السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا أعيش في حيرةٍ وضياعٍ نفسيٍّ، وهمومٍ وغموم لا يعلم بها إلا الله - سبحانه. أنا
مُتزوِّجةٌ منذ مدَّة طويلةٍ، وعندي أولاد، تعليمي متوسِّطٌ، ومهاراتي في
الحياة محدودةٌ، لا أُحسِن أيَّ شيء مِن اهتمامات بيتي وزوجي وأولادي
ونفسي، ولا أحبُّ الاختلاطَ مع الناس. أُعاني
كَسَلًا رهيبًا، وأحسُّ آلامًا في جسمي، وكلما حاولتُ وعقدتُ العزْمَ على
إصلاح نفسي تتعقَّد الأمور، ولا يكتمل لي ما أردتُ؛ فمثلًا في المستشفى
التي أذهب إليها كلما حاولتُ الدخول للطبيب تتعقَّد أموري، ولا أتمكَّن مِن
إكمال المهمة؛ فإما أن يكونَ الطبيب لم يَحضُر، أو يحدث تعثر في بعض
الإجراءات، أو غير ذلك، وقد حاولتُ الذَّهاب إلى طبيبٍ نفسي فلم أتمكَّنْ
مِن ذلك! وفي
بيتي إما أن يمضي يومي وأنا مُتْعَبَة وأحسُّ آلامًا في جسمي، أو يمرض
أحدُ أطفالي، أو تتعثَّر خطَّتي في أيِّ شيء بشكلٍ يومي، فقط أؤدِّي
مَهامَّ بسيطةً، ونحن على هذا الحال يوميًّا، وقد حاولتُ إكمال دراستي؛ فلم
أستطِعْ لأسبابٍ عدَّةٍ. الآن
أنا أعيشُ أزمةً نفسيَّةً رهيبةً؛ فقد بدأتِ الشيخوخة تدبُّ فيَّ، ولم
أتمكَّن مِن إنجازِ شيءٍ في حياتي، سواء لنفسي أو لغيري، والآن أُجاهد نفسي
لأداء الطاعاتِ، والطامَّة العُظمى أنني بدأتُ التسخُّط والتشكِّي، وأقول:
لماذا يا رب تفعل بي ذلك؟! أحسُّ
بتأنيبِ الضمير على كلِّ شيءٍ، أريدُ أن أنعَمَ بالسعادة، وأنشر البسمةَ
حولي، أريد مَن يأخُذ بيدي ويُساعدني في أنْ أعملَ شيئًا أشغَل به نفسي،
وأبتعد عن الهواجِس والهُموم؛ فزوجي مشغولٌ بعمَلِه، وأبنائي الكبار
مَشْغولون بدراستِهم، وأنا مع طفلتيَّ الصغيرتين، ولم أَعُدْ أحسُّ بحلاوةِ
ابتسامتهما، ولا روعة رعايتهما، والحمدُ لله على كلِّ حال، وأعتذر عن عدم
ترتيب أفكاري. ساعدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجوابأرحِّب
بكِ - سيدتي الفاضلة - في شبكة الألوكة، شاكرين لكِ حُسنَ ثقتِك بنا،
وسائلين الله القديرَ أن يرزقَك علوَّ الهِمَّة والنشاط، وحُسن استغلال
الأوقات. أختي في الله، أحيِّي فيك
تنبُّهَك لوضْعِك ومحاولتَك تحسينه للأفضل، وهذه نقطةٌ إيجابية جدًّا،
ستجرُّ بعدَها الكثيرَ مِن النجاحات والإنجازات - بإذن الله - فقط
بالاستعانةِ بالله، ومجاهَدة نفسك، والاستعاذة بالله مِن الشيطان الرجيم.
أختي الحبيبة، القاعدةُ تقول: إن النوم يجلبُ النوم، والكَسَل يجلب الكسل؛
لذا أنصحُك بمُحاولة اتباع الآتي للقضاء على الكسَل:• المحافَظة على مَواعيدِ استيقاظٍ ثابتة، باستخدام المُنبِّه طبعًا، وهذا
يحتاج منك إلى إرادة وتحمُّل، فالفترةُ الأولى ستكون مُرهِقَة عليك،
ولكنَّك - إن شاء الله - ستعتادين على ذلك سريعًا، وستندهشين مِن نفسِك،
وستجدين مَواهبَ وجوانبَ جديدةً في نفسِك وحياتِك، وسيكون جدولُ يومِك
ممتلئًا بالواجبات والأنشِطة اليومية المختلفة.
• أن
يكونَ وقتُ قَيْلُولتِك بعد صلاة الظهر، على ألَّا تزيد فترةُ النوم فيها
عن ساعةٍ؛ فالعبرةُ ليست بكثرة النوم، بل بجَوْدتِه، وهو للراحة وليس
للمُتعة.
• الحِفاظ والمداوَمة على الأوراد والأدعية؛ مثل: ((اللهم إني أعوذُ بكَ مِن العجز والكسَل)).
• النظر
في سِيَر الصحابة والسلَف الصالح؛ حيث كانوا لا يستسلمون لأوضاع
الاسترخاء، فقد كان الإمامُ النوويُّ مثلًا لا يتَّكئ على الفراش الليِّن
حتى لا يَغفُو.
• احرصي على ممارسةِ الرياضة، وخاصة المشي لمدة لا تقلُّ عن نصف ساعة يوميًّا؛ ليزيد نشاطُك، فالعقلُ السليم في الجسم السليم.
• ترديدُ دعاء الاستيقاظ والأذكار، الذي يُساعد بدوره على التنبُّه، ويحل عقدة مِن عُقَد الشيطان.
• إضاءةُ المصباح، أو فتْح النافذة فور الاستيقاظ؛ لطردِ النعاس، فقد ثبت
أنَّ الإضاءة تمنعُ إفراز الميلاتونين الذي يُساعد على النوم.
• هناك عدَّة أغْذِية تُسَاعِد على تنشيط الجسم؛ مثل: (
التَّمر -
البِسلَّة -
الفراولة -
التين -
المشمش -
الخلّ -
والحلبة).
أنصحُك أيضًا - أختي العزيزة -
بالبحثِ عن هِواياتك وطاقاتك الكامنة وممارستها، ومحاولة استغلال أوقات
الفراغ في الترتيب للقيام برحلات أسريَّة وعائلية، تنعمين فيها بدفْءِ
الأسرة وروحها الجميلة، وحلاوة ابتسامة طفلتيك الصغيرتين - حفظهما الله،
وأقرَّ عينيك بهما.
وفَّقك الله إلى ما فيه الصلاح لك ولأسرتك، وأرجو أن نسمعَ منك قريبًا - إن شاء الله - عن إنجازاتٍ عظيمةٍ.