اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99310
 دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد Oooo14
 دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد User_o10

 دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد Empty
مُساهمةموضوع: دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد    دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد Emptyالأربعاء 15 مايو 2013 - 11:52

تقديم
لا شك أن المهمة الأساسية للإنسان في حياته الدنيا هي: إحقاق الحق، والتمسك به، وإبطال الباطل والتنكب عنه. وأول هذه المهمة هو عبادة الله وحده لا شريك له، وتصديق رسله، وقبول رسالاته، دون تبديل ولا تغيير ولا تزييف، والعمل بما جاءت به.

ولقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى، أن تكون هذه الرسالات متدرجة فيما تدعو إليه من هداية وتوجيه، إلى أن انتهت إلى الرسالة الخاتمة: رسالة محمد- صلى الله عليه وسلم- إلى الخلق أجمعين، عامة شاملة إلى يوم الدين. إلا أن أقواماً، وهم اليهود والنصارى، بدلوا وغيروا وزيفوا في نصوص كتبهم وفقاً لما أملته عليهم أهواؤهم، فجحدوا الحق، وأعلنوا الباطل، وظلوا ينافحون ويجادلون ليؤكدوا أن أسفار العهد القديم، وأسفار العهد الجديد، - كما وضعوها - هي الوحي المنزل لهم بواسطة موسى وعيسى عليهما السلام؛ منكرين نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ورسالته إلى الناس أجمعين، ومشركين بوحدانية الله سبحانه وتعالى.

و ما الجهود التي تبذلها حركات التنصير المعاصرة إلا مواصلة لما بدأه الأقدمون من الأحبار والرهبان، لطمس الحقيقة وتزييفها وتبديلها تنكبا عن كلمة الحق وإعلاء لكلمة الباطل.

ولقد بذل المؤمنون قديماً وحديثاً، جهوداً علمية مخلصة لكشف هذه الأباطيل والترهات، وإبطال حج أصحابها والمروجين لها، مبرزين تناقضاتهم، وملفتين النظر إلى تهافتاتهم وضلالاتهم. ومن هذه الجهود، هذه الدراسة التي يسعد مركز البحوث التربوية بكلية التربية – جامعة الملك سعود- أني قدمها للنشر، تحت عنوان "دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد ومدى صدقها "للباحث الدكتور ناجي محمد داود سلامة، وهي لا شك دراسة هامة تدعم موقف الرد على دعاوى النصارى في وصف أسفار العهد الجديد بصفة الإلهام والوحي من عند الله، وتعضد السعي إلى إبطال حججهم في ذلك، وتساهم في رفع كلمة الحق، وإخذال كلمة الباطل، خدمة لأجيال المؤمنين، ممن يسعون إلى معرفة الحق، ويرغبون في التمسك به.

نسأل الله أن ينفع بهذه الدراسة، وأن يجزي الباحث عن قصده وجهده خير الجزاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم،،،،،
مدير مركز البحوث التربوية
د. محمد بن عبد الرحمن الديحان

ملخص البحث
مجال البحث: الدراسات الإسلامية.
الباحث: ناجي محمد داود سلامه.
عنوان البحث: دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد ومدى صدقها.

أهداف البحث:
التعريف المجمل بكتب النصارى.
الكشف عن بطلان دعوى النصارى فيما يتعلق بكتب العهد الجديد.

موضوع البحث:
مناقشة دعوى يطلقها النصارى من أن كتب العهد الجديد مكتوبة بإلهام (بوحي) وبالتالي فهي حجة تلزم الناس بما جاء فيها.
وهذا البحث يكشف بأدلة واضحة بطلان هذه الدعوى، وأنها دعوى داحضة ليس لها من الحجة والبرهان أي نصيب. ومن هذه الأدلة:
أن الشك قائم في صحة نسبة هذه الكتب إلى مؤلفيها باعتراف علمائهم أنفسهم.
وأن كتبهم مملوءة بالاختلافات والأغلاط، وهذا ينقض دعوى الإلهام (الوحي) فيها.
كما أن النسخ الأصلية لكتبهم مفقودة ولهذا أثر بالغ في الثقة بحجية هذه الكتب.
ثم إن عدم تحقق الأخبار الغيبية الواردة في كتبهم يدل بوضوح على عدم الإلهام (الوحي) فيها.
كما أن التشابه الكبير بن عقائد النصارى الأساسية، وبين عقائد الأمم الوثنية السابقة فيه دلالة واضحة على مدى استقاء النصارى عقائدهم من تلك الأمم.

المقدمة:
ما من شك أن الصراع بين الحق والباطل قديم، ولكل أنصار وأتباع.
وأصحاب الحق يمتازون بسهولة العقائد وعمقها ووضوحها؛ حيث إنها مدعمة بحجج وبراهين دامغة، خلافًا لأنصار الباطل ودعاته؛ حيث إن عقائدهم باطلة، وحججهم داحضة، كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء.
ولما كان دعاة التنصير – في عصرنا الذي نعيش – جدوا واجتهدوا في نشر ديانتهم بوسائل وأساليب مختلفة – حتى في ديار أهل الإسلام – زاعمين أن كتابهم المقدس – الذي تقوم دعوتهم على أساسه ويستشهدون به على مخالفيهم – وقد كتب بإلهام "بوحي"، وما دام كذلك فبِه تقوم الحجة على الناس.
لذلك: رأيت أن أسهم ببحث متواضع في الكشف عن بطلان هذه الدعوى – كما فعل سلفنا من علماء الإسلام الأفاضل عبر العصور – متوخياً الاختصار غير المخل؛ ليتمكن القارئ من معرفة الحق بأقصر طريق دونما كلل أو ملل.
فجعلت تمهيداً بين يدي البحث: وهو التعريف بكتبهم الموجودة بين أيديهم الآن. ثم عرضت عقيدتهم في كتابهم المقدس من خلال أقوال علمائهم.
ثم شرعت – بعد ذلك – بإيراد الأدلة على بطلان دعوى لإلهام في العهد الجديد.

التمهيد:
التعريف[1] المجمل بكتبهم الموجودة بين أيديهم:
يقسم النصارى[2] كتبهم المقدسة إلى قسمين:
العهد القديم، والعهد الجديد[3]. ويطلقون على كلا العهدين، الكتاب المقدس.

أولاً: التعريف بالعهد القديم
ويقصدون به تلك الأسفار (الكتب) التي يزعمون أنها وصلت إليهم بإلهام من زمن موسى – عليه السلام – إلى قبيل زمن المسيح – عليه السلام-.
واختلف أهل الكتاب في عدد أسفاره:
فجمهور اليهود، ومعهم البروتستنت من النصارى يرون أن العهد القديم يشتمل على تسعة وثلاثين سفراً.
والكاثوليك، يزيدون على ذلك سبعة أسفار أخرى؛ إذ يرون أن العهد القديم يشتمل على ستة وأربعين سفراً. وهذه الأسفار السبعة الزائدة لا يعتبرها البروتستنت مقدسة، وبالتالي فهي غير واجبة التسليم عندهم.
ويرى السامرية من اليهود أن العهد القديم يشتمل على سبعة أسفار فقط – وهي غير الأسفار المتبعة التي أضافها الكاثوليك -.
ويرى أهل الكتاب أن التوراة: جزء أساسي من العهد القديم.
وأن التوراة لفظ عبري معناه: التعليم والشريعة.
ولفظ التوراة إذا أطلق: ينصرف إلى أسفار موسى الخمسة (الناموس) وهي:
سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر الأحبار (اللاويين)، وسفر العدد، وسفر التثنية، وهم ينسبون تأليف هذه الأسفار الخمسة إلى موسى – عليه السلام – وأحياناً – ومن باب التوسع في اللفظ – يطلق لفظ التوراة على كافة[4] أسفار العهد القديم.
والسامرية من اليهود يؤمنون بأسفار موسى الخمسة (الناموس) إضافة إلى سفري يشوع بن نون، والقضاة.
ويقع الزبور[5] ضمن أسفار العهد القديم التي يؤمن بها أهل الكتاب عدا السامرية، ويسمونه سفر المزامير.

ثانياً: العهد الجديد
المقصود به كما يرى النصارى: تلك الأسفار التي يزعمون أنها وصلت إليهم بإلهام الروح القدس[6]، بواسطة تلامذة المسيح – عليه السلام - وغيرهم.[7]
ويشتمل هذا العهد على سبعة وعشرين سفراً، منها الأناجيل الأربعة، وهي جزء أساسي من هذا العهد.
والإنجيل لفظ يوناني معرب معناه: البشرى السارة، أو الخبر الطيب.
وينصرف لفظ الإنجيل إذا أطلق: إلى الأناجيل الأربعة وهي:
إنجيل متى – إنجيل مرقس – إنجيل لوقا – إنجيل يوحنا.
وأحياناً – ومن باب التوسع في اللفظ – يطلق لفظ الإنجيل على كل أسفار العهد الجديد[8].

دعوى النصارى حول الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد[9]:
يرى النصارى أن الكتاب المقدس واجب التسليم، وأن ما اشتمل عليه من عقائد وأخبار.. يجب تصديقها والإيمان بها؛ والسبب في ذلك إيمانهم بأن هذا الكتاب قد كتب بإلهام[10] الروح القدس لأولئك الأشخاص الذين قاموا بكتابته وتدوينه.
لذا نجدهم يحتجون على من خالفهم – وبخاصة المسلمين – بكتب العهدين: القديم والجديد.
ومع ما قيل في الكتاب المقدس من كلام كثير مدعم بالأدلة على عدم الإلهام فيه وبالتالي عدم حجيته إلا أنهم لا يلتفتون إلى تلك الأدلة ولا يعطونها الوزن الذي تستحقه.
فالكاثوليك والأرثوذكس يتمسكون بشدة بعقيدة الإلهام. وأن العهدين القديم والجديد قد كتبا بإلهام من الروح القدس.
كما أن طائفة المحافظين من البروتستنت تشاركهم هذا الرأي.
يقول تيموني دير مبيناً عقيدة الأرثوذكس: إن الكتاب المقدس هو التعبير عن وحي الله لإنسان، وأن على المسيحيين أن يكونوا دائماً أهل كتاب...[11].
وفي قاموس الكتاب المقدس ما يؤكد هذه العقيدة عند النصارى فقد جاء فيه:
فالوحي يعني: أن الله هو مصدر الكتاب المقدس، وأن أشخاص الكتاب المقدس لم يتكلموا باسمهم الشخصي... وهذا يعني أن الروح القدس أوحى لكتاب الأسفار المقدسة ما كتبوا وأرشدهم فيما كتبوا[12].
وجاء فيه أيضاً أن الكتاب المقدس: "مجموع الكتب الموحاة من الله والمتعلقة بخلق العالم وفقدانه وتقديسه، وتاريخ معاملة الله لشعبه، ومجموع النبوات عما سيكون حتى المنتهى، والنصائح الدينية والأدبية التي تناسب جميع بنى البشر في كل الأزمنة.. ومع أن الأسفار التي يتألف منها الكتاب تختلف من جهة وقت كتابتها، وأسلوب الكتابة نفسه، فإنها لا تخرج عن كونها نظاماً واحداً مؤسساً على وحي واحد رغم التنوعات التي لابد منها في الأحوال المختلفة التي كتب فيها الكتاب.. والكتاب أصل الإيمان المسيحي ومصدره وهو خالٍ من الأخطاء والزلل[13].
كما جاء فيه: ولما كتب الآباء والأنباء والرسل أسفار الكتاب المقدس كانوا مسوقين من الروح القدس، والذي أرشدهم فيما كتبوا، وحفظهم من الخطأ، وفتح بصائرهم ليكتبوا عن أمور مستقبلية[14].
فمن خلال هذه النصوص يتبين أنهم يعدون الكتاب المقدس بعهديه قد كتب بوحي من الله تعالى، وأنه خال من الأخطاء والزلل، وهذا يعني أنه حجة ويجب التسليم بكل ما جاء فيه.

الأدلة على بطلان الحجية والإلهام في العهد الجديد:
إن أي كتاب سماوي حتى يكون حجة لابد أن يصل إلى الناس بسند متصل، فيه تثبت صحة نسبة الكتاب إلى من نسب إليه.
ومن المعلوم أن النصارى يزعمون أن الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد كتبه أشخاص ملهمون، وبالتالي فهو حجة واجب التسليم.
والسؤالان المطروحان هما: هل كتب العهد الجديد هي من تأليف من نسبت إليهم ثم هل كتبها أصحابها بوحي من الله – عز وجلَّ؟
هذان السؤالان يمكن معرفة الجواب عنهما من خلال هذا البحث إن شاء الله – تعالى.
إن المتأمل في كتب العهد الجديد يرى أدلة متعددة تنقض دعوى الإلهام والحجية فيها. ومن هذه الأدلة:
أولاً: الشك في صحة نسبة هذه الكتب إلى مؤلفيها.
يبدأ العهد الجديد بالأناجيل الأربعة وهي – كما مر – جزء أساسي منه. وأول هذه الأناجيل حسب الترتيب المتداول: إنجيل متَّى.
ينسب النصارى هذا الإنجيل إلى متَّى تلميذ المسيح – عليه السلام – وكان هذا التلميذ يعمل جابيا للضرائب – وهي وظيفة محتقرة عند اليهود - وبينما كان المسيح – عليه السلام – يسير مرَّ بمتَّى فدعاه إلى اتباعه والإيمان به ففعل، ولبَّى الدعوة على الفور[15].

من هو مؤلف الإنجيل:
بدأ الشك قديماً في كون متى صاحب المسيح – عليه السلام – هو الكاتب للإنجيل. فقد قال أحد علماء فرقة ماني كيز[16] في القرن الرابع: "إن الإنجيل المنسوب إلى متى ليس من تصنيفه"[17].
ولم يقتصر هذا الشك على هذا العالم المبتدع في نظر النصارى، بل شاركه علماء آخرون أتوا بعده – وهم أصحاب علم في نظر النصارى أنفسهم.
يقول موريس بوكاي حول شخصية متى: "ولنقل جملة واحدة: إنه لم يعد مقبولاً الآن بأن يقال: إنه أحد أصحاب عيسى – عليه السلام –"[18]
ويقول السيد ج.ب فيليبس أستاذ علم اللاهوت بالكنيسة الإنجيلية عن هذا الإنجيل ومؤلفه: "نسب التراث القديم هذه البشارة إلى الحواري متى، ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي، فالكاتب الذي ندعوه اليوم متى، ندعوه بذلك الاسم من أجل الراحة واختصار الوقت[19]. لقد اعتمد الكاتب على مصادر غامضة التي ربما كانت مجموعة من التراث الشفهي"[20].
فهذا العالم يرى: أن علماء اليوم يرفضون نسبة هذا الإنجيل إلى متى الحواري.

وجاء في الموسوعة البريطانية: "إن إنجيل متى كتب من أجل كنيسة يهودية مسيحية في محيط يهودي قوي، ولكن كون متى هو مؤلف الإنجيل أمر مشكوك فيه بجد"[21].
وجاء في المدخل إلى الأناجيل المتشابهة في ترجمة العهد الجديد للكاثوليك: "... أما المؤلف لإنجيل متى، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً، ولما كنا لا نعرف اسم المؤلف معرفة دقيقة، يحسن بنا أن نكتفي ببعض الملامح المرسومة في الإنجيل نفسه[22].
ومن يقرأ بعض ما جاء في هذا الإنجيل يرى: أن متى لم ينصف هذا الإنجيل، فقد جاء فيه: "وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى إنساناً جالساً عند مكان الجباية اسمه متى. فقال له: اتبعني. فقام وتبعه"[23].

ويعلق جون فنتون في تفسيره لهذا الإنجيل على هذا النص بقوله: "لقد ذكر المؤلف نفسه في هذه الفقرة، أو بالأحرى فإنه يصف دعوة شخص يدعى متى على الرغم من أن ربط شخصيته كمؤلف بهذا التلميذ إنما هي محض خيال[24].
وكما يعلق الشيخ أحمد ديدات على هذا النص بقوله: "لا يحتاج المرء ذكاءً خارقاً ليستنتج أن الضمائر هذه لا تعني أن يسوع أو متى هما المؤلفان لهذه الرواية، بل هو شخص ثالث كان يسجل الوقائع من الشائعات[25].
وكان صاحب كتاب إظهار الحق قد أكد هذه الحقيقة من قبل ونفى أن يكون متى الحواري هو مؤلف هذا الإنجيل المتداول معللاً رأيه بأنه: لو كان متى الحواري هو المؤلف، وهو الذي سمع الكثير من أقوال المسيح – عليه السلام – ورأى الكثير من أفعاله، لعبر عن نفسه في هذا الإنجيل بصيغة المتكلم كما جرت العادة بذلك سلفاً وخلفاً، ولظهر من كلامه في موضع من المواضع أنه يكتب الأحوال التي رآها[26].

ثم إن من العلماء من يؤكد أن إنجيل مرقس هو مصدر أساس لإنجيل متى[27]، فالسيد ج.ب فيليبسن – وهو أستاذ علم اللاهوت بالكنيسة الإنجيلية – يقول: "لقد استغل متى بشارة مرقس استغلالاً كبيراً..."[28]
ويعلق الشيخ ديدات على النص بقوله: "ألا تتساءلون: كيف يقوم شاهد عيان – مثل متى وهو أحد حواري المسيح – عليه السلام – بسرقة معلومات رآها بعينه – كما يدعون – من كتابات مرقس الذي كان لا يزال في العاشرة من عمره حين كان عيسى – عليه السلام – يدعو بني إسرائيل! إن الحواري متى لم يفعل هذه الحماقات، فهذه أكاذيب ألصقها به أشخاص مجهولون مدعين أنه هو الذي كتبها"[29].
وخلاصة القول: إن كون هذا الإنجيل الموجود الآن هو من تصنيف متى الحواري صاحب المسيح – عليه السلام – أمر مشكوك فيه، وبخاصة عند العلماء المحققين في هذا الزمان.

إنجيل مرقس:
ينسب النصارى هذا الإنجيل إلى مرقس. واسمه يوحنا، ومرقس لقب له، ويرى علماؤهم القدامى أنه هو المترجم لبطرس كبير الحواريين، وأنه تلميذ له. ويقولون: إن مرقس رافق برنابا وبولس في أثناء عملهم الدعوي.
ويرون أنه كتب إنجيله في روما للمسيحيين الرومانيين. وأنه أول من بشر بإنجيله في الإسكندرية، ومات فيها[30].
هذا ما عليه عامة النصارى، لكن ابن البطريق – المؤرخ النصراني – يقول: "في عهد نيرون قيصر كتب بطرس رئيس الحواريين إنجيل مرقس في مدينة رومية، ونسبه إلى مرقس"[31].

والحقيقة أن هذا القول مثير للعجب؛ إذ كيف برئيس الحواريين يكتب إنجيلاً، ثم ينسبه إلى شخص ليس بتلميذ!!
ثم تجد أن ايرينوس أحد آباء الكنيسة الأولين يذكر– على ما جاء في قاموس الكتاب المقدس – أن مرقس كتب البشارة التي تحمل اسمه بعد أن نادى بطرس وبولس بالإنجيل في روما، وبعد خروجهما منها، سلم مرقس كتابة مضمون ما نادى به بطرس[32].

ويلاحظ أن ما قاله ايرينوس يخالف ما قاله مؤرخ النصرانية ابن البطريق. ثم نجد نينهام[33] أستاذ اللاهوت بجامعة لندن في كتابه تفسير إنجيل مرقس يشكك في شخصية مرقس المنسوب إليه هذا الإنجيل بقوله: "لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة، وعلاقة خاصة بيسوع، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى... ومن غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في أعمال الرسل صح 12: 12، 25... أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى صح 5: 13... أو أنه مرقس لمذكور في رسائل بولس: كولوسي صح 4: 10، وتيموثاوس الرسالة الثانية صح 4: 11 والرسالة إلى فليمون صح 24. لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض أن جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد، إنما ترجع جميعها إلى شخص واحد له هذا الاسم، ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعاً في الإمبراطورية الرومانية... فعندئذ تتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة[34].

فهذا الكلام فيه تشكيك كبير في كون مرقس المذكور اسمه في العهد الجديد هو نفسه المؤلف للإنجيل المتداول.

والموسوعة البريطانية تشكك في ذلك أيضاً، فقد جاء فيها:
"بالرغم من أن مؤلف إنجيل مرقس غير معروف على الأرجح، فإن قيمة هذا الكتاب وسلطته مستمدة تقليدياً من علاقة مؤلفه المفترضة بالحواري بطرس"[35].

وخلاصة القول: إن هناك شكاً في كون مرقس هو محرر الإنجيل المتداول، وأنه ليس هناك من الأدلة ما يثبت من قلمه.

إنجيل لوقا:
ينسب النصارى هذا الإنجيل إلى أممي اسمه لوقا، كما ينسبون إليه أيضاً سفر أعمال الرسل.
يقولون إنه ولد في أنطاكية، ودرس الطلب واشتغل به.
ويرون أنه صاحب بولس في رحلاته الدعوية، وأن بولس أشار إلى ذلك؛ لذا فهو تلميذ له[36].
والدكتور بوست – وهو أحد العلماء المعتبرين عندهم – يخالف رأي الكثيرين الذين يرون أنه مولود في أنطاكية. ويرى أنه روماني نشأ بإيطاليا، ويعلل مخالفته؛ بأن بعضهم ظن ذلك؛ لخلطه بين لوقا وشخص آخر اسمه: بلوكيوس.
ثم إن مهنة لوقا محل اختلاف أيضاً، حيث يرى بعضهم: أنه كان مصوراً، وليس طبيباً[37]. ثم إن اختلافاً حصل أيضا في تاريخ تدوين هذا الإنجيل فقال بعضهم: دوِّن سنة60م[38] وجزم المحققون أنه دوِّن ما بين 80 – 90م[39].

ومقدمة الإنجيل تخبر أن مؤلفه أرسله إلى شخص يدعى "ثاوفيلس"، والاختلاف امتد إلى شخصية المرسل إليه أيضاً فمن قائل: إنه كان مصرياً، ومن قائل، إنه شخص عظيم من عظماء اليونان، فإذا تحددت شخصية المرسل إليه يتحدد بالتالي: إلى أي الأقوام كتب المؤلف بشارته[40].
ثم إن من علماء اليوم من يشكك في صحة نسبة هذا الإنجيل إلى لوقا الذي ذكره بولس في رسائله. يقول د. جورج كيد[41] في كتابه "تفسير إنجيل لوقا": ".... على أنه من النادر ذكر لوقا كشخصية بارزة في سجلات التاريخ للقرن الأول من المسيحية[42].
وفي هذا الكلام إشارة إلى أن لوقا ليس هو محرر الإنجيل المتداول؛ إذ لو كان كذلك لشاع ذكره في القرن الأول الميلادي.

وها هو كاتب الموسوعة البريطانية أيضاً يؤكد جهالة مؤلف الإنجيل بقوله: "باختصار إن مؤلف هذا الإنجيل يظل مجهولاً"[43]. وهذا يعني: أنه ليس لوقا المذكور في رسائل بولس.
والخلاصة: أن الاختلاف في هذا الإنجيل ومحرره كبير، فقد اختلف في: مهنة الكاتب، وفي أصله، ولمن كتب، وفي تاريخ تدوين الإنجيل. والأهم من ذلك كله: أن الكاتب لم يعرف على وجه اليقين، أهو الذي أشار إليه بولس في رسائله أم لا[44]؟. وهذا كله يقدح في حجية هذا الكتاب ولا شك.

إنجيل يوحنا:
ينسب النصارى هذا الإنجيل بن زبدي الحواري تلميذ المسيح – عليه السلام – ويعدونه من أقرب المقربين إليه. كما ينسبون إليه أربعة أسفار أخرى من العهد الجديد عدا الإنجيل المعنْوَن باسمه.
ويصرح علماؤهم بأن غاية يوحنا من تأليف هذا الإنجيل إثبات ألوهية المسيح – عليه السلام – والرد على المنكرين.
يرون أنه توفى بافسس سنة 98م، وقيل بعد ذلك[45].
والذي يلاحظ أن الفرق شاسع وكبير بين هذا الإنجيل والأناجيل الثلاثة الأخرى، حتى عبر أحد شراح الأناجيل عن ذلك بقوله: "إنه عالم آخر"[46].

الشك كبير في نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا الحواري:
يقول موريس بوكاي: "تؤكد الترجمة المسكونية للتوراة أن أغلبية الناقدين لا تتبنى فكرة التحرير من الرسول يوحنا..."[47].
ويقول جون مارش في مقدمته لتفسير إنجيل يوحنا تحت عنوان "استحالة التوكيد": حين تأتي لمناقشة المشاكل الهامة والمعقدة التي بالإنجيل الرابع ومؤلفه نجد أنه من المناسب والمفيد أن نعترف مقدماً بأنه لا توجد مشكلة للتعريف بالإنجيل وكاتبه يمكن إيجاد حل مؤكد لها... ثم يختم مقدمته بقوله:
وبعد أن نفرغ كل ما جعبتنا، نجد أنه من الصعب- إن لم يكن من المستحيل- تحقيق أي شيء أكثر من الاحتمال حول مشاكل إنجيل يوحنا"[48].
أما دائرة المعارف البريطانية ففيها الجزم، والقطع بأن هذا الإنجيل ليس من تأليف يوحنا بن زبدي الحواري، فقد جاء فيها: "أما إنجيل يوحنا فإنه لا مرية ولا شك كتاب مزور أراد صاحبه مضادة اثنين من الحواريين بعضهما ببعض، وهما القديسان: يوحنا ومتى. وقد ادعى هذا الكاتب المزور في متن الكتاب أنه هو الحواري الذي يحبه المسيح، فأخذت الكنيسة هذه الجملة على علاتها، وجزمت بأن الكاتب هو يوحنا الحواري ووضعت اسمه على الكتاب نصاً، مع أن صاحبه غير يوحنا يقيناً. ولا يخرج هذا الكتاب عن كونه مثل بعض كتب التوراة التي لا رابطة بينها وبين من نسبت إليه. وإنا لنرأف ونشفق على الذين يبذلون منتهى جهدهم ليربطوا ولو بأوهى رابطة، ذلك الرجل الفلسفي الذي ألف هذا الكتاب في الجيل الثاني بالحواري يوحنا، فإن أعمالهم تضيع عليهم سدى لخبطهم على غير هدى"[49].

ويلاحظ في هذا الكلام الجزم والقطع بأن هذا الإنجيل مزور، ولا علاقة للحواري يوحنا به.
وأن المؤلف لهذا الإنجيل له غرض غير نزيه عندما زعم أنه الحواري الذي يحبه المسيح – عليه السلام.
ثم إن الكنيسة لم تدقق في الأمر عندما نسبت هذا الإنجيل إلى يوحنا الحواري. كما أن مؤلف هذا الإنجيل له نظرات فلسفية بعيدة كل البعد عن أصحاب المسيح – عليه السلام.
وأن كل جهد يبذل لإيجاد علاقة بين يوحنا الحواري وهذا الإنجيل سوف يضيع سدى، وبالتالي يستحق صاحبه الشفقة لسيره على غير هدى.
ومؤلفو دائرة المعارف الفرنسية المشهورة باسم لاروس القرن العشرين ذكروا أنه: "ينسب ليوحنا هذا الإنجيل.. ولكن البحوث الحديثة في مسائل الأديان لا تسلم بصحة هذه النسبة[50].

يتضح مما سبق أن هذا الإنجيل المنسوب إلى يوحنا ليس من قلمه، وأن هذا الإنجيل لا حجة فيه على أحد؛ لجهالة مصنفه، فكيف إذا عُلم أن النصارى يحتجون كثيراً بنصوص هذا الإنجيل على ألوهية المسيح – عليه السلام-؟! ثم ليعلم أن الشك في نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا قديم؛ ففرقة الوجين التي كانت في القرن الثاني كانت تنكر هذا الإنجيل وجميع ما نسب إلى يوحنا[51].

سفر أعمال الرسل:
ينسب النصارى هذا السفر إلى لوقا تلميذ بولس، وصاحب الإنجيل الثالث ويعللون رأيهم؛ بأن هذا السفر يبدأ بالقول: "الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله.. "فهو موجه إلى شخص يدعي ثاوفيلس، وكذلك الإنجيل الثالث موجه إلى الشخص نفسه.
وقول الكاتب "الكلام الأول الذي أنشأته..." فيه إشارة إلى الإنجيل الثالث، وإن خلا سفر الأعمال من ذكر اسم المؤلف.
ثم إنهم يقولون: التشابه واضح بين السفرين من حيث اللغة، فكلاهما مكتوب باللغة اليونانية، كما أن هناك تشابهاً واضحاً في الأسلوب والموضوع، ثم إن ثقافة المؤلف العالية تبدو واحدة في السفرين.

ويبرز سفر الأعمال الحديث عن بطرس، وما ظهر على يديه من عجائب. كما يبرز على وجه الخصوص أعمال بولس. وإن كان في السفر أيضا إشارة إلى أعمال غيرهما[52].

ولكن هل لوقا المذكور في رسائل بولس هو صاحب السفرين بحق؟
لقد مضى القول في صاحب الإنجيل الثالث، وكيف أن علماءهم اختلفوا في أصله، ومنته، وفي شخصية ثاوفيلس الذي وجه إليه الكاتب هذين السفرين.
إن هناك من يشكك في صحة نسبة سفر الأعمال إلى لوقا تلميذ بولس. هذا من جهة، ومن جهة أخرى إن هناك من يشكك في كون صاحب الإنجيل الثالث هو عينه مؤلف سفر الأعمال.

فالموسوعة البريطانية تشير إلى اختلاف في وجهات النظر بين كاتب سفر الأعمال وبين رسائل بولس، وتمثل لذلك بالتضارب بين الإصحاح الخامس عشر من كتاب أعمال الرسل، وبين الإصحاح الثاني من رسالة بولس إلى أهل غلاطية، حيث يفهم من سفر " الأعمال: أن الرسل[53] كانوا متفقين على إسقاط الختان عن المهتدين الجدد. بينما يفهم من رسالة بولس: أنهم كانوا مختلفين حول هذه المسألة[54].

قلت: وهذا الاختلاف وإن دل على انتفاء الإلهام، إلا أنه يجعل القارئ يتساءل: إذا كان لوقا صاحب سفر الأعمال هو تلميذ بولس المصاحب له، فكيف تخفي عليه هذه المسألة ويناقض فيها رأي أستاذه؟!

وينقل صاحب كتاب اختلافات في تراجم الكتاب المقدس عن علمائهم ما نصه: "إن وجود الأجزاء بصيغة (نحن) يوحي بأن المؤلف كان منتميا إلى بيئة بولس فيكون لوقا المرشح الممكن الوحيد. ولكن هناك أموراً لابد من النظر فيها: فالتوافق بين سفر أعمال الرسل وأفكار بولس في رسائله يبقى على أقل تقدير غير أكيد في شؤونٍ بعضها مهم.... و لكن هل يستنتج من ذلك أنه لا يمكن أن يكون مؤلف الإنجيل الثالث وسفر الأعمال رفيقا لبولس، وأن اقتراح اسم لوقا مستبعد تماما؟! أقل ما يقال: إن هذا الأمر قابل للبحث[55]. والعلماء الأمريكان والألمان يرون أن مؤلف الإنجيل الثالث وسفر الأعمال شخصان مختلفان؛ ذلك لمخالفة سفر الأعمال رسائل بولس في نقاط كثيرة.

وهذا يعني – في نظرهم – أنه من غير المعقول أن يسطر هذا السفر شخص له معرفة مباشرة ببولس ورحلاته[56].
كما أن وجود اختلاف في الخبر الواحد بين إنجيل لوقا وبين سفر الأعمال ليؤكد أن هذين السفرين من تصنيف شخصين مختلفين[57].
وجملة القول: إن كون سفر الأعمال من تصنيف لوقا الذي ذكره بولس في رسائله أمر مشكوك فيه، وإلا لما قال علماؤهم: "أقل ما يقال: إن هذا الأمر قابل للبحث". ولما خالف مؤلف سفر الأعمال رسائل بولس في نقاط كثيرة. ثم إن سفر الأعمال والإنجيل الثالث من عمل شخصين مختلفين وإلا لما اختلفا في حكاية الخبر الواحد.

حال بعض الرسائل في العهد الجديد:
العهد الجديد المتداول يشتمل على سبعة وعشرين سفرًا منها ما يعرف بالأسفار التاريخية وهي: الأناجيل الأربعة، وسفر أعمال الرسل، وقد سبق التعريف بهذه الأسفار الخمسة.
ومنها ما يعرف بالأسفار التعليمية وهي اثنتان وعشرون رسالة، منها: أربع عشرة رسالة لبولس، ورسالتان لبطرس، وثلاث رسائل ليوحنا، ورسالة ليعقوب، ورسالة ليهوذا، ورؤيا يوحنا "مشاهدات يوحنا".
هذه الرسائل لم تكن جميعها محل اتفاق بين علماء النصارى القدامى، حيث إن بعض هذه الرسائل مشكوك في صحة نسبتها إلى أصحابها. وهذه الرسائل هي:
1- رسالة بولس إلى العبرانيين.
2- الرسالة الثالثة لبطرس
3- الرسالة الثانية ليوحنا
4- الرسالة الثالثة ليوحنا
5- رسالة يعقوب
6- رسالة يهوذا
7- مشاهدات يوحنا (سفر الرؤيا).
ولما عقد أكبر مجمع لهم عام 325م في نيقية وإذا به لم يعترف بهذه الرسائل ولم يعتبرها مقدسة.
ثم جاء بعد ذلك مجمع آخر عام 364م وأقر بوجوب تسليم هذه الرسائل، عدا سفر مشاهدات يوحنا، فلم يعتبره ضمن الكتب المقدسة.

ثم عقد مجمع ثالث عام 397م فأدخل سفر مشاهدات يوحنا ضمن الأسفار القانونية المعتمدة[58].
قال د. بلسن من علماء البروتستنت: "والكنائس السريانية ما سلموا أن الرسالة الثانية لبطرس، والرسالة الثانية والثالثة ليوحنا، ورسالة يهوا، وكتاب المشاهدات، واجبة التسليم، وكذا حال كنائس العرب"[59].

فيعلم من هذا القول: أن الكنائس السريانية، وكنائس العرب لا تسلم بصحة هذه الرسائل إلى الآن مخطئين رأي علمائهم في المجمعين الأخيرين.

أما رسالة يوحنا الأولى فلنقرأ ما جاء في قاموس الكتاب المقدس بشأنها: "أما الرسالة الأولى هي أطول الرسائل الثلاث فهي خالية من التحية... والتشابه الذي بينها وبين البشارة الرابعة (إنجيل يوحنا) يدعو إلى الاعتقاد أن مؤلفها هو شخص واحد ولكن على الرغم من هذا التشابه فهناك تباين أساسي حتى ليرجح البعض أن كاتبها كان تلميذاً ليوحنا الرسول..."[60].

فانظر إلى هذا القول المضطرب من كون الرسالة تتشابه مع الإنجيل الرابع، ثم إن بينه وبينها تبايناً أساسياً جعل بعضهم يرجح أنها من قلم تلمذ ليوحنا، مع أنها معنونة باسم يوحنا الحواري.

القول في رسائل بولس:
نقل صاحب إظهار الحق عن يوسي بيس في الباب الخامس والعشرين من الكتاب السادس من تاريخه قوله: قال أريجن – في المجلد الخامس من شرح إنجيل يوحنا -: إن بولس ما كتب شيئا إلى جميع الكنائس، والذي كتبه إلى بعضها فسطران، أو أربعة سطور".

ويعلق صاحب إظهار الحق على هذا الكلام بقوله: "فعلى قول أريجن فإن الرسائل المنسوبة إلى بولس ليست من تصنيفه، بل هي جعلية نسبت إليه، ولعل مقدار سطرين أو أربعة سطور يوجد في بعضها من كلام بولس أيضًا"[61].

ومعلوم أنه ينسب إلى بولس وحده من أسفار العهد الجديد أربع عشرة رسالة.
بعد هذا العرض يتبين للقارئ حال العهد الجديد بأسفاره التاريخية والتعليمية، وكيف أن الشك قائم في صحة نسبة تلك الأسفار إلى مؤلفيها، إذ السند المتصل لتلك الأسفار مفقود. ألا ترى كيف أن بعض أسفارهم رفضها أكابر علمائهم القدامى، ثم إذا بمن يأتي بعدهم يخطئهم في رفضها، ويمنح تلك الأسفار القدسية والحجية!!

إن أسفاراً هذا حالها لا يمكن أن تقوم بها حجة على أحد، ولا تلزم أحداً بما فيها.
وأخيراً لنختم الحديث عن هذه الأسفار ببعض الأقوال المتعلقة بهذه الأسفار بشكل عام ليتأكد القارئ المصنف أن بمثل هذه الأسفار المنقطعة السند إلى مؤلفيها لا تقوم الحجة؛ وبخاصة لاشتمال هذه الأسفار على عقائد ذات أهمية بالغة.
يقول الشيخ رحمت الله الهندي:".... ولذلك طلبنا مراراً من علمائهم الفحول السند المتصل فما قدروا عليه. واعتذر بعض القسيسين في محفل المناظرة التي كانت بيني وبينهم فقال: إن سب فقدان السند عندنا وقوع المصائب والفتن على النصارى إلى مدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة[62].
قال لاردنز في المجلد الخامس من تفسيره: "حكم على الأناجيل المقدسة لأجل جهالة مصنفيها بأنها ليست حسنة بأمر السلطان أناسطيثوس... فصححت مرة أخرى".

ويعلق صاحب إظهار الحق على هذا القول بما نصه: "لو كانت هذه الأناجيل إلهامية، وثبت عند القدماء في عهد السلطان المذكور بالإسناد الجيد أنها من تصنيفات الحواريين وتابعيهم، فلا معنى لجهالة المصنفين وتصحيحها مرة أخرى. فثبت أنها كانت إلى ذلك العهد غير ثابت إسنادها، وما كانوا يعتقدون أنها إلهامية، فصححوا على قدر الإمكان أغلاطها وتناقضاتها... وثبت أنها غير ثابتة الإسناد والحمد لله"[63].

ويقول صاحب كتاب ديانات العالم: "بالإضافة إلى رسائل بولس يتكون العهد الجديد من الأناجيل الأربعة التي تنسب إلى أربعة من الرسل، وإن كانت هذه الأناجيل في الحقيقة ليست من إنتاج هؤلاء الرسل"[64]. يقول فاستس – وهو من أعظم علماء فرقة ماني كيز[65] في القرن الرابع – ما نصه: "أنا أنكر الأشياء التي ألحقها في العهد الجديد آباؤكم بالمكر، وعيبوا صورته الحسنة وأفضليته؛ لأن هذا الأمر محقق: أن العهد الجديد ما ألفه المسيح ولا الحواريون، بل صنفه رجل مجهول الاسم، ونسبه إلى الحواريين؛ خوفا عن أن لا يعتبر تحريره، ظانيين أنه غير واقف على الحالات التي كتبها، وأذى المريدين للمسيح إيذاء بليغاً بأن ألف الكتب التي توجد فيها الأغلاط والتناقضات"[66].

وكان سلسوس من علماء الوثنيين يصيح في القرن الثاني: "إن النصارى بدلوا أناجيلهم ثلاث أو أربع مرت أو أزيد من هذا تبديلاً كأن مضامينها أيضاً بدلت"[67].

قال هورن: "الحالات التي وصلت إلينا في باب زمان تأليف الأناجيل من قدماء مؤرخي الكنيسة أبتر،وغير معينة، ولا توصلنا إلى أمر معين. والمشايخ القدماء الأولون صدقوا الروايات الواهية وكتبوها، وقبل الذين جاؤوا بعدهم مكتوبهم تعظيماً لهم. وهذه الروايات الصادقة والكاذبة وصلت إلينا من كاتب إلى كاتب آخر وتعذر تنقيحها بعد انقضاء المدة[68]"

والذي يجب ألا يغيب عن البال أن كتب العهد الجدي المعتمدة عند النصارى اليوم لم تكن وحدها في الساحة في الزمان السابق، بل اختيرت من كتب كثيرة وجدت في ذلك الزمان، وقد ذكر العلماء هذه الكتب على النحو التالي:
سبعة كتب منسوبة إلى المسيح – عليه السلام.
وثمانية كتب منسوبة إلى مريم – عليها السلام.
وأحد عشر كتاباً لطبرس الحواري.
وتسعة كتب ليوحنا الحواري.
وكتابان نسبا إلى متى الحواري.
وكتابان نسبا إلى فيلبس لحواري.
وإنجيل منسوب إلى برتولماوس الحواري.
وخمسة كتب تنسب إلى توما الحواري.
وثلاثة كتب إلى يعقوب الحواري.
وثلاثة كتب إلى متياس الحواري.
وثلاثة كتب تنسب إلى مرقس.
وكتابان منسوبان إلى برنابا.
وإنجيل منسوب إلى تهيودوشن.
وخمسة عشر كتاباً إلى بولس[69].

والمؤسف أن الكنيسة لم تقدم إلى الآن البرهان المقنع على السبب الذي من أجله رفضت تلك الكتب، وتم إخفاؤها عن أعين الباحثين، إذ الكثير منها غير موجود الآن، وإن كانت موجودة حتى نهاية القرن الرابع على ما يراه الأب بولمار[70].


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99310
 دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد Oooo14
 دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد User_o10

 دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد Empty
مُساهمةموضوع: رد: دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد    دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد Emptyالأربعاء 15 مايو 2013 - 11:54

ثالثاً: الاختلافات والأغلاط بين العهد القديم والجديد
من المعلوم أن كلا العهدين في نظر النصارى قد كتبا بإلهام، وإذا كان الأمر كذلك فيجب أن لا يحصل اختلاف في أخبارهما في المسألة الواحدة؛ إذ لو حصل فإن ذلك يدل على عدم الإلهام.

ومن الأمثلة على الاختلاف في كتب العهدين:
* الاختلاف في سلسلة نسب (يوسف) متبني المسيح – عليه السلام – بين العهد القديم وبين إنجلي متى ولوقا:
* فنجد أن لوقا يذكر قبل إبراهيم – عليه السلام – عشرين اسماً، بينما لا يذكر لعهد القديم سوى تسعة عشر اسماً فقط[71].
* ومن ذلك ما جاء في رسالة يوحنا الأولى[72]: "وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الأب يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضاً".
وجاء في سفر الأمثال[73]: "الشرير فدية الصديق، ومكان المستقيمين الغادر".
فيفهم من النص الأول: أن المسيح البار هو الكفارة، ويفهم من النص الثاني: أن الأشرار يكونون كفارة لخطايا الأبرار[74].
* ومن ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا على لسان المسيح: "وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء. ابن الإنسان الذي هو في السماء"[75].
وهذا غلط؛ لأن أخنوخ وإيليا رفعا وصعدا[76] حسب ما جاء في كتبهم المعتمدة.
جاء في سفر التكوين: "فكانت كل أيام أخنوخ ثلاثمائة وخمساً وستين سنة، وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه[77].
جاء في قاموس الكتاب المقدس: "وقد فسر كاتب الرسالة إلى العبرانيين (بولس) هذا القول – لأن الله أخذه – بأن الله نقله لكي لا يرى الموت"[78].
ومن المعلوم أن هذه الرسالة من الأسفار المقدسة عند النصارى. وهذا يعني أن أخنوخ رفع إلى السماء.
وكذلك رفع إيليا (إلياس) حيث جاء في سفر الملوك الثاني: "وفيما هما يسيران ويتكلمان (اليشع وإيليا) إذا مركبة من نار، وخيل من نار ففصلت بينهما، فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء"[79].
والأمثلة على مخالفة العهد الجديد للعهد القديم كثيرة أكتفي بهذا القدر منها، مع أن العهدين قد كتبا بإلهام في نظر النصارى.

رابعاً: فقدان النسخ الأصلية لكتبهم المقدسة، وتباين المخطوطات المتأخرة.
يعترف علماؤهم بأن النسخ الأصلية لكتب العهد الجديد مفقودة، وما الموجود الآن إلا نسخ عن تلك الأصول.
ومن المناسب أن يكون بداية لحديث عن إنجيل متى؛ إذ هو أول كتاب من كتب العهد الجديد حسب الترتيب المتداول.
يرى جمهور العلماء من النصارى أن إنجيل متى كتب بالعبرية، ثم ترجم إلى اليونانية.
وبعضهم يرى أنه كتب باليونانية ابتداء.
جاء في قاموس الكتاب المقدس: "واختلف القول بخصوص لغة هذا الإنجيل الأصلية، فذهب بعضهم: إلى أنه كتب أولاً بالعبرانية أو الآرامية التي كانت لغة فلسطين في تلك الأيام.
وذهب آخرون: إلى أن كتب باليونانية كما هو الآن.
أما الرأي الأول: فمستند إلى شهادة الكنيسة القديمة، فإن آباء الكنيسة قالوا: إنه ترجم إلى اليونانية، ويستشهدون بهذه الترجمة. فإذا سلمنا بهذا الرأي التزمنا[80]: بأن نسلم بان متى نفسه ترجم إنجيله أو أمر بترجمته[81].
والذي يفهم من هذا الكلام: أن الإنجيل الموجود هو باللسان اليوناني لا العبراني. وأن القدماء من آباء الكنيسة يرون أن متى ألف إنجيله بالعبرية ثم ترجم إلى اليونانية.
والشيخ رحمت الله الهندي ينقل عن حشد من علمائه القدامى أن متى دون إنجيله بالعبرية، وأن النص اليوناني ما هو إلا ترجمة للنص العبري[82].

من هو المترجم؟
يرى بعضهم أن متى هو المترجم من العبري إلى اليوناني[83]. لكن هذا الأمر ليس مجزوماً به على وجه اليقين.
ويرى بعضهم كابن البطريق النصراني: أن يوحنا – صاحب الإنجيل الرابع – هو المترجم[84].
وينقل صاحب إظهار الحق عن لاردنز قوله: "كتب بي بيس أن متى كتب إنجيله بالعبرانية، وترجمه كل أحد على قدر لياقته". ثم علق الشيخ رحمت الله الهندي على هذا القول: "ترجمه كل أحد على قدر لياقته" بقوله: هذا يدل على أن أناسا كثيرين ترجموا هذا الإنجيل، فما لم يثبت بالسند الكامل أن هذا الموجود ترجمة فلان، وأنه كان ذا إلهام، فكيف تعد ترجمته من الكتب الإلهامية؟![85]
أما كون متى هو الذي ترجمه فيعترف جيروم من علمائهم أن هذا الأمر لم يتحقق ولم يتأكد، كما أنه لم يحقق من معرفة من هو المترجم[86].

ومن المعلوم أن فقدان الأصل المترجم عنه، وكذلك عدم معرفة من هو المترجم يقدح في الحجية ولا شك. يقول الشيخ محمد أبو زهرة: "لقد وددنا أن نعرف ذلك الأصل، لنعرف أكانت الترجمة طبق الأصل أم فيها انحراف؟

ولنعرف أفهم المترجم مرامي العبارات ومعانيها سواء أكانت هذه المعاني تفهم بظاهر القول أو بإشارته، أم بلحن القول وتلويحاته، أم بروح المؤلف وغرضه ومرماه الكلي من الكلام، ولكن عزَّ علينا العلم بالأصل. ولقد كنا نتعزى عن ذلك لو عرفنا المتر جم، وأنه ثبت ثقة أمين في النقل، عالم لا يتزيد عن العلماء، فقيه في المسيحية حجة فيها، عارف للغتين فاهم لها مجيد في التعبير بهما، فعندئذ نقول: ثقة روى عن ثقة بترجمة، ونسد الخلة بتلك الرواية، ونرأب الثلم بتلك النظرة ولكن قد امتنع هذا أيضاً"[87].

يعلم مما سبق أن أنجيل متى كتب بالعبرية على ما عليه جمهورهم، وان النص اليوناني الموجود الآن ما هو إلا ترجمة، وأن المترجم لم يعرف على وجيه اليقين. إضافة إلى ذلك يمكن القول:
إن النسخ الأصلية لبقية كتب العهد الجديد مفقودة، وما الموجود الآن إلا النسخ عن تلك الأصول. جاء في قاموس الكتاب المقدس تحت عنوان نص الكتاب المقدس: "...... إلا أنه لم يصل إلينا بعد شيء من النسخ الأصلية التي كتبها هؤلاء الملهمون أو كتابيهم، وكل ما وصل إلينا هو نسخ مأخوذة عن ذلك الأصل"[88].

ومعلوم أن الكتاب المقدس عند النصارى يشتمل على العهدين القديم والجديد.

ويقول كاتب الموسوعة البريطانية: "إن جميع النسخ الأصلية للعهد الجديد التي كتبت بأيدي مؤلفيها الأصليين قد اختفت"[89].

ثم إن أقدم نسختين كاملتين للعهد الجديد[90] مكتوبتان باللغة اليونانية، وترجعان إلى القرن الرابع الميلادي وهما: النسخة السينائية وقد عثر عليها في سيناء، والنسخة الفاتيكانية وهي موجودة الآن في الفاتيكان[91].

ثم إن هذه النسخ متفاوتة فيما بينها، وفيها فوارق متفاوتة الأهمية وعددها من حيث الكثرة يلفت النظر كما يقول علماؤهم[92].

يقول كاتب الموسوعة البريطانية "... إن مقتبسات أباء الكنيسة من كتب العهد الجديد والتي تغطية كله تقريباً تظهر أكثر من مائة وخمسين آلفاً من الاختلافات بين النصوص"[93].

بل إن نسخة الفاتيكان وهي غاية في الأهمية – في نظرهم – قد تعرضت للتصحيح والتنقيح[94].

هذا وقد شعر بمشكلة اختلاف النسخ جيروم – من علماء القرن الرابع – حيث قال: "إني لما أردت ترجمة العهد الجديد قابلت النسخة التي كانت عندي فوجدت اختلافاً عظيماً"[95] وهذه الاختلافات ليست مقتصرة على المخطوطات المختلفة للعهد الجديد بشكل عام، بل هي قائمة حتى بين النسخ المتعددة للكتاب الواحد.

يقول نينهام[96] في كتابة تفسير إنجيل مرقس: " سوق يتحقق القرآن من أن الإنجيل (أي إنجيل مرقس) قد كتب أولاً باليد، واستمرت هذه الطريقة اليدوية تستخدم لقرون طويلة في إنتاج نسخ منه... ومن بين مئات المخطوطات لإنجيل مرقس والتي عاشت إلى الآن، فإننا لا نجد أي نسختين تتفقان تماماً"[97].
كما أن إنجيل لوقا يعاني من الاختلافات الكثيرة بين النسختين المتعددة على ما يصرح به علماؤهم[98].
لذلك – وبسب فقدان النسخ الأصلية – يقر علماؤهم بوجود إضافات ألحقت بكتبهم المقدسة، بدليل أن النسخ القديمة لتلك الكتب قد خلت منها.

فالأعداد من 9-10 من الإصحاح السادس عشر من إنجيل مرقس كلام مضاف لا يوجد في المخطوطات القديمة[99]. مع أن هذه العداد تضمن عقائد في غاية الأهمية، حيث تحكي ظهور المسيح – عليه السلام – لتلاميذه بعد القيامة من الموت، ومطالبتهم لهم بنشر تعاليم الإنجيل في العالم اجمع، وأن من آمن ينجو، ومن لم يؤمن يدان، كما تخبر عن فعله لبعض المعجزات، وأخيراً تحكي هذه الأعداد صعوده إلى السماء، وجلوسه عن يمين الله – تعالى-.

والعدد الثالث عشر من الإصحاح السادس من إنجيل متى كلام أضيف إلى الدعاء الذي علمه المسيح- عليه السلام- لتلاميذه، ليقولوه في صلاتهم، ونص العدد المضاف: "لأن لك الملك والقوة والمجد آمين". وفرقة الروم والكاثوليك تجزم بإضافة هذه العبارة. وكذلك لا توجد هذه العبارة في الترجمة اللاتينية.
كما رد هذه الإضافة بعض محققي فرقة البروتستنت[100].

وكذلك الإصحاح الحادي والعشرون من إنجيل يوحنا عمل مضاف على ما رجحه بعض علمائهم[101].

وكثير من علمائهم يقطعون بإضافة العدد الثالث والخمسين من الإصحاح السابع من إنجيل يوحنا وكذلك العدد الأول إلى الحادي عشر من الإصحاح الثامن من الإنجيل نفسه[102]، حيث إن أحدث طبعات الإنجيل حذفت منها هذه الأعداد، وبدأ الفصل الثامن بالعدد الثاني عشر، ومع أن هذه الطبعة تعتبر عن رأي أثنين وثلاثين عالماً من أساتذة النصرانية[103].

ومما حكم بإضافته ما جاء في الرسالة الأولى ليوحنا[104] فقد جاء فيها: " إن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الأب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد. والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة: الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد".

لكن المحققين من علمائهم جزموا أن العبارة على النحو التالي: " لآن الشهود الذين يشهدون ثلاثة وهم: الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد"[105].

ومما يؤكد هذه الإضافة أن العبارة في ترجمة العهد الجديد للكاثوليك هي" والذين يشهدون ثلاثة 7 الروح والماء والدم. وهؤلاء الثلاثة متفقون 8".
ثم تذكر الترجمة في الحاشية تعليقاً على العدد 7 ما نصه: "في بعض الأصول: الأب والكلمة الروح والقدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد". لم يرد في الأصول اليونانية المعول عليها، والأرجح: أنه شرح أدخل إلى المتن في بعض النسخ[106]. والذي يلفت النظر في هذه الإضافة بالذات هي أنها تعطي الشهادة الصريحة على وجود عقيدة التثليث في كتبهم، تلك العقيدة التي يجمع النصارى على الإيمان بها.

كذلك فإن من علمائهم من شكك في صحة النص المتضمن لعقيدة التثليث، والمنسوب إلى المسيح- عليه السلام – والموجود في خاتمة إنجيل متى، والنص كما في الإنجيل المتداول والذي يحكي قول المسيح لتلاميذه: "أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم: الأب والابن والروح القدس"[107].
والسبب في الشك كما يرى صاحب كتاب تاريخ العقيدة د. أدولف هرنك[108].

يعود إلى الأتي: " لم يرد ألا في الأطوار المتأخرة من التعاليم المسيحية من يتكلم عن المسيح وهو يلقى مواعظ، ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات وأن بولس لا يعلم شيئاً عن هذا.

ثم إن صيغة التثليث هذه هي التي تتكلم عن الأب والابن والروح القدس، غريب ذكرها على لسان المسيح ولم يكن لها نفوذ في عصر الرسل، وهو الشيء الذي كانت تبقى جديرة به لو صدرت عن المسيح شخصياً[109].

هذا وقد حمل علماؤهم النساخ لأسفارهم المقدسة هذه الأخطاء الكثيرة من زيادات وإضافات واختلافات في النسخ المتعددة لتلك الأسفار، حيث أعترف هؤلاء العلماء بأن من النساخ من غلط عن قصد، ومنهم من وقع في الخطأ عن غير قصد[110].

يتبين من خلال ما سبق كم كان الأثر عظيماً من جراء فقدان النسخ الأصلية، إذ ما كانت مثل تلك الاختلافات والإضافات في نسخ العهد الجديد توجد ولو كانت النسخ الأصلية موجودة.

ووجود مثل هذه الاختلافات والإضافات في نسخ العهد الجديد بعامة، وفي النسخ المتعددة للكتاب الواحد، ليدل على أن الأيدي المجهولة قد لعبت دوراً في تلك الكتب، ونسبت إلى مصنفي تلك الأسفار ما لم تخطه أقلامهم، فأي حجية- بعد ذلك- تبقى لمثل هذه الكتب بعد اعتراف المحققين المقدسين لها- من علمائهم- بوجود الاختلافات والإضافات فيها.

خامساً: عدم تحقق الأخبار الغيبية الواردة في كتبهم
أي أن كتاب سماوي سطره صاحبه بوحي وإلهام يجب أن يكون كل ما فيه حق وصدق. فإذا تضمن هذا الكتاب أخباراً عن المستقبل، فالمفروض أن تتحقق، وإلا فإن صفة الإلزام تكون منتقية حينئذ. وفي كتب العهد الجديد من الأخبار التي لم تحقق الشيء الكثير. ومن النماذج على ذلك:
- أن نهاية العالم ستكون في القرن الأول الميلادي، وأن النظام الكوني سيختل ويضطرب، وأن عودة المسيح- عليه السلام- ثانية، ليدين الناس سيكون قبيل إتمام تلاميذه التبشير في مدن إسرائيل، وان الجيل المعاصر للمسيح سيشاهد عودته على ما صرحت به كتبهم.

جاء في إنجيل متى: "لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب هكذا يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان.... للوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس، والقمر لا يعطي ضوءه، والنجوم تسقط من السماء، وقوات السموات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء، وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض، ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة عظيمة ومجد كثير..... فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه... الحق أقول لكم: لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله. السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول"[111].

وفي إنجيل متى أيضاً: " أن المسيح أوصى تلاميذه قائلاً: إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامرين لا تدخلوا. بل اذهبوا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. وفيما أنتم ذاهبين أكرزوا قائلين: إنه قد أقترب ملكوت السماوات. أشفوا مرضى. طهروا برصاً. أقيموا موتى. أخرجوا شياطين... ومن لا يقبلكم ولا يسمع كلامكم فاخرجوا خارجاً من ذلك البيت أو تلك المدينة، وانفضوا غبار أرجلكم..... وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي... ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى. فإني الحق أقول لكم: لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان"[112].

كما جاء فيه أيضاً على لسان المسيح: " فإن أبن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله. والحق أقول لكم: إن من القيام ها هنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته[113].وهل هو القرن العشرين على وشك الانتهاء، ولم يعد المسيح – عليه السلام- ثانية ليدين الناس ويحاسبهم!!

- ومن ذلك: أن تلاميذ المسيح الاثني عشر سيصحبونه في العالم الأخر، لأنهم آمنوا به واتبعوه وتركوا الدنيا وزخرفها، لأجل دعوته. ومن المعلوم أن الذين وجه إليهم الخطاب تلاميذه الاثني عشر، وكان من ضمنهم التلميذ الخائن الذي دل اليهود على مكان المسيح- عليه السلام- وبالتالي أستحق الهلاك وعدم مرافقة المسيح في العالم الآخر، وهذا يعني: أن هذه النبوءة لن تتحقق بسبب خيانة التلميذ يهوذا الأسخريوطي.

جاء في إنجيل متى[114]: فقال يسوع لتلاميذه: "الحق أقول لكم إنه يعسر أن يدخل غني إلى ملكوت الله.... فأجاب بطرس حينئذ وقال: ها نحن تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا؟ فقال لهم يسوع إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط بني إسرائيل الاثني عشر ويلاحظ أن لوقا حذف اثني عشر ولعل ذلك يرجع كما يقول فنتون[115]: إلى أنه كان يفكر في يهوذا الاسخريوطي[116]. والنص كما جاء في إنجيل لوقا: "أنتم الذين ثبتوا معي في تجاربي، وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتاً. لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي، وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر"[117].

ومن ذلك: أن المسيح- عليه السلام- سيجلس على كرسي داود. ومن المعلوم أنه ما جلس قط، بل كان مضطهداً حتى صلب ومات- على زعمهم[118].

جاء في إنجيل لوقا: أن جبرائيل الملك جاء مريم العذراء وبشرها بقوله: " ها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسميه يسوع. هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على... بيت يعقوب إلى الأبد"[119].

- ومن ذلك أيضاً: ما جاء في الأناجيل أن المسيح يدفن في الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. وهذه النبوءة لم تتحقق، إذ لم يمكث في باطن الأرض- على ما صرحت به كتبهم- سوى يوم واحد وليلتين[120].

جاء في إنجيل متى: "حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسييين قائلين: يا معلم! نريد آية. فأجاب وقال: جيل شرير وفاسق يطلب آية. ولا يعطي له آية إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال"[121].

ويفهم من إنجيل مرقس[122] أن المصلوب مات بسرعة، وأنزل عن الصليب مساء الجمعة وهو ذلك اليوم الذي صلب فيه، ثم دفن.
ويفهم من إنجيل متى[123] وإنجيل يوحنا[124] إنه عند فجر أول الأسبوع (الأحد) لم يكن الميت في القبر، بل قام من الأموات.
وهكذا فإن عدم تحقق الأخبار الغيبية في الكتب التي يزعم أهلها بقدسيتها يطعن بحجية تلك الكتب، وكونها كتبت بإلهام.

سادساً: الاختلاف والتضارب في كتب العهد الجديد
ما من شك في أن الاختلاف والتضارب في الكتب المقدسة يبطل الحجة والإلهام فيها، لذا لا يمكن أن تكون مثل هذه الكتب بوحي من الله- تعالى- ألا ترى أن البشر وهم يخطون بنات أفكارهم في كتبهم التي يؤلفون يحرصون كل الحرص على أن لا يقعوا في التناقض والاختلاف، لأنه ينم عن عمل غير دقيق، فكيف بكتب يدعى أصحابها أن ما فيها وحي من الله- تعالى-.
والمتأمل لكتب العهد الجديد يجد فيها من الاختلاف والتضارب الشيء الكثير، ومن الأمثلة على ذلك:

1- الاختلاف في نسب يوسف [125] مربي المسيح- عليه السلام-:
مما لا شك فيه أن المسيح- عليه السلام- ولد على غير عادة البشر إلا أن إنجيل متى في بداية الإصحاح الأول منه يطالعنا بما يلي: "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود... إبراهيم ولد إسحق. اسحق ولد يعقوب... ومتان ولد يعقوب، ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح وعلى هذا فالنسب هو نسب يوسف رجل مريم، ولكن النصارى يجعلون هذا النسب للمسيح- عليه السلام-.
ومن يطالع الإصحاح الثالث من إنجيل لوقا- حيث ذكر هو النسب أيضاً ليقارن بين النسبين يجد اختلافاً بيناً وواضحاً:
- فيعلم من إنجيل متى: أن يوسف ابن يعقوب، ومن إنجيل لوقا: أنه ابن هالي.
- ويعلم من إنجيل متى: أن عيسى من أولاد سليمان بن داود، ومن إنجيل لوقا: أنه من أولاد ناثان بن داود.
- وعلم من إنجيل متى: أن جميع آباء المسيح من داود جلاء بابل سلاطين مشهورون. ومن إنجيل لوقا: أنهم ليسوا بسلاطين ولا مشهورين غير داود وناثان.
- ويعلم من إنجيل متى: إن شألتئيل هو ابن يكُنيا. ومن إنجيل لوقا أنه ابن نيري.
- ويعلم من إنجيل متى: إن أسم زر بابل: أبيهود. ومن إنجيل لوقا: أن أسمه ريسا.
- ويعلم من إنجيل متى: أن من داود إلى المسيح- عليهما السلام- ستة وعشرون جيلاً. خلافاً لما سطره لوقا حيث ذكر واحداً وأربعين جيلاً[126].
وهذا الاختلاف في النسب بين إنجيلين كتبا بإلهام- على زعمهم- يدل على أمرين:
1- أن إنجيل متى لم يكن مشهوراً في عهد لوقا، وإلا فكيف يخالفه هذه المخالفة؟! ولا مناص من هذا إلا القول كان يعرفه واطلع على مقولة النسب فيه، وخالفه عن بينه منه، لأنه لم يصدقه، وبناء على ذلك لا يكون لوقا معترفاً بأن متى كتب إنجيله بإلهام وإلا لما خالفه مع علمه[127].

2- أن أحد الإنجيلين لم يكن بإلهام يقيناً، ولما كان الصادق منهما غير متعين فالشك يرد على الاثنين حتى يثبت الصحيح[128].

2- عدد من شفي بالعمى على يد المسيح- عليه السلام-:
جاء في إنجيل متى[129]: أن المسيح- عليه السلام- لما خرج من أريحا وجد أعميين طلبا منه أن يزيل ما بهما من عمي، فلمس أعينهما فأبصرا على الفور.
بينما جاء في إنجيل مرقس[130]: أن أعمى واحداً قد نال الشفاء على يد المسيح- عليه السلام- عند خروجه من أريحا[131].

3- هل كان يحي أبن زكريا يأكل ويشرب؟
جاء في إنجيل متى[132]: ".... لأنه جاء يوحنا لا يأكل ويشرب فيقولون: هو ذا أكول وشريب خمر".
بينما جاء في إنجيل مرقس [133]: " وكان يوحنا يلبس وبر الإبل، ومنطقة من جلد على حقوية، ويأكل جراداً وعسلاً برياً".
ففهم من إنجيل متى: أنه كان لا يأكل ولا يشرب، وفهم من إنجيل مرقس أنه كان يأكل[134].

4- خبر اللصين.
جاء في إنجيل متى: "....... وبذلك أيضاً كان اللصان معه يعيرانه".[135] أي عند صلب المسيح- عليه السلام- على زعمهم.
بينما يفهم من إنجيل لوقا[136]: "أن واحداً منهما هو الذي عير المسيح- عليه السلام-، وأن الآخر لم يفعل، بل أنتهر صاحبه، وطالب من المسيح- عليه السلام- أن يذكره إذا جاء في ملكوته، وأن المسيح- عليه السلام- قال له: إنك تكون معي في الفردوس"[137].

5- كيفية التعرف على المسيح- عليه السلام-
جاء في إنجيل متى[138]: والذي أسلمه أعطاهم علامة قائلاً: الذي أقبله هو هو أمسكوه. فللوقت تقدم إلى يسوع وقال: السلام عليك يا سيدي وقبله".
بينما جاء في إنجيل يوحنا[139]: فأخذ يهوذا الجند من عند رؤساء الكهنة، وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح، فخرج يسوع وقال لهم: من تطلبون؟ أجابوه: يسوع، فقال لهم: أنا هو. وكان يهوذا مسلمه واقفاً معهم... ثم إن المسيح كرر عليهم الكلام نفسه ثانية...".
فيفهم من إنجيل متى: أن علامة التعرف عليه التقبيل من تلميذه الخائن يهوذا. ويفهم من إنجيل يوحنا: أن المسيح هو الذي عرف بنفسه ولم يحدث التقبيل[140].

6- خلو القبر من المصلوب
يعلم من إنجيل متى[141]: "أن مريم المجدلية ومعها امرأة أخرى جاءتا لتنظر القبر، وإذا بملاك يطلب إليهما الذهاب إلى تلاميذ المسيح لإخبارهم بأنه قام من الأموات، وأنه سيسبقهم إلى الجليل، وأنهم سيرونه هناك، وبينما هما ذاهبتان لإخبار التلاميذ، إذ بالمسيح يراهما، ويطرح السلام عليهما. فأمسكتا بقدميه وسجدتا له.
ثم أمرهما بإخبار التلاميذ أن الملتقى في الجليل.
بينما يعلم من إنجيل يوحنا[142]: "أن مريم وحدها جاءت إلى القبر، ولما رأت الحجر مرفوعاً عن القبر ركضت إلى بطرس وإلى تلميذ آخر (يوحنا) وأخبرتهما أن السيد أخذ من القبر، وأنهما أتيا القبر وتأكدا من صحة الخبر ثم ذهبا. أما مريم فبقيت عند القبر تبكي، ثم انحنت نحو القبر فرأت ملكين حيث كان الجسد موضوعاً، فقالت للملكين: إنهما اخذوا سيدي ولا أدري أين هو. ثم التفتت إلى الوراء فرأت المسيح، ولكنها ظننته البستاني، وطلبت منه أن يخبرها عن موضع الجسد، فإذا به يناديها باسمها، فعرفته عندئذ، ثم طلب منها الذهاب إلى التلاميذ وإخبارهم بأنه سيصعد إلى الله تعالى.

والمتأمل يرى أن الاختلاف واضح بين الروايتين:
فرواية متى: تدل على إن مريم كان معها أمرأة أخرى.
بينما رواية يوحنا: تدل على إنها كانت وحدها.
وفي رواية متى: أن الملاك ثم المسيح - بعد أن التفتا به وعرفتاه - طلب كل منهما من مريم وصاحبتها الذهاب لإخبار التلاميذ.
بينما رواية يوحنا: أن مريم لما وجدت القبر خالياً أخبرت بطرس ويوحنا، وبعد ذهابهما بقيت عند القبر تبكي، ثم رأت الملكين فلم يأمراها بشيء، وإذ بالمسيح خلفها ولم تعرفه لأول وهلة. فلما عرفته أمرها هو بالذهاب لإخبار التلاميذ بأنه سيصعد إلى ربه سبحانه[143].

فهذه نماذج من الاختلافات والتضاربات في كتب العهد الجديد، مما يدل بوضوح على عدم الإلهام فيها.
بل إن إنجيل يوحنا باعتراف علمائهم يختلف كثيراً عن الأناجيل الثلاثة الأخرى مما جعل دائرة المعارف الأمريكية تنص على انه: "إذا صحت الأناجيل الثلاثة بطل إنجيل يوحنا"[144].

ومن المعلوم أن هذا الإنجيل في نظر النصارى من أهم الأناجيل، لأنهم يظنون أن مؤلفه هو يوحنا الحواري. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لأنهم فهموا من بعض نصوصه ألوهية المسيح- عليه السلام[145].

من خلال ما تقدم يظهر للمتأمل أن كتب العهد الجديد ما كتبت بإلهام وإلا لما تضمنت التضاربات والاختلافات فيما بينها من جهة، وفيما بينها وبين كتب العهد القديم من جهة أخرى. ثم لو كتبت بإلهام لتحققت الأخبار الغيبية الواردة فيها، فعدم تحققها ينفي دعوى الإلهام فيها.

والذي يجب ألا يغيب عن البال أن بعض من ننسب إليه بعض هذه الكتب - على فرض صحة النسبة – أمثال مرقس ولوقا ملهمين. جاء في قاموس الكتاب المقدس: "... كتب بابيوس مستنداً من يوحنا الشيخ لهذه العبارة التي أقتبسها يوسيبيوس في تاريخه الكنسي: "هذا أيضاً ما قاله الشيخ: أن مرقس كان مفسراً لبطرس ومترجماً لآرائه، سجل جميع الأشياء التي ذكرها من أقوال المسيح أعماله، لأنه لم يسمع الرب، ولا كان من أتباعه، ولكنه أتبع بطرس فيما بعد كما ذكرت أنفاً"[146].

فقوله: سجل جميع الأشياء التي تذكرها من أقوال المسيح... يدل على أنه غير ملهم فيما كتب، حيث إنه سجل ما تذكره من أقوال المسيح- عليه السلام- وأعماله حسب ما اخبره به بطرس شيخه.

أما لوقا المنسوب إليه الإنجيل الثالث فمقدمة الإنجيل تدل على أنه غير ملهم فقد جاء فيها: "إذا كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المستيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين، وخداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب إليك على التوالي أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علمت به"[147].

والذي يلاحظ من هذه المقدمة أن لوقا لم يدع الإلهام فيما كتب، بل يقرر صراحة أن معلوماته جاءت نتيجة لاجتهاده الشخصي، لأنه قد تتبع كل شيء من الأول بتدقيق[148].

سابعاً: الوثنيات السابقة في العقائد النصرانية
مما لا شك فيه أن اللاحق يتأثر بالسابق فيما يتعلق بالعقائد المتشابهة والنصارى هم اللاحقون، وبالتالي هم المتأثرون بوثنيات من سبقهم.
واكتفى هنا بذكر نماذج فقط من العقائد التي أخذها النصارى عمن سبقهم من الأمم الوثنية، وأحيل القارئ اللبيب إلى ما سطره الشيخ محمد طاهر التنير في كتابه القيم (العقائد الوثنية في الديانة النصرانية) حيث أجاد وأفاد عندما فصل القول في عقائد الأمم الوثنية السابقة، وما شابهها من عقائد النصارى[149].
أما العقائد التي سأذكرها- كنماذج فقط وبإيجاز – فهي:
عقيدة التثليث، والجسد، والفداء، تاركاً التفصيل في هذه العقائد وغيرها لكتاب التتير، ذلك الكتاب النافع المفيد.

عقيدة التثليث:
يقول موريس صاحب كتاب الآثار الهندية القديمة: "كان عند أكثر الأمم الوثنية البائدة تعاليم دينية جاء فيها القول باللاهوت الثالوثي".
وقال دوان صاحب كتاب خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها في الديانات الأخرى: "إذا رجعنا البصر نحو الهند نرى أن أعظم واشهر عبادتهم اللاهوتية هو التثليث، ويدعون هذا التعليم بلغتهم: (ثري مورتي). ومعنى ثري: ثلاثة. ومورتي معناها: هيئات أو أقاليم. وهي: برهمة الخالق، وفشنو الحافظ، وسيفا المهلك. وهذه الأقاليم الثلاثة: عبارة عن آله واحد[150].

ويقول دوان أيضاً: "والبوذيون وهم – أكثر سكان الصين واليابان يعبدون إلهاً مثلث الأقاليم يسمونه (فو).
ويرى فابر في كتابه (أصل الوثنية) أن الصينيين يعبدون بوذا ويقولون: إنه ذو ثلاثة أقاليم، تماماً كما يقول الهنود[151].
وكذلك قال اليونانيون القدماء بالتثليث حيث جاء عند أحد شعراء اليونان- وكان قبل المسيح بقرون – ما نصه: "كل الأشياء عملها الإله الواحد مثلث الأسماء والأقاليم"[152].

وبهذه العقيدة قال الفرس والآشوريون والفينيقيون وغيرهم[153].
أما عقيدة التثليث عند النصارى فهي الأساس. جاء في قاموس الكتاب المقدس: " عرف قانون الإيمان هذه العقيدة بالقول: نؤمن بإله واحد: ألآب، والابن، والروح القدس اله واحد، جوهر واحد، متساوين في القدرة والمجد"[154].

وجاء في القاموس عند التعريف بطبيعة الله- عزَّ وجلَّ- ما نصه: "الله واحد وهو ثلاثة أقانيم متساوية في الجوهر: الله ألآب والله الابن، والله الروح القدس، فالآب خلق العالمين بواسطة الابن. والابن هو الذي أتم الفداء وقام به- والروح القدس هو الذي يطهر القلب.

غير أن الأقاليم الثلاثة يشتركون معاً في جمع الأعمال الإلهية على السواء"[155].
هذا ما يقوله علماء النصارى في التثليث، فهم يسيرون على درب من سبقهم من الثنيين.

عقيدة التجسد:
كثير من الأمم الوثنية تدين بهذه العقيدة فالإله عندهم ينزل إلى الأرض، ويولد من عذراء ويسكن مع البشر، وأمه تدعى والدة الإله.
وهذا المعتقد مشتهر عند الهنود، والصينيين، والمصريين القدماء، واليونانيين، والفرس، وسكان المكسيك، وغيرهم[156].

عقيدة تقديم أحد الآلهة ذبيحة فداء عن الخطيئة:
ينقل التنير- رحمه الله- عن علماء مشهورين قولهم: إن تصور الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة ذبيحة فداء عن الخطيئة قديم جداً عند الهنود الوثنيين: فهم يرون أن كشنا (الذي هو الإله فشنو) تحرك حنواً لكي يخلص الأرض من ثقل أحمالها، فأتاها وخلص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه، حيث مات معلقاً على شجرة سمر بها بضربة حربة بعد تجسده وظهور بالناسوت، ويرسمونه مثقوب الجنب واليدين.

كما أن هذه العقيدة موجودة أيضاً عند الصينيين، وأن كتبهم المقدسة تحدثت عن (تيان) القدوس الواحد صاحب الفضائل السماوية والأرضية الذي سيعيد الكون إلى البر، وأنه سيتألم كثيراً، وإنه هو الوحيد القادر على أن يقدم للرب ذبيحة تليق به... وأنه لأجل الناس يموت، كي يخلص الصالح، وأنه واحد مع الله في الأزل قبل كل شئ[157].
وهناك أمم أخرى كثيرة تدين بهذه العقيدة، ويدعون من قام بمهمة الفداء بأسماء متعددة:
فبعضهم يدعونه: بالمخلص الفادي، وإله الحياة، والواحد الأبدي، والمولود الوحيد.
وبعضهم يدعونه: بالمخلص المصلوب، والإله المولود البكر من عذراء.
ومنهم من يسميه: الإله الحي.
وآخرون يسمونه: الابن الوحيد، والذبيح حامل الخطايا، الفادي المولود من عذراء.
كما يطلق عليه بعضهم: الابن الوحيد والكلمة[158].

والتجسد والفداء من أبرز العقائد عند النصارى:
جاء في قاموس الكتاب المقدس: "وكلا البشيرين – متى ولوقا – يتفقان على أن الرب يسوع حبل به في البطن بالروح القدس، وولد ابن الله من مريم العذراء البتول الطاهرة، وتمشيا مع هذه الحقيقة يفتتح يوحنا البشير بشارته بهذه الكلمات: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله.... والكلمة صار جسداً، وحل بيننا، ورأيناه مجده: مجد الابن الوحيد من الآب ممتلئاً نعمةً وحقاً"[159].

وجاء فيه بشأن عقيدة الفداء: ".... وحمل خطيئة الكثيرين، وأخذ على كاهله إثم البشرية الخاطئة الأثيمة، وقدم نفسه طوعاً واختياراً للقبض عليه... وللصلب... فقدم نفسه عن رغبة واختيار كحمل الله الذي يرفع خطيئة العالم"[160].

وجاء في القاموس أيضاً: "ومن التأمل في الشرائع التي كانت سائدة في العهد القديم تنجلى أمور كثيرة تشير إلى مبدأ الفداء الذي أكمله المسيح إذ قدم نفسه لفك كل قيد، ورفع كل مسؤولية، وافتداء جميع من كانوا تحت رق عبودية الخطيئة، بشرط أن يقبل الخاطئ الفادي بإيمان قلبي"[161].

وهذه الأسماء التي نادى بها الوثنيون من قبل هي بعينها يطلقها النصارى على المسيح – عليه السلام – فمن أسمائه كما جاء في قاموس الكتاب المقدس:
إله، الابن الوحيد، مخلص، الفادي، كلمة الله، وحيد من الأب، الأول والآخر[162].
هذا وقد ذكر الله- تعالى- في كتابه الكريم أن أهل الكتاب قد قالوا بقول من سبقهم من الوثنيون الكفار.
قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة:30]

تنبيه:
وأخيراً: يجب ألا يغيب عن البال: أن النصارى بعد نجاة المسيح - عليه السلام - من الصلب والقتل ظلوا مضطهدين حتى بداية القرن الرابع حيث جاء الملك قسطنطين الأمان، ومكن لهم. وفي خضم هذه الاضطهادات التي- قل نظيرها في التاريخ- ظهرت كتبهم التي يقدسون، وعما بها من عقائد يدافعون، كما أهملت كتب أخرى كثيرة اعتبرت غير مقدسة.
وما من شك أن مثل هذه الظروف – والتي استمرت لفترة طويلة –أسهمت إسهاماً كبيراً في ضياع الدين الذي أتى به المسيح – عليه السلام- والذي بشر به حواريوه من بعده[163].

الخاتمة
المتأمل في كتب العهد الجديد يظهر له بجلاء ووضوح أنها لم تكتب بإلهام، وبالتالي لا تقوم بها الحجة على احد.
وكيف تقوم بها الحجة وسندها إلى مؤلفيها غير متصل كما أنها مملوءة بالاختلافات والأغلاط فيما بينها من جهة، وفيما بينها وبين كتب العهد القديم- الذي هو مقدس عند النصارى – من جهة أخرى.
كما أن نسخ تلك الكتب الأصلية مفقودة، وما الموجود منها الآن إلا الترجمات.
أضف إلى ذلك عدم تحقق الأخبار الغيبية الواردة فيها.
وأخيراً فهي تشمل على عقائد مماثلة لما عند الوثنيين السابقين.
كل هذا يجعل القارئ المنصف يقطع ببطلان دعوى الحجية والإلهام في هذه الكتب.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

قائمة المصادر والمراجع
** اختلافات في تراجم الكتاب المقدس، عبد الوهاب، أحمد مكتبة وهبة، ط1، 1407هـ - 1987م.
** أدلة الوحدانية، القرافي، أحمد بن إدريس. ت: عبد الرحمن دمشقية. ط1، 1708هـ - 1988م.
** الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام، وافي، على عبد الواحد. نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة.
** إظهار الحق، الهندي، رحمت الله الهندي. ت: د. محمد ملكاوي مطبوعات الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء. السعودية. ط1، 1400هـ.
** الإنجيل دراسة وتحليل، شتيوي، محمد شلبي. مكتبة الفلاح الكويت. ط1، 1404هـ - 1984م.
*** التجسد والصلب بين الحقيقة والافتراء، د. حماية، محمود علي.
** تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب، الترجمان، عبد الله الميورقي. ت: عمر الداعوق، دار البشائر الإسلامية، بيروت – لبنان، ط1، 1408هـ - 1988م.
** التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، بوكاي، موريس.
ترجمة الشيخ: حسن خالد. المكتب الإسلامي، ط2، 1407هـ - 1987م.
** الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ابن تيمية، أحمد.
ت: د. علي بن حسن – د. حمدان الحمدان، د. عبد العزيز العسكر. دار العاصمة ط1، الرياض – السعودية.
** دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة، السعدي، محمد دار. الثقافة – قطر – الدوحة، ط1، 1405هـ - 1985م.
** الرد على النصارى، الجعفري، صالح بن الحسين. ت: د. محمد محمد حسانين. مكتبة وهبة – القاهرة. ط1، 1409هـ - 1988م.
** العقائد الوثنية في الديانة النصرانية، التنير، محمد طاهر. نشر وتعليق: محمد إبراهيم الشيباني. مكتبة ابن تيمية – الكويت. ط1، 1408هـ - 1987م.
** الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم، على بن أحمد. ت: د. محمد إبراهيم نصر، د. عبد الرحمن عميرة. دار الجيل – بيروت.
** في مقارنة الأديان "بحوث ودراسات" د. محمد الشرقاوي. دار الجيل – بيروت.
** قاموس الكتاب المقدس، هيئة التحرير: د. جون طمسن، إبراهيم مطر. منشورات مكتبة المشعل، بيروت، ط6، 1981م.
** الكتاب المقدس، دار الكتاب المقدس في العالم العربي.
** محاضرات في النصرانية، أبو زهرة، محمد. الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، الرياض ط4، 1404هـ.
** المسيح في مصادر العقائد المسيحية، عبد الوهاب، أحمد. مكتبة وهبة، ط1، 1398هـ - 1978م.
المناظرة الكبرى بين الشيخ رحمت الله الهندي و د. فندر ت: د. محمد عبد القادر ملكاوي. دار ابن تيمية للنشر السعودية، ط1، 1405هـ.
** هل الكتاب المقدس كلام الله، ديدات، أحمد. ترجمة: نورة أحمد النومان، نشر مكتبة التوعية الإسلاميةكتاب سماوي حتى يوكو.
ــــــــــــــــــــــــ
[1] هذا التعريف المجمل هو من وجهة نظر أهل الكتاب.
[2] حيث يؤمن النصارى بكتب اليهود (العهد القديم) إضافة إلى كتب العهد الجديد، خلافاً لليهود الذين ينكرون كتب العهد الجديد؛ لأنهم لا يعترفون بنبوة المسيح أصلاً.
[3] يطلق النصارى على الأسفار المقدسة لليهود اسم العهد القديم؛ للتفرقة بين أسفار الديانة اليهودية وأسفار ديانتهم فيسمون أسفار ديانتهم بالعهد الجديد.ويراد بكلمة العهد في هاتين التسميتين ما يرادف معنى الميثاق، أي: إن ما في تلك لمجموعتين من الأسفار تمثل ميثاقًا أخذه الله – تعالى – على الناس وارتبطوا به معه. فمجموعة أسفار العهد الجديد تمثل في نظر النصارى ميثاقاً جديداً بدأ من عصر المسيح – عليه السلام – انظر وافي، على عبد الواحد: الأسفار المقدسة السابقة للإسلام (3،13).
[4] وهذا موجود في كتب علماء الإسلام السابقين حيث يقولون مثلاً: (جاء في التوراة كذا..) وإذا النص موجود في غير التوراة من أسفار العهد القديم فقولهم هذا هو من قبيل التوسع في اللفظ.
[5] ذكر عدد من علماء الإسلام في كتبهم أن أهل الكتاب يجعلون الزبور ضمن أسفار العهد القديم وإن كانوا اليوم يسمونه سفر المزامير.
قال ابن تيمية – رحمه الله –: "وقد رأيت أنا من نسخ الزبور ما فيه تصريح بنبوة محمد- صلى الله عليه وسلم- ورأي نسخة أخرى من الزبور قلم أر ذلك فيها".
ابن تيمية، أحمد: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (3: 50).
[6] الإله عند النصارى: واحد ذو ثلاثة أقانيم: أقنوم الأب "الله" أقنوم الابن "المسيح" أقنوم الروح القدس، وعلى هذا فالروح القدس عندهم إله وليس هو جبريل – عليه السلام – إذ إن جبريل عندهم ملك من الملائكة. انظر قاموس الكتاب المقدس: (414.232) وانظر المرجع نفسه (245) حيث التعريف بجبريل – عليه السلام..
[7] حيث يوجد في العهد الجديد رسائل لغير تلامذة المسيح باعتراف النصارى أنفسهم، فبولس وحده له أربع عشر رسالة، ولوقا – تلميذ بولس – ينسب إليه الإنجيل الثالث وسفر أعمال الرسل، وهما ليسا من تلامذة المسيح – عليه السلام-.
[8] انظر التعريف بكتبهم: الهندي: إظهار الحق (1: 98) وما بعدها، وافي: عل عبد الواحد، الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (13)وما بعدها، قاموس الكتاب المقدس (644، 762، 764 – 767).
[9] لأن ما سننقل من كلامهم لا يقتصر على العهد القديم فقط بل على العهدين معاً: لذا كان العنوان حول الكتاب بعهديه.
[10] المقصود بالإلهام هنا "الوحي" فالروح القدس هو الذي أوحى لكتاب الأسفار المقدسة – في نظرهم بما كتبوه. انظر قاموس الكتاب المقدس (762 – 763).
[11] انظر هذه الآراء في: عبد الوهاب، أحمد المسيح في مصادر العقائدية المسيحية(16).
[12] قاموس الكتاب المقدس (1020 – 1021).
[13] قاموس الكتاب المقدس (762 – 763).
[14] المرجع نفسه (415).
[15] انظر قاموس الكتاب المقدس (832).
[16] هذه الفرقة يعدها النصارى فرقة مبتدعة.
[17] انظر الهندي: إظهار الحق (2:538).
[18] بوكاي مرويس: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم (81).
[19] يقصد بالراحة واختصار الوقت كما يرى الشيخ ديدات أن نقول: إنجيل متى دون الحاجة إلى القول: الكتاب الأول من العهد الجديد الفصل كذا وكذا... فالأفضل أن نعطيه اسماً مثل: متى مثلاً فهو اسم كغيره ديدات، أحمد: هل الكتاب المقدس كلام الله(41).
[20] المرجع نفسه (38).
[21] السعدي، محمد: دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة (15 – 16).
[22] عبد الوهاب، أحمد: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس (83).
[23] إنجيل متى صح 9: 9.
[24] عبد الوهاب: أحمد: المسيح في مصادر العقائد المسيحية (57 – 58).
[25] ديدات، أحمد: هل الكتاب المقدس كلام الله (38).
[26] انظر الهندي: إظهار الحق (2: 537).
[27] انظر: عبد الوهاب، أحمد: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس (82)، المسيح في مصادر العقائد الغربية للمؤلف نفسه (35، 46)، السعدي، محمد: دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة (17)، بوكاي، موريس: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم (82).
[28] ديدات، أحمد: هل الكتاب المقدس كلام الله (41).
[29] المرجع نفسه (41 – 42).
[30] انظر قاموس الكتاب المقدس (853) وما بعدها.
[31] انظر ابن تيمية، أحمد: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (4: 188 – 189)، وانظر وافي، على عبد الواحد: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (87)، أبو زهرة، محمد: محاضرات في النصرانية (56)، شتيوي، محمد: الإنجيل دراسة وتحليل (59)، ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل (2: 14) حيث نقل عنهم قولهم إن بطرس ألفه ونسبه إلى مرقس.
[32] قاموس الكتاب المقدس ( 855).
[33] انظر التعريف به وبكتابه: عبد الوهاب، أحمد: المسيح في مصادر العقائد الغربية (7).
[34] عبد الوهاب، أحمد: المسيح في مصادر العقائد الغربية (52).
[35] السعدي، محمد: دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة (18).
[36] انظر التعريف به: قاموس الكتاب المقدس (822 – 823).
[37] انظر وافي، على عبد الواحد: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (85)، أبو زهرة، محمد: محاضرات في النصرانية (58).
[38] قاموس الكتاب المقدس (822).
[39] عبد الوهاب، أحمد: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس (85)، بوكاي، موريس: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم (88).
[40] انظر ابن تيمية، أحمد: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (4: 189) وانظر وافي، على عبد الواحد الأسفار المقدسة السابقة على الإسلام (88)، أبو زهرة، محمد: محاضرات في النصرانية (59).
[41] انظر التعريف بالدكتور المذكور في: عبد الوهاب، أحمد: المسيح في مصادر العقائد المسيحية (7).
[42] المرجع نفسه (65).
[43] السعدي، محمد: دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة (19).
[44] سيأتي إن شاء الله عند الحديث عن سفر أعمال الرسل أن هناك اختلافا بين رسائل بولس، وبين ما ينسب إلى لوقا.
[45] انظر قاموس الكتاب المقدس (1110) وما بعدها، أبو زهرة: محاضرات في النصرانية (64).
[46] انظر بوكاي، موريس: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم (90).
[47] المرجع نفسه (91).
[48] انظر عبد الوهاب، أحمد: المسيح في مصادر العقائد الغربية (70 – 71).
[49] ابو زهرة، محمد: محاضرات في النصرانية (61)، وافي، على عبد الواحد: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (84).
[50] انظر وافي، عل عبد الواحد: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (89).
[51] الهندي: إظهار الحق (1: 156).
[52] انظر قاموس الكتاب المقدس (87)، وافي، على عبد الواحد: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (113 – 114).
[53] لفظ يقصد به: تلامذة المسيح، وأحياناً غيرهم.
[54] انظر السعدي،محمد: دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة (20).
[55] عبد الوهاب، أحمد: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس (90).
[56] عبد الوهاب، أحمد: المسيح في مصادر العقائد الغربية (65).
[57] بوكاي، موريس: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم (89).
[58] انظر الهندي: إظهار الحق: (1: 105 – 107)، وافي، على عبد الواحد: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (118 – 120)، عبد الوهاب، أحمد: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس (6)، والمسيح في مصادر العقائد الغربية للمؤلف نفسه (35 – 36).
[59] انظر الهندي: إظهار الحق (1: 159 – 163).
[60] قاموس الكتاب المقدس (1112).
[61] الهندي: إظهار الحق (1: 164).
[62] الهندي: إظهار الحق (1: 3، 4، 616).
[63] المرجع نفسه (2: 56).
[64] انظر السعدي، محمد: دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة (22) حيث نقل ذلك عن كتاب ديانات العالم.
[65] النصارى يعدونها فرقة مبتدعة.
[66] الهنديِ: إظهار الحق (1: 155، 2: 551 – 552).
[67] المرجع نفسه (1: 155، 2: 386).
[68] المرجع نفسه (1: 157).
[69] انظر الهندي: إظهار الحق (2: 544 – 548) حيث ذكر أسماء هذه الكتب، وانظر بعض هذه الكتب في قاموس الكتاب المقدس (122)، وانظر وافي: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (106) ما بعدها، وانظر عبد الوهاب، أحمد: المسيح في مصادر العقائد الغربية (36 – 38).
[70] انظر بوكاي/ موريس: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم (100)، حيث ينقل عن الأب بوامار تأسفه على غياب كمية ضخمة من الكتابات التي اعتبرتها الكنيسة مشكوكاً فيها؛ وذلك لما فيها من الفائدة التاريخية.
[71] بوكاي، موريس: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم (115).
[72] رسالة يوحنا الأول صح 2: 1 – 2.
[73] سفر الأمثال صح 21: 18.
[74] الهندي: إظهار الحق (1: 230).
[75] إنجيل يوحنا صح (3 – 13).
[76] الهندي: إظهار الحق (2: 329).
[77] سفر التكوين صح 5: 23 – 24.
[78] قاموس الكتاب المقدس (32).
[79] سفر الملوك الثاني: صح 2: 11، والغرض من سوق مثل هذه الأخبار، لبيان الاختلاف بين كتب العهدين وأنهما ليسا بوحي، لا الإقرار بصحة ما ورد.
[80] لا أدري لماذا الالتزام بهذا الرأي وبخاصة أن الدليل مفقود على كون متى هو المترجم أو الآمر بالترجمة.
[81] قاموس الكتاب المقدس (833).
[82] انظر الهندي: إظهار الحق (2: 531) وما بعدها.
[83] قاموس الكتاب المقدس (833)، وافي، على عبد الواحد: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (87).
[84] انظر ابن تيمية، أحمد: الجواب الصحيح (4: 186)، وافي: على عبد الواحد: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة على الإسلام (87)، أبو زهرة، محمد: محاضرات في النصرانية (52).
[85] الهندي: إظهار الحق ( 1:151، 2: 532 – 533).
[86] المرجع نفسه (2: 533 – 534).
[87] أبو زهرة محمد محاضرات في النصرانية (55).
[88] قاموس الكتاب المقدس. ( 763).
[89] السعدي محمد: دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة (53).
[90] وكذلك العهد القديم.
[91] أنظر قاموس الكتاب المقدس (846)، وبوكاي، موريس: التوراة والنجيل والقرآن والعلم ( 100 )، عبدالوهاب، أحمد: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس(32).
[92] بوكاي، موريس: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم (101)، عبد الوهاب، أحمد: اختلافات في تراجم الكتاب المقدس (24).
[93] السعدي محمد: دراسة في الأناجيل الأربعة والتوراة (37).
[94] بوكاي،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دعوى الإلهام والحجية في أسفار العهد الجديد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  أسفار العهد القديم
»  هل العهد الجديد كلمة الله ؟
»  إبطال نسبة أسفار الأنبياء إليهم
»  نقد متن العهد القديم
»  جمع القرآن.. في العهد النبوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: