السؤال
عمري 12 سنة, أخاف كثيرًا أثناء الليل, وأحيانًا لا أستطيع النوم, وأخاف من الجن, وعندما لا أنام أبقى في سريري, ولا أرى بوضوح؛ حيث إن الجدران تتحول إلى وحوش وشياطين وجن, وأخاف إذا ما بقيت وحدي في المنزل, وأحيانًا أتعرض لحالات هلع؛ فأهرب من المنزل, وأحس أن أحدًا يطاردني - وليس هناك أحد - وأخاف الذهاب للتجوال في أماكن جديدة, ولا أستطيع الدفاع عن نفسي من تلاميذ المدرسة, فهم يضربونني, وأنا لا أفعل شيء حيال ذلك, فأريد أن أعرف إن كانت حالتي مرضية أو نفسية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد الشعيبي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
شكرًا لك على الكتابة إلينا، وسررت بلغتك العربية الجيدة, وباستعمالك للمفردات، فاستمر في القراءة والكتابة, فمن يدري لعله سيكون معنا أبو القاسم الشابي جديد من أرض تونس الشقيقة!
يكثر الخوف بأشكاله المختلفة عند الناس، وإن كانوا قليلًا ما يتحدثون عنه بسبب الخجل أمام الناس, ونسمي عادة هذا بالخوف أو الرهاب (phobia).
وقد يكون الخوف من شيء محدد - كما هو الحال معك - من الخوف من السير ليلًا, والبقاء في المنزل بمفردك, والخوف من النوم منفردًا أو الخوف من حيوان معين – كالقطط, أو الكلاب, أو الأفاعي, أو غيرها - أو الخوف من الأماكن العامة أو المزدحمة، أو الخوف من المرض، وهناك الخوف من أمور غير محددة - كالشعور الغريب كأن أمرًا ما قد يحدث - أو الخوف من المستقبل, وما يمكن أن تأتي به الأيام.
والعادة أن يبدأ الشخص الذي يعاني من الخوف بتجنب الأماكن أو الأشياء التي يخافها، وإذا به يشعر أن خوفه هذا قد ازداد؛ لأن هذا التجنب لا يحل المشكلة، وإنما يزيدها قوة وعنادًا على العلاج.
ويكثر مثل هذا الخوف عند الشباب اليافعين الذين هم في مثل سنك، إلا أن الأمر يتحسن كثيرًا مع مرور السنوات ومن غير أي علاج أيضًا.
وفي الحالات الشديدة التي لا تتحسن من نفسها مع الأيام، فهناك العديد من العلاجات, ويقوم العلاج بشكل أساسيّ على مبادئ العلاج المعرفي السلوكي، وهو أفضله.
وبالرغم من فوائد العلاج الدوائي في كثير من الحالات، ولكن يبقى العلاج الأكثر فعالية للخوف أو الرهاب هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو محاولة تغيير السلوك, وعدم الاستسلام للأفكار الرهابية، وقد تحتاج لتطبيق هذه المعالجة مراجعة: إما طبيب نفسي, أو أخصائي نفسي حيث تعيش، وهو يمكن أن يشرف على العلاج المعرفي السلوكي, بالإضافة للعلاج الدوائي.
فهيا يا أحمد, حاول أن تقتحم المجالات التي تخافها كالسير ليلًا، أو البقاء في البيت منفردًا، أو النوم منفردًا، أو غيرها من المواقف، وستلاحظ بعد قليل من الوقت أنك بدأت تتكيّف مع هذه المواقف والحالات، وأنك أدركت أن هذه المخاوف لا تأتي بما هو ضارّ، وأن هذا الخوف إما أن يكون اختفى بالكليّة، أو على الأقل أصبح أقلّ مما كان عليه.
وأنا أنصح عادة أن يقرأ من يعاني من الخوف عن طبيعة هذا الخوف أو الرهاب بحيث يتعرف على طبيعة هذا الرهاب، وكما يقال: إذا عُرف السبب بَطـُلَ العجب.
وأدعوه تعالى أن ييسّر لك الخير، ويعينك على تجاوز هذه المرحلة التي أنت فيها.