السؤالأنا في حالة لا يعلمها إلا الله سبحانه، وفي حاجة لدعائكم، ودعاء كل مسلم، وأريد رأيكم كاستشاريين فيما أَمُرُّ به.انفصلتُ
عن زوجتي منذ سنوات، ولديَّ أولاد، صمَّمَتْ زوجتي أخذهم بالقوة، فتركتُهم
معها في بيت أهلها، بعد مُرور سنة ونصف طلبتْ أمُّهم أن آخذهم عندي، مع
أني متزوج من امرأة أخرى!اكتشفتُ
أن أولادي تعرَّضوا لتحرُّش جنسيٍّ مِن قبَل خالهم، إذ كان يفعل بهم
أمورًا وأفعالًا مشينة، وكان يعرض عليهم أفلامًا جنسيَّة! ويفعل معهم ما
يرونه في الأفلام! وقد أثر ذلك عليهم كثيرًا؛ فكانوا يفعلون ذلك الشيء مع
بعضهم، أو مع أقاربهم!تمَّ إفهامهم أن ذلك لا يجوز شرعًا، وتَمَّتْ مُعاقبتهم على تلك الأفعال! الحمد لله تحسنتْ حالتهم، ولم يفعلْوا شيئًا بعد ذلك.تكمُن
المشكلة الآن في البنت الصغيرة، والتي ما زالتْ تمارس الأفعال الجنسية في
الحمام، أو مع زميلاتها في المدرسة، حتى إنَّ لها أختًا تقوم بممارسة الجنس
معها، وتضع يدها - بعد خلع ملابسهما - في موضع العورة، ومنذ علمنا ذلك فلا
نتركهما معًا ألبتة.نراقبها في الحمام، حتى إن زوجتي تقف على باب الحمام لتراقبها، خوفًا على بكارتها!اتصلتُ بأطباء وطبيبات كثيرة للوصول لحل، ولكن للأسف لم نقف على حل يصلح من حالها، ويغيِّر من سلوكها.نحن حريصون على ألا نتركها وحدها، ولكن هناك أوقات لن نكون معها فيها؛ مثل: المدرسة وغيرها.حاولنا أن نتكلم معها، ونوَعيها، واستخدمنا معها أسلوب الشدة والضرب، حتى حرق الأصبع، وللأسف لم تُجدِ هذه الأفعال شيئًا.قال طبيب نفسي لزوجتي عندما سألتْه عن الفتاة: اطرديها من البيت، فهي وباءٌ، وليس هناك أمل في إصلاحها! فبكيتُ لقوله هذا! أرجوكم أنا في أمسِّ الحاجة لرأيكم ومشورتكم، أخبروني ماذا أفعل؟وجزاكم الله خيرًا. الجواببسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان
أيها الوالد الفاضل، رحمة الله وبركاته عليك وعلى أبنائك وزوجك، وجزاك الله من والدٍ خيرًا.الاستمناء القسري
Compulsive Masturbation عند الأطفال لا يعني انحرافًا جنسيًّا، ولا وعيًا مبكرًا بالعلاقة
الجنسيَّة بين الذكَر والأنثى، وإنما يعني: تعرُّض الطفل لصدمةٍ نفسية، وهو
الأمر الحادث بالفعل، حيث تعرضت ابنتُك العزيزة لعدة صدماتٍ نفسية؛
ابتداءً بصدمة انفصالها عنك، صعودًا بصدمة التحرُّش الجنسي، وانتهاءً بصدمة
انفصالها عن والدتها الكريمة! أو أن يكون هذا السلوك الجنسي سمة توحُّد؛
إذْ من سمات الطفل التوحدي لعبه الجنسي بعضوه التناسلي على نحوٍ نمطيٍّ.
من هنا ينبغي التركيز على أمرين:(1) عرْض ابنتك على مختصة في التوحُّد؛ للتأكُّد من سلامتها النمائية.
(2) البحث عن وسائل أخرى غير الاستمناء؛ للتنفيس عن مشاعرها السلبيَّة.
ويبدو أن والدة ابنتك قد
انتبهتْ لمشكلة الأبناء مع خالهم، فلم تجد بُدًّا من مفارقتهم وإبعادهم عن
بيت أهلها؛ حفاظًا على مُستقبلهم، والحق أقول: كلتا المرأتين قد مارستْ
دورها الأمومي بما يستحق الإشادة والذِّكْر والتقدير، ليهنك الاختيار؛
فلديك زوجةٌ صالحة، فحافِظْ عليها، في المقابل ينبغي أن تتذكَّرَ أن زوجتك
السابقة هي أم أبنائك، وإيثارها البُعد لمصلحتهم مما ينبغي أن تُقدِّره
لها، لا أن تعده تخلِّيًا منها، فخسارةُ فَقْد الزوج لا يعدلها إلا خسارة
الأبناء، فكيف إذا اجتمعت الخسارتان في وقتٍ واحدٍ؟!
فلا تحرم هذه المرأة من أبنائها
بسبب انحراف أخيها، ولا تُحملها قدرًا قد وقَع، بل افتح معها موضوع ابنتك
الصغيرة، فهي أمُّها، وأحق الناس بتربيتها، وانفصام عُروة الزوجية بينكما
لا يعني انفصالكما كأبوين! فاتَّفقا رجاءً على تربية الأبناء بشكلٍ عادلٍ،
فما تُعاني منه كريمتُك الغالية هو نتيجة التحرُّش الجنسي، مضافًا إليه قلق
الانفصال عن والديها.
ما ينبغي أن تعلمه أن ابنتك
العزيزة لم تزلْ طفلة، وهذه الممارسات الجنسيَّة لا تعطيها إحساسًا بالمتعة
الجنسية، بل شعورًا بالراحة، فهي لم تبلغْ بعدُ، والبحث عن شعور الراحة من
خلال الاستمناء يعني ارتفاع مستوى المشاعر السلبية لدى ابنتك؛ كالشعور
بالخوف أو القلق، وسأضع هنا بعض الاقتراحات لعلاج المشكلة؛ عسى الله أن
ينفع بها في الدنيا والآخرة:
أولًا:
بناء علاقة ثقة بينك وبين ابنتك، وفتح قنوات الحوار حول المشكلة ودوافعها
من وجهة نظرها، بعيدًا عن أساليب التخويف والتهديد، والعقاب بالضرب، أو حرق
الإصبع، أو التوبيخ أمام إخوانها، لا بد من وقف كلِّ ذلك فورًا، بما في
ذلك وقوف زوجتك عند باب الحمام لمُراقبتها! فهذا اختراقٌ شنيعٌ لخصوصيتها،
وسينعكس أثر ذلك سلبًا على نفسيتها وشخصيتها عندما تكبر! تذكَّر أنها ستكبر
وستتزوَّج يومًا - إن شاء الله تعالى - فلا تملأ طفولتها بالخبرات السيئة!
ثانيًا:
التخلُّص من الضغوط النفسيَّة التي تدفع ابنتك العزيزة إلى ممارسة
الاستمناء، وهو ما ينبغي أن تدرسه مع والدتها، بعيدًا عن التفكير في الجروح
القديمة، أو الخلافات الشخصية، وبطريقة لا تؤثِّر على علاقتك بزوجتك، ولا
على علاقة زوجتك السابقة بأخيها وأهلها! ناقِشْ معها مسألة نوم ابنتكما
معها في بعض الأيام بدون أن تتعرَّض لتحرُّشاتٍ جنسية، أو إيذاءاتٍ
جسديَّة.
ثالثًا:
مُناقشة الضغوط النفسيَّة التي تتعرَّض لها الطفلةُ في المدرسة مع
المُرشِدة الطلابيَّة، وشرح المشكلة لها؛ حتى تتعاوَن في وضع خطةٍ لتعديل
السلوك، فهذا دورُها الإرشادي، فإن لم تنجح المرشدةُ في ذلك، فسجل ابنتك في
مدرسةٍ أخرى، على أن تسأل عن مهارات المرشدة وكفاءتها قبل التسجيل في
المدرسة.
رابعًا:
العلاج الدوائي؛ فلقد أظهرت العديدُ من الدراسات الحديثة فاعلية المثبطات
الانتقائية لإعادة امتصاص السيروتونين في الحدِّ من السلوك الجنسي المفرط
عند الأطفال، كونها تعمل على معالجة الدوافع القهريَّة، من هنا أرى أهمية
عرض ابنتك على طبيبةٍ نفسية، ومناقشتها حول إمكانية وصْفِ مضادٍّ للاكتئاب
مناسب لصحة ابنتك مِن مجموعة
SSRIs، التي تشمل زمرةً من الأدوية الناجعة؛ مثل: بروزاك
Prozac، وزولوفت
Zoloft، وليكسابرو
Lexapro ونحوها.
خامسًا:
التخطيط لإدارة الوقت خلال عطلة الصيف؛ لتوزيع طاقاتها الجسدية والفكرية،
والتنفيس عن مشاعرها السلبية، من خلال تنظيم جدولٍ لممارسة الأنشطة؛ بحيث
يشمل: اقتناء وقراءة القصص، وتعلم صنع وجبة طعامٍ خفيفة؛ كالشطائر،
والسلطة، وتزيين الكعك، وزيارة حديقة الحيوان، والذهاب إلى معرضٍ للكتاب،
أو معرضٍ فني، والذهاب إلى البحر، والتدريب على ألعاب الحاسوب، واللعب
بالعرائس والدمى، ومزاولة الرياضة في البيت، أو التسجيل في النادي... إلخ.
سادسًا: إفراغ المثانة على نحوٍ منتظم، فامتلاء المثانة بالبول يؤدِّي إلى التحفيز الجنسي.
سابعًا:
التثقيف الجنسي حول خصوصية المناطق الحساسة، وأهمية النظافة الشخصية، وربط
الموضوع بالبلوغ والحيض، وهذه المهمة تقع على عاتق والدتها، ومعلماتها في
المدرسة، كما يمكنك الاستعانة بطبيبة أطفالٍ لتثقيف ابنتك جنسيًّا.
أما ما ذكرت من أمر علاقتها
بأختها الصغيرة، فالمراقبة المقننة جيدة، مع ضرورة شرح مفهوم "العورة" لها،
وأنه لا يجوز لها تعمُّد النظر إليها شرعًا، وليس من باب عدم الثقة بها،
كما ينبغي إفهامها أنه لا يجوز لأحدٍ أن ينظرَ إلى عورتها؛ حتى لا تسمح لأي
شخص بالاعتداء عليها جنسيًّا مرة أخرى، وموضوع التحرش الجنسي والتعامل معه
قد فصلتُ القول فيه في استشارتين، إحداهما بعنوان: "
التعامل مع التحرش بالأطفال ومعرفته"، والأخرى لم تُنشرْ حتى كتابة هذا الجواب، فليتك تتابع الألوكة مشكورًا؛ للاستفادة مما قد كتب لغيرك وفيه نفعك.
والله أسأل أن يعينك على تربية
أبنائك، ويقر عينيك بهم، ويُصلحهم ويعصمهم من الفِسْق والفجور والتعرُّض
للآثام، ويهديهم لما فيه خيرهم ونفْع أمتهم، آمين.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب