السؤالأنا
شابٌّ أعملُ في المملكة العربية السعودية، وأنا أصغرُ إخوتي، وقد قمتُ
بأداء الحج مرَّتين عن نفسي، وأبي رجلٌ مُسِنٌّ عمره 78 عامًا، ومريض
بالسكر، والضغط، وضعف في القلب، ولديه المقْدِرَةُ الماديَّةُ للحج، ولكنه -
صحيًّا - لا يستطيع، فهل يجوز أن أحجَّ عنه دون إخباره مِن أموالي
الشخصية؟ رجاء الإفادة، ولكم جزيل الشُّكر. الجوابالحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:فيشرع لك - أيها الأخ الكريم -
الحجُّ عن والدِك حجَّة الإسلام، ما دام معذورًا - كما ذكرتَ - وهو مذهبُ
الجمهور؛ مِن الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وغيرهم؛ إجراءً للحجِّ مجرى
الديون، ولأنَّ الحجَّ يقبل النيابة, واستدلَّ الجمهورُ على مشروعية حج
الإنسان عن غيره بالأحاديث الصحيحة؛ ومنها حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -
في الصحيحين وغيرهما، قال: جاءت امرأةٌ مِن خَثْعَم - عام حجَّة الوداع -
قالتْ: يا رسول الله، إنَّ فريضة الله على عباده في الحج، أدركتُ أبي شيخًا
كبيرًا، لا يستطيع أن يستوى على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحجَّ عنه؟ قال:
((نعم))؛ وهذا الحديثُ نصٌّ فيما تسأل عنه.
وعن ابن عبَّاس - رضي الله
عنهما - أيضًا: أن امرأة مِن جُهَيْنة جاءتْ إلى النبي - صلى الله عليه
وسلم - فقالتْ: إنَّ أمي نَذَرتْ أن تحجَّ، فلم تحج حتى ماتتْ؛ أفأحجُّ
عنها؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((نَعَم، حجِّي عنها, أرأيتِ لو كان على
أمِّكِ دَين أكنتِ قاضيتَه؟ اقضوا الله, فالله أحقُّ بالوفاء))؛ متَّفق
عليه.
قال ابن قُدامة: "هذه عبادةٌ
تجب بإفسادها الكفَّارة؛ فجاز أن يقومَ غيرُ فعلِه فيها مقامَ فعلِه؛
كالصوم إذا عجَز عنه افتدى، بخلاف الصلاة".
ويشترط أن تكون قد أدَّيتَ الحج
عن نفسك؛ لما رواه أبو داود وغيره، عن ابن عباس أنَّ النبي - صلى الله
عليه وسلم - سمع رجلًا يقول: لبيك عن شُبْرُمَة، قال: ((مَن شُبْرُمَة؟))،
قال: أخٌ لي، أو قريب لي، قال: ((حججتَ عن نفسك؟))، قال: لا، قال: ((حجَّ
عن نفسِك، ثم حج عن شُبْرُمَة))، وقد ذكرتَ أنك قد حَجَجْت حجَّة الإسلام.
كما يجوز لك أن تحجَّ عنه مِن أموالك الشخصية؛ فأنتَ ومالك لأبيك؛ كما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أحمدَ وغيرِه.
وتقبَّل الله منا ومنك صالح الأعمال