اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  الرضا بالله تعالى ربًّا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99315
 الرضا بالله تعالى ربًّا Oooo14
 الرضا بالله تعالى ربًّا User_o10

 الرضا بالله تعالى ربًّا Empty
مُساهمةموضوع: الرضا بالله تعالى ربًّا    الرضا بالله تعالى ربًّا Emptyالخميس 6 يونيو 2013 - 15:53

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71].
أمَّا بعدُ: فإنَّ أحسن الحديث كلام الله - تعالى - وخيرَ الهدْيِ هَدْيُ مُحمَّد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل مُحْدَثةٍ بِدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس: الإيمانُ بالله - تعالى - وسلوك صراطه المستقيم، والتزامُ شرعه الحنيف، واتباعُ سنة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - نعمةٌ يمنّ الله - تعالى - بها على من أراد سعادته، ويحرم منها من كتبت عليه الشقاوة.
والرضا بالله - تعالى - ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا؛ هو جوهر السعادة، وعنوان الفلاح، وبه يجد العبد حلاوة الإيمان؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ذاق طعمَ الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً))؛ رواه مسلم[1]، فهذا الحديث العظيم يُثبت أن للإيمان طعمًا حلوًا يجده من حقق هذا الرضا، وكلما امتلأ القلب بهذا الرضا عظمت الحلاوة، وازداد الإيمان.
إنها نعمة - وأيُّ نعمة - أنعم الله - تعالى - بها على المؤمنين، فهداهم للإيمان، ووفقهم للرضى به.

قال القرطبي - رحمه الله تعالى -: "قوله: ((ذاق طعم الإيمان)) أي: وجد حلاوته، كما في حديث أنس: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان)) وهي عبارة عمَّا يجده المؤمن المحقق في إيمانه، المطمئن قلبه به؛ منِ انشراح صدره، وتنويره بمعرفة الله - تعالى - ومعرفة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومعرفة مِنَّة الله - تعالى - عليه في أن أنعم عليه بالإسلام، وَنَظَمَهُ في سِلْكِ أُمَّةِ مُحَمَّد خير الأنام، وحبب إليه الإيمان والمؤمنين، وبغّض إليه الكفر والكافرين، وأنجاه من قبيح أفعالهم، وركاكة أحوالهم. وعند مطالعة هذه المنن، والوقوف على تفاصيل تلك النعم؛ تطير القلوب فرحًا وسرورًا، وتمتلئ إشراقًا ونورًا، فيا لها من حلاوة ما ألذَّها، وحالة ما أشرفها!! فنسأل الله - تعالى - أن يمنَّ بدوامها وكمالها، كما منَّ بابتدائها وحصولِها؛ فإنَّ المؤمن عند تذكر تلك النعم والمنن لا يخلو عن إدراك تلك الحلاوة، غير أن المؤمنين في تمكنها ودوامها متفاوتون، وما منهم إلا وله منها شرب معلوم، وذلك بحسب ما قُسم لهم من هذه المجاهدة الرياضية، والمنح الربانية"[2].
إن الرضا بالشيء هو القناعة به، فمن رضي بالله - تعالى - ربًّا لم يطلب غيره، ومن رضي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - رسولاً لم يسلك إلا ما يُوافق شريعته[3]، ومن كان كذلك خلصت حلاوة الإيمان إلى قلبه، وذاق طعمه.
والرضا بذلك عام وخاص، فالرضا العام أن لا يتخذ غير الله - تعالى - ربًّا، ولا غير دين الإسلام دينًا، ولا غير محمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً، وهذا الرضا لا يخلو عنه مسلم؛ إذ لا يصح التدين بدين الإسلام إلا بذلك الرضا[4].

وأما الرضا الخاصّ فهو الذي تكلم فيه أرباب القلوب، وأصحاب السلوك، ويحققه العبد إذا لم يكن في قلبه غير الله - تعالى - ولم يكن له همٌّ إلا مرضاته، فيخالف هواه طاعةً لله - تعالى - وقد ذكر المحقّقون من العلماء أنَّ الرضا أعلى منازل التوكل، فمن رَسَخ قدمُه في التوكل والتسليم والتفويض لله - تعالى - حصل له الرضا ولابد، ولكن لعزته، وعدم إجابة أكثر النفوس له، وصعوبته عليها؛ لم يوجبه الله - تعالى - على خلقه؛ رحمة بهم، وتخفيفًا عنهم. لكنَّه - تعالى - ندبهم إليه، وأثنى على أهله، وأخبر أن ثوابه رضاه - تعالى – عنهم، الذي هو أعظم وأكبر وأجلّ من الجنان وما فيها، فمن رضي عن ربه رضي الله عنه، بل إن رضى العبد عن الله ما هو إلا من نتائج رضى الله - تعالى - عنه؛ ولذا كان الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وفيه جماع الخير كله[5]؛ كما كتب عمر بن الخطاب لأبي موسى - رضي الله عنهما - يقول: "أمَّا بعد: فإن الخير كله في الرضا"[6].
إن مَن رضي بالله - تعالى - ربًّا وجد حلاوةً في طاعته، ولذةً في البعد عن معصيته، ومن رضي بالإسلام دينًا وجد حلاوةً في اتباع الشريعة، والعمل بها، والتحاكم إليها، ومن رضي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - رسولاً وجد حلاوة في اتباع سنته، والتزام هديه.

ومن كان كذلك فلن يجد مشقة في أداء الفرائض، والمحافظة على النوافل، وكثرة التطوع والذكر؛ لأن لذته في ذلك، ولن يعسر عليه بغض المعاصي والمحرمات، والبعد عنها، وإنكار قلبه لها؛ لأنها تفسد طعم الإيمان الذي يجده، وسبب ذلك كله ما قام في قلبه من كمال الرضا بالله - تعالى - وبدينه وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة)).[7] وفي الحديث الآخر: ((أرحنا بالصلاة يا بلال))[8]، فهو - عليه الصلاة والسلام - أكمل الناس رِضًى عن الله - تعالى - ولأجل ذلك كان يستروح بالصلاة، وجُعلت قرة عينه فيها، فكان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه من طول القيام[9]، ولا يحس بذلك؛ لما يجد من لذة في مناجاة الرب جلَّ جلاله.
ولأهمية هذا الرضا، واحتياج المسلم إلى تأكيده وتذكره على الدوام؛ ربط بالنداء إلى الصلاة المفروضة خمس مرات في اليوم والليلة، فُشرع للمسلم عقب إعلان المؤذن دخول وقت الصلاة أن يقول من جملة ما يقول في الأذكار عقب الأذان: "رضيت بالله ربًّا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينًا" فمن قال ذلك غفر له ذنبه، كما جاء في صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن النبي، صلى الله عليه وسلم[10].
وشُرع للمسلم أيضًا أن يفتتح صباحه ومساءه بهذا الذكر العظيم؛ فقد صحّ عن النبي أنه قال: ((ما من عبد يقول حين يمسي وحين يصبح: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًّا إلا كان حقًّا على الله أن يرضيه يوم القيامة))؛ رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم[11].

الله أكبر ما قيمة هذا الإنسان، لولا الإيمان؟! حتى يجعل الخالق البارئ حقًّا عليه لهذا العبد المخلوق؛ لأنه رضي بالله - تعالى - ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً، وهذا الرضا في الدنيا جعل له حقًّا عند الله - تعالى - في الآخرة أن يرضيه، وما أعظمها من منزلة ينالها من حقق الرضا بذلك.
والجواد الكريم يُرضي من يرضي بالعطاء الجزيل، والخير العظيم، والله - تعالى - واسع العطاء، وهو أكرم الأكرمين. وما أجلَّه مِن ذكْرٍ يفتتح به العبد صباحه ومساءه؛ ليكون له هذا الوعد الكريم من رب العالمين ((إلا كان حقًّا على الله أن يرضيه» فاللهم أرضنا، وارض عنا، وعن والدينا، وعن إخواننا المسلمين، إنك سميع مجيب، وأقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده حمدًا يليق بجلاله وعظمته، وأشكره شكرًا يوازي فضله ونعمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى - أيها الناس - وأطيعوه، واعلموا أن الرضا بالله - تعالى - ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا سببٌ يوجب الجنة للعبد؛ كما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَن قال: رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا وجبت له الجنة))؛ رواه مسلم وأبو داود واللفظ له[12].
بل إن العبد يَجْنِي جزاءَ هذا الرضا في الدنيا قبل الآخرة، بحلاوة الإيمان التي يمتلئ بها قلبه، وبما يحصل له من تفريج الكروب، وزوال الهموم، والإمامة في الدين.

هذه أمكم هاجر - عليها السلام - الأَمَةُ المؤمنة، التي كانت خادمة في قصور الفراعنة، فأهداها ملكهم لسارة زوج الخليل إبراهيم - عليهما السلام - وأهدتها هي لزوجها، فوقع عليها، فحملت بأبيكم إسماعيل - عليه السلام - فلما وضعته رحل بها إبراهيم - عليه السلام - هي ورضيعها إلى مكة المقفرة من الماء والزرع، الخالية من الأحياء، فلما وضعها وولى يريد الشام تعلقت به، ونادته من ورائه: "يا إبراهيم إلى من تتركنا؟ قال: إلى الله، قالت: رضيت بالله"[13].

وفي رواية قالت: "آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا"[14]. فأكرمها الله - تعالى - على رضاها به أن جعل ابنها إسماعيل - عليه السلام - رسولاً نبيًّا، وأعظم كرامة نالتها في الدنيا أن جعل من نسلها إمام المرسلين، وخاتم النبيين، سيد ولد آدم محمدًا، صلى الله عليه وسلم.
ومن رضي بالله - تعالى - وخالف هواه ومشتهاه، وناله من جرائه عنت ومشقة؛ أرضاه الله تعالى.
إن كثيرًا من الناس يظن أنه نال كمال الرضا أو أكثره، ولكن عند الابتلاء يظهر له كم هو ضعيف في هذا الباب، تراه يُقدِّم رضى المخلوقين الضعفاء على رضى الخالق القاهر؛ رغبةً في جاه أو مال، أو دفعًا لأذًى متوهم، مع أنه يعلم أن النافع الضار هو الله سبحانه. وتلك هي طريقة المنافقين التي عابها الله - تعالى - فقال – سبحانه -: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 62]، وما أكثر من يقع في ذلك، فيُقدم رضى المخلوقين على رضى الخالق؛ خوفًا من سطوتهم، أو رغبة في ثوابهم، نسأل الله العفو والعافية.
وضعف أهل الإسلام في هذا الزمان، وتسلُّط أهل الكفر والنفاق عليهم، وغربة الدين بين الناس، لا توجب الضعف والوهن، بل يجب على المسلم الثبات واليقين، والرضا بالله - تعالى - إلى أن يلقاه وهو على الحق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "وكما أن الله - تعالى - نهى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يُصيبَهُ حُزن أو ضيق ممَّن لم يدخل في الإسلام في أول الأمر فكذلك في آخره، فالمؤمن منهي أن يحزن عليهم، أو يكون في ضيق من مكرهم، وكثير من الناس إذا رأى المنكر، أو تغير كثير من أحوال الإسلام؛ جزع وكَلَّ وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا؛ بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام، وأن يؤمن بالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأن العاقبة للتقوى، وأن ما يصيبه فهو بذنوبه فليصبر، وإن وعد الله حق، وليستغفر لذنبه، وليسبح بحمد ربه بالعشي والإبكار"[15]اهـ.

ألا فاتقوا الله ربكم، وارضوا به ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً، واثبتوا على ذلك إلى الممات، جعلني الله وإياكم من أهل الثبات.
اللهم إنا نشهدك ونشهد ملائكتك وجميع خلقك بأننا قد رضينا بك ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً، اللهم فثبتنا على ذلك إلى أن نلقاك، اللهم إنا نعوذ بك أن نضل أو نُضل، أو نفتن أو نُفتن، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، اللهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين...
[1] أخرجه من حديث العباس بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - أحمد (1/208)، ومسلم في الإيمان، باب الدليل على أمن من رضي بالله - تعالى - ربًّا وبالإسلام دينًا... (34)، والترمذي في الإيمان، باب ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان (2623)، والبغوي في شرح السنة (25)
[2] "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (1/210).
[3] انظر: شرح النووي على مسلم (2/3)، وشرح الطيبي على مشكاة المصابيح (2/446).
[4] "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (1/210 - 2112).
[5] "مدارج السالكين" (2/204 - 205).
[6] الاستقامة (2/84)، والمدارج (2/177).
[7] أخرجه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أحمد (3/285)، والنسائي في عشرة النساء باب حب النساء (7/61)، وأبو يعلى (3530)، والضياء في المختارة (1736)، والبيهقي (7/78)، وصححه الحافظ في الفتح (3/20).
[8] أخرجه أحمد (5/364)، وأبو داود في الأدب باب في صلاة العتمة (4985)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/249)، والطبراني في الكبير (6/276) برقم: (6214)، والخطيب في تاريخه (01/444 - 445)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (4171).
[9] كما في حديث عائشة - رضي الله عنها -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه..." أخرجه البخاري في التفسير "سورة الفتح" باب قوله – تعالى -: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [الفتح: 2] (4836)، ومسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة (2820).
[10] أخرجه أحمد (1/181)، ومسلم في الصلاة باب استحباب القول مثل ما يقول المؤذن (683)، وأبو داود في الصلاة باب ما يقول إذا سمع الموذن (525)، والترمذي في الصلاة باب ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن من الدعاء (210)، والنسائي في الأذان باب الدعاء عند الأذان (2/26)، وابن ماجه في الأذان باب ما يقال إذا أذن المؤذن (721).
[11] أخرجه من حديث أبي سلام عن خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - أحمد (4/337)، وابن أبي شيبة في مصنفه (26541)، وأبو داود في الأدب باب ما يقول إذا أصبح (5072)، والنسائي في السنن الكبرى (10400)، وابن ماجه إلا أنه قال: عن أبي سلام خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى (3870)، والطبراني في الكبير (22/367) برقم: (921)، وفي الدعاء (302)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1/518)، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة": رجاله ثقات (3/209)، وقال الحافظ في الفتح: سنده قوي (11/135)، وساق ابن عبدالبر الحديث في الاستيعاب عن أبي سلام خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "هذا هو الصواب في إسناد هذا الحديث" (4/1681)، وله شاهد من حديث ثوبان - رضي الله عنه - عند الترمذي في الدعوات باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى وقال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه" (3389).
[12] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (29282)، وأحمد (3/14)، ومسلم في الإمارة باب بيان ما أعد الله للمجاهدين في الجنة من الدرجات (1884)، وأبو داود في الصلاة باب في الاستغفار (1529)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (5 - 6)، وابن حبان (863)، والحاكم (1/518)، ولفظ مسلم: ((يا أبا سعيد، من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، وجبت له الجنة)).
[13] ) أخرجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما البخاري في أحاديث الأنبياء باب يزفون: النسلان في المشي (3365).
[14] هذه الرواية للبخاري أيضاً: (3364).
[15] مجموع الفتاوى (81/295).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرضا بالله تعالى ربًّا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حسن الظن بالله تعالى
»  الإيمان بالله تعالى
» حتى نستأنس بالله تعالى
» تعريف الرسل بالله تعالى
» الرضا والقناعة.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: