السؤالأنا موظَّفة محجبة، وهذا يُسبِّب لي مُضايقات مِن زميلاتي وزملائي في العمل! فكيف أثبت على موقفي؟! الجواببسم الله الرحمن الرحيم
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.يُسعدنا أن نرحِّب بانضمامكِ إلى شبكة الألوكة، ونسأل الله تعالى أن يسدِّدنا في تقديم ما ينفعكِ وينفع جميع المُستشيرين.وأودُّ أن أحيي رغبتكِ في
الثبات على التمسُّكِ بنعمةٍ اختصَّكِ اللهُ تعالى بها دون غيركِ في موقع
العمل، وسعيكِ لإيجاد سبيلٍ يمكنكِ مِن الحفاظ على هذه النعمة، وهي سمات
إيجابية تحْسَب لكِ، وأتمنى منكِ تعزيزها في نفسكِ، واستثمارها في إثبات
ذاتكِ، وقوة شخصيتكِ، وقبْلها إيمانكِ.
أختي العزيزة، إنَّ أولى
الخطوات في سبيل ثباتكِ هي تدعيم مضمون الحجاب في فكْركِ ونفسكِ، ويتم ذلك
بوضْع رؤيتكِ عن الحجاب في إطارها الصحيح، وليس في إطارٍ آخَر، والرؤيةُ
الصائبة للحجاب هي النظر إليه كنعمةٍ يمنُّ الله تعالى بها على بعض إمائه
دون غيرهنَّ، فيَهديهنَّ برحمته إلى ارتدائه، وبالتأكيد فإنَّ لكلِّ نعمة
حاسِدين من الناس، كما أن بعضَ الناس يتولَّد لديهم اعتقادٌ بأنَّ صاحب هذه
النعمة يَنظر إليهم بدونيَّة، حتى وإن لم يفكِّر هو في ذلك، ولذلك كان على
صاحب النِّعمة أن يتحلَّى بالحكمة في التعامُل مع الآخرين، كأحد سُبلِ
رعايتها.
وتأتي الخُطوة التالية في هذا
التدعيم بعد تحقيق نجاحكِ في تصحيح المفهوم في الخطوة الأولى، وتكمُن في
تبنِّيكِ اعتقادًا بأنكِ كصاحبة نعمة لا بدَّ لكِ من مُساعدة المُحتاجين
لها؛ كما يكون على صاحب المال أن يُساعد الفقراء من ماله، ولذلك - يا
عزيزتي - أتمنَّى منكِ أن تمتلِكي الرغبة والدافعية أولًا لانطِلاقكِ في
مُساعَدة مَن حولك بدعوتهم إلى ما هداكِ الله تعالى إليه، ثم تُترجِمي تلك
الدافعية بخُطوات مدروسة ومتأنِّية لتُؤتي ثمارها، وليس بخطوات متعجِّلة أو
منفِّرة؛ فتأتي بنتائج عكسية، لا قدَّر الله تعالى.
ومن الأساسيات التي لا بدَّ أن
تنطلقَ منها تلك الخطواتُ، هي ظهوركِ كنموذجٍ إيجابيٍّ ومُستقطِب لمَن
حولكِ، من نواحٍ كثيرةٍ تُثير اهتمام البشر عمومًا، ومنهم النساء؛ كحُسنِ
الخلق، واللباقة، والكياسة في التعامُل، والارتقاء في ميدان العمل وإتقانه،
وغير ذلك من السمات، مع مُراعاة الاحتفاظ بالابتسامة والابتعاد عن
التقطيب.
ولا يفوتني أن أذكِّرك بأهميةِ
الدعاء، بل هو الرُّكن الأساسي الذي لا بدَّ من التمسُّك به دومًا لثباتكِ
على الحجاب، ولتحقيق ما أسلفْتِ من خُطوات بنجاح، بمشيئة الله تعالى.
واعلمي - يا عزيزتي – أنكِ
بتحقيقكِ لتلك الخطوات، سترتقين إلى نِعَمٍ أخرى كثيرةٍ، من بينها: حبُّ
وتقدير المحيطين بكِ، وسَعْيهم لينالوا رفقتكِ، وعندها ستَكتشفين أنَّ ما
أنتِ فيه الآن ليس (مشكلةً)، بل هو مَوقِف اختباري، سيَكشف عن طاقاتكِ
وقدراتكِ الشخصيَّة الكامنة، وهو قبل ذلك اختبار لقوة إيمانكِ، كما أنكِ
ستَنتقِلين بتطبيقكِ لتلك الخُطوات مِن مَوقِع المُدافع، وهو الموقع الأضعف
دومًا، إلى مَوقِع المُبادِر، وهو الموقع الأقوى بلا شك.
وأخيرًا، أختم
بالدُّعاء إلى الله تعالى أن يُنعمَ عليكِ بالثبات، ويَستخدمكِ في نصْرة
دينه، وينفعَ بكِ، ويفتحَ لكِ أبواب فضلِه، وسنَسعد بالسماع منكِ مجدَّدًا.