اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني*

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99285
المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني* Oooo14
المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني* User_o10

المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني* Empty
مُساهمةموضوع: المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني*   المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني* Emptyالخميس 9 مايو 2013 - 16:15

المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني*

لن نناقِش في هذا الفصلِ المضمونَ القرآني بكلِّ تفاصيلِه؛ لأن مثلَ هذا الأمرِ - بما فيه من العقائدِ والشعائر والتشريعات - أكبرُ تمامًا من أن يناسبَ هذا المدخلَ، ولذلك فلن نشيرَ إلا إلى أهمِّ وأبرزِ ما في المضمونِ القرآني من نقاطٍ.



إن محمدًا - الذي كان عبقريةً دينيةً وإصلاحية، بكل ما لهذه الكلمةِ من معنًى - لم يكن لاهوتيًّا، مَثَلُه في هذا مَثَلُ كثيرٍ غيرِه من المصلِحين الدينينَ.



وعبثًا يحاولُ الباحثون أن يَجِدُوا في القرآنِ لاهوتًا إسلاميًّا، إلا أن محمدًا - شأنُه شأنُ كبارِ المصلحين الدينين - كان منظمًا؛ إذ لا يستطيعُ أحدٌ التطلعَ إلى القيامِ بدورِ المُصلحِ الديني يتمتَّع بعبقريةٍ تنظيميةٍ، وإن الحياةَ الدينيةَ لشعبٍ ما لا تتغيَّر إلا بشرط إقامةِ صرح اعتقاديٍّ جديد.



ولأن محمدًا كان يتمتَّع إلى حدٍّ بعيدٍ بعبقريةِ التنظيم الاجتماعيِّ والديني فَقَد استطاع - في ذات الوقت الذي كان يقومُ فيه بإصلاحِه الديني - أن يضعَ الأساسَ التشريعي.



والواقعُ أن للقرآنِ صبغةً تشريعيةً بارزةً؛ فهذا الكتاب الشهيرُ يَفتَقِر إلى الطابعِ الصوفي[1].



إن فيه الصبغةَ التشريعيةَ الموجودةَ في العهدِ القديمِ، بل إلى مدًى أبعدَ؛ وذلك لما يظهرُ في قوانينِه - قبلَ أن تأخذَ شكلَها النهائيَّ - من نزعةٍ تحيُّنية.



ولا بد من القول بأن محمدًا إذا كان قد سنَّ - باسمِ الوحي الذي كان ينزلُ عليه - التشريعاتِ الدينيةَ والأخلاقية، فليس في هذا الكتابِ ما يدلُّ قط على ادِّعائه أنه قديسٌ، فهو في الآيتين [1 – 2] من السورة [48] يقولُ: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [الفتح: 1 - 2].



وإن رجلاً يقولُ هذا، ليس بالذي يدَّعي أنه بلا خطيئةٍ[2].



لقد كان محمدٌ يعدُّ نفسَه وارثًا لمن سبَقه من الآباء والأنبياء من آدمَ ونوحٍ وإبراهيمَ خليلِ اللهِ، إلى عيسى الذي أتى قبلَه مباشرةً.



وقد أثنى على عيسي ابنِ مريمَ رسولِ اللهِ وكلمتِه، الذي لم يُصلَب إلا ظاهريًّا، إلا أنه برغمِ قبولِه المرويَّاتِ النصرانيةِ في خطوطِها العامَّة، قد ثار ثورةً عارمةَ السخطِ على عقيدةِ التثليثِ "المكوَّنة - على حسبِ فهمِه - من الله، وعيسي، ومريم[3]، وعلى تأليهِ عيسي وأمه.



ويلخص محمدٌ تعاليمَه في النصينِ التاليين:

• ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285].



• و: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136].



ويتلخَّص المعتقدُ القرآني في التأكيداتِ التاليةِ - وغني عن القولِ أن كثيرًا منها مستمَدٌّ دون شكٍّ ممن تقدَّمه من اليهودِ والنصارى -:

1- وحدانية الله، وهذه العقيدةُ تكتسبُ في القرآن قوَّة وجلالاً لا يُضَارَعان.



2- نبوَّة محمدٍ؛ أي: إنه رسولُ اللهِ، كلّفه ربُّه بدعوة الناس إلى الوحدانيةِ، التي هي جوهر الدين ذاته.



3- الإيمان بالملائكة والشياطين.



4- الإيمان بالحياة الأخرى؛ أي: البعث، والحساب، والجنة، والنار.



وهذا الدين لم يَدْعُ - من ناحيةِ كونه ديانةً "توحيدية" - إلى شيءٍ غيرِ موجودٍ في الديانات التوحيدية الأخرى، لكن الذي دعا محمدٌ العربَ إليه - بوصفِه شيئًا جديدًا - مدهشُ الأصالةِ بالنسبةِ للعبقريةِ العربيةِ قد سمَّاه النبيُّ الجديدُ "الإسلامَ"؛ أي: دينَ الخضوعِ للمشيئةِ الإلهية.



وفكرةُ الاستسلامِ هذه مشتركةٌ بينه وبين النصرانيةِ، إلا أنها تَبْرُز في القرآنِ بروزًا لا تَعرِفه هذه الديانةُ.



وقد استَبْقَتِ الأخلاقُ القرآنيةُ من التقاليدِ العربية القديمةِ الرقَّ وتعدُّدَ الزوجاتِ[4]، وإن قيَّدت هذا، وخفَّفت ذاك.



كما هذَّب محمدٌ الطلاقَ، وحسَّن أحوالَ المرأة وأوضاعَ الرقيقِ.



ومن الأحاديث التي تُنْسَب للنبي في هذا الشأنِ، هذه الكلمة الرائعة: ((مَا خَلَق اللهُ شيئًا أحبَّ إليه من عتقِ الرقبة، وما أَبغَض شيئًا بغضَه للطلاق))، كما قضى الإسلامُ على: القرابينِ البشرية، ووأدِ البنات، وشُرْبِ الخمر، وكلِّ ما أسكر، ولعبِ المَيْسِر الذي كان عادة متأصلة لدى العرب، ولقد أَحدَثت هذه الإصلاحاتُ درجاتٍ عاليةً من الرُّقِي؛ بحيث يُمكِن أن نعدَّ محمدًا واحدًا من أكبرِ المحسنين إلى البشرية، بل إن تحريمَه المطلَق لوأدِ البناتِ، لكافٍ وحدَه لتخليدِ اسمِه في تاريخِ عصرِه.



وهناك في التوجيهِ القرآني مسألتانِ ذواتا أهميةٍ خاصةٍ، وكلتاهما تستحقُّ أن تُفْرَدَ بالإشارةِ؛ لأهميتها من الناحيةِ الدينيةِ، وأيضًا لكي نثبتَ أن العقيدةَ الإسلاميةَ في القرآنِ لم تَأخُذ قطُّ شكلَها النهائيَّ[5]:

• المسألة الأولى: هي مسألة الجبر، والحرية، الإنسانية.

فالجبرُ قد أكَّده القرآنُ في مواضعَ عدَّة، وبخاصةٍ في النص الشهير التالي: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 96]؛ بمعنى: أن الخيرَ والشرَّ هما قضاءٌ وقدرٌ، كما يقولُ علماءُ الكلامِ المسلمون.



ولكن إذا كنا نستطيعُ أن نستشهدَ - على عقيدةِ الجبرِ - بكثير جدًّا من النصوصِ القرآنيةِ؛ فإن القرآنَ في هذه المسألةِ غيرُ حاسم تمامًا؛ إذ إن كثيرًا من نصوصِه تؤكِّد أيضًا عنصرَ الحريةِ الأخلاقيةِ.



ولن أستشهد هنا إلا بنصين اثنين شديدَي الوضوح:

• النصُّ الأولُ، هو: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]؛ فالإنسان إذًا قد تحمَّل الأمانةَ بملءِ حريتِه، وإذا كان قد أصبح ظلومًا؛ فلأنه نقَض كلامَه أيضًا بإرادتِه.



• أما النصُّ الآخرُ، فيقول: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]، ومعناه: أن الله قد استدعى إليه في وقتٍ ما كلَّ الأجيالِ المستقبلةِ التي ستخرجُ من صلبِ آدمَ؛ ليجعلَهم يأخذون على أنفسِهم - بإرادتهم - ميثاقًا على الطاعةِ، وأنه مذكِّرهم في اليومِ الآخرِ بهذا الميثاقِ الذي نَقَضُوه، ومستشهدٌ عليهم بما قالوه هم أنفسُهم.



فهذا النصُّ يُصبِح بغيرِ معنًى إذا لم يكن يشير إلى الحرية الأخلاقية.



أما المسألةُ الثانيةُ، فهي مسألةُ الحياةِ الآخرةِ؛ ذلك أن الحسابَ الإلهي يقسِّم الناسَ - حسبما جاءَ في القرآنِ - إلى ثلاثِ طوائفَ:

• فأما الأوَّلون - وهم الذين لم يعتنقوا الإسلام - فهؤلاءِ مصيرُهم إلى النارِ [سورة 2 - آية 37، وسورة 11 - آية 108... إلخ].



• وأما الآخرونَ - وهم الذين آمنوا بوحدانية الله - ولكنَّ معاصيَهم حالت بينهم وبين الجنةِ، فهؤلاءِ عليهم أن يتطهَّروا أولاً من خطاياهم في جهنَّم، التي هي بالنسبةِ لهم مطهِّر حقيقي [سورة 6 - آية 128، وسورة 11 - آية 109... إلخ ].



• ثم الصفوةُ القليلةُ العددِ، وهؤلاءِ يدخلون الجنة مباشرة.



إن عقيدةَ الحشرِ تَحظَى بأعظم أهمية في القرآن، فكثيرةٌ جدًّا هي النصوصُ المتعلقةُ بيومِ الحساب والنار والجنة، وإن الدورَ الذي تقومُ به العقائدُ الأخرويةُ في هذا الكتابِ المقدَّس لتجعلُنا ننظرُ إليه بوصفِه كتابةً رمزيةً.



إن القرآنَ يصوِّر الجنةَ والنارَ تصويرًا ماديًّا غليظًا، سواء في ذلك الجحيم والماء الحميم الذي يتجرَّعه الأشقياءُ من جهة، أو أنهار الجنة وأشجارها من جهة أخرى، وكذلك السعادة الخالدة للمجدودين.



ومن المفيدِ أن نستشهدَ ببعضِ النصوصِ الكلاسيكيةِ في هذا الموضوعِ، وهذه هي النصوصُ الخاصَّة بالنار:

• ﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ [الواقعة: 41 - 44].



• ﴿ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴾ [الغاشية: 4 - 6]



• ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ﴾ [الواقعة: 51 - 55].



• ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 26 - 29].



• ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ﴾ [النبأ: 24، 25].



أما النصوصُ الخاصَّة بالجنة، فتقولُ:

• ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [محمد: 15].



• ﴿ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 13].



• ﴿ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ *...* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا * وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ﴾ [الواقعة - الآيات: 8، 12 – 21، 27 – 31 ].



• ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴾ [الرحمن: 54 - 56].



• ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ [الواقعة: 35 - 38].



أكان محمدٌ - وهو يصوِّر الجنةَ والنارَ هذا التصويرَ البارزَ الذي يَستولِي على الخيالِ - يعتقدُ في حسيِّة هذه الأوصافِ؟



أهذه اللغةُ المجازيةُ - التي يبدو أنها تعبِّر عن مثلِ هذه الأفكارِ الغليظةِ الشهوانيةِ - يُمكِن ألا تكونَ - على العكس - سوى ترجمةٍ لمفهومٍ أنقَى وأسمَى صِيغَت في أسلوبٍ شعبي يناسِب عقولَ الدهماء؟ [6].



إن من المستحيلِ الإجابةَ على هذا السؤالِ، كلُّ ما يُمكِن قولُه هو أن هذه النصوصَ التي استشهدنا بها - والتي يدورُ حول معناها كثيرٌ من المناقشات بين المفسِّرين المسلمين - تؤخَذ على حرفيتها لدى أعداد كثيرة من المحمديين بل بين الغالبية العظمي منهم.



ويبقي عنصرٌ أخيرٌ من الإسلام القرآني يَنبَغِي ذكرُه، وهو العباداتُ والشعائر التي قرَّرها محمدٌ، وهذه الشعائرُ أو الواجباتُ العباديةُ عددُها خمسٌ:

1- الطهارة، وصورتُها العملية هي: الاغتسال بالماء، أو استعمال الرمل عند فقدانه، وهي مفروضة في عدد كبيرٍ من الحالات [سورة 4 - آية 46، وسورة 5 - آية 9... إلخ].



2- الصلاة، التي يجبُ أداؤها مرَّات متعدِّدة في اليوم بل في الليل أيضا في أوقات محددة، وعلى نحو مخصوصٍ [سورة 11 - آية 116، وسورة 17 - الآيات 80 – 81، وسورة 50 - الآيتان 38 – 39... إلخ]. ولكن ما من نصٍّ في القرآن يحدِّد الصلواتِ الخمس التي عيَّنتها السنَّة فيما بعد.



3- الزكاة، التي تتَّخذ شكلَ ضريبةٍ دينية تُعْطَى "للوالدَين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل" [سورة 2 - آية 211]، أو حقٍّ إلزامي شرعي [سورة 9 - آية 60، وسورة 58 - آية 14]، أو برٍّ يُدَّخر عند الله [سورة 3 - آية 86، وسورة 30 - آية 38، وسورة 57 - الآيات 7 – 10، وسورة 63 - آية 10، وسورة 64 - الآيتان 16 – 17].



4- صيام رمضان [سورة 2 - الآيتان 180 – 181].



5- الحج إلى مكة [ سورة 2 - الآيتان 192 – 193 ].



أما بالنسبة للجهاد المقدَّس - أو الحرب ضد الكفَّار - فالإشارة إليه كثيرة في القرآن [سورة 2 - الآيات 186 – 187، 212 – 215، وسورة 9 - آية 36... إلخ ].



* هذا الجزء هو ما جاء في الصفحات من 29 فصاعدًا من المقدمة التي مهد بها "إدوار مونتيه" لترجمته التي درسناها في المقالتين "المستشرق "مونتيه" وحديثه عن القرآن (1) و (2) ".

[1] هل يريد هذا المستشرق أن يقول: إن القرآن يخلو من الجو الروحاني، ولا يهتم إلا بمعاملات الناس، ومنازعاتهم، وحقوقهم، وواجباتهم الاجتماعية؟ إن كان هذا، فهو دليل واضح على مدى الالتواء والكذب الذي يقبل به هو وزملاؤه من المستشرقين على دراسة كتابنا المقدس.

ولا أظنني بحاجة إلى أن أورد من القرآن النصوص التي تدل على عكس ما يزعم، وهي جد كثيرة، فقط ألفت نظر القارئ إلى الأدعية والابتهالات التي يلقاها في كل مكان في القرآن، والتي تشع بالنور الروحاني، وتعمر نفس المسلم بالسكينة والطمأنينة؛ فيسبح في آفاق الجلال والحنو الإلهي، وكثيرًا ما تجعله يذرف الدمع الشافي.

[2] ليس في القرآن ما يشير إلى أن النبي - عليه السلام - قد ارتكب خطيئةً ما، وإن كان في القرآن بعض المعاتبات على قرار اقترحه بعض الصحابة فوافق عليه، وكان القرآن يرى خلاف ذلك، أو على ضيقه - عليه السلام - بوجود مسلم أعمى جاء يسأله عن أشياء في الدين في وقت كان يفضل أن لو فرغ فيه لدعوة عدد من الكفار كانوا موجودين معه في ذلك الحين إلى الدين الجديد... فأين هذا مما يسميه هذا المستشرق - بناء على الآية الثانية من سورة "الفتح"- خطيئة؟ إن الآية تتحدث عن "ذنب"، ومن الذنوب ما يكون تافهًا لا قيمة له على الإطلاق، وإن بدا ذا شأن حين يقع من نبي.

[3] لم يوضح القرآن عناصر الثالوث النصراني, وإن كانت [الآية 127 من سورة "النساء"] تلمح إلى أن "الأقنوم" الثالث هو الروح القدس، ومع ذلك فإن القرآن يشير إلى أن طوائف من النصارى قد عبدت مريم - عليها السلام - [المائدة 116].

[4] بالنسبة للرق، فقد سد القرآن منابعه، وفتح كل باب ممكن للقضاء عليه، ومن ذلك مثلاً أن من يقسم بالله على شيء، ثم لا يستطيع أن يبر بيمينه فعليه أن يعتق رقبة... إلخ [ المائدة 89 ].

إلى هذا الحد ينتهز الإسلام كل فرصة - مهما تكن عابرة - لتحطيم هذا النظام الذي لم يرثه عن الجاهلية العربية، كما يدعي هذا المستشرق كذبًا؛ فإن الرق كان موجودًا في العالم أجمع، بل ظل يمارسه العالم الغربي الذي ينتمي إليه هذا المستشرق إلى وقت قريب، وكيف؟ في أبشع صوره وأبعدها عن الرحمة، ولعل القراء لم ينسوا بعد قصة "الجذور: Roots ".

أما بالنسبة لتعدد الزوجات، فهو في الواقع العملي علاج لمشكلة وجود فائض في عدد النساء، كما يحدث إبان الحروب وفي أعقابها مثلاً، ومنها غزواتً النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولا أظن أي منصف إلا موافقًا على أنه أفضل مليون مليون مرة من: الزنا، والبنوة الحرام، والانحلال الخلقي، الذي لا يعرف الغرب غيره في أمثال هذه الظروف.

[5] هذا ضلال، والرأي في مسألة القضاء والقدر أن لها وجهين متقابلين؛ فإن الله هو خالق الإنسان والأشياء والقوانين التي تحكم الحياة والكون كله، وكذلك الإرادة الإنسانية.

فإذا نظرنا إلى هذه المسألة من أفقها الإلهي؛ فكل شيء قد خلقه الله على مقتضى إرادته، أما إذا نزلنا من هذا الأفق العالي المطلق ونظرنا إليها من زاوية أضيق؛ فإننا لا نستطيع أن ننكر ما تتمتع به الإرادة الإنسانية في مواجهة الأشياء والقوانين من حرية نسبية.

في ضوء هذا نستطيع أن نفهم ما قاله القرآن في هذا الصدد، أما اتهام العقيدة القرآنية في هذه النقطة بأنها لم تأخذ شكلها النهائي؛ فهو عجز عن الفهم.

[6] يبدئ أعداء الإسلام ويعيدون في هذا الاتهام السمج، الذي تناولناه مرتين في هذا الكتاب: مرة في عرضنا لترجمة "سافاري" للقرآن، ومرة أخرى في مناقشتنا لترجمة الشيخ "أبو بكر حمزة".

كل ما أحب أن أكرره هنا، هو أن متع الجنة ليست كلها حسية - وإن لم يكن في هذا ما يعاب - ولكنها تتراوح بين لذة الجسد وسعادة الروح.

وأرجو أن يرجع القارئ لما قلناه في الموضعين المشار إليهما؛ ليجد رأينا مفصلاً هناك.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المستشرق "مونتيه" وحديثه عن المضمون القرآني*
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: