السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعدُ،
نعلم أنَّ هناك كثيرًا من الإخوان والأقارب تمرُّ بهم الشُّهور والسنون
ولم يُسلِّم أحدٌ منهم على الآخَر؛ وذلك لوجود خِلافٍ قد وقَع فيما بينهم،
ومن هنا أبدأُ قصَّتي؛ وهي وجود خِلافٍ مع أحد أقاربي، وقد استمرَّ هذا
الخلافُ أكثر من سنةٍ ونحن كلٌّ منَّا مُقاطعٌ الآخَر، ولا يُسلِّم أحدنا
على الآخَر، وكان ضميري دائمًا يُؤنِّبني لما حدَث بيننا من قطيعةٍ، مع
عِلمي التامِّ بعدمِ مُبالاته بهذه القطيعة، وكونه هو السبب في كلُ ما
حدَث، وفي أحد الأيَّام قرَّرت أنْ أتسامح معه، وأنْ أجعل ذلك لوجهِ الله،
وقد حدَث ذلك، وبعد عدَّة أشهر للأسف اختلفنا مرَّةً أخرى، وكان هو المخطئ
مع علمه بذلك، وعادت القطيعة مرَّةً أخرى، ولنا ما يُقارب ثمانية أشهر على
تلك الحال، وحتى لا أطيل عليكم أنا جاهزٌ لأنْ أتسامَحَ معه مهما كانت
الظروف؛ حتى أنال رضا ربِّ العالمين، وقد تتَّفقون معي أنَّ ما فعلتُه هو
عين الصواب، ولكنْ للأسف هذا الرجل له نظرة أخرى؛ فقرَّرت أنْ أُرسل له
رسالةً قبل أنْ أذهب لأتسامح معه، وهذا كلُّ ما أريد!أريدُ منكم
أنْ تُسعِفوني برسالةٍ بليغة أرسلُها إليه مضمونها كما يلي: إنَّ مسامحتي
معك ليس ضعفًا من مقدرتي أنْ أفعَلَ ما فعلته من عنادٍ وسفه وتكبُّر،
ولكنَّ الدِّين يحرمُ ذلك؛ إنَّ قطيعة الرحم من كبائر الذُّنوب، إنَّ دعاء
المتخاصمين لا يُرفع إلى الله إلا بعد الصلح، إنَّ العافية والرزق من ربِّ
العالمين وليست بيدك، إنَّ ما تفعله هو من الجهل والطيش، حديث من السُّنَّة
إنْ أمكن، قصيدة أو بيت من الشعر، وكل ما يتناسب مع الموضوع. أرجو مساعدتي، وجزاكم الله كلَّ خير. الجواببِسْمِ اللهِ المُوفِّق للصَّواب
وهو المُستعان
أيُّها الأخ الفاضِل:من المُستحسَن أنْ تَنْبُعَ
رسالتُكَ من عيْنٍ دافِئة في قَلْبكَ؛ فلقد قالَ عامِرُ بن عبدالقَيْس:
"الكَلِمَةُ إذا خرجتْ من القَلْبِ وقَعتْ في القَلْبِ، وإذا خرجتْ من
اللِّسانِ لم تُجاوِز الآذان"، وكم من رَسائِل ومَواعِظ ومَقالاتٍ
واسْتِشاراتٍ زُخْرفتْ ونُقِشتْ وزُيِّنتْ، وظَنَّ كاتِبُوها أَنَّهُمْ قد
أحسنُوا وأجادُوا وأبْدَعُوا، ثم لم تقَعْ كَلِماتُهم المُقَعَّرة
والمُحدَّبة في قُلُوب أحَدٍ من العالَمِين!
كما أنَّكَ تريدُ "رِسالةً
بَلِيغة"، ولستُ أنا التي تُحْسِن كتابةَ الرَّسائِل البَلِيغة، لا أقولُ
ذلك تَواضُعًا؛ بل معرفةً بأنَّ البَلاغةَ هي "إصابةُ المَعْنى والقَصْد
إلى الحُجَّة معَ الإيجاز، ومَعْرفة الفَصْل من الوَصْل"، كما يُعرِّفها
الجاحِظ في كتابيه "
الرَّسائل" و"
البيان والتَّبيين"، ولم أَصِلْ بعدُ إلى المَرْحلة التي أُجيدُ فيها إِيصال المَعاني
بإيجاز،
وكلُّ مَن يُتابعني عَلى الألُوكة يعلم يقينًا أنِّي لا أُحْسِن الإيجاز،
وما دمتُ كذلك فهذا يعني أنَّي لا أُحْسن كتابةَ الرَّسائل البَلِيغة، بيدَ
أنَّي سأُساعِدكَ بما أَحْسب أنِّي أُحسنُه؛ وهو ذِكْر الشَّواهد
المُقنِعة والأدلَّة المُلْهِمة، أمَّا صِياغَة الرَّسالة فستكونُ
مُهمَّتكَ وحدَك، وأنا على يقينٍ بأنَّكَ ستُحسِن كتابتَها، أحسنَ اللهُ
جزاءكَ في الدُّنيا، وكتبَكَ مع العافِين عن النَّاس في الأُخْرى،
الَّذِينَ وعدَهُم ربُّهم بمَغْفِرَةٍ مِّنه، وَجَنَّاتٍ تَجْرِي من
تَحْتِها الأَنْهارُ، خالدينَ فِيها ونِعْمَ أجرُ العاملينَ، آمين.
أوَّلاً: من القُرْآنِ المَجِيد: قَوْل البارِي - عزَّ وجلَّ -:- ﴿
وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [البقرة: 237].
- ﴿
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].
- ﴿
وَسَارِعُوا
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ
وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي
السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ
النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134].
- ﴿
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾[النساء: 128].
- ﴿
قُلْ
إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ
خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].
- ﴿
لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].
- ﴿
وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [العنكبوت: 60].
- ﴿
الَّذِينَ
يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا
أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ
هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 27].
- ﴿
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[النساء: 1].
- ﴿
فَهَلْ
عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ
وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ
فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23].
ثانيًا: من الحَدِيث النَّبوي:- عن أبي هريرة - رضِي الله عنه
- عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((تُعرَضُ أعمالُ الناس
في كلِّ جمعةٍ مرَّتين: يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكلِّ عبدٍ مؤمن،
إلا عبدًا بينه وبين أخيه شحناء فيُقال: اترُكوا هذين حتى يَفِيئَا))؛ رواه
مسلم.
وعن أبي أيوب - رضِي الله عنه -
أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ
يهجُرَ أخاه المسلمَ فوقَ ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرضُ هذا ويعرضُ هذا،
وخيرُهما الذي يبدأ بالسَّلام))؛ مُتَّفَقٌ عليهِ.
- وعن جُبيْر بن مُطْعم أنَّه سمِعَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((لا يَدْخُلُ الجنَّةَ قاطعٌ))؛ رواه البُخاري.
- وعن عبداللهِ بن عَمْرو أنَّ
النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ليسَ الواصلُ بالمُكافِئ،
ولكِنَّ الواصِل الذي إذا قُطِعَتْ رحِمُهُ وصَلَها))؛ رواه البُخاري.
- وعن أنسٍ - رضي الله عنه -
أنَّ رَسُول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن أحَبَّ أن
يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أَثَرِه، فَلْيَصِلْ رَحِمَه))؛
مُتَّفق عليه.
ثالثًا: من الشَّواهِد الشِّعريَّة:لإبراهِيم بن الأَسْود النَّخَعِي:
وَقُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ إِنَّكَ وَاحِدٌ وَمِثْلُكَ فِي هَذَا الأَنَامِ كَثِيرُ
قَطَعْتَ إِخَائِي ظَالِمًا وَهَجَرْتَنِي وَلَيْسَ أَخِي مَنْ فِي الإِخَاءِ يَجُورُ
أَزُورُ وَتَجْفُونِي وَلَسْتُ بِنَازِحٍ وَإِنَّ الفَتَى تَجْفُوهُ ثُمَّ يَزُورُ
فَلا تَحْسَبَنْ مَنْحِي لَكَ الوُدَّ خَالِصًا لِضُرٍّ وَلا أَنِّي إِلَيْكَ فَقِيرُ
فَكَمْ مِنْ أَخٍ لِي مَاجِدٌ وَابْنُ مَاجِدٍ أَغَرُّ كَضَوْءِ الشَّمْسِ حِينَ تُنِيرُ
إِذَا لَمْ أَزُرْهُ لَمْ يَغُبَّ زِيَارَتِي وَأَعْرِفُ مِنْهُ الوُدَّ حِينَ أَزُورُ
|
ولصَفِيِّ الدِّينِ الحِلِّي:
كِلانَا عَلَى مَا عَوَّدَتْهُ طِبَاعُهُ مُقِيمٌ وَكُلٌّ فِي الزِّيَادَةِ يَجْهَدُ
لَكُمْ مِنِّيَ الوُدَّ الَّذِي تَعْهَدُونَهُ وَلِي مِنْكُمُ الهَجْرُ الَّذِي كُنْتُ أَعْهَدُ
|
ولإسْماعيل صَبْري:
إِذَا مَا صَدِيقٌ عَقَّنِي بِعَدَاوَةٍ وَفَوَّقْتُ يَوْمًا فِي مَقَاتِلِهِ سَهْمِي
تَعَرَّضَ طَيْفُ الوُدِّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَكَسَّرَ سَهْمِي فَانْثَنَيْتُ وَلَمْ أَرْمِ
|
ولبَهاء الدِّين زُهيْر:
تَعَالَوْا بِنَا نَطْوِ الحَدِيثَ الَّذِي جَرَى وَلا سَمِعَ الوَاشِي بِذَاكَ وَلا دَرَى
تَعَالَوْا بِنَا حَتَّى نَعُودَ إِلَى الرِّضا وَحَتَّى كَأَنَّ العَهْدَ لَنْ يَتَغَيَّرَا
وَلا تَذْكُرُوا ذَاكَ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ ذَنْبٌ فَيُذْكَرَا
نَسَبْتُمْ لَنَا الغَدْرَ الَّذِي كَانَ مِنْكُمُ فَلا آخَذَ الرَّحْمَنُ مَنْ كَانَ أَعْذَرَا
لَقَدْ طَالَ شَرْحُ القَالِ وَالقِيلِ بَيْنَنَا وَمَا طَالَ ذَاكَ الشَّرْحُ إِلاَّ لِيَقْصُرَا
مَتَى يَجْمَعُ الرَّحْمَنُ شَمْلِي بِقُرْبِكُمْ وَيَصْفُو لَنَا مِنْ عَيْشِنَا مَا تَكَدَّرَا
سَأَذْكُرُ إِحْسَانًا تَقَدَّمَ مِنْكُمُ وَأَتْرُكُ إِكْرَامًا لَهُ مَا تَأَخَّرَا
مِنَ اليَوْمِ تَارِيخُ المَحَبَّةِ بَيْنَنَا عَفَا اللهُ عَنْ ذَاكَ العِتَابِ الَّذِي جَرَى
فَكَمْ لَيْلَةٍ بِتْنَا وَكَمْ بَاتَ بَيْنَنَا مِنَ الأُنْسِ مَا يُنْسَى بِهِ طَيِّبُ الكَرَى
أَحَادِيثُ أََحْلَى فِي النُّفُوسِ مِنَ المُنَى وَأَلْطَفُ مِنْ مَرِّ النَّسِيمِ إِذَا سَرَى
|
رابعًا: من الاقْتِباسات النَّثريَّة:قالَ ابنُ المُقَفَّع في "
الأدَب الكَبِير":
"اجْعَل غايةَ تَشَبُّثكَ في مُؤاخاةِ مَن تُؤاخِي ومُواصَلةِ مَن
تُواصِلُ تَوْطينَ نفْسِكَ على أنَّه لا سَبِيل لكَ إلى قَطيعةِ أخِيكَ،
وإنْ ظهَر لكَ منهُ ما تكْرهُ، فإنَّهُ ليسَ كالمَمْلُوكِ تُعْتقهُ متى
شِئتَ، أو كالمَرْأة التي تُطلِّقها إذا شِئتَ، ولكنَّهُ عرضكَ ومُروءتكَ،
فإنَّما مُروءةُ الرَّجلِ إخوانهُ وأخدانهُ، فإنْ عثرَ النَّاسُ على أنَّكَ
قطعْتَ رجُلاً من إخْوانكَ، وإنْ كُنتَ معذرًا، نزلَ ذلكَ عندَ أَكْبرهم
بمَنْزلةِ الخِيانةِ للإخاء والمَلالِ فيهِ، وإنْ أنتَ معَ ذلك تصبَّرتَ
على مُقارتهِ على غَيْر الرِّضا، عادَ ذلكَ إلى العَيْبِ والنَّقِيصةِ،
فالاتِّئادَ الاتِّئادَ! والتَّثبُّتَ التَّثبُّتَ".
ولَمَّا حَضرَت المُهَلَّبَ
الوفاةُ جمَعَ بنيه فقالَ: "أُوصِيكُم بتَقْوى اللهِ وصِلَة الرَّحم؛ فإنَّ
تَقْوى اللهِ تعقبُ الجنَّة، وإنَّ صِلَة الرَّحِم تُنسئ في الأجَل،
وتُثري المالَ، وتَجْمع الشَّمْل، وتُكْثر العدَد، وتُعمِّر الدَّار،
وتُعِزُّ الجانِب، وأَنْهاكُم عن مَعْصِية اللهِ وقَطِيعة الرَّحِم؛ فإنَّ
مَعْصِية اللهِ تُعقِب النَّار، وإنَّ قَطِيعة الرَّحِم تُورِث القِلَّة
والذِّلَّة، وتُفرِّق الجَمْع، وتدَع الدَّار بلاقِعَ، وتُطمِع العدوَّ،
وتُبْدي العَوْرة"؛
r=navy]المُعمِّرون والوصايا"؛ للسجستاني].
خامسًا: نُتَف من الرَّسائل:قال الفاروق عُمَر بن الخطَّاب
في رِسالته لأبي مُوسَى الأَشْعري - رضي الله عنهما -: "ولا يمنعنَّك قضاءٌ
قضيتَ فيه اليومَ فراجعتَ فيه رأيَك فهُدِيت فيه لرشدك أنْ تُراجع فيه
الحقَّ؛ فإنَّ الحقَّ قديمٌ لا يبطله شيءٌ، ومُراجعة الحقِّ خيرٌ من
التَّمادِي في الباطِل".
"والصُّلْحُ خيرٌ، وما
اسْتُدِفعَ بمثْل التَّسامُح ضَيْرٌ، ومَن وقَفَ عليه واعْتَبر ما لَدَيه،
فليَعْلَم أنِّي قد صدعتُ وقطعتُ والحقَّ أَطْعتُ، وإِنْ أُرِيدُ إلاَّ
الإصْلاَحَ ما اسْتَطَعْتُ، والسَّلام"؛
r=navy]ريحانة الكتاب"؛ لابن الخطيب].
"لم أزَلْ فيما تُؤدِّيه هذِه
المُخاطَبة يا مَوْلاي بيْنَ حَزْمٍ يَحُثُّ على الانْقِباضِ عنْكَ، وحُسْن
ظَنٍّ يحُضُّ على التَّسامُح بنَفِيس الحَظِّ منكَ، إلى أنِ اسْتَنزلتني
الرَّغْبةُ فيكَ على حُكْمِ الثِّقةِ بكَ من غَيْر خِبْرةٍ، ورفعْتُ بَيْني
وبَيْنكَ سَجْفَ الحِشْمةِ، فأطعتُ بالانبِساطِ أوامِر الأَنَسَة،
وانتهزْتُ في التَّوصُّل إلى مَودَّتكَ فائِت الفُرْصَة، والمُسْتَماح
منْكَ - جَعَلني اللهُ فِداكَ - زَوْرَة أَرْتَجِعُ بها ما اغتَصَبَتْنيه
الأيَّامُ من المَسرَّة مهنأَة بالانْفِراد، إلاَّ من غُلامِكَ الذي هُو
مادَّة مَسرَّتكَ"؛
r=navy]يتيمة الدَّهر"؛ للثَّعالبي].
واللهُ - سبحانه وتعالى - أعلَمُ بالصَّواب، وإليه المَرْجع والمَآب.