اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  أخطاؤنا في الصلاة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99315
 أخطاؤنا في الصلاة Oooo14
 أخطاؤنا في الصلاة User_o10

 أخطاؤنا في الصلاة Empty
مُساهمةموضوع: أخطاؤنا في الصلاة    أخطاؤنا في الصلاة Emptyالخميس 16 مايو 2013 - 14:53

عباد الله:
تعدَّدت الآيات والنِّداءات من ربِّ الأرْباب في القُرآن الكريم بالحثِّ على الصَّلاة والأمر بها، وبيان جزيل الأجْر والثَّواب لِمن حافظ عليْها، ومع تَكْرار تِلْك النِّداءات إلاَّ أنَّ الملفت حقًّا هو عدَم وجود آيةٍ واحدة في كِتاب الله يأمُر الله من خِلالها عبادَه بالصَّلاة بلفظ: "أدُّوا الصَّلاة" أو "افعلوا الصلاة"، بل كان النداء الربَّاني للمسلمين جميعًا بقوله: "أقيموا الصَّلاة"، وشتَّان ما بين أداء الصَّلاة وفعلِها وبين إقامة الصَّلاة.

يقول ابن سعدي - رحمه الله - تعليقًا على قولِه تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} [البقرة: 3]: لم يقل: يفعلون الصلاة، أو يأتون الصلاة؛ لأنَّه لا يكْفي فيها مجرَّد الإتيان بصورتِها الظَّاهرة، فإقامة الصَّلاة إقامتها ظاهرًا بإتْمام أرْكانِها وواجباتها وشروطها، وإقامتها باطنًا بإقامةِ رُوحِها، وهو حضور القلْب فيها، وتدبُّر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصَّلاة هي التي قال الله عنْها: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت: 45]، وهي التي يترتَّب عليْها الثَّواب، فلا ثوابَ للإنسان من صلاتِه إلاَّ ما عقل منها، ويدخُل في الصَّلاة فرائضُها ونوافلها". اهـ.

أيُّها المسلمون:
الصَّلاة عبادة توقيفيَّة يَجب على المسلِم أن يؤدِّيها كما شرع الله تعالى، وبيَّن رسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - دون زيادةٍ أو نقْصان، أو تبْديل أو تحريف، بل كما أمر - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((صلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي))؛ رواه البخاري.

وإنَّ من المؤسف - عباد الله:
تهاونَ كثيرٍ من النَّاس بالصَّلاة، وتضْييعهم لها، وتكاسلهم عنها، وتفريطهم في أركانِها وواجباتها وشروطها، فضلاً عن سُنَنها ومستحبَّاتها، حتَّى وُجِد في النَّاس مَن يصلِّي صلاةً ليستْ على هدْي رسولِ الله، ولا على شرْعِه، لا يعرف منها إلاَّ رسْمها وصورتها فقط، وهذه وقفات - أيُّها المسلِمون - مع بعْض مِن مخالفات المصلين في صلاتهم؛ رجاءَ أن تكون صلاتُهم صحيحة مقْبولة، مستوجبة للأجْر والثَّواب.

عباد الله:
إنَّ من أعظم مُخالفات النَّاس في الصَّلاة هجرَهم المساجدَ، وتفريطهم في الصَّلاة مع جماعة المسلمين، ولو كان يسَع أحدًا عذر لوسَّع النَّبيُّ الرَّحيم بأمَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم - لذلك الشَّيخ الكفيف الَّذي يفصِل بينه وبين المسجد وادٍ كثير السِّباع والهوامّ، فقال: يا رسولَ الله، إنَّه ليْس لي قائدٌ يقودُني إلى المسجِد، فسأل رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يُرخِّص له فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلمَّا ولى دعاه، فقال: ((هل تسمع النِّداء بالصلاة؟)) قال: نعم، قال: ((فأجب))، وفي رواية: ((فإني لا أجد لك رخصة)).

فهل - يا عباد الله:
يجد رخصةً في ترْك الجُمَع والجماعات مَن أفاء الله عليْه ببيْتٍ لا يكاد يفصلُه عن المسجد إلاَّ بضعة أمتار، والطُّرق معبَّدة، والهوامّ نافِرة، والقوى مكتملة؟!
رجل أعمى لا يَجد له الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم - عذرًا في ترْك الجماعة، فيا تُرى ما هو عذْر الأصحَّاء الأقْوياء في ترْك الجماعة؟!

عباد الله:
لقد غدا التأخُّر عن الصلاة والزُّهد في الصَّفّ الأوَّل وتكبيرة الإحرام من السِّمات الغالبة عند بعض الناس، تفوتُهم تكبيرة الإحرام مع فضْلِها، والرَّكعة الأولى، وقد لا يُدْرِك أحدُهم من الصَّلاة إلاَّ ربعَها، وقد كان السَّلف - رحِمهم الله تعالى - يُفاخِرون عند موتِهم بالمحافظة على تكْبيرة الإحرام، حتَّى كان بعضُهم يقول: ما فاتتْني تكبيرة الإحْرام مع الجماعة منذ ستّين سنة.

قال - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((لو يعْلم النَّاس ما في النِّداء والصَّفِّ الأوَّل ثمَّ لم يَجِدوا إلاَّ أن يستهِموا عليه لاستهموا، ولو يعلم النَّاس ما في التَّهْجير لاستبقوا إليْه، ولو يعلمون ما في العتمة والصُّبح لأتوْهُما ولو حبوًا))؛ متَّفق عليه.

أيُّها المسلمون:
إنَّ مِن أدَب المشْي إلى الصَّلاة أن يستعدَّ لها المسلِم متى ما نُودي لها، يأتي إليْها بسكينةٍ ووقار، سكينة في الألفاظ والحركة، ووقار في الهيْئة؛ لأنَّه مقبل على مكان يقِف فيه بين يدَي ملك الملوك - عزَّ وجلَّ.

قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا سمعْتُم الإقامة فامشُوا إلى الصَّلاة وعليْكُم السَّكينة والوقار، ولا تُسْرِعوا))؛ أخرجه البخاريُّ ومسلم.

عباد الله:
ما بالُ أقوام يأتي أحدُهم إلى لقاء ربِّه بثياب النَّوم، وبثياب العمل والمهنة، ومنهم مَن يأتي بثياب ضيِّقة أو شفَّافة تصِف العورة وتحدِّدها، ويزداد الأمرُ إيلامًا عندما يصلِّي المصلِّي وهو يَحمل صورةً أو شعاراتٍ لأهل الكُفْر والنفاق، أو يصلِّي بثياب الكُفْر ولباسهم الَّذي تميَّزوا به عن المسلمين، وقد نصَّ العُلماء على أنَّ مِن شرْط صحَّة الصَّلاة أن يستُر الإنسانُ ما بين سرَّتِه وركبته، وإذا كانت السَّراويل قصيرةً لا تستر ما بين السرَّة والركبة، أو كانت الثِّياب شفَّافة تبيِّن لون البشرة، فإنَّ المصلي حينئذٍ لا يكون ساترًا لعورتِه التي يجب سترُها، ولو صلَّى بهذه الملابس فصلاتُه باطلة؛ لأنَّ الله تعالى أمر بأخْذ الزِّينة عند الصَّلاة، وأقلّ ما يُمكن ستْرُه ما بين السرَّة والركبة، وهو أدْنى ما يحصل به امتِثال قوْلِ الله - عزَّ وجلَّ -: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، وإذا كان الإنسان إذا خرج لعملِه، أو لمناسبةٍ من المناسبات، أو لمقابلة مسؤول من النَّاس أو ملكٍ أو أميرٍ من أهل الدٌنيُا يستحْيي أن يَخرج بثياب لا تستُر، فكيف لا يستحيي أن يقِف بين يدَي ملك الملوك - عزَّ وجلَّ - بثيابٍ هو قادر على التجمُّل بأحسنَ منها؟!

عاتب ذات يوم عبدالله بن عمر مولاه نافعًا حينما رآه مرَّة يصلِّي في خلْوته بثوبٍ واحد، فقال له: "ألَم أكسُك ثوبين؟" قال: بلى، قال: "أفكنت تخرُج إلى السوق في ثوب واحد؟" قال: لا، قال: "فالله أحق أن يتجمَّل له"؛ أخرجه الطحاوي بسند صحيح.

ورآه مرَّة أخرى يصلِّي وهو حاسرُ الرأس، فقال له: "غطّ رأسَك، هل تَخرج إلى النَّاس وأنت حاسِر الرَّأس؟" قال: لا، قال: "فالله أحقّ أن تتجمَّل له"، قال العلامة ابن عثيمين - رحِمه الله -: وهذا صحيح لِمن عادتُهم أنَّهم لا يحسرون عن رؤوسهم".

أيُّها المسلمون:
ومما له تعلُّق بهيئات اللباس المنهيّ عنْها في الصلاة: تشْمير الثياب وأكْمام الثياب، حيثُ نَهى الشَّرع عن كفّ الكُمّ ولفّه، وكفُّ الكمّ: جذبه حتَّى يرتفع، ولفُّه: أن يطويَه حتَّى يرتفع، ويشمل النَّهي كذلك كف الثَّوب ولفه، كما لو كفَّه كلَّه من أسفل، أو كفَّ بعضه كالأكمام، أو لفَّ الثوب بأن يطويَه حتَّى يحزمه على بطنِه، ولا فرق بين أن يفعلَ ذلك عند الصَّلاة من أجل الصلاة، أو أن يفعل ذلك لعملٍ قبْل الصَّلاة، كما لو كان في عملٍ معيَّن، وقد كفَّ كمَّه أو ثوْبَه أو لفَّهما ثمَّ جاء يصلِّي، فيُقال له: أطلِقِ الكمَّ أو الثوب وفكَّ اللفة؛ لأنَّ من أخذ الزينة عند الناس أن يكون الثوب مرسلاً غير مكفوف، وربَّما يؤْجَر الإنسان على كلِّ ما يتَّصل به ممَّا يباشر الأرض؛ فلهذا جاء النهي عن ذلك، والدليل على ذلك ما جاء عنِ ابن عبَّاس - رضِي الله عنْهما - قال: قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أُمِرتُ أن أسجُد على سبعة أعظُم، ولا أكفَّ شعرًا ولا ثوبًا))؛ رواه البخاري ومسلم.

عباد الله:
إنَّ تغْطية المصلِّي وجْهَه ووضْعه اللِّثام على فمِه وأنفِه، كأن يضع الغترة أو العمامة على فمِه وأنفه أو يغطِّي بها وجهه - من الأُمور الَّتي رُوي عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - نهيُه عنها؛ لأنَّها تكون حائلةً بين المصلِّي وبين سجوده، وقد تؤدِّي إلى عدم بيان الحروف عند القراءة والذِّكْر، لكن لوِ احتاج الإنسان إلى تغْطية وجْهِه أو وضْع اللثام على وجهه وأنفِه لسببٍ من الأسباب، كعطاس أو تثاؤب أو وجود رائِحة تؤْذيه في الصَّلاة - فلا بأْس بذلك؛ للحاجة إليه.

أيُّها المسلمون:
إذا دخل أحدُكم المسجد، فلا يجوز له الجلوسُ حتَّى يصلِّي ركعتَين؛ لنهْي المصْطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ذلك، فإن كان قد أذّن فإنَّه يصلّي الرَّاتبة إذا كان للصَّلاة المقصودة راتبة، وإن لم يكُن لها راتبة فيصلِّي المسلم ركعتَين سنَّة ما بين الأذانين؛ لأنَّ بين كلِّ أذانين صلاة، وتجزئ هذه الصَّلاة - أعْني: سنَّة ما بين الأذانين أو الرَّاتبة - عن تحيَّة المسجد؛ لأنَّ قوْل النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إذا دخل أحدُكم المسجد فلا يجلس حتَّى يصلِّي ركعتين)) يصدُق على مَن صلَّى الرَّاتبة، أو سنَّة ما بين الأذانين.

أيُّها المسلمون:
وإذا أقيمَتِ الصَّلاة فلا صلاةَ إلاَّ المكتوبة - كما روى مسلمٌ في صحيحه - فعلى المسلِم أن يقطع صلاةَ النَّافلة ليدرك تكبيرة الإحرام مع الجماعة، ما لم يكُن المصلِّي في آخر الصلاة، فلا بأس حينئذٍ من إتمامها خفيفة، وأمَّا الشروع في صلاة النافلة أثْناء إقامة الصَّلاة أو بعدها فهو من الأمور المحرَّمة التي نَهى عنْها النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

عباد الله:
ما بالُ أقوام يَجهرون بنيَّاتهم عند ابتداء الصَّلاة، يقول أحدُهم: نويت أن أصلِّي كذا وكذا، وفئام منهم لا يَجهرون بالنيَّة لكن يتلفَّظون بها سرًّا، وهذا كلّه من البدع المنكرة؛ لأنَّ النّيَّة محلّها القلب، وليستْ من أعمال الجوارح، وهي سهلة وترْكها هو الشَّاقّ، فإذا توضَّأ المسلم وخرج من بيتِه إلى الصَّلاة، فهو بلا شكٍّ قد نوى، ولم يأْت به إلى المسجد سوى نيَّة الصلاة، بل قال بعْض أهل العلْم: لو كلفنا الله عملاً بلا نيَّة لكان من تكليف ما لا يطاق.
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: النيَّة تتبع العِلم، فمن علِم ما أراد فعلَه فقد نواه؛ إذ لا يمكن فعله بلا نيَّة، ويقول ابن القيم - رحمه الله تعالى -: كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام إلى الصَّلاة قال: الله أكبر، ولم يقُل شيئًا قبلها، ولا تلفَّظ بالنية ألبتَّة، ولا قال: أصلِّي لله صلاة كذا مستقْبل القبلة أربَع ركعات إمامًا أو مأمومًا، لم يَنقل عنه أحدٌ قطّ بإسناد صحيحٍ ولا ضعيف لفظةً واحدة منها ألبتَّة، بل ولا عن أحدٍ من أصحابه، ولا استحْسَنه أحدٌ من التَّابعين، ولا الأئمَّة الأربعة.

عباد الله:
لقد أمر النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بتسْوية الصفوف، وحذَّر العباد من مُخالفة أمره وترْكهم تسْوية الصفوف، فقال: ((سوُّوا صفوفَكم، فإنَّ تسْوية الصَّفِّ من تَمام الصَّلاة))؛ متَّفق عليه، وفي الحديث الآخَر قال: ((عباد الله، لتسوُّن صفوفَكم، أو ليخالفَنَّ الله بين وجوهِكم))؛ أخرجه الشَّيخان، وتسْوية الصفوف تكون بالتَّساوي، بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد، والمعتبر في ذلك المناكب في أعْلى البدن، والأكعب في أسفل البدن.

أيها المسلمون:
إنَّ تسوية الصّفوف في الصَّلاة واجبة على المأْمومين، وإنَّ جماعة المأمومين إذا لَم يسوُّوا صفوفَهم فهم آثِمون، كما رجَّح ذلك بعضُ أهْل العلم ومنهُم شيخ الإسْلام ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى - وقد بوَّب البخاري - رحمه الله - في صحيحِه: "باب إثم مَن لم يتمَّ الصفوف".

إنَّ ممَّا عمَّت بها البلوى - عباد الله - ترْكَ تسوية الصفوف، فأحدُ المصلِّين يتقدَّم قليلاً عن الصَّفّ، وآخَر يبتعِد عن صاحبه، وثالث يفتح الفرج للشَّيطان، ولقد كان الصَّحابة - رضِي الله عنهم - يَحرصون على تسوية الصفوف في الصَّلاة، وكان عمر - رضِي الله عنْه - يوكِّل رجالاً بإقامة الصّفوف، ولا يكبِّر حتَّى يُخبَر أنَّ الصفوف قد استوت، وقد كان أنسُ بن مالك يُنكِر من يتهاون في تسوية الصفوف ويقول: لقد رأيتُ أحدَنا يلزق منكبَه بمنكب صاحبِه، وقدَمه بقدمِه، ولو ذهبت تفعل ذلك اليوم، لترى أحدَهم كأنَّه بغل شموس - يعني: ينفر من إلْصاق قدمك بقدمه.

يقول العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: إلْصاق القدَم بالقدم والمنكب بالمنكب لأمرين، الأمر الأول: تسوية الصفوف واستقامتها، الأمر الثَّاني: سدّ الفرج والخلل؛ وبذلك يعلم خطأ مَن فهم من فعل الصَّحابة أنَّهم يفرجون بين أرجُلهم حتَّى يلزق أحدهم قدمه بقدم صاحبه، مع تباعُد ما بين مناكبهم، فإنَّ هذا بدعة لا يحصل بها اتّباع الصَّحابة - رضِي الله عنهم - ولا يحصُل بها سدّ الخلل.

عباد الله:
إنَّ الصِّبيان إذا تقدَّموا إلى مكان، فهم أحقّ به من غيرهم؛ لعموم الأدلَّة على أنَّ مَن سبق إلى ما لم يَسبق إليه أحد فهو أحقّ به، والمساجد بيوت الله، يستوي فيها عبادُ الله، فإذا تقدَّم الصبيُّ إلى الصَّفِّ الأوَّل وجلس فليكُن في مكانه، وأمَّا قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليلنِّي منكم أولو الأحلام والنُّهى))؛ أخرجَه مسلم، فمرادُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - حثّ البالغين العقلاء على التقدُّم، لا تأخير الصِّغار عن أماكنهم.

اللَّهُمَّ علِّمْنا ما ينفعُنا وانفعْنا بما علَّمتَنا، وزدنا علمًا وعملاً يا ذا الجلال والإكرام.

أقول ما تسمعون عباد الله، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب وخطيئةٍ فاستغفروه.



الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين، الرَّحمن الرحيم، ولا عدْوان إلاَّ على الظَّالمين، والصَّلاة والسَّلام على المبعوث رحْمة للعالمين، نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحْبه والتَّابعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فيا عباد الله:
الصَّلاة في الإسلام منزلتُها رفيعة، ومكانتُها عظيمة، جعلها الإسلام في المرْتبة الثَّانية بعد الشَّهادة بالتَّوحيد والرسالة، وهي آخِر ما أوْصى به النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمَّتَه، وهو في سكرات الموْت، حتَّى جعَل - عليْه الصَّلاة والسَّلام - يُلَجْلِجها في صدْرِه وما يفيض بها لسانه؛ كما عند أحمد وابن ماجه.
الصَّلاة - أيُّها المسلمون - هي أوَّل ما يُحاسَب عليه العبدُ من عمله يوم القيامة، فإنْ صلحتْ قُبِل سائر عمله، وإن ردَّت ردَّ سائر عمله.

ألا فاتَّقوا الله عباد الله، أقيموا الصَّلاة كما أمر الله، واستنُّوا واقتدوا بسنَّة رسولِه تفوزوا وتُفْلِحوا.

ثمَّ صلُّوا على مَن أُمِرْتم بالصَّلاة والسَّلام عليه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أخطاؤنا في الصلاة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  أخطاؤنا في الزواج pdf-word
» ما حكم تغميض العينين في الصلاة عند القراءة، وعند دعاء القنوت حتى يحصل الخشوع في الصلاة؟
»  حي على الصلاة
»  في فضل الصلاة
» الصلاة الصلاة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: