السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشكركم كثيراً علي هذا الموقع المفيد، وأريد مساعدتي في كيفية الوصول إلي جعل كل أعمالي ونيتي خالصة لله تعالى.
فمثلاً: أنا أقوم بتحفيظ بعض الأخوات القرآن - بفضل الله - في نفس الوقت الذي أحفظ فيه، وأريد - إن شاء الله تعالي - أن أختمه، وقد قمت بالتقدُّم لمعهد إعداد الدعاة، وفي طريقي لاجتياز امتحان القبول، وأريد أن تكون نيتي في كل تلك الأعمال لله تعالي فقط، وليس للشهرة أو ليقول الناس عني إنني داعية، أو أتلقي الشكر من أحد.
علماً بأني كنت في دراستي أو عملي أحب الثناء جداً، وكنت مجتهدة ومتفوقة - ولله الحمد - ولكني أريد أن أتغير في أعمال الخير التي تتعلق بالدين، وأن تكون النية خالصة لله تعالي.
فبالله عليكم أبغي نصحكم، ولو في خطوات تشرح كيف يتسنَّى لي ذلك، وكيف أفعل ذلك؟
أنا في انتظار ردكم على البريد الإلكتروني، وجزاكم الله عني خير الجزاء.
الجواب
الأخت الكريمة.. مرحباً بك ..
سررنا جميعاً برسالتك التي تبعث فينا الطمأنينة بأن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ما زالت بخير، بوجودك ووجود أمثالك من الفتيات الصالحات. أريد أن أعلِّق على سؤالك في النقاط التالية:
أولاً: قلقك على النية وإخلاصها دليل على حياة الإيمان في قلبك، وقد كان السلف الصالح - رضوان الله عليهم - يشغلهم ما يشغلك من إخلاص النية والعمل لله عز وجل.. فهذه علامة جيدة؛ فاحمدي الله عليها.
ثانياً: إخلاص النية لا يأتي بطريقة عفوية، بل تحتاج النية إلى العمل عليها، عبر المراقبة اللصيقة لها ولما يصاحبها من قول أو فعل مهما صغر، ومن ثَمَّ مراجعتها قبل الإقبال على أي عمل, والعمل على تنقيتها من شوائب هوى النفس (الشهرة, والذكر الحسن, والمكاسب المادية وغيرها). فكما أن أداء الصلاة هو عمل فكذلك تنقية النية وتصويبها هو عمل أيضاً.
ثالثاً: من العلامات الواضحة للإخلاص في أي عمل، عدم تأثُّرِهِ بمدح الناس أو ذمهم، صحيح أننا جميعاً نشعر بالسرور والحماس عندما نستمع إلى الثناء, وتتثبط همتنا عندما نستمع إلى الذم، لكن أن يكون هذا هو المحرك الأساسي فهذه علامة خطيرة.
رابعاً: هناك لحظات مهمة وخطيرة يجب أن تنتبهي لها، وهي لحظات اطلاع الناس على عملك وثنائهم عليه، انتبهي في هذه اللحظات المهمة من مشاعر الكبر والغرور, واحمدي الله في نفسك على الهداية والتوفيق, وأنه لولاه سبحانه لما كان ما كان.. واسألي الله القبول واستعيذي من إحباط العمل.. ولا تفزعي ولا تخافي بعد ذلك, فقد ظهرت مثل هذه الأسئلة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسأله أصحابه عنها؛ فقد جاء في صحيح مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه ؟ قال : ((تلك عاجل بشرى المؤمن)).
عاجل بشرى المؤمن؛ لأنه لم يعمل العمل ابتداءً ولا انتهاءً من أجل أن يراه الناس؛ لكنه لما عمل العمل، أَطْلَعَ الله عليه الناس؛ فحمدوه عليه، بخلاف من يعمل العمل ليُحمد عليه.
ختاماً: من المعلوم أن الأمر ليس بهذه السهولة، لكن عندما يجد الله - عز وجل - منك الجهد الذي تبذلينه في إخلاص النية وتنقيتها فسيعينك بمشيئته، ويتقبل منك برحمته وكرمه بعباده، إنه سبحانه جواد كريم رحيم.
وفقك الله إلى كل خير، ولا تنسي أخوانك من صالح الدعاء.