شبهة حول صورة ابن مريم وأمه في الكعبة
الشبهة
هذه هي الرواية التي جاءت في كتاب الأزرقي ( وقد استشهد بها الحريري في كتابه قس ونبي ) :
وحدثني جدي قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن قال: أخبرني بعض الحجبة عن مسافع بن شيبة بن عثمان إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا شيبة أمح كل صورة فيه إلا ما تحت يدي قال: فرفع يده عن عيسى بن مريم وأمه.
الرد على الشبهة
... هذه الرواية واهية منكرة للأسباب التالية :
أولا : فيها الأزرقي وهو مجهول الحال عند أئمة الحديث .. قال العلاَّمة عبدالرحمن بن يحيى المعلِّمي ( ت : 1386هـ ) رحمه الله في كتابه عن مقام إبراهيم ط/ علي الحلبي (ص/56) بعد أن ساق خبراً من طريق الأزرقي : (( الأزرقي نفسه لم يوثِّقه أحدٌ من أئمة الجرح والتعديل ، ولم يذكره البخاري ، ولا ابن أبي حاتم . بل قال الفاسي في ترجمته من العقد الثمين : ( لم ارَ من ترجمه ) . فهو على قاعدة أئمة الحديث : مجهول الحال )) ... وذكر في (ص/58) حديثاً ثم أعلَّه بالأزرقي . ونحوه في (ص/61) . وقال الألباني عن الأزرقي: ( لم نجد له ترجمة في شيء من المصادر المعروفة المطبوعة والمخطوطة إلا قول السمعاني في كتابه أخبار مكة ) . ولذلك فقد اعتبره الشيخ الألباني، من ناحية روايته في حكم المستورين عند المحدثين الذي يستأنس بحديثهم لا يحتج به .. ويقول الحافظ الذهبي : (ويريبني من الأزرقي حُسنُ سياقه للحكايات ، وإشباعه القول فيها ، ومثل ذلك قليلٌ فيما يصحُّ عن الصحابة والتابعين ! ) ...
ثانيا : الإرسال في الحديث إذ لم يروه صحابي , بل تابعي , وهو منقطع كذا ..
ثالثا : علــة لا تخفى في السند ( أخبرني بعض الحجبة ) , مما يوهن السند ..
رابعا : مخالفة هذه الرواية لما جاء في الصحاح ..
ففي البخاري : حدثني إسحاق، حدثنا عبد الصمد، قال حدثني أبي، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت، فأخرج صورة إبراهيم، وإسماعيل في أيديهما من الأزلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قط " . ثم دخل البيت، فكبر في نواحي البيت، وخرج ولم يصل فيه .
وفي سنن أبي داوود : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، - يَعْنِي ابْنَ عَقِيلٍ - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - زَمَنَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا فَلَمْ يَدْخُلْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مُحِيَتْ كُلُّ صُورَةٍ فِيهَا .
خامسا : وهو متعلق بالمتن .. فهذا منكر لمخالفته للعقيدة الإسلامية وتحريم التصوير .. وكيف لم يأت في الأثر من يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟
سادسا : .. فلقد روى الأزرقي غير هذه الرواية 165 في 168 & 169 :
حدثني جدي قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن جابر بن عبد الله قال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور وأمر عمر بن الخطاب زمن الفتح أن يدخل البيت فيمحو ما فيه من صورة ولم يدخله حتى محي. & حدثني جدي قال: حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة حتى أمر عمر بن الخطاب أن يطمس على كل صورة فيها.
فكما وضح لك .. فإن الرواية واهية سندا منكرة متنا .. والروايات الصحيحة تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة أصلا حتى أخرجت التماثيل ومحيت الصـور ..