بسم الله الرحمن الرحيم
ما أشبه الليلة بالبارحة ..
فقد مرت أيام العام بما فيها من خير وشر كأسرع مايكون, ولد أناس ومات آخرون, أحداث كثيرة مرت, فرحنا بدخول رمضان ثم سرعان مافارقنا فحزنا على فراقه, واليوم هانحن على مشارف دخوله مرة أخرى فما أشبه الليلة بالبارحة, فهل ترانا نستفيد منه أو نتهاون فيه فنندم بعد ذهابه, كأني بك ياحبيبة تقولين: بل سأستعد لاغتنامه ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟
اقرأي معي هذه السطور وستجدين في ثناياها الإجابة:
كيف نستعد لرمضان ؟
إن الاستعداد لرمضان يكون بمحاسبة النفس على تقصيرها في الواجبات أو تقصيرها في عدم ترك الشهوات أو الشبهات .. فيُقوم العبد سلوكه ليكون في رمضان على درجة عالية من الإيمان .. فالإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فأول طاعة يحققها العبد هي تحقيق العبودية لله وحده وينعقد في نفسه ألا معبود بحق إلا الله، فيصرف جميع أنواع العبادة لله لا يشرك معه أحداً في عبادته،ويستيقن كل منا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن كل شيء بقدر.
ونمتنع عن كل ما يناقض تحقيق الشهادتين وذلك بالابتعاد عن البدع والإحداث في الدين, وبتحقيق الولاء والبراء، بأن نوالي المؤمنين ونعادي الكافرين والمنافقين، ونفرح بانتصار المسلمين على أعدائهم، ونقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ونستن بسنته صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده.
بعد ذلك نحاسب أنفسنا على التقصير في فعل الطاعات كالتقصير في أداء الصلاة وغيرها من أركان الإسلام, والتقصير في أداء الحقوق للجار وللأرحام وللمسلمين وإفشاء السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق، والصبر على ذلك، والصبر عن فعـل المنكرات، وعلى فعل الطاعات، وعلى أقدار الله عز وجل .
ثم تكون المحاسبة على المعاصي واتباع الشهوات بمنع أنفسنا من فعلها، أي معصية كانت صغيرة أو كبيرة سواءً كانت معصية بالعين بالنظر إلى ما حرم الله أو بالسماع للمعازف أو بالمشي فيما لا يرضي الله عز وجل ، أو بالبطش باليدين في ما لايرضي الله، أو بأكل ما حرم الله من الربا أو الرشوة أو غير ذلك مما يدخل في أكل أموال الناس بالباطل .
وأن يكون نصب أعيننا أن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار قال تعالى:{قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم }.
بهذه المحاسبة وبالتوبة والاستغفار يجب علينا أن نستقبل رمضان ، " فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ".
ثم بعد هذه المحاسبة علينا أن نخطط ونعزم على الاستفادة من رمضان لأن الكثيرمن الناس وللأسف الشديد يخططون تخطيطاً دقيقاً لأمور الدنيا, ولكن القليل منهم من يخطط لأمور الآخرة, وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة, ونسيان أو تناسي أن للمسلم فرصاً كثيرة ومواعيد مهمة لتربية نفسه ومنها شهر رمضان الذي ينبغي أن يضع المسلم فيه برنامجاً عملياً لاغتنام أيامه ولياليه في طاعة الله تعالى, وإليك بعض الطرق التي تساعدك على اغتنامه:
1-العزم الصادق والعزيمة الجادة على استغلال رمضان, فمن صدق الله صدقه الله وأعانه.
2- العلم والفقه بأحكام رمضان , فيجب على المؤمن أن يعبد الله على علم, ولا يعذر بجهل الفرائض التي فرضها الله على العباد, ومن ذلك صوم رمضان فينبغي للمسلم أن يتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه, ليكون صومه صحيحاً مقبولاً عند الله تعالى.
3- المطالعة الإيمانية : وهي عبارة عن قراءة بعض كتب الرقائق المختصة بهذا الشهر الكريم
لكي تتهيأ النفس لهذا الشهر بعاطفة إيمانية مرتفعة .
4- قراءة كتاب لطائف المعارف ( باب وظائف شهر رمضان ) وسوف تجد النتيجة .
5- صيام بعض شعبان فهو كالتمرين على صيام رمضان وهو الاستعداد العملي لهذا الشهرالفضيل.
6- الاستماع إلى بعض الأشرطة الرمضانية قبل أن يهل هلاله المبارك, ومنها شريط روحانية صائم ولماذا نخسر رمضان للشيخ إبراهيم الدويش, وكذلك الأشرطة في وداع رمضان حتى تشعرنا بأننا سرعان ماسنودعه.
7- قراءة تفسير آيات الصيام من كتب التفسير .
8- اجلس بنا نعش رمضان: شعار ما قبل رمضان وهو عبارة عن جلسة أخوية مع من تحب من أهل الفضل والعمل الصالح تتذاكر معهم كيف تعيش رمضان كما ينبغي فهذه الجلسة الإيمانية تحدث أثراً طيباً في القلب للتهيئة الرمضانية .
9- تعلم فقه الصيام ( آداب وأحكام ) من خلال الدروس العلمية في المساجد وغيره .
10- حضور بعض المحاضرات والندوات المقامة بمناسبة قرب شهر رمضان .
12- تهيئة من في البيت من زوجة وأولاد لهذا الشهر الكريم من خلال الحوار والمناقشة في كيفية الاستعداد لهذا الضيف الكريم – ومن خلال المشاركة الأخوية لتوزيع الكتيبات والأشرطة على أهل الحي فإنها وسيلة لزرع الحس الخيري والدعوي في أبناء العائلة.
بلغنا الله وإياكم شهر رمضان وجعلنا من صوامه وقوامه إيمانا واحتسابا.