السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا في طور الانفصال والطلاق من زوجي بعد أن أمضيتُ معه شهرين من الزواج!رأيتُه
خلال الشهرين يُعاقر الخمر يوميًّا، لا يتركها مِن يده، تزوَّج عليَّ
امرأة ثانية، لا يُنفق عليَّ، وأنا أعمل وأنفق على نفسي، فهدَّدني إن لم
أنفق عليه وعلى البيت، فسوف يتزوَّج عليَّ الثالثة، له علاقات نسائية،
فضلًا عن الرجال!وجدتُ على هاتفه أسماء نساء مُسجلة، فاتصلتُ بهنَّ، وتأكدتُ مِن صوتهنَّ!إذا
تركتُ بيتي وخرجتُ أجده عند عودتي على غير الحال الذي تركتُه عليه؛ مثل:
مائدة طعام لأكثر من شخص، وجود ملابس داخليَّة على فراشي!طلَّقني وهو سكران، فذهبتُ لبيت أهلي، وعندما أفاق اعْتَذَر، وأخبرني أنه لم يشعرْ بما فعل، وأنه مخطئ، وسيتغيَّر.ذهبتُ
لبيت أهلي، وأخبرتهم أني أريد الانفصال نهائيًّا، حالتي النفسيَّة سيئة
جدًّا؛ فأنا جميلة، ومتعلِّمة، ومِن حملة الماجستير، فأفكِّر كيف أتحمَّل
مثل هذا العذاب وهو رجل تعدَّى الأربعين، إلى جانب حقد زوجته الأخرى وطلبها
أن يطلقني!صبرتُ عليه، وأعطيتُه فرصةً، وحاولتُ إصلاحه، ولكن دون جدوى، فهل أعطيه فرصةً أخرى. لا أستطيع اتِّخاذ أي قرار، أرجو مساعدتكم ومشورتكم. الجواببسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان
أيتها العزيزة، أفي مِثْل حال
هذا الرجل تتردَّدين في الطلاق؟! والله ليس العجب في طلاقكِ منه، ولكن
العجَب في زواج شابَّةٍ في مثل جمالكِ، ونسبكِ، وعِلْمكِ، وخلقكِ مِن رجلٍ
كهذا، غير مرْضِيّ الدِّين والخلُق؛ إسكاتًا لألسنة المجتمَع!
قال الشيخُ ابن عثيمين - رحمه الله - في "
تفسيره" عند تأويل قولِ الله - تعالى -: ﴿
وَإِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ
يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 232]، قال: "ومِن فوائد الآية: أنَّ المرأة لو رضيت الزوجَ على
وجهٍ غير معروف - بل على وجهٍ منكر لا يقرُّه الشرع - فإنها لا تمكَّن مِن
ذلك؛ لقوله – تعالى -:﴿
بِالْمَعْرُوفِ ﴾؛ فلو أنَّ المرأة رضيتْ هذا الخاطب لفِسْقه، وانسلاخه مِن الدين - وإن
لم يصلْ إلى حدِّ الكفر - فلِوَلِيِّها أن يمنَعها؛ لقوله - تعالى -: ﴿
إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ .
فإن رضيتِ به زوجًا لكِ،
فناشدتكِ اللهَ ألا ترضيه أبًا لأبنائكِ؛ فهذا أبٌ غير صالحٍ، قد يتحرَّش
بأبنائكِ في غمرة سُكره، وقد يسلمهم إلى أصحابه بدون وعْيِه! وقد يفجعكِ
فيهم في غيبوبة عقْلِه، ولا تحسبي أنَّ سكِّيرًا في الأربعين سيُقلع عن شرب
الخمر، حتى يُقام عليه الحدُّ، ويطهر عقله وجسده من تلك الآثام! ولو
توقفتِ - أيتها العزيزة - عند كلِّ كلمة كتبتها، وما تعكسه مِن ظلال،
فستتأذى نفسُكِ بما هي عنه في غنًى، مِن أجل ذلك سأتوقَّف في جوابي عند
مُوافقتكِ الرأي في الإصرار على ورقة الطلاق، والمُضِيّ في إجراءاته، وعسى
الله أن يخلفَ عليكِ من هو خير منه.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وإليه المرْجِع والمآب