُ أَحْزَانُهُ، حَتَّى ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ، مِنْ كَثْرَةِ تَضَرُّعِهِ لِرَبِّهِ وَشَكْوَاهُ، فَبَرَّدَ اللهُ عَلَيْهِ حَرَّ فِرَاقِ الوَلَدِ، وَأَذْهَبَ عَنْهُ أَلَمَ الكَآبَةِ وَالكَمَدِ.



تَعَرَّضَتْ لِيُوسُفَ فِتْنَةُ الشَّهَواتِ، وَتَهَيَّأَتْ لَهُ كُلُّ صُوَرِ المُغْرِيَاتِ، فَمَا عَصَمَهُ مِنْ هَذَا البَلَاءِ إِلَّا التَّعَلُّقُ بِاللهِ وَالدُّعَاءُ؛ ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33].



إِنَّهَا قُلُوبٌ تَعَلَّقَتْ بِاللهِ رَغَبًا وَرَهَبًا، كَانُوا مَعَ اللهِ، فَكَانَ اللهُ مَعَهُمْ،
فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالحَيَاةُ مَرِيرَةٌ
وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ
إِذَا صَحَّ مِنْكَ الوُدُّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ
وَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ



التَّعَلُّقُ بِاللهِ مَبْدَأٌ رَبَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَابَتَهُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - وَزَكَّى أَرْوَاحَهُمْ بِهَذِهِ العَقِيدَةِ الصَّافِيَةِ، ثَقُلَ عَلَى الصَّحَابَةِ قَوْلُ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدْ الْتَقَمَ القَرْنَ، وَاسْتَمَعَ الإِذْنَ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالنَّفْخِ، فَيَنْفُخَ))، فَتَأَثَّرَ الصَّحَابَةُ مِمَّا سَمِعُوا، حَتَّى رُؤِيَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: قُولُوا: (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ).



هَذِهِ التَّرْبِيَةُ المُحَمَّدِيَّةُ فِي التَّعَلُّقِ بِاللهِ شَمِلَتْ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ عَلَى اخْتِلَافِ أَعْمَارِهِمْ، قَالَ لِصَاحِبِهِ وَرَفِيقِهِ الصِّدِّيقِ، وَقَدْ عَلَتْهُ الأَحْزَانُ فِي الغَارِ: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].



وَقَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الشَّابُّ: ((اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ)).



وَأَوْصَى ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ غُلَامٌ: ((تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ)).



عِبَادَ اللهِ:

الالْتِجَاءُ إِلَى اللهِ وَالتَّعَلُّقُ بِهِ، لَيْسَ خَاصًّا فِي حَالِ الضَّرَّاءِ، بَلْ يُسْتَصْحَبُ حَتَّى فِي حَالِ طَلَبِ الخَيْرَاتِ، وَاسْتِجْلَابِ المَنَافِعِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ﴾ [التوبة: 59].



وَهَذَانِ الحَالَانِ - أَعْنِي: اسْتِشْعَارَ جُمْلَةِ: (حَسْبُنَا اللهُ) حَالَ طَلَبِ خَيْرٍ أَوْ دَفْعِ شَرٍّ - ذَكَرَهُمَا المَوْلَى تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: ﴿ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38].



بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ...


الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ المُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى، أَمَّا بَعْدُ فَيَا إِخْوَةَ الإِيمَانِ، لَقَدْ أَطْلَقَتْهَا حَنَاجِرُ الأَبْطَالِ فِي الشَّامِ، أَطْلَقُوا عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ وَالتَّعَلُّقِ بِاللهِ، لَقَدْ قَالُوا بِصَرَاحَةٍ وَوُضُوحٍ: مَا لَنَا غَيْرُكَ يَا أللهُ!



قَالُوهَا .... بَعْدَ أَنِ انْقَطَعَتِ الآمَالُ بِالشَّرْقِ وَالغَرْبِ الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ إِلَّا وَفْقَ مَصَالِحِهِ.



رَدَّدُوهَا .... بَعْدَ أَنْ تَخَلَّى عَنْهُمْ غَالِبُ المُسْلِمِينَ، وَاكْتَفَتْ جُمُوعُهُمْ يَرْمُقُونَهُمْ بِأَعْيُنِهِمْ، وَيُحَوْقِلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ.



أَعْلَنُوهَا ... بَعْدَ أَنْ حُرِمُوا مِنْ أَبْجَدِيَّاتِ الحَيَاةِ مِنَ الطَّعَامِ وَالمَاءِ، وَالدَّوَاءِ وَالكَهْرُبَاءِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمْ إِلَّا الهَوَاءُ.



صَرَخُوا بِهَا .... بَعْدَ أَنْ قُصِفَتْ بُيُوتُهُمْ، مَسَاجِدُهُمْ، مَآذِنُهُمْ، وَقُطِّعَتْ أَشْلَاؤُهُمْ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ.



نَعَمْ لَقَدْ عَجَّتْ بِهَا حَنَاجِرُهُمْ بَعْدَ أَنْ رَأَوُا العِصَابَاتِ النُّصَيْرِيَّةَ ، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهَا الرَّحْمَةُ وَالإِنْسَانِيَّةُ، فَلَمْ يَرْأَفُوا بِشَيْخٍ وَلَا رَضِيعٍ، وَلَا امْرَأَةٍ أَوْ وَدِيعٍ!



فَيَا للهِ! قَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا مِنَ الطُّيُورِ غَرَضًا؛ (أَيْ: هَدَفًا يَرْمِيهِ بِلَا قَصْدِ الصَّيْدِ).



وَعِصَابَاتُ الإِجْرَامِ تُمْطِرُ بالصَّوَارِيخِ وَالمِدْفَعِيَّةِ وَأَنْوَاعِ الأَسْلِحَةِ نُفُوسًا بَشَرِيَّةً بَرِيئَةً، حُرْمَتُهَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ هَدْمِ الكَعْبَةِ، وَلَزَوَالُ الدُّنْيَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ قَتْلِهَا.



هَذَا الالْتِجَاءُ وَالتَّعَلُّقُ بِاللهِ مِنْ أَبْطَالِ الشَّامِ هُوَ الخُطْوَةُ الأُولَى لِلنَّصْرِ الحَقِيقِيِّ، حِينَ لَا يَبْقَى فِي القُلُوبِ أَمَلٌ إِلَّا بِاللهِ، حِينَ تَيْئَسُ النُّفُوسُ مِنْ مَجْلِسِ الأَمْنِ، وَمِنْ هَيْئَةِ الأُمَمِ، وَمِنَ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ.



حِينَ تَيْئَسُ القُلُوبُ مِنْ تَخَاذُلِ السَّاسَةِ القَاعِدِينَ، وَمِنَ الشُّعُوبِ اللَّاهِينَ، فَلَا يَبْقَى إِلَّا بَابُ السَّمَاءِ لِلإِيوَاءِ وَالاسْتِنْصَارِ، وَمَنْ آوَى إِلَى اللهِ، فَقَدْ آوَى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ؛ ﴿ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110].



هَذَا المَلِكُ العَظِيمُ الرَّحِيمُ، السَّمِيعُ البَصِيرُ العَلِيمُ، حَاشَاهُ حَاشَاهُ أَنْ يَتَخَلَّى عَمَّنِ اسْتَنْصَرَ بِهِ، حَاشَاهُ أَنْ يَخْذُلَ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ، لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ حِكَمٌ عَظِيمَةٌ فِي تَأْخِيرِ النَّصْرِ، وَإِنْزَالِ العُقُوبَةِ عَلَى أَهْلِ الظُّلْمِ، قَدْ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ العَظِيمِ.



أَلَمْ يَقُلِ اللهُ تعالى: ﴿ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [محمد: 4].



أَلَيْسَ مِنْ سُنَنِ اللهِ: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 3]،



أَمَا قَالَ الحَقُّ: ﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 140]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31]، إِنَّهَا إِرَادَةٌ إِلَهِيَّةٌ؛ ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾ [آل عمران: 166، 167].



فَأَبْشِرُوا يَا أَهْلَنَا فِي الشَّامِ، فَهَذِهِ آيَاتُ الرَّحْمَنِ تُخَاطِبُكُمْ بِالعِزِّ وَالرِّفْعَةِ وَالاصْطِفَاءِ وَالشَّهَادَةِ، فَوَاللهِ مَا تَعَلَّقَتْ قُلُوبٌ بِخَالِقِهَا صِدْقًا وَحَقًّا إِلَّا ثَبَّتَهَا اللهُ بِالسَّكِينَةِ، وَأَذْهَبَ عَنْهَا الخَوْفَ، وَبَلَّغَهَا رَجَاءَهَا، وَأَعْطَاهَا فَوْقَ مُنَاهَا.



وَأَخِيرًا يَا أَهْلَ الإِيمَانِ، اسْتَدْفِعُوا طُوفَانَ البَلَاءِ عَنْ إِخْوَانِكُمْ بِالتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ، وَإِصْلَاحِ الحَالِ، وَالاسْتِكْثَارِ مِنَ القُرُبَاتِ وَالطَّاعَاتِ.



قِفُوا مَعَهُمْ وَانْصُرُوهُمْ بِاللِّسَانِ وَالمَقَالِ، وَالدُّعَاءِ وَالمَالِ، كُلٌّ بِحَسَبِهِ وَجَهْدِهِ؛ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ، وَمَنْ قُدْرَ عَلَيْهِ جَهْدُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ، ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7].


أَغِيثُوا الشَّامَ يَا قَوْمِي أَغِيثُوا
فَبَشَّارُ الخَسِيسُ بِهِ يَعِيثُ
فَأَرْضُ الطُّهْرِ أَرْضُ الشَّامِ لَا لَا
يَجُوزُ بِأَنْ يُدَنِّسَهَا الخَبِيثُ
قَدِ ارْتَضَعَ الخِيَانَةَ مِنْ أَبِيهِ
فَشَاهَ مُورِّثٌ وَكَذَا الوَرِيثُ
أَمِدُّوهُمْ بِمَالٍ أَوْ سِلَاحٍ
وَأَدْوِيَةٍ وَأَبْطَالٍ تُغِيثُ
عَدَاوَتُهُمْ لِدِينِ اللهِ أَضْحَتْ
فُصُولًا لَيْسَ يَحْصُرُهَا الحَدِيثُ


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حسبنا الله ونعم الوكيل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مباحث في شرح "حسبي الله ونعم الوكيل"
»  الآثار الواردة في منـزلة الیهود ونعم الله عليهم
» حكم تصرف الوكيل الاستبدال
» الفرق بين ان شاء الله وانشاء الله وصل الله وصلي الله
»  دوافع التمسك بدين الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: