اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  حيل الفلسفة أوقعت "الجابري" في شرك التحريف!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99285
 حيل الفلسفة أوقعت "الجابري" في شرك التحريف! Oooo14
 حيل الفلسفة أوقعت "الجابري" في شرك التحريف! User_o10

 حيل الفلسفة أوقعت "الجابري" في شرك التحريف! Empty
مُساهمةموضوع: حيل الفلسفة أوقعت "الجابري" في شرك التحريف!    حيل الفلسفة أوقعت "الجابري" في شرك التحريف! Emptyالثلاثاء 14 مايو 2013 - 19:37

تاه الدليل فلا تعجب إذا تاهوا أو ضيّع الركب أشباحٌ وأشباه
تاه الدليل فلا تعجب إذا تركوا قصد السبيل وحادوا عن سجاياه!
عجبًا!
كيف يُصر الإنسان على الإغراق في بحر لجي من ظلمات التفكير غير قادر على أن ينجو منه بعلمه العقدي القاصر وعقله المحدود؛ قد قال فرانسيس بيكون: "القليل من الفلسفة يؤدي إلى الإلحاد".

عجبًا!
لماذا لم نأخذ العبرة من الأعلام الكبار مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ الذي كان بحرًا في العلوم الشرعية والمنطق والفلسفة..؛ فلم تكن الغلبة للثانية على الأولى..، فكان منه رحمه الله أن ألف كتابًا نفيسا للرد على العقلانيين والزنادقة والفلاسفة.. سماه "درء تعارض العقل والنقل".

عجبًا!
لماذا الإصرار على الإغراق في تيه الأقدمين، أين العبرة والعظة؛ ألم يدخل أبو حامد الغزالي في بطون الفلاسفة، ثم أراد الخروج منهم فما قدر-على حد تعبير أبي بكر بن العربي المعافري رحمه الله-؟!

ثم لِمَ العجب في أفكار هؤلاء القوم؛ فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابن عباس رضي الله عنه: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة؟ فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين إنَّما أُنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيمن نزل، وإنَّه سيكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن ولا يدرون فيمن نزل، فيكون لهم فيه رأي، فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا.

فمعظم فلاسفة العالم العربي والإسلامي –إلا من رحم ربي- دخل عالم الفلسفة؛ وبضاعته من العلم الشرعي قليلة؛ وغير متحصن عقديا وشرعيا، فانغمس في أتون المادية الإلحادية تارة والعقلانية تارة أخرى والتشكيكية[1]- التحريفية تارة ثالثة... ولعل ممن يمثل هذا الاتجاه الأخير الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري؛ الذي خرج علينا بآراء المستشرقين القدامى اعتقادًا منه أنه أتى بجديد؛ ويظهر ذلك جليًّا من مقالاته المتفرقة خاصة التي صدرت في جريدة الاتحاد الإماراتية، والتي زعم فيها أن القرآن الكريم فيه زيادة ونقصان! وأكد فكرته في كتابه الأخير "مدخل إلى القرآن الكريم"، والأنكى قوله بأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم شرب الخمر قبل تحريمه في سلسلته الذائعة الصيت في المغرب "مواقف"... نعم! وشر البلية ما يضحك!

وفي السياق نفسه، لِم َالعجب من ارتفاع شأن المفسدين المشككين في ديننا وعقيدتنا، وتوليهم مقاليد الأمور؟ ألم يقل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إنها ستأتي على الناس سنون خدّاعة، يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرُّوَيْبِضَة. قيل: وما الرُّوَيْبِضَة؟ قال: السفيه يتكلم في أمر العامة) رواه أحمد.

تعرض القرآن الكريم ومعه سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ زمن طويل لهجوم كاسح وخاسر في الوقت نفسه من قبل خصومه وأعدائه الأدعياء، الذين أعجزهم بيان القرآن الكريم {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23]، لكن كما تعلمنا من علمائنا الأجلاء؛ فالأعداء (اليهود والنصارى والمستشرقون..) بيّن شرهم لدى القاصي والداني من أبناء الأمة المخلصين لدينهم وعقيدتهم. لكن الأدعياء –المندسون في الأمة الإسلامية بأسماء إسلامية- منهم الظاهر المجاهر في عدائه، ومنهم المستتر غير المجاهر الذي يدس السم في العسل. وقد وجدنا بعض الأقلام الحاقدة، من ذوي الأفكار المشوهة والمشبوهة، قد اهتمت بإثارة الشبهات وتدوين التشكيكات، ضمن حالة من الاستنفار العام للهجوم على الإسلام وأهله.

آه من أهل الأهواء والشبهات وصنيعهم، تتيه عقولهم الممجوجة، ولا يطعمون فطرتهم السليمة بوحي من نور كتاب الله وسنة النبي المختار صلى الله عليه وسلم؛ فتختمر الفكرة الشيطانية في عقلهم؛ فتروح بهم يمينا وشمالا تغدو خماصًا بقليل من العلم الشرعي وتروح بطانًا بألوان شتى من العقائد الفاسدة!؛ فلا ضابط، ولا حدود؛ نعم! يكتبون وينظرون ويجادلون ويناطحون!؛ لكن هم بهذا أجهل الناس جهلا مركبا!

نعم! ما هي إلا شهور حتى خرج علينا "الدكتور النحرير" و"الفيلسوف المتمرس" محمد عابد الجابري بكتابه الضخم –كما هي عادته- "مدخل إلى القرآن الكريم"؛ الذي لم يخل أيضًا من التشكيك والتحريف. أما سلسلته "مواقف" فهي أس معارفه المنحرفة!...

وأُجْمِلُ أهم أوهام وتحريفات "الفيلسوف" المغربي الجابري في النقط التالية:
1- التحريف الأولى: مسألة انتفاء أمية محمد صلى الله عليه وسلم:
أ- إن ما طرحه الفيلسوف "الجابري" من أفكار –لا يتسع المقام هاهنا لتتبعها واحدة واحدة– حول استحالة أمية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يكن بأمر جديد؛ فقد سبقه المستشرقون –عبثا- لترسيخه (وأبرزهم مونتغمري واط في كتابه "محمد في مكة")؛ إذ يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم تعلم من ورقة بن نوفل، ومرة أخرى يقولون تعلم من بحيرا الراهب، وأحيانًا أخرى يرددون أنه تعلم من يهود مكة!!

* الرد: ونحن نعلم أن مكة لم يكن فيها يهود، وأن لقاءه ببحيرا -لو ثبت- لا يعدو الساعة أو الساعتين وهو غلام في الثانية عشرة من عمره! وأن التوراة والإنجيل لم يترجما إلى العربية إلا بعد قرون من عصر الرسالة، ولو كانا قد ترجما فإن أميته تحول دون إفادته منهما[2].

ب- كما ذهب المستشرق الفرنسي باريه في دائرة المعارف الإسلامية إلى انتفاء أمية الرسول، إذ يقول: إن آية {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِما ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 75] لا يقصد بها -كما ردد الجابري- من لا يعرفون القراءة والكتابة؛ لأن كلمة أمي أو أميين وضعها أهل الكتاب للدلالة على الوثنيين، ويصعب الجزم بالمعاني التي كان يقصدها محمد صلى الله عليه وسلم من كلمة أمي.

* الرد: لقد اقتضت إرادة الله تعالى أن يكون النبي أمّيًّا، حتى صارت تلك الصفة من خصائصه، ولعل الحكمة من ذلك أن النبي لو كان يحسن القراءة والكتابة، لوجد الكفار والمشركون في ذلك منفذًا للطعن في نبوته، أو الريبة برسالته، وقد جاء تصوير هذا المعنى في قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48].

وفي هذا المقام نجد محاولة جديدة لطمس الحقائق وتزوير الأحداث، ويتمثل ذلك في إنكار بعض المستشرقين ما استفاضت شهرته من إثبات أمّيّة النبي صلى الله عليه وسلم، متغافلين عن نصوص الوحيين الصريحة في ذلك، ثم ساقوا لتأييد أطروحتهم جملة من الأدلة مستصحبين معهم أسلوبهم الشهير في تحريف النصوص وليّ أعناقها، واستنباط ما لا يدل عليه النص مطلقًا لا بمنطوقه ولا بمفهومه، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إننا نجد منهم اللجوء إلى الكذب الصراح متى ما كان ذلك موصلا إلى هدفهم من التضليل والتشويش.

وكان أول ما استدلوا به-وهو ما استشهد به أيضًا الجابري- هو ما رواه الإمام البخاري في قصّة الحديبية عن البراء رضي الله عنه قال: "لما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، أبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. قالوا: لا نقر لك بهذا، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئًا، ولكن أنت محمد بن عبد الله. فقال: (أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله). ثم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (امح رسول الله)، قال علي: لا والله لا أمحوك أبدا. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، لا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب".

قالوا: لقد نصّت الرواية على مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم لكتابة ما نصّه: "هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله"، وما دامت الكتابة قد ثبتت عنه فلا شك أنه كان يحسن القراءة من باب أولى؛ لأن القراءة فرعٌ عن الكتابة. وهذه الشبهة تُعدّ من أقوى شبهاتهم.

والجواب عن هذه الشبهة فيما يلي:
بداية؛ لا نسلّم أن الرواية السابقة جاء فيها التصريح بمباشرة النبي صلى الله عليه وسلم للكتابة، بل هي محتملة لأمرين: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو المباشر، أو أن يكون علي رضي الله عنه هو الذي قام بالمباشرة، وتكون نسبة الكتابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مجازيةً باعتبار أنه هو الآمر بالكتابة، ونظير ذلك قول الصحابي: "ونقش النبي صلى الله عليه وسلم في خاتمه: محمد رسول الله" أي أمر بنقشه، وإذا أردنا معرفة رجحان أي الاحتمالين، فإنه يجب علينا العودة إلى مرويّات الحديث وطرقه.

- لقد روى هذا الحديث المسور بن مخرمة ومروان وأنس بن مالك، واتفقت تلك الروايات كلها على أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بالكتابة، فقد جاء في البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: "..فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله)"، وكذلك قال أنس بن مالك رضي الله عنه في صحيح مسلم ما نصّه: "..فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اكتب من محمد بن عبد الله)".

- أما رواية البراء رضي الله عنه، فنلاحظ أن الرواة الذين نقلوها، اقتصروا على بعض الألفاظ دون بعض، ومن هنا حصل اللبس والإيهام في هذه الرواية.
فرواية عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه ذكرت: "ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (امح رسول الله)، فقال علي: لا والله لا أمحوك أبدا. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله". ورواية إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه جاء فيها: "فقال لعلي: (امح رسول الله)، فقال علي: والله لا أمحاه أبدًا، قال: (فأرنيه)، قال فأراه إياه، فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده".

ويضاف إلى روايات البخاري السابقة رواية أخرى مهمة لحديث البراء، تلك الرواية التي أوردها ابن حبان في صحيحه عن محمد بن عثمان العجلي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: "فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب فأمر فكتب مكان رسول الله محمدًا، فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله" الحديث.

ونخلص من مجموع تلك الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليًا رضي الله عنه أن يمحو كلمة: (رسول الله)، فرفض عليٌّ ذلك، فطلب منه أن يريه مكانها، فمحاها بيده، ثم أمره بكتابة لفظة (بن عبد الله)، وهذا هو مقتضى الروايات. ثم إننا نقول: إن رواية البخاري التي ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فأرنيه)، فيها إشارة واضحة إلى احتياج النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي كي يرشده إلى مكان الكلمة، مما يدل بوضوح على عدم معرفته للقراءة أصلا، ويضاف إلى ذلك أن المشرك الذي تفاوض مع النبي صلى الله عليه وسلم لو رآه يكتب شيئا بيده في تلك الحادثة لنقلها إلى كفّار قريش، فقد كانوا يبحثون عن أي شيء يجعلونه مستمسكًا لهم في ارتيابهم، فلما لم يُنقل لنا ذلك دلّ على عدم وقوعه أصلاً.

ولكن دعنا نفترض أن المباشر للكتابة هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهل يخرجه ذلك عن أميته؟ يجيب الإمام الذهبي فيقول: "ما المانع من تعلم النبي صلى الله عليه وسلم كتابة اسمه واسم أبيه مع فرط ذكائه وقوة فهمه ودوام مجالسته لمن يكتب بين يديه الوحي والكتب إلى ملوك الطوائف"، فمعرفة النبي صلى الله عليه وسلم لطريقة كتابة اسمه واسم أبيه لا يخرجه عن كونه أمّيًا كما هو ظاهر، فإن غير الأميّ يحسن كل كتابة وكل قراءة، لا بعضًا منها. وختامًا، فإن ما ذكره المستشرقون ومن تبعهم من محاولات للتشكيك في أمّيّة النبي صلى الله عليه وسلم لا يثبت أمام حقيقة هامة، وهي أن أهل مكة الذين عاشوا معه وعلموا أخباره، وعرفوا مدخله ومخرجه وصدقه ونزاهته، قد أقرّوا جميعا بأميّته[3].

2 - التحريف الثاني: القول بتحريف القرآن الكريم بين النقصان والزيادة:
يقول بلاشير: (قلما وجدنا بين الكتب الدينية الشرقية كتابًا بلبل بقراءته دأبنا الفكري أكثر مما فعله القرآن). وهذا ليس غريبا في حق من ديدنهم الحقد الدفين على الإسلام والمسلمين. لكن أن تنتقل العدوى إلى أبناء المسلمين هذه هي الطامة الكبرى؛ إذ صرح علنا "محمد عابد الجابري" في شهر رمضان لسنة 1426هـ في مقالته التي نشرها في جريدة "الاتحاد" الإماراتية في الثاني من أكتوبر 2005 والمعنونة بـ "ما قيل إنه رُفع أو سقط من القرآن"! والتي زعم فيها أن القرآن وقع فيه بعض التحريف، وأن علماء الإسلام السنة اعترفوا بذلك. إذ طعم ذلك بنصوص من أقوال الشيعة الروافض المشهورين بتحريف نصوص القرآن والسنة، وادعائهم بهتانا أن مهديهم سيأتي بالمصحف الكامل {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبا} [الكهف: 5]؛ في كتابه: مدخل إلى القرآن الكريم.. وحتى لا أطيل أوردُ نصًّا استشهد به "الجابري" لإقناع أهل السنة بالفرية! وهو ما ذكره نقلا عن القرطبي رحمه الله، ومفاده أن عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- قالت: ((كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مائتي آية، فلما كُتب المصحف لم يقدر منها إلا على ما هي عليه الآن)) [4] - أي 73 آية -. فهل هذه الرواية صحيحة؟.

إنها لا تصح إسنادًا ولا متنا، فأما إسنادها فقد أورده القرطبي عن أبي بكر الأنباري، الذي قال: وقد حدثنا ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة قالت:... ))[5]. وهذا الإسناد لا يصح لوجود عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف[6].

وأما متنها فهو مُنكر؛ لأنه إذا كان المقصود من تلك الرواية أن سورة الأحزاب سقط منها أكثر من النصف بسب النسخ، فإن النسخ لم يحدث ولا يحدث إلا في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام– وعلى يده فقط. لذا فلو حدث ذلك، فإنه حدث بأمر منه وفي زمانه. ولا يصح أن يقال: إنها أُسقطت زمن عثمان عندما كتب المصاحف، وهذا الذي أشارت إليه الرواية[7]. لأنه لا يصح ولا يُعقل أن يُنسخ ذلك العدد الكبير من آيات سورة الأحزاب، ويبقى المسلمون يتلونها إلى سنة 25 هجرية، عندما كتب عثمان المصاحف إلى الأمصار. فهذا باطل؛ لأن النسخ عندما كان يحدث زمن نزول الوحي، فـإن النبي-عليه الصلاة والسلام- كان يُبلّغ أمته حالا، وما عليها إلا الالتزام بذلك. وأما الزعم بأنها ظلت تُتلى مع نسخها فهذا باطل بالضرورة الشرعية[8].

ومن أروع ما قرأت ما روى القرطبي -وهو دليل يسقط ادعاءات المحرفين والمشككين- بسنده عن الحسين بن فهم قال: سمعت يحيى بن أكثم يقول: كان للمأمون -وهو أمير إذ ذاك- مجلس نظر، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة، قال: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له: إسرائيلي؟ قال نعم. قال له: أسلم حتى أفعل بك وأصنع، ووعده. فقال: ديني ودين آبائي! وانصرف. قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما، قال: فتكلم على الفقه فأحسن الكلام؛ فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألست صاحبنا بالأمس؟ قال له: بلى. قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان، وأنت تراني حسن الخط، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها البيعة فاشتريت مني, وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الوراقين فتصفحوها، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها؛ فعلمت أن هذا كتاب محفوظ, فكان هذا سبب إسلامي.

قال يحيى بن أكثم: فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قال قلت: في أي موضع؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} [المائدة: 44] فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال عز وجل: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]. فحفظه الله عز وجل علينا فلم يضع ) [9].

3- التحريف الثالث: القول بـ "تاريخية" الإسلام:
ويقولون زورًا وبهتانا وجهلا: ((إلى متى سنظل حبيسي الثقافة الجامدة والفهم الصحراوي السقيم للقرآن والسنَّة؟ ألا نستعين بالعلوم الاجتماعية (السوسيولوجيا) وعلم الاقتصاد المادي) والتشكيك الديكارتي الذي يسمونه: الشك المنهجي (la Doute méthodique)؟! بل الأدهى والأمر، هل يمكن الاستعانة بنصوص "تاريخية" في عصر الذرة والصعود إلى القمر! {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13].

ويقصد بذلك أن الإسلام والقرآن الكريم كان استجابة لما يقتضيه المجتمع الجاهلي والعرب آنذاك؛ أي أن الإسلام –على حد تعبير التاريخانيين-انعكاس لبيئة فكرية واجتماعية واقتصادية تناسب ذلك الوقت.. وهو إجراء استشراقي-شيطاني لتأكيد بشرية القرآن الكريم بل وإنكار النبوة والوحي عموما! يقول أركون: ((القرآن نص مفتوح على جميع المعاني، ولا يمكن لأي تفسير أو تأويل أن يغلقه أو يستنفذه بشكل نهائي))[10].

ولأننا لا نطوع "الإسلام وتاريخه" لأذواق الناس واتجاهاتهم الفكرية في "عصر معين" فما يحبذه في عصر قد ينكرونه في عصر آخر، وما يحسبه أبناء بلدة حسنا يراه سواهم منكرا، والحكم لله ولشرعه وليس لأذواق الناس وأهوائهم والله غالب على أمره[11].

وقد ذكر الفيلسوف "الجابري" هذا التصور "التاريخاني" بشكل ملتوٍ،كما هي عادته ؛إذ يخالف أقرانه العلمانيين في الاصطلاح وإن كانوا باطنا في اتجاه واحد وفلسفة واحدة وتحريف واحد للكلم عن مواضعه! إذ رفض استعمال مصطلح التاريخانية –كما سطر في أغلب كتاباته مصطلح "العلمانية" وعوضه بـ"الديمقراطية" لتمرير إيديولوجيته - إذ عوضه في كتابه الآنف الذكر بـ"معهود العرب". قد رد عليه الدكتور خالد كبير علال بما يلي:
- أولا: أن هذا الطرح فيه تغليط للقراء وتدليس عليهم من جهة، وفيه جناية على الشرع والقرآن الكريم من جهة أخرى. وذلك أن فهم القرآن ليس محصورًا في مفهوم العرب فقط، وإنما يُفهم بالصحيح من معهودهم، وبكل الحقائق الشرعية، والعقلية، والعلمية الطبيعية منها والعمرانية. وليس فهمه محصورًا أيضا في الزمن الذي ظهر فيه القرآن الكريم؛ لأن هذا الحصر يتناقض مع خلود دين الإسلام وعالميته.
- ثانيا: أن قوله إن القرآن جاء ليُخاطب العرب ليفهموه، وليتم ذلك لا بد أن يكون بلغتهم. فهذا غلط منه، وتحريف للشرع؛ لأن دين الإسلام لم يأت لمخاطبة العرب فقط لكي يفهموه، وإنما جاء أيضًا إلى كل بني آدم على وجه الأرض، ليُخاطبهم ويفهموه أيضًا، لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107][12].

4- الوهم المختلق: إنه فرية شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - للخمر قبل تحريمه!!!
يقول الجابري "الفيلسوف النحرير" في سلسلته المعروفة في المغرب "مواقف": (..في سياق تعداد نعم الله على الناس في قوله تعالى: {وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: 67]. والمعنى - على حد زعم الجابري - أن الله أنعم عليكم بثمرات النخيل والعنب: من تلك الثمرات ما تتخذون منه ما يسكر بفعل التخمير، ومنها ما تأكلونه في حالته الطبيعية رزقا حسنا: تمرا وعنبا.وكان الصحابة آنذاك، و(الرسول نفسه عليه السلام) كما تشير إليه بعض الروايات..)[13]!!!

الرد: يجب أن نقرر –برغم أنف الحاقدين– أن حياة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل البعثة كانت أنقى وأمثل حياة وأكرمها؛ إذ لو كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح ورذيلة معروفة في الجاهلية لما سكت المشركون عن تعييره بها، فهم يقرون بأمانته وطهارة بيته.. بل أكثر من هذا رباه الله سبحانه وتعالى على عينه! فحتى سماع الغناء وضرب الدفوف، والمزامير حفظه الله منها فكيف بالخمر التي تبيح لشاربها كل الشرور والآثام.. وهاهنا أتساءل من أين جاء "الفيلسوف" بهذه الرواية؟! وبهذا الادعاء؟! وبهذا الزعم؟! وبهذا الافتراء على حبيبنا صلى الله عليه وسلم؟![14].

إن من يطلع على سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يعثر على إشارة بليغة وعلى عصمة نبيه من كل الموبقات؛ من ذلك: عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حين أسري بي لقيتُ موسى عليه السلام -فنعته النبي صلى الله عليه وسلم- فإذا رجل -حسبته قال:- مضطرب، رجِلُ الرأس، كأنه من رجال شنوءة. قال: ولقيت عيسى -فنعته النبي صلى الله عليه وسلم- فإذا ربْعَةٌ أحمر كأنما خرج من ديماس. يعني: حمامًا. قال: ورأيت إبراهيم صلوات الله عليه، وأنا أشبه ولده به. فأتيت بإناءين في أحدهما لبن، وفي الآخر خمر. فقيل لي: خُذ أيهما شئت. فأخذت اللبن فشربته، فقال: هُديت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك))[15].

ب- أما استشهاده: (أن الآية 67 من سورة النحل فيها مدح للخمر بوصفها آية من آيات الله للناس...) فليس كذلك!. فالآية الكريمة مكيّة وهي تخاطب المشركين في سياق الظواهر الطبيعية التي يعايشونها في حياتهم الاعتيادية، عن سؤالهم المقدّر وهو: ما ثمرات إنزال الماء من السماء؟ فكون اتخاذ المشركين السكر من ثمرات النخيل والأعناب لا يعني تحسينه لهم، خصوصًا وأن الآية الكريمة تنسب السكر إليهم وأنه من صنعهم، وليس هو إلاّ إشارة إلى ثمرة طبيعية مألوفة لديهم، بل هناك قرينة واضحة في الآية تدل على نوع من تقبيح السكر من جهة مقابلته بالرزق الحسن، فلو كان السكر حسنًا لما ميّزته الآية الكريمة عن الرزق الحسن[16].

كما فسره بعض العلماء بقوله: يلاحظ هنا أن (السكر) مقدم على الرزق الموصوف بالحسن، فهنا سكر وهنا رزق. كأنهم عندما كانوا يأكلون العنب أو البلح فهذا رزق، ووصف الله الرزق بأنه حسن. ولكنهم كانوا أيضًا يأخذون العنب ويصنعون منه خمرًا، فقدم ربنا (السكر) لأنهم يفعلون ذلك فيه، ولكنه لم يصفه بالحسن، بل قال: ((تتخذون منه سكرًا)) لكن كلمة رزق وُصف بالحسن.

عندما نسمع ((سكَرًا ورزقًا حسنًا)) ألا نفهم أن كونه سكرًا يعني غير حسن، لأن مقابل الحسن: قبيح. وكأنه قال: ومن ثمرات النخل والأعناب تتخذون منه سكرًا أي شرابًا قبيحًا ورزقًا حسنًا، ولاهتمامكم أنتم بالسكر، قدمه، وبعد ذلك ماذا حدث؟ عندما يريد الحق سبحانه وتعالى أن يأتي بحكم تكون المقدمة له مثل النصيحة، فالنصيحة ليست حكمًا شرعيًا، والنصيحة أن يبين لك وأنت تختار، يقول الحق: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 219].

فمحمد عابد الجابري "المفكّر والفيلسوف" المغربي بات في الآونة الأخيرة يشتغل بكتاب الله برؤية فلسفية، الغرض منها نسف ما تواتر عند أبناء الأمة الإسلامية علمائها وعوامها! وقد تحير كثيرون في أيّة (خانة) يصنفّونه أهو مع عقيدة المسلمين السليمة من كل غبش وغموض أم مع إحياء عقيدة الروافض وتأويلات الفرق الكلامية؟! أم لا يختلف عن المستشرقين الذين تعاملوا مع كتاب الله وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم من منطلق الانقضاض عليه وهدمه بطرق ملتوية يراد منها (عصرنة) الإسلام وتحديثه؟! وفي تعامله مع التراث الإسلامي أيسقط عليه أدواتٍ علميّةً متعارفًا عليها عند علماء الأمة الربانيين أم أدوات استشراقية من وحي المناهج المادية الغربيّة، وآخر ما تفتّق عنه العقل الغربي في التعامل مع التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية؟! أم هي ثقافة (خالف تعرف)؟!

وختامًا؛ رحم الله صاحب كتاب السير إذ يقول: "وإياك وآراء عباد الفلاسفة، ووظائف أهل الرياضات، وجوع الرهبان، وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة، فواغوثاه بالله، اللهم اهدنا صراطك المستقيم.[17] والله أعلم وأحكم.

الهوامش والإحالات المرجعية:
[1] - هذا المنهج التشكيكي دفع مدير دار الحديث الحسنية- وهي قطب ديني جامعي بالمغرب بعد جامعة القرويين- للقول بأن صحيح البخاري فيه أحاديث مكذوبة. هذا الكتاب الذي أجمع علماء الأمة على صحته يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن" (مجموع الفتاوى 18/74).
[2] - محمد عبد الله دراز: مدخل إلى القرآن الكريم ص:141، نقلا عن السيرة الصحيحة لأكرم ضياء العمري، ص: 131.
[3] - وقد تتبع الأستاذ بجامعة عين شمس أنور محمود زناتي ترهات وتخرصات المستشرقين وتطاولهم على كتاب الله وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بردود علمية دقيقة في كتابه الرائق: معجم افتراءات الغرب على الإسلام.
[4] - الجابري: مدخل إلى القرآن الكريم، الجزء الأول، في التعريف بالقرآن، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى، سبتمبر 2006م، ص: 223
[5] - القرطبي: تفسير القرطبي، ج 14 ص: 104.
[6] - الذهبي: الكاشف، دار القبلة للثقافة الإسلامية، حققه محمد عوامة، الطبعة الأولى، مؤسسة علو – جدة، 1413 - 1992
[7] - الشوكاني: فتح القدير، ج 4 ص: 369.
[8] - وقد رد الدكتور خالد كبير علال -مشكورًا- على أفكار الجابري التشكيكية في كتابه الرائق: "أباطيل وخرافات حول القرآن الكريم والنبي محمد -عليه الصلاة والسلام- دحض أباطيل عابد الجابري وخرافات هشام جعيط حول القرآن ونبي الإسلام"- دار المحتسب 2008. كما رد على ضجته الشيخ أبو إسحاق نور الدين درواش، في جريدة السبيل المغربية العدد 16 بتاريخ 1 نوفمبر 2006.
[9] - الجامع 5/369.
[10] - محمد أركون - "تاريخية الفكر العربي الإسلامي" [ص: 143]
[11] - الدكتور أكرم ضياء العمري: السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية، الجزء الأول، الطبعة السابعة 2007، مكتبة العبيكان ص:37-38
[12] - الدكتور خالد كبير علال: المرجع نفسه ص: 144 و145.
[13] -محمد عابد الجابري: أسباب النزول: تحريم الخمر نموذجا، سلسلة مواقف، العدد71 ص: 18.
[14] - هناك رد آخر للعلامة إسماعيل الخطيب على افتراء محمد عابد الجابري، مجلة النور العدد 454 السنة 34 صفر 1429هـ
[15] - أخرجه البخاري (3394 و3437 و4709 و5576 و5603)، ومسلم (272)، وأحمد (2/282 و512)، والبغوي في شرح السنة (3761).
[16] - انظر فؤاد كاظم المقدادي: الإسلام وشبهات المستشرقين.
[17] -انظر: السير (327/19).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حيل الفلسفة أوقعت "الجابري" في شرك التحريف!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: