السؤالزوجي
متوسِّط الالتِزام الديني، وهو طيب جدًّا وكريم جدًّا في المادة والمشاعر،
وبعد سنوات مِن الزواج اكتشفتُ جلوسه بمفرده يوميًّا - بعد نومي أنا
والأطفال - لمدة طويلة؛ ليكتبَ خيالاتٍ جنسيةً شاذة، اكتشفتُ أيضًا
مُشاهدته لصورٍ مثيرة لفتياتٍ مِن عمر 10 إلى 14 سنة تقريبًا، وهي ليستْ
بصورٍ عارية تمامًا، ولكن في أوضاع مُثِيرة!طلبتُ
منه أن يحكي لي ماذا يفعل ليلًا وحْدَهُ، فأنكر أولًا، ثم اعترف بالأمر،
وأطْلَعَني على ما يفعل، واعْتَرَف لي بأنه يفعل هذا الأمر منذ سنوات طوال،
حتى قبل الزواج!حاولتُ
مُساعدته، وطلبتُ منه أن يُطلِعني على ما يفعل، وما النقص في عَلاقتنا
معًا، فأنكر أن يكونَ لهذا الأمر عَلاقة بحياتنا معًا، وأني غير مقصِّرة،
واعترف بأنه حدث له تحرُّش مِن قِبَل أخيه الأكبر وهما صغيران، ولكن دون
اعتداء فعليٍّ! ومنذ ذلك الحين وهو يتخيَّل أختَه في هذه الصورة!قرأتُ
القصة التي كتَبَها، وفيها تفاصيل دقيقة جدًّا! مما سبَّب لي اكتئابًا
شديدًا وضِيقًا، وأصبح الأمرُ مسيطرًا على تفكيري حتى أثناء النوم، وقد
أَعَدْتُ له الثقة، وأخبرتُه بأني أعلم أنه سيتوقَّف عن هذا ويفي بوعدِه
لي، ولكني أشك في كل نظراته - خاصة للبنات اللواتي في هذه السنِّ - في أي
مكان نوجَد فيه معًا.أنا
جميلة ورشيقة - باعترافه واعتراف الأقارب - ولي منه بنتان، وأخشى على
البنات، وأخشى أن يتطوَّر الأمرُ عندما يَكبرْنَ، وينضج جسدهنَّ، وخصوصًا
أنه في مقدِّمة قصتِه كتَب أنه يُفَضِّل أفلام زنا المحارم، والجنس ما قبل
البلوغ، وهو يُنكر أنه يعني هذا الكلام بحرفِه، ولكنه - على حد قوله -:
(لإكمال صياغة القصة)! كذلك أنكر مُشاهدة تلك الأفلام، وأن ما شاهده مِن
صور لم يكن بهدف الإثارة، ولكن ليتخيَّل شكل الأخت! وأنه غير منجذِب للبنات
إلا إذا تخيَّلها أخته! فهل هذا منطقيٌّ؟!اهتممتُ بنفسي بشكل أكبر، وتقرَّبتُ منه كثيرًا، وأصبحتُ أُسعِده في العَلاقة الحميمية أكثر مِن ذي قبْل على حدِّ قوله.أنا
محتاجة لحلٍّ لهذه المشكلة، هل يُمكن أن يقلعَ عن هذه الأمور؟ وهل يمكن أن
يكونَ وعْدُه لي حقيقيًّا، وهل مِن السهل أن يُقلِع بهذه السهولة بعد
سنوات طويلة؟!أنا
مرعوبة مِن ذلك، وقد فكَّرتُ كثيرًا في الطلاق، وخصوصًا أني قرأتُ عن
اضطراب عِشْق الأطفال، وأخشى أن يكونَ مصابًا به، وهو ينكر ذلك.كيف
لي أن أعرفَ أنه في طريق العلاج السليم، وأنه لا ينظر بشهوة لبناتٍ صغار؟!
وأنه إذا حصل أي ابتعاد بيننا لأي سبب خارج عن إرادتي فهل سيعود لذلك، ولو
بالتفكير؟ وجزاكم الله خيرًا على مساعدتكم. الجواببسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
أيتها
العزيزة، بارك الله فيكِ، وأصلح بكِ وعلى يديكِ، وألهمكِ الرشد والصواب
لما فيه خيرُ زوجكِ وصلاحُ بيتكِ، وكان لكِ معوانًا، وبعدُ:فلقد أورد الدليلُ التشخيصي والإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية
DSM-IV ثلاثة معايير رئيسة يحْتَكَم إليها لتشخيصِ الحالة بأنها اضطراب عشق الأطفال
Pedophilia:
أولًا: تشكُّل
خيالات أو أفكارٍ جنسيةٍ مُلحَّة شديدة الإثارة، أو مسالك وتصرفات تتضمَّن
نشاطًا جنسيًّا مع طفل واحدٍ، أو عدة أطفال دون البلوغ - بصفة عامة قبل
بلوغ الثالثة عشرة - لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
ثانيًا: تصرُّف الشخص بمُقتضى هذه الخيالات أو الأفكار الجنسية الملِحَّة، أو أن تُسبب له ضائقةً صريحةً، أو صعوبةً في العَلاقة بين الشخصية.
ثالثًا: ألا يقل عُمر الشخص عن ستة عشر عامًا، وأن يكون أسن مِن الطفل بخمس سنين على الأقل.
وهذه المعايير السريرية والعلمية التي ينطوي عليها تصنيفُ الحالة بأنها عشق الأطفال ( بيدوفيليا ) تضع الحالة ضمن الشذوذات الجنسية
Paraphilias التي تُعَدُّ اضطرابًا عقليًّا، وليس مجرد نزوة عابرة.
يبحبح بعض المختصِّين في مفهوم
عشق الأطفال ( بيدوفيليا ) بجعْل كلِّ استخدام للطفل أو الطفلة كمثيرٍ
للجنس - سواء بالرؤية أم بمشاهدة صور الأطفال (زوجكِ مثالًا) أم التحرُّش
الفعلي - شكلًا مِن أشكال الاضطراب الجنسي!
ومشكلةُ زوجكِ اليوم قد لا تكون
بتلك الخطورة، ولكن متى بلغ أربعين سنةً، وناهزتْ ابنتاكِ حدَّ البلوغ؛
فإن الوضعَ سيكون خطيرًا ومهدِّدًا لراحتِكِ النفسية، ولمستقبل ابنتيكِ
وبنات المسلمين! فمِن قراءاتي وملاحظاتي لحالاتٍ مشابهة رأيتُ الحالة
تتفجَّر على نحو مُخِيف في سنِّ الأربعين؛ حيث تتبدَّل سيكولوجية الرجل
بشكل ملحوظٍ، والواقع المَرِير يؤكِّد - بما لا يدَع مجالًا للشك - مدى
انتشار زنا المحارم والعياذ بالله! نسأل الله العافية والتوفيق لطريق
السلامة بمنِّه وكرَمه.
مواجَهة زوجكِ بمشكلته هي
أُولَى خطوات العلاج؛ فالشعورُ بالافتضاح يُحجِم الرغبة الشاذَّة، بَيْد أن
المواجَهة وحدَها لا تكفي لحل المشكلة مِن جذورها؛ فهذا مرَضٌ مصنَّف ضمن
الأمراض العقلية، ولا بدَّ للمريض مِن الخضوع للعلاج النفسي عند معالج نفسي
متمرِّس في العلاج السلوكي المعرفي، وما عدا ذلك مِن نصائح وإرشادات لن
تغيِّر مِن الحالة شيئًا! ففكِّري في المشكلة مِن زاوية الأم الشفيقة، لا
من عيني الزوجة المحبَّة! وعسى الله أن يوفِّقكِ ويبلغكِ ما تَرُومِين
إليه، كما أرجو منه - سبحانه - أن يهديَ زوجكِ، ويشفيَه، ويصرف عنه شر نفسه
وشر الشيطان وشركِه، اللهم آمين.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وله الحمدُ والنعمة، وبه التوفيق والعصمة