اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 دروس من التاريخ الإسلامي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99300
دروس من التاريخ الإسلامي Oooo14
دروس من التاريخ الإسلامي User_o10

دروس من التاريخ الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: دروس من التاريخ الإسلامي   دروس من التاريخ الإسلامي Emptyالأحد 2 يونيو 2013 - 15:53

دروس من التاريخ الإسلامي

ملخص الخطبة
1- القضايا الحوليَّة والموضوعات الموسميَّة.
2- الاتعاظ بمضيِّ عامٍ واستقبال عام.
3- دعوة لقراءة التاريخ الإسلامي.
4- محاسن الإسلام.
5- لا اجتماع ولا وحدة إلا برابط العقيدة الإسلامية.
6- الإصلاح من الدَّاخل.
7- ضرورة التصدِّي لظاهرة الإرهاب.
8- أين دروس الهجرة وعبرها؟
9- لا تمكين إلا بجماعة.
10- لابدَّ من وقفات تأمُّل ومحاسبة.
11- فضل شهر الله المحرَّم وصيامه.
12- التَّأكيد على صيام يوم عاشوراء.
-------------------------
الخطبة الأولى
أمَّا بعد:
فأوصيكم - عبادَ الله - ونفسي بتقوَى الله عزَّ وجلَّ؛ فمن رامَ خيرًا غفيرًا، وأراد رزقًا وفيرًا، ونشد مَقامًا كبيرًا؛ فعليه بتقوى الله، فمَنْ حقَّقها حقَّق في الدُّنيا مجدًا كثيرًا، وجزاه ربُّه في الآخِرة جنَّة وحريرًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

أيُّها المسلمون:
وعلى إثر هذه الوصيَّة الجامعة؛ نبارك لأمَّتنا الإسلامية بإشراقةِ شمسِ هذا العام الهجريِّ الجديد، العامِ السادس والعشرينَ بعد الأربعمائة والألف من هجرة المصطفى – صلَّى الله عليه وسلَّم - ونبتهلُ إلى المولى - جلَّ في علاه - أن يُهلَّ هذا العامَ على أمَّة الإسلام بالأمن والأمان، والسلامة والإسلام، والتوفيقِ لما يحبُّه ويَرضاه؛ فإنَّه إذا استُعين أعان، وأن يجعلَ هذا العامَ عامَ نصر للإسلام والمسلمين في كلّ مَكان، وأن يَعمَّ بالخير والعَدل والسَّلام كافَّةَ بني الإنسان، وأن يجعلَ حاضرَ أيَّامنا خيرًا من ماضيها، ومستقبَلها خيرًا من حاضرها، وأن يحفظَ أمَّةَ الإسلام من شرور الفتَن والحوادث، وغوائل المحن والكوارث وظواهر العنف والإرهاب، إنَّه - سبحانه - المولى الكريم الوهَّاب.

معاشرَ المسلمون:
في ظلِّ ازدلاف الأمَّة إلى سنةٍ جديدة، وتطلُّعها لأوضاعٍ مستقبَليَّة مشرقةٍ رغيدة، تبرز بجلاء قضايا حوليَّة موسميَّة، جديرةٌ بالإشادة والتَّذكير، وحفيَّةٌ بالوقوف والتَّبصير؛ علَّها تكون محرِّكًا فاعلاً يستنهِض هممًا، ويشحَذ عزائمَها لمراجعة ذاتها وتدقيق حساباتها، وتحديد رؤاها ومواقفها وتقويم مسيرتها؛ لتستعيدَ تاريخَها المجيد ومجدَها التَّليد، وما امتازت به من حضارةٍ عريقة وعالميَّة فريدة، بوَّأتها في الطَّليعة بين أمم الأرض جميعًا والإنسانيَّة قاطبةً.

إخوةَ الإيمان:
إنَّ أجلى قضايا المناسبة تكمُن في وقفة المراجعة والمحاسبة، فاستقبالُ الأمَّة لعامٍ جديد هو بمجرَّدِه قضيّةٌ لا يُستهان بها، وإن بدا في أنظار بعض المفتونين أمرًا هيِّنًا، لطول الأمل والغفلة عن صالح العمل، وإنَّ في مراحل العُمُر وتقلُّبات الدَّهر وفجائع الزمان لَعِبَرًا ومُزدَجَرًا، ومَوعِظةً ومُدَّكرًا، يحاسِب فيها الحصيف نفسَه، ويراجع مواقفَه، حتى لا يعيشَ في غَمرة، ويؤخَذَ على غِرَّة، ويكون بعد ذلك عِظةً وعبرة.

ولئن أُسدِل الستار على عام مضى وحولٍ انقضى، بأحداثه ووقائعه، وآلامه وآماله؛ فإنَّ كلَّ ماضٍ قد يُستَرجَع؛ إلاَّ العُمُر؛ فإنَّه نَقْصٌ في الأعمالِ ودنوٌّ في الآجال.
إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالأَيَّامِ نَقْطَعُهَا وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدِني مِنَ الأَجَلِ
نَسِيرُ إِلَى الآجَالِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ وَأَيَّامُنَا تُطْوَى وَهُنَّ مَرَاِحلُ
فكم من خطوات مشيناها، وأوقاتٍ صرفناها، ومراحل قطعناها، ومع ذلك فالإحساسُ بمضيِّها قليل، والتذكُّر والاعتبار بمرورها ضئيل، مهما طالت مدَّتها، وعظُمت فترتُها، ودامت بعد ذلك حسرتها.

معاشر الأحبَّة:
إنَّ عجلةَ الأعمار وقطارَ الزَّمن يمضي بسرعةٍ فائقة، لا يتوقَّف عند غافِل، ولا يحابي كلَّ ناسٍ ذاهِل، كم ودَّعنا في العام المنصرم من أخٍ أو قريب، وكم فقدنا من عزيزٍ وحبيب، سبقونا إلى القبور، وتركوا عامرَ الدُّور والقصور، فإلى متى الغفلةُ يا عباد الله؟! وماذا ران على قلوبنا؟! وماذا غشِي أبصارنا وبصائرنا؟!
إنَّ الموفَّق الواعي مَنْ سَعى لإصلاح حالِه ليسعَدَ في مآله، والكيِّسَ المُلْهَمَ مَنْ أدام المحاسبةَ وتفقَّد رصيدَ الآخِرة، وحاذَر كلَّ لُوثَةٍ عَقَدِيَّة وفكريَّة وسلوكيَّة؛ ليحيا حياةَ السُّعداء، ويُحقِّق نُزُلَ الشهداء، وما ذلك بعزيزٍ على ذي المنِّ والعطاء.

إخوةَ الإسلام:
ولئن دار الزَّمان دورتَه؛ فإنَّ العامَ الهجريَّ الجديد ضيفٌ محبَّب لطِيف، ومَغنَم آهِلٍ وريف، فيه الأمل والانشراح، والتفاؤل والارتياح، وهجرٌ للمآسي والجراح، ولكن بِكلِّ أسى؛ انبلَج صُبحُ هذا العام الجديد ولم تختَطَّ أمَّتُنا الإسلاميَّة بعدُ سبيلاً يبلُغ بها معارِجَ العزَّة والصَّلاح، ولم تُقِم لها عزًّا يعصمها من تطاول الطامع والمُجتاح، ومع هذه الخطوب الوشيكة المُلِمَّة، والعواصف المُحْدِقَة المُدْلَهِمَّة - يبقى التفاؤل ديدنَنا، والأملُ المشرق رائدَنا، أمَّا دماء الأمَّة فبالتَّوحيد تجري، وأمَّا قلوبُها فبالإيمانِ تثري، {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].

وإنَّنا لنرجو الله - سبحانَه - أن تكون مناسبةُ الهجرة النبويَّة خيرَ أوانٍ للتَّصحيح والمراجعة، وأفضلَ زمانٍ للتَّصفية والمحاسبة، لتدركَ الأمَّة أنَّ تأسيسَ الأمور وإحكامَها، وتمهيدَ القواعِدِ وإتمامَها، رهينُ استعصامِها بكتاب ربِّها، واستمساكها بسنَّة نبيِّها، كيف وفيهما الفلَقُ والسَّناء، والفَرقُ بين النَّعيم والشَّقاء؟! في معتقدٍ صحيح ومنهجٍ سليم، ليس يعروهما ريبٌ ولا امتِراء، ومن تطلَّب المجدَ والكمالَ في سواهما فقَد رامَ المحال، وباء بالوبال، وليس له من دون الله من وليٍّ ولا وال.

أيها المؤمنون:
إنَّه لن تستبدلَ الأمَّة ضعفَها بالقوَّة، وهوانها بالعزَّة، إلاَّ إذا عادَت إلى ذلك الطِّراز العالي، الذي سطَّره السَّلفُ في العصور الخوالي؛ أعني: إبرازَ الحقائق والمحاسن لهذا الدِّين، التي سَعِد بها المصطفى وأصحابُه - رضي الله عنهم - وأسعَدوا بها العالَم قرونًا من الزمان، وسيُصلِح الله شأنَنا إذا نظرنا في مرآة الشَّريعة ما شانَنا، وممَّا يعين على امتثال ذلك: لزومُ المصداقيَّة مطلقًا؛ مع النفس والمجتمع والأمَّة، في القول والعمل والملَّة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، وما ازدهارُ الأمَم ورِفعتُها إلاَّ ثمرة الأعمال الصادقة المخلِصة، التي يقدِّمها رجالُها المخلصون البرَرَة، وبَنُوها الصَّادقون المَهَرَة.

إخوةَ العقيدة:
ما أحوجَ الأمّةَ الإسلاميّة اليوم وهي تتفيَّأ ظلالَ عامٍ جديد مفعَم بالتفاؤل والتَطلُّعات، للخروجِ من الفِتَن والمشكلات، وتجاوز العقبات والأزمات، ومواجهة التحدِّيات والنَّكبات - أن تقرأ تاريخها؛ إذ فيه العِبَر.
اقرؤوا التاريخ الإسلاميَّ؛ لتدركوا: كيف كانت أحداثُه العظام ووقائعُه الجِسام نقطةَ تحوُّلٍ كبرى، لا في تاريخ الأمَّة الإسلاميَّة فحسب؛ بل في تاريخ البشريَّة قاطبةً.
اقرؤوا التاريخ لترَوا كيف كانَت وقائعُه العظيمة منعطفًا مهمًّا غيَّر مجرَى التاريخ الإنساني برُمَّته.

اقرئي - يا أمَّتي - تاريخَك المجيد؛ لتعلَمي كيف أرسَت مصادره وأحداثه مبادئَ الحقِّ والعدل والأمن والسَّلام، وكيف رسَّخت وقائعُه منذ ما يزيد على أربعةَ عشَرَ قرنًا من الزمان مفاهيمَ الحِوار الحضاري التي يتنادى بها العالمُ اليوم.

أيَّتها الإنسانيَّة الحائرة:
لتخرجي من الأحكام الجُزاف الجائرة؛ اقرئي تاريخ حضارتنا الإسلامية؛ لتَرَيْ بأمِّ عينيك كيف كفَل الإسلام حقوقَ الإنسان بجدارةٍ، أزال الطبقات، ومحا العنصريَّات، وألغَى الفروقَ والتَّمايزات، في وحدةٍ تتضاءَل أمامَها الانتماءاتُ العنصريَّة والأواصر والعلاقاتُ المادية؛ بل تضمحلُّ أمامها كلُّ دعاوى الجاهلية.

إخوةَ الإيمان:
الارتباطُ التاريخي الوثيق، والانتماء الحضاريُّ العريق - يؤكِّد أنَّه ليس غيرُ العقيدة الإسلاميَّة الصَّحيحة جامعًا للعِقْد المتناثِر، ومؤلِّفًا للشَّتات المتناكِر، وناظمًا للرَّأي المتنافِر: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].
فهل تعي الأمَّة بعد هذا التمزُّق المُزْري والتخلُّف المُخْزي والتِّيه في الأنفاق المظلِمة وسراديب الغواية المعدمة أنَّه لا دربَ سوى الإسلام، ولا إمامَ غير القرآن، ولا نهجَ إلا نهج سيِّد الأنام - عليه الصَّلاة والسَّلام -؟!

ألم تستيقِنِ الأمَّةُ أنَّ التخلِّيَ عن العقيدة، والتَّساهلَ بأمر الشَّريعة، والتَّفريطَ في الثَّوابت والمبادئ، والتَّقصيرَ في المُثُل والقِيَم - مآلُه شقاءُ المجتمعات، وانتقاضُ الحضارات، وهَلاك العباد، وخَراب البلاد، وطريقُ البَوَار، وسَبَب الانهيار، وحُلُول التَّبار، وبالتالي قُرَّة عيون الأعداء وتحقُّقُ الدَّمار؟!
فهل يدرك أصحاب الرَّأي والنَّظَر، ودهاقِنة الحلِّ والفِكْر أنَّ التحديَّات السَّابقةَ والمعاصِرةَ، والتَّصادمَ الحضاريّ، والعِداء الثَّقافيّ والفكري - إنما مَرَدُّه إلى ثوابِتَ عند الغير، لا يتحقَّق الانتصارُ عليها إلا بالتمسُّك بمَوروثنا الحضاريِّ العريق، الذي ينضَح خيرًا وسلامًا للبشرية كافَّة، وأمنًا وسعادةً للإنسانية قاطبةً، في بُعدٍ عن مسالك العنف والإرهاب التي أقضَّت مضاجعَ العالم، ولا مخلِّصَ له منها إلاَّ إعلاء القِيَم الإنسانيَّة والإسلاميَّة، والتّأكيد على مبدأ الحوار الحضاري، بلا تميُّع ولا انهزاميَّة؟!

اقرؤوا التاريخ؛ لتدرِكوا أنَّ الحوارَ مع الآخَر يجب أن يُبنى على الإصلاح من داخلنا وقناعاتنا، لا بإملاء غيرنا علينا، حينما تمتلِئ النفوس محبَّةً ونزاهةً ومودَّةً وحنانًا، وتوضَع اللَّوائحُ المرعيَّة، وتُرسَم الضَّوابِط الشرعيَّة لحركةِ الانفتاح الفكريِّ والثقافيِّ والتَّربويِّ والإعلاميِّ.

أمَّةَ الإسلام:
ومن غيوم الفِتن التي تصاعدَ دُخانُها في سماء الأمَّة، ويُرجى مع بداية العام انقشاعُ هذه الغُمَّة: ما مُنيَ به الإسلام والمسلمون من حملةٍ إعلاميَّة ظالمة، وهجمة دعائيّة عاتية، من أقوامٍ غلا الكيدُ من مراجِل قلوبهم، فَطفح زَبدُ أقلامهم، وعَلا فحيحُ إعلامهم، ولم يهتَدوا للوقوف على معاني الإسلام وحقائقه؛ فناصَبوه الهجوم، وبدا على سُبُحاتِ وجوهِهم الوُجوم[1]، وفي مقابل أولئك: جماعاتُ الغلوِّ والتَّكفير، وفئات العنف والتَّدمير.

أمَّةَ الإسلام:
ومن الظَّواهر الخطِرة التي مُنِيَ بها العالم اليوم، ويترقَّب كلُّ محبٍّ للخير والسلام تواريَها خلال هذا العام: ظاهرةُ الإرهاب العالميَّة، الذي يعدُّ بحقٍّ جريمةَ هذا العصر.
ولقد سَعِد المتابعون لقضايا أمَّتهم بما تحقَّق من إنجازٍ يستحقُّ الإشادةَ خلال ما عُقِد في رحاب بلاد الحرمَيْن - حرسها الله - من المؤتمر الدُّوَلِيِّ لمكافحة الإرهاب، وما نتج عنه من توصياتٍ وقراراتٍ جديرة بالمتابعة والتَّنفيذ؛ لعلاج هذه الظَّاهرة العالميَّة الخطيرة، التي تجاوزت حدودَ الزَّمان والمكان والدِّيانة والجنسيَّة؛ لكي يفيءَ شباب الأمَّة إلى منهج الاعتدال والوَسَطِيَّة، وإظهار سماحة الإسلام، وما ينضَح به من معالي الشِيَم وفضائل القِيَم للإنسانية جمعاء، فما كان العنف يومًا محقِّقًا لمجد، ولا صانعًا لحضارة، ولا محافِظًا على إنجازات، ولا مُبقِيًا على مكتسبات؛ بل جرثومة قذرة، وحربٌ مدمِّرة تقضي على الأخضر واليابس، ولعلَّ إخضاعَ هذه الظَّاهرة للدِّراسات المستفيضة عبر مراكز علمية متميِّزة وهيئات استشارية متخصِّصة يُسهم في علاج الإرهاب وتجفيف منابعه عبرَ أسلوب ناجحٍ ودواء ناجع، يحقِّق المصالح ويدرأ المفاسد.

ولقد قرَّتِ الأعينُ بالمقترَح الموفَّق بإنشاء مركزٍ دُوَلِيٍّ لمكافحةِ الإرهاب، وحملةِ التَّضامن التوعويَّة لمعالجته، في أنموذج مشرق، يشدُّ الأكفَّ بالأكفِّ من جميع شرائح المجتمع وأطيافه وقنواته؛ لاستئصال شأفته والقضاء عليه.

فهل يعي المتورِّطون والمزايِدون والمحرِّضون والسَّاكتون خطورةَ الأمر، فيرجعوا إلى صوابهم ويفيئوا إلى رشدهم؟! فالعود أحمد والفيء أرشد. وهل يقرأ أولئك التاريخ، وينظرون في السُّنن الشرعية والنَّواميس الكونيَّة؟! وهل يكفُّ المصطادون بالماء العَكِر عن كلِّ ما يزيد الطينَ بِلَّةً والداء عِلَّةً؟! وهل تكفُّ وسائل المعلومات والفضائيات والتَّقانات عن كلِّ بواعثه وأسبابه ومهيِّجاته، وتحذرَ المواقف المتشنِّجة والملاسنات المُسِفَّة وكلَّ ما يبعث على العنف والجريمة، ويتواصى الجميع بالعودة إلى الله والخروج من المظالم العامَّة والخاصَّة؛ ليتواردَ الجميع سفينة النجاة بمنهج الاعتدال الذي لا غلوَّ فيه ولا جفاء؟! حينذاك تنجلي سحابة الإرهاب القاتمة، وتعيش البلاد والعباد في مأمنٍ من غوائل الشُّرور وسوء العواقب في الأمور.

أمَّةَ الإسلام:
إنَّه حينما تتقاذف سفينةَ الأمَّة أمواجُ الفتن؛ فإنَّ قواربَ النَّجاة وصمامات الأمان مرهونةٌ بولاء الأمَّة لدِينها وتمسُّكها بعقيدتها، وحينَما يُجيل الغَيُور نظرَه في واقع أجيالٍ من المنتسبين إلى أمَّتنا اليوم، ويرى التَّبعيَّةَ والانهزامية أمام تيَّارات العصر العولميَّة ومبادئ المدنيَّة الزائفة، ويُقارن بينهم وبين جيلنا التاريخيِّ الفريد - يُدرِك كم كانت وقائع تاريخنا المشرق الوضَّاء وحوادثُ سيرتنا العَطِرة سببًا في العزَّة والكرامة، وسبيلاً للبَذْلِ والتَّضحية والفداء.

وإنَّ من التطلُّعات المُلِحَّة: استتبابَ الأمن والأمان في سائر ديار الإسلام، لا سيَّما في الأرض المباركة فِلَسْطِين، وفي بلاد الرَّافدَيْن، وفي الشعوب المستضعَفة والمضطهَدة في كلِّ مكان.
وفي خِضَمِّ هذه الظروف الحوالك، التي اختلطت فيها المسالك، يتأمَّل قُرَّاء التاريخ ويتساءلون: أين دروسُ الهجرة وعِبَرها من شعارات العصر، بإنسانيَّته الزَّائفة وديمقراطيَّاته المزعومة وحريَّاته الموهومة، التي تُحسَب على دعاتها مغانِم وعلى غيرهم مغارِم، في غياب المنهجيَّة الشوريَّة المصطفويَّة؟! أين دروس التاريخ، وعِبَر الهجرة، وأخوَّة المهاجرين والأنصار، من أناسٍ مزَّقهم التَّشرذُم، وأحلُّوا العداوة والخِصام محَلَّ المحبَّة والوِئام، وترسَّبت في سويدائهم الأحقاد، وتأجَّج في قلوبهم سعير الحسَد والبغضاء والغِلِّ والشَّحناء، حتى تمزَّقت الأواصر، وساد التفكُّك الأسريِّ والاجتماعيِّ كثيرًا من المجتمعات؟!

اقرؤوا التاريخ - يا رعاكم الله - لتجدوا كم تحتاج العقيدةُ والرِّسالة إلى وطنٍ ودولةٍ وسلطانٍ ينافِح عن كيانها، ويذبُّ عن بَيْضَتِها، ويذود عن حِمَاها.
ألا فليتيقَّن دعاةُ الإصلاح في الأمَّة ألاَّ عقيدةَ ولا تمكينَ إلاَّ بجماعة، ولا جماعةَ إلاَّ بإمام، ولا إمامَ إلاَّ بسمعٍ وطاعة؛ لتُدرَأ عن الأمَّة غوائل الشُّرور والفِتَن، وعاديات الاضطِراب والمِحَن.

وفي الميدان التربويِّ: يجب أن يقرأَ التربوِيُّون تاريخَنا؛ ليَرَوا كيف تربَّى البيتُ المسلم على نُصرةِ العقيدة والولاء للقيادة، وكيف كان للشَّباب المسلِم والمرأة المسلِمة دورٌ - أيّما دور - في نصرة العقيدة والقِيَم والفضائل، وأنَّ السَّعادةَ والصَّلاح والخير والنَّجاح يكمن في التمسُّك بالمبادئ والأصول والثَّوابت.

وبعدُ أيُّها المسلمون:
فتلك إلماحةٌ إلى شيءٍ من وقائع التاريخ ودروس السِّيرة وعِبَرها، تظهر في حدث الهجرة النبويَّة، تُقدَّم للأمَّة في مستهلِّ عامها وفي مرحلة من أخطر مراحلها، علَّها تكون نواةً لمشروعٍ حضاريٍّ إسلاميٍّ إنسانيٍّ، يُسهِم في صلاح الحال وتقويم المسار، ويمثِّل بَلسَمًا شافيًا لعلاج الحملات الإعلاميَّة المسعورة، وسهام الحقد الطَّائشة ضدَّ ديننا وأمَّتنا ومجتمعنا وبلادنا، التي ما فتئ أعداءُ الإسلام يصوِّبونها تجاهَنا، مستغِلِّين نقاطَ الضَّعف في الأمَّة، ويتصيَّدون أخطاءَ بعض أبنائها النُّشَّاز.

ألا ما أشدَّ حاجتَنا - ونحن نستشرِف آفاقَ العام الهجريِّ الجديد - إلى وقفات تأمُّلٍ ومحاسَبة، ومراجعةٍ جادَّة لاستثمار كلِّ ما يعزِّز مسيرةَ أمَّتنا؛ لتزدلِفَ إلى عامٍ جديد وهي أكثر عزمًا وأشدُّ مضاءً لفتح آفاقٍ مشرقة لإسعادِ الإنسانية، لتتبوَّأَ مكانتها الطليعيَّة ومنزلتَها الرِّيادية فوق هذا الكوكب الأرضيِّ، الذي ينشُد سكَّانُه مبادِئَ الحقِّ والعدل والأمن والسَّلام، ولن يجدوه إلاَّ في ظلِّ الإسلام وتعاليم الشَّريعة، زادُها في ذلك موروثٌ حضاريٌّ وتاريخيٌّ متميِّزٌ، ونسيجٌ عَقَدِيٌّ متأصِّلٌ ومعينٌ قِيَمِيٌّ لا يَنْضِب، ومنظومةٌ اجتماعيَّةٌ متألِّقةٌ، تنهل من مُعطيات العصر وتِقاناته في خدمة دِين الأمَّة ومُثُلها وقِيَمها.

والله المسؤول أن يجعل هذا العامَ عامَ خيرٍ وبركةٍ ونصرٍ وتمكين للإسلام والمسلمين، وعامَ أمنٍ وأمانٍ وعدلٍ وسلامٍ للإنسانيَّة قاطِبة، وأن يجمعَ فيه كلمةَ المسلمين، ويوحِّد صفوفهم، ويطهِّرَ مقدَّساتهم، وينصرهم على أعدائهم، إنَّه خير مسؤول وأكرم مأمول.
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الهدى والبيان، ورَزَقنا التمسكَ بسنَّة المصطفى من ولَد عدنان.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافَّة المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، من كلِّ الذنوب والخطيئات، {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: 100]، {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90].

الخطبة الثَّانية
الحمد لله مقدِّر الأزمان والآجال، ومبدع الكون على غير سابق مثال، أحمده جلَّ ثناؤه يعجز عن وصفه بليغ البيان والمقال، وأشكره وهو أهلٌ للشُّكر على كلِّ حال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الكبير المتعال، وأشهد أنَّ سيدنا ونبيّنا محمدًا أزكى الخليقة مَحْتِدًا وأكرمهم في الشمائل والخصال، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه خير صحبٍ وآل، المخصوصين بالرِّضا وعريق الخِلال، والتَّابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم المآل.

أمَّا بعد:
فاتَّقوا الله - أيها المسلمون - حقَّ التَّقوى، واعلَموا أنَّ الأعمارَ سريعة الانقضاء فلا تبقَى، {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]، تزكو أحوالكم وفي معارج القبول ترقَى.

أيُّها الإخوة الأحبَّة في الله:
تعيشون - يا رعاكم الله - هذه الأيام غرَّةَ شهور العام، إنه شهر الله المحرَّم، شهرٌ من أعظم الشهور عند الله تبارك وتعالى، مكانته عظيمة، وحرمته قديمة، فاتحةُ العام وشهر الله الحرام، فيه نصَر الله موسى وقومَه على فرعون وقومه، وقد ندبكم نبيُّكم إلى صيامه؛ فقال - عليه الصَّلاة والسَّلام - فيما أخرجه مسلم في "صحيحه": ((أفضلُ الصيام بعد رمضان: شهرُ الله المحرَّم))[2]، لا سيَّما يوم عاشوراء الأغرّ؛ ففي "الصحيحَيْن" من حديث ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: قدِم النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم - المدينةَ، فوجد اليهودَ صيامًا يومَ عاشوراء؛ فقال لهم: ((ما هذا اليوم الذي تصومونه؟)). قالوا: هذا يومٌ عظيم، أنجَى الله فيه موسَى وقومَه، وأغرق فرعونَ وقومَه، فصامه موسى شكرًا؛ فنحن نصومُه. فقال - صلوات الله وسلامه عليه -: ((نحن أحقُّ بموسى منكم))؛ فصامه وأمَر بصِيامه[3].

وفي "صحيح مسلم" عن أبي قتادةَ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم - سئِل عن صيام يوم عاشوراء؛ فقال: ((أحتسِب على الله أن يكفِّرَ السَّنةَ التي قبله))[4].
الله أكبر! يا له من فضلٍ عظيم ونفحةٍ من نفحات المولى الكريم، وقد عزَم على أن يصومَ يومًا قبلَه؛ مخالفةً لأهل الكتاب؛ فقال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ((لئن بقيتُ إلى قابلٍ؛ لأصومنَّ التاسِع))[5]. يقول الإمام العلاَّمة ابن القيِّم - رحمه الله -: "فمراتِبُ صومِه ثلاثة: أكملها أن يُصام قبلَه يوم وبعدَه يوم، ويلي ذلك أن يُصامَ التَّاسع والعاشِر، وعليه أكثر الأحادِيث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحدَه بالصِّيام"[6].

فينبغي للمسلمين أن يصوموا ذلك اليوم اقتداءً بأنبياء الله، وطلبًا لثواب الله، وأن يصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده مخالفةً لأهل الكتاب، وعملاً بما استقرَّت عليه سنَّة المصطفى الأوَّاب - عليه الصَّلاة والسَّلام.

وإنَّ صيام ذلك اليوم لمِن شكر الله - عزَّ وجلَّ - على نعمه، واستفتاح هذا العام بعملٍ من أفضل الأعمال الصَّالحة، التي يُرجَى فيها ثواب الله - عزَّ وجلَّ - فأين المشمِّرون؟!
جعلني الله وإياكم منهم بمنَّه وكرمه.
ألا فاتقوا الله عباد الله، واستفتحوا عامَكم بالتَّوبة والإنابة والمداومة على الأعمال الصَّالحة، وخذوا من مرور الليالي والأيام عِبرًا، ومن تصرُّم الشهور والأعوام مُدَّكرًا ومُزدَجَرًا، وإياكم والغفلةَ عن الله والدار الآخِرة.

ثم صلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على نبيِّ الهجرة والرَّحمة والملحمة، المؤيَّد بالمعجزات الباهرة والآيات الظَّاهرة، النبيِّ المصطفى، والرَّسول المجتبَى، والحبيب المرتضَى، كما أمركم بذلك المولى جلَّ وعلا، فقال في أصدق القيل ومحكَم التنزيل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على سيِّد الأوَّلين والآخِرين، وخاتم الأنبياء وأشرف المرسلين، نبيِّنا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله، وارضَ اللَّهمَّ عن صحابته أجمعين ...
ـــــــــــــــــــــــــ
[1] وجَم - بالفتح - يجِم وجوما، وهو ظهور الحزن وتقطيب الوجه منه مع ترك الكلام. قاله في مشارق الأنوار.
[2] صحيح مسلم: كتاب الصيام، باب: فضل صوم المحرم (1163) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.
[3] صحيح البخاري: كتاب الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء (2004)، صحيح مسلم: كتاب الصيام، باب: فضل صوم يوم عاشوراء (1130).
[4] صحيح مسلم: كتاب الصيام (1162).
[5] أخرجه مسلم في الصيام، باب: أي يوم يصام في عاشوراء (1134) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما.
[6] زاد المعاد (2/76).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دروس من التاريخ الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: