السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب في كلية الطب, عمرى 18 عاما, منذ 3 سنوات بدأ عندي ظهور بعض الأفكار السيئة عن الله عز وجل, وعن الرسول صلى الله عليه وسلم, والقرآن, ولكنها كانت تأتيني في الصلاة, وكنت أتغلب عليها, ولكنها زادت بمرور الوقت, حتى إنها في العام الماضي زادت بدرجة فظيعة, وتملكت على حياتي, وأصبحت تأتيني فى كل الأوقات, حتى إنني فكرت في الإلحاد -والعياذ بالله-.
في هذه الأثناء بدأت أشعر بالحزن والضيق, وبألم في الصدر, وما يشبه حرقة تحت الإبط وأسفل الرقبة, وبضيق الحياة حتى فكرت بالانتحار -والعياذ بالله- ولكن بعد انتهاء فترة الامتحانات زالت الرغبة في الانتحار, واستمرت باقي الأعراض.
المشكلة أيضا أن دراستي تحتاج قدرا كبيرا من التركيز والمذاكرة, ولكني مشتت الإنتباه والتركيز, فماذا أفعل؟ أفيدوني بالله عليكم.
علما بأني أمارس العادة السرية, فهل هي السبب؟ وأختي لديها وسواس في الوضوء, وابنة عمي كانت تعاني من اكتئاب شديد, فهل أنا مكتئب وراثيا؟ وماذا أفعل؟
علما بأن والدي يرفض تماما فكرة الذهاب لطبيب نفسي, فهل من علاج دون آثار جانبية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
هذا وسواس قهري أيها الفاضل الكريم, والوساوس القهرية ذات الطابع الديني مؤلمة جدا للنفس، والوساوس تاريخيا معروفة، قد كتب عن ذلك الإمام أبوزيد البلخي في كتابه (الأبدان والنفوس) فإذن هي قديمة وقديمة جدا، وحتى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءهُ ناسٌ من أصحابه فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! نجدُ في أنفسِنا الشيءَ نعظِّم أن نتكلَّم به – أو الكلامَ به – ما نحبُّ أن لنا، وأنا تكلمْنا به، - لأن هذه الأفكار بالطبع قبيحة ومؤلمة - قال : أوقد وجدتموه ؟ قالوا : نعم ! قال : ذاك صريحُ الإيمانِ.
فالوساوس القهرية دائما تصيب الناس في الأشياء العزيزة والحساسة جدا, مثل الأمور الدينية والجنسية وهكذا.
أيها الفاضل الكريم: ليس هنالك ما يدعوك للانتحار أبدا, لا يمكن للإنسان أن يعالج مشكلة بمشكلة أفظع منها، والانتحار حرام, ولا يقدم عليه المؤمن أبدا، أطرد هذه الأفكار اللعينة، وإن شاء الله هذا من صريح الإيمان, والعلاج متوفر وموجود, كما أن الوساوس تأتي في الموجات, يعني أنها تكون شديدة في بعض الأحيان ثم تنخفض.
يظهر أن هذه الأفكار التي وصفتها بالانتحارية تأتيك حين يكون الفكر الوسواسي في ذروته، عموما حلقة اليفاعة هي مرحلة عمرية تكثر فيها الوساوس بعد ذلك تقل كثيرا.
بالنسبة لتأثير الوراثة لا نستطيع أن ننكره, لكن أن لا يعطى أهمية كبيرة؛ لأن تأثير الوراثة هو تأثير بسيط, والذي تؤثر من خلاله الورثة ليس الورثة المباشرة للمرض إنما الاستعداد له.
أيها الفاضل الكريم: هذه الوساوس يجب أن تحقرها وأن تطردها لا تعطها أي اهتمام، بالنسبة لتشتت الذهن والتفكير ناتج من الوساوس لأن الوساوس في الأصل هي قلق نفسي، وبعد أن تنتهي إن شاء الله تعالى ستعيش حياة طيبة ويكون تركيزك ممتاز، وتكون سديداً.
كنت أتمنى أن يوافق والدك بالذهاب إلى الطبيب النفسي وخاصة أن مصر بها أطباء متميزون جداً، وحقيقة العلاج الدوائي مهم ومطلوب جداً، والأدوية تؤدي إلى توزان كيميائي داخل الدماغ؛ لأن الوساوس أثبت بصورة قاطعة أن اضطراب كيمياء الدماغ عنصرا في تسبيبها.
عموما الأدوية السليمة متوفرة في مصر، ويوجد عقار فلوزاك, ويسمى علميا باسم فلوكستين, فهو جيد بشرط أن يكون هنالك التزام في تناوله، الجرعة المطلوبة هي كبسولة واحدة (20) مليجراما يتم تناولها يوميا لمدة أسبوعين, ويتم تناول الدواء بعد الأكل، وبعد انقضاء الأسبوعين اجعل الجرعة كبسولتين في اليوم لمدة شهر, ثم اجعلها ثلاثة كبسولات في اليوم, وتكون الجرعة كبسولة واحدة في الصباح, وكبسولتين ليلاً.
هذه هي الجرعة العلاجية, استمر عليها لمدة شهرين, ثم تخفضها إلى كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر, ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر, ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر, ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
العلاج إن شاء الله تعالى متوفر, وسوف تزول عنك هذه الوساوس.
أيها الفاضل: نقطة أخيرة, فبما أنك طالب بكلية الطب؛ فيمكن أن تتحدث مع أحد أساتذة الطب النفسي في الكلية, وأنا متأكد أنك سوف تجد منه المساعدة والعون.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.