السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أرغب في
استشارتكم عن شيءٍ يَحدُث لي عندما أرى شابًّا؛ فأنا أشعر بأني أحبُّه
جدًّا، وأنا دائمًا أراه يَنظُر إليَّ بعينٍ تَجعُلني أشعر بالخجَل، وأحسُّ
بأنه أيضًا يحبُّني، لكن ما مِن أَحَدٍ منا تقدَّم للحديث مع الآخر؛
فهلَّا أخبرتموني كيف أقترب منه؟ الجوابالأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.نشكرُكم لتواصلِكم معنا. بالتأكيد سوف نخبركِ كيف تقتربين منه!لكن بداية دَعِينا نتحدَّث عن
قضية منطقيَّة، وأخرى تفسيرية؛ فالمنطقُ والعقل يَقضِي بأن الله تعالى خلَق
بني آدمَ، وجعل لهم وسيلةً للتكاثر، وهي التِقاء الذكَر والأنثى؛﴿
فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ... ﴾الآية)
[الأعراف: 189]، وحتى لا تختلطَ أنسابُ الناس، وتضيع وظيفةٌ اسمُها:
الأمومة والوالدية وتربية الأبناء ورعايتهم، ويختلط الحابل بالنابل؛ جعَل
الله - عز وجل - وسيلةً وحيدةً لتنظيم هذا الالتقاء اسمها: (
الزواج)؛ فأباحها وحظَر ما سواها؛ ﴿
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا... ﴾الآية
[الروم: 21]، ومن توابعِ إباحة الأولى وحظْر الثانية، أنه أباح الوسائل
المؤدِّية للأولى؛ كالخِطْبة، والنظر إلى المخطوبة، ومنَع الوسائل
المؤدِّية إلى الثانية؛ كالنظر المحرَّم، وتوابعه.
وأما القضية التفسيرية، فهي قضية هذا (
الحب)، الذي جعلَه الله وسيلة لجذب الزوجين، مِن أجل التكاثر وعمارة الأرض، ولولا هذا لفسدتِ الأرض!
فالحبُّ (
عاطفة دافعة)،
تدفع صاحبَها إلى عملٍ ما؛ فإن لم يوجِّه صاحبُها دفَّةَ القيادة في
الاتجاهِ الصحيح، وإلا أَرْدَتْه وأهلكتْه؛ فالمركبُ يَسِيرُ على كل حال.
وكلُّ أنواع المحبة المشروعة
فرْعٌ عن محبة الله تعالى، والتي هي أصل العبادة، فإن العبادة - كما
عرَّفها ابنُ القيِّم وغيره -: كمالُ محبة الله، مع كمال الذل له، ولأن
الذلَّ من توابع المحبة؛ فعاد الأمر كلُّه إلى (
الحبِّ)!
فالحبُّ كلمةٌ عظيمةٌ، ومقصدٌ
سامٍ كريمٌ، ولكن شَوَّه محياها فِطَرُ بعض الناس المنتكِسة؛ فغدا الحبُّ
علَمًا على لقاءٍ بين عاشقين، وقصة غرام بين فاجِرَيْن!
إذًا، فمجال (
الحب) أوسع، وفضاؤه أَرْحَب، ومنه أصلٌ وفرع، وما حب الذكر للأنثى والعكس إلا فرعٌ ووسيلةٌ لتحقيق مقصدِ الحب الأول؛ (
حب الله - عز وجل).
من هنا يُمكنكِ الانطلاق
لتصحيحِ وضعِكِ، وترْك تلك النظرات العابثة، فلا قيمةَ لها ما لم يكنْ لها
مقصدٌ كريم، فلا تَكتَرِثي لها كثيرًا.
نأتي للناحية المهنية في سؤالِكِ؛ حيث طلبتِ معرفةَ كيفية الاقتراب منه، وقد وعدناكِ بأن نجيبَكِ عن ذلك، وهذا مبنيٌّ على مرحلتين:
• الأولى: مرحلة العلاج الطبيعي والمعهود في مِثْل هذه الحالات، وهو عدم التعرُّض
لمثل هذه المواقف المسكتة! إذ لا معنى للحديث في هذه الحالة؛ لأنه سيجرُّ
إلى أخطاء التعلُّق، ثم الحب، ثم العِشق، فإن لم يحصلْ نصيبٌ في الزواج،
كان الثمنُ باهظًا من عاطفتِكِ وهُيَامِكِ، إنِ اقتصرَ الأمر على ذلك
أصلًا!
إذًا فلا بد من امتثال قول الله تعالى في هذه الحالة: ﴿
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ... ﴾الآية [النور: 30]، و﴿
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ... ﴾الآية [النور: 31] .
• المرحلة الثانية: وهي وإن كانت غريبة وغير معهودة، إلا أنها لو تمَّتْ فهي حلٌّ جذري لمثل
حالاتِ الإعجاب هذه، ومقدمات الحب، وهي الزواج! حيث يُمكنُكِ البحثُ عن
أحوال هذا الشابِّ، وهل هو متزوج أو لا؟ وذلك بسؤال أحد أقاربه أو أخواته،
مع التلميح أنَّ هناك مَن ترغب في الارتباط به.
لا شكَّ أن المرأة عادةً تكون
مطلوبة لا طالبة، لكن لو كان هذا الشابُّ ممن يُحرَصُ عليه كشابٍّ كفءٍ في
الزواج، فلا مانع من الاستفادة من الفرصة، فأنتِ في هذه الحالة تصنعين
مستقبلَكِ لا يصنع لكِ! وذلك بالاستعانة بأحدِ أقاربكِ أو إخوانك، بالسؤال
عنه وعن أخلاقه ودينه، فإن كانتِ الأمور مُيَسَّرة، وإلا فنَظِرةٌ إلى
مَيْسَرة!
وإيَّاكِ أن تُغَامِري بنفسِكِ بإنشاء عَلاقة و(
تجريب المجرب)، فقد جرَّب كثيرون قبلكِ؛ فوصلوا إلى ذاتِ النتيجة: لا حلَّ إلا بالزواج، وإلا فَدَعْ.
نسأل الله أن يَعصِمَ قلبَك، وييسِّر أمرَك، وينوِّر دربَك، وأن يرزقَكِ الزوج الصالح