اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 إنكار البابا عذاب القبر !!!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99310
إنكار البابا عذاب القبر !!! Oooo14
إنكار البابا عذاب القبر !!! User_o10

إنكار البابا عذاب القبر !!! Empty
مُساهمةموضوع: إنكار البابا عذاب القبر !!!   إنكار البابا عذاب القبر !!! Emptyالإثنين 22 أكتوبر 2012 - 3:33




إنكار البابا عذاب القبر !!!



بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.


أما بعد:


فقد دأبت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة على نقل رأي الكنيسة والبابا في القضايا المطروحة على الساحة مثل: الختان، ونقل الأعضاء، وتطبيق الشريعة، والشذوذ الجنسي، وبحيث صارت المسألة أشبه باستعراض الآراء، وتحقيق معنى المواطنة، ومساواة الأزهر وشيخه بالكنيسة والبابا.


وفات من يصنع ذلك أن الشرائع وإن تنوعت وتعددت فإن شريعة الإسلام حاكمة ومهيمنة على سائر الشرائع، وأن الدين من لدُن آدم حتى قيام الساعة هو دين الإسلام (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)(آل عمران:19)، وهذا الدين هو الذي بُعث به موسى وعيسى ونبينا -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، فما من نبي إلا وقال لقومه: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)(الأعراف:59)، وقال -سبحانه-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)(النحل:36)، وأن المسيح إذا نزل في آخر الزمان يحكم بشريعة الإسلام، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، وفي الحديث الذي رواه مسلم (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)، وذلك لأن بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- موجودة في الكتب السابقة -مبعثه، مهجره، صفاته- فمن آمن بموسى والتوراة، أو من آمن بعيسى والإنجيل فعليه أن يؤمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلا كان مكذِّبًا بما يدَّعي الإيمانَ به.


وأهل الكتاب إن تحاكموا إلينا حكمنا فيهم بكتاب الله وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وشعبُ مصرَ في مجموعه شعبٌ مسلمٌ ودستوره الإسلام، وما من أمة إلا وهي تحكّم دستورها، وشرعُ من قبلنا ليس شرعًا لنا إذا خالفنا، فلمَ البلبلةُ والمخالفةُ والمجاملةُ على حساب الحق فالعُهدة على ما جاء في الكتاب والسُنَّة دون التفات لأقوال المسلمين والعلماء إذا خالفوا ذلك، فكيف بأقوال أهل الكتاب؟! وقال -تعالى-: (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً)(المائدة:3)، وقال -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(النساء:65)،
وقال -سبحانه وتعالى-: (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ)(الحجرات:1)،
وقال -عز وجل-: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(النساء:59)، وقال -تعالى-: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور:63)، وقال -تبارك وتعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)(الأحزاب:36)، وقال -عز وجل-: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(المائدة:50)، وقال -سبحانه وتعالى-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(يوسف:40)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.


وقد ذكر العلماء: أن كل إنسان يُؤخذ من قوله ويُترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


وفي عظته الأسبوعية بمقر الكنيسة المرقسية بالإسكندرية الأحد الماضي ٩ربيع الآخر، الموافق ٥ إبريل ٢٠٠٩ رفض البابا الاعتراف بعذاب القبر قائلاً: "مفيش حاجة اسمها عذاب القبر، لمّا الإنسان بيموت الروح بتروح عند ربنا، والجسد ما بيحسش، فإزاي يتم عذاب جسد بلا روح، الحساب يوم القيامة مش في القبر).

ولنا عدة تعليقات على هذا الكلام:



أولاً: للبابا أن ينكر عذاب القبر، وله أن يدين بما هو أشد من ذلك كقولهم: إن الله هو المسيح بن مريم، أو إن المسيح هو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، وله أن يجهر بمعتقده داخل الكنيسة ووسط أتباعه، والعتب على وسائل الإعلام التي تنقل هذا الكلام وتروّجه في أوساط المسلمين كجريدة "الدستور" التي نقلتُ أنا عنها الخبر، وقد كتبته الصحيفة ودون إنكار أو رد، وبالخط العريض في الصفحة الأخيرة: البابا شنودة في عظته بالإسكندرية: مفيش حاجة اسمها عذاب القبر!!!، وعلامات التعجب هذه من عندي.



ومن البديهيات أن الخطأ على الملأ يستوجب الرد على الملأ؛ حيطةً للمسلمين، وذودًا عن شريعة رب العالمين، قال -تعالى-: (فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ)(الأنعام:89)، وقال -سبحانه-: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)(المائدة:73)، وقال -عز وجل-: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)(المائدة:17)، وقال -تبارك وتعالى-: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(التوبة:30-31).



ثانيًا: أجاب البابا في نفس العظة على فتاة ترتبط في علاقتها بشاب يصغرها بعامين ونصف العام، فداعبها البابا: "ما يهمش اعتبريه زي ابنك الكبير!!!، ناصحًا إياها أن تستمر في علاقتها بالشاب!!!



بينما طلبت فتاة أخرى نصيحة البابا في كونها عاطفية جدًا ومش بتقدر تتحكم في مشاعرها، فعلّق البابا ضاحكًا: "ده عيبه" !!!



وثالثة تشكو من كونها تحب شابًا، وتخشى أن تخبره بمشاعرها، ولا تعرف ماذا تفعل؟ فقال البابا: من الأفضل أن توسط إحدى صديقاتها المقربات لإخباره بالأمر، ثم صمت قليلاً وقال: أنا آسف... أنا مش بعلمكم الشقاوة!!!.



وهي إجابات في غاية الغرابة، ومن شأنها أن تكرِّس للرذيلة وتشبع الفجور، وخصوصًا عندما تُنْشَر على الملأ، ويغتر بها البعضُ، ويضفي عليها القداسة.



ويزولُ العجبُ أو يخفُّ إذا علمت معتقدات القوم، وأن الإنجيل عبارة عن بعض الأحكام والأخلاق المكملة للتوراة وليس شريعة مستقلة، ولذلك لما تنادت الجن قالوا: (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ)(الأحقاف:30)، ولم يقولوا: أُنزل من بعد عيسى، فالتوراة أصل كالقرآن، ولذلك فالنصارى يقبلون الحكم بأي شريعة لأنهم لا شريعة عندهم.



ثالثًا: وردت النصوص الشرعية بصفة نعيم القبر وعذابه، وهو ما يطلق عليه اسم الحياة البرزخية، وقد سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- أصوات المعَذَبين.



وورد أن من أسباب عذاب القبر: عدم الاستتار من البول، والنميمة، والغلول، والكذب، وهجر القرآن، والزنا، والربا، ويحبس المدين في قبره بدينه، ويُعذب الميت ببكاء الحي.



وهناك طوائف تُعصم من فتنة القبر، كما أن هناك أعمال مُنجية من عذاب القبر، كما وردت النصوص بالاستعاذة من فتنة القبر وعذابه، والإنسان ينتقل من حياة دنيوية، إلى حياة برزخية، إلى حياة أخروية، وكل صورة من هذه الصور لها أحكامها، والرب قدير -سبحانه-، وإذا ورد شرع الله بطل نهر معقل فهل من يعقل؟!



جاء في كتاب القيامة الصغرى للأشقر ما نصه:



يقول شارح الطحاوية: (وقد تواترت الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، بل إن الشرع قد يأتي بما تحار فيه العقول، فإن عودة الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا، بل تعاد إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا).



وقال في موضع آخر: (واعلم أن عذاب القبر وعذاب البرزخ حق، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه، قُبِر أو لم يُقبَر، أكلته السباع أو احترق حتى صار رماداً ونسف في الهواء، أو صلب أو غرق في البحر، وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور، وما ورد من إجلاسه، واختلاف أضلاعه ونحو ذلك، فيجب أن يفهم عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مراده من غير غلو ولا تقصير).



وأنكرت الملاحدة ومن تمذهب بمذهب الفلاسفة من الإسلاميين عذاب القبر، وقالوا: ليس له حقيقة، واحتجوا لذلك بأنهم يفتحون القبور فلا يرون شيئاً مما أخبرت به النصوص.



وأنكره أيضاً الخوارج، وبعض المعتزلة كضرار بن عمرو، وبشر المريسي، وخالفهم جميع أهل السنة، وأكثر المعتزلة.



وهؤلاء كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، وقد ظن هؤلاء أن أبصارهم يمكن أن ترى كل شيء، وأن أسماعهم يمكن أن تسمع كل شيء، ونحن اليوم نعلم من أسرار الكون ما كانت أسماعنا وأبصارنا عاجزة عن سماعه ورؤيته، ومن آمن بالله صدَّق خبره.



وقد وردت إشارات في القرآن تدل على عذاب القبر، وقد ترجم البخاري في كتاب الجنائز لعذاب القبر، فقال: باب ما جاء في عذاب القبر، وساق في الترجمة قوله -تعالى-: (إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ)(الأنعام:٩٣)، وقوله -تعالى-: (سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)(التوبة: ١٠١). وقوله -تعالى-: (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)(غافر:٤٥-٤٦).



والآية الأولى التي ساقها البخاري إنما هي في تعذيب الملائكة الكفار في حال الاحتضار كما سبق بيانه، والآية الثانية تدل على أن هناك عذابين سيصيبان المنافقين قبل عذاب يوم القيامة، العذاب الأول ما يصيبهم الله به في الدنيا إما بعقاب من عنده وإما بأيدي المؤمنين، والعذاب الثاني عذاب القبر، قال الحسن البصري: (سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ): عذاب الدنيا، وعذاب القبر، وقال الطبري: والأغلب أن إحدى المرتين عذاب القبر، والأخرى تحتمل أحد ما تقدم ذكره من الجوع أو السبي أو القتل والإذلال أو غير ذلك.



والآية الثالثة حجة واضحة لأهل السنة الذين أثبتوا عذاب القبر، فإن الحق -تبارك وتعالى- قرر أن آل فرعون يعرضون على النار غدواً وعشياً، وهذا قبل يوم القيامة، لأنه قال بعد ذلك: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)(غافر:46)، قال القرطبي: (الجمهور على أن هذا العرض يكون في البرزخ، وهو حجة في تثبيت عذاب القبر).



ومن الإشارات القرآنية الواضحة الدالة على فتنة القبر وعذابه قوله -تبارك وتعالى-: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)(إبراهيم:٢٧)، ففي الحديث الذي يرويه البراء بن عازب -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا أُقْعِدَ الْمُؤْمِنُ فِى قَبْرِهِ أُتِىَ، ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ)، وفي رواية أخرى: وزاد: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ) نزلت في عذاب القبر. رواه البخاري.



وقد روت لنا السيدة عائشة -رضي الله عنها-: أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ: نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ. قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعْدُ صَلَّى صَلاَةً إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. زَادَ غُنْدَرٌ «عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ». رواه للبخاري.



وفي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دَخَلَتْ عَلَىَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ فَقَالَتَا إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِى قُبُورِهِمْ. قَالَتْ: فَكَذَّبْتُهُمَا، وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا، وَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَجُوزَيْنِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ دَخَلَتَا عَلَىَّ فَزَعَمَتَا أَنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِى قُبُورِهِمْ، فَقَالَ: صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ. قَالَتْ: فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلاَةٍ إِلاَّ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.



ولعظم هذا الأمر وخطورته كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلمه لأصحابه، بل وخطب فيهم مرة به، ففي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-: قالت: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطِيبًا فَذَكَرَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ الَّتِي يَفْتَتِنُ فِيهَا الْمَرْءُ، فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ الْمُسْلِمُونَ ضَجَّةً. رواه البخاري والنسائي، وزاد النسائي: حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَفْهَمَ كَلاَمَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا سَكَنَتْ ضَجَّتُهُمْ قُلْتُ لِرَجُلٍ قَرِيبٍ مِنِّى أَيْ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي آخِرِ قَوْلِهِ؟ قَالَ: قَدْ أُوحِيَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.
موقع الشيخ عبد العظيم السعيد حفظه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إنكار البابا عذاب القبر !!!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عذاب القبر
» هل من عذاب في القبر .. ردا علي اقول النصاري
» شبهة حول عذاب القبر
» موجبات عذاب القبر
» اسباب عذاب القبر 3

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: قسم الحــوار المسيحي-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: