السؤالأنا شابٌّ في أوائل العشرينيات مِن العمر،
كنتُ أطمح في مستقبلٍ زاهرٍ، وكان يُضرَب بي المَثَل في العائلة، وأني ذو
أخلاق، وأحب مساعدة الآخرين، وكنتُ أُمارَس رياضة "اطاي بوكسين"، وأصدقائي
كانوا يضربون بي المثل في النادي أيضًا. المشكلةُ
في كل هذا أنني كنتُ أمارس "اللواط" مع ابن خالتي؛ لأننا كنا نُشاهد
الأفلام الإباحيَّة، لكنني لم أملْ إلى الرجال، وما يزيدني انهيارًا أنني
أعتبر نفسي ميِّتًا بحكم الشرع في ذلك! وتعرَّضتُ لحالةٍ نفسيَّةٍ سيئة،
فاستشرتُ طبيبًا نفسيًّا، وتناولتُ المسكِّنات، وأخبرتُ ابن عمي الملتَزِم
بهذه الحادثة، فطمأنني بأن الله يغفر لعبادِه، علمًا بأنني لم أكنْ أعلم
بالعقاب. هذه الأفكار لا تُفارق ذهني، أرجوكم أجيبوني، ما الحل؟ وجزاكم الله خيرًا. الجوابالأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلًا بك في شبكة الألوكة، وأهلًا وسهلًا.
يجب أن نعلمَ أن كثيرًا من
الناس تنحرفُ حياتُهم عن المسار الصحيح، وقد يرتكبون أفعالًا مشينة، لكن
العبرة بالعودة إلى الطريق الصحيح في أقرب فُرصة، والتوبة النصوح التي تنقل
حياة الشخص إلى شكلٍ مختلفٍ.
أودُّ أن أوضِّح بعض الأفكار هنا:الأمر الأول: يجبُ أن يتَّضِح لك أين تضع التركيز لديك؟
بعضُ الأشخاص يضعون التركيز على
الحدثِ المشين، والشعور بالألم والذنب، ويصرف وقته مُنشَغلًا بهذا الأمر،
وهذا غيرُ مُفِيد في الواقع، وما نريده هو توجيه التركيز نحو هدفٍ واضح
ومحدَّدٍ، وهو اتخاذ قرار العودة إلى الطريق الصحيح، والإقلاع الكامل عن
الفعل المشين.
هذا القرار فعلٌ، وليس مشاعر،
إنه سلوكٌ ينبني على هجران ومقاطَعة كلِّ ما كان له عَلاقة بالفعل المشين،
وبالأشخاص، والأماكن المرتَبِطة به، ومن ثَمَّ الانشغال بأمور إيجابيَّة
تملأ الوقت وتصلح الأمر.
الأمر الثاني: يجب أن يكونَ لدينا شعورٌ حقيقي بالتقزُّز من الفعل المَشِين، وامتلاك
رغبة حقيقيَّة في العودة إلى الطريق الصحيح، وعدم المماطَلة في التوبة،
وتعويض الأوقات الضائعة بشكلٍ صحيح.
دعنا نتذكَّر أنَّ الصحابة -
رضوان الله عليهم - فعلوا أفعالًا مشينة قبل الإسلام، وعندما جاء الإسلام
فرُّوا إليه، والتزموا بتعاليمه، وغفر الله - عز وجل - لهم ذنوبهم، كما
يُزِيل الشخص الأوساخ من جسدِه، وهذا لا يحدث بالتمنِّي، بل بالعمل
والسلوك.
الأمر الثالث: مِن الخطورة بمكانٍ الاعتمادُ على رحمة الله - عز وجل - مع الاستمرار في
ممارَسة الفعل المشين، ومن ثَمَّ تغزوه المشاعرُ السلبية التي تُحبِط أي
محاولة للإصلاح، ويأخذ بالشخص للمزيد مِن الغِواية، وتمضي السنوات إلى أن
يصبحَ مِن المستحيل العودة إلى الطريق القويم، وقد ينتهي إلى أشياء أخطر؛
ولذا وجَب الانتباه مِن ذلك.
الأمر الرابع: يجبُ
أن نعرف ماهيَّة مفاتيح السعادة لدى الإنسان؛ فمفاتيح السعادة تَكمُن في
قُدرة المرء على بناءِ شبكة عَلاقات اجتماعية جيِّدة مع الأشخاص الصالحين
الجيِّدين، ومعرفة الأمور التى نتميَّز بها، والمواهب التي منحنا الله - عز
وجل - إيَّاها، ثم نبني حياتنا عليها، وأن نكونَ مِعْطائينَ مُنجِزين
فعَّالين، هذه أدواتٌ مساعِدة؛ لكي تُعِيد التفعيل لحياتك، والتخلص مِن
المشاعر السلبية التي تمرُّ بها.
ختامًا: هناك وسيلةٌ فعَّالة يجب أن تستعينَ بها طوال الوقت، وهو الدعاء،
والانصياع لأمره، والتذلُّل على بابه، ومناجاته، وبث الشَّكوى له، ومن
ثَمَّ الاستمتاع بعبادته، ليس خوفًا منه فحسْب، بل تقرُّبًا إليه وحبًّا
به.
أتمنَّى لك التوفيق، وأهلًا وسهلًا