اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  قصب السكر في الزواج المبكر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99300
 قصب السكر في الزواج المبكر Oooo14
 قصب السكر في الزواج المبكر User_o10

 قصب السكر في الزواج المبكر Empty
مُساهمةموضوع: قصب السكر في الزواج المبكر    قصب السكر في الزواج المبكر Emptyالثلاثاء 7 مايو 2013 - 16:15

أما بعدُ:

فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله - عز وجل -﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾[النساء: 9].



أيها المسلمون، ما زال أعداءُ الإسلام يُحاربون هذه الأمة ماديًّا ومعنويًّا، ويسعون لتوهين أمْرِها، وإضعاف شأنها اجتماعيًّا واقتصاديًّا؛﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217].



غير أنَّ الحربَ التي توجَّه إلى العقائد والأخلاق باتتْ هي الحرب التي يركِّزون عليها منذ عقود، بعد أن يَئِسوا من هزيمة المسلمين بقوة السلاح القاهرة، أو التغلُّب عليهم بأسلوب المواجهة المباشرة، لقد خَطَّط الأعداءُ لغزو المسلمين في مبادئهم وقِيَمهم وأخلاقهم، وجنَّدُوا المفكِّرين لإحداث البلْبَلة في أوساطهم، واجتهدوا لتشكيكهم في الثوابت والمسَلَّمَات التي مضتْ عليها أجيالُهم وتوارثوها بالقَبول والتسليم كابرًا عن كابر.



وإنَّ موْضوعَ الزَّواج المبَكِّر لَمِن الموضوعات التي تزايدَ حولها الجدلُ في العقود المتأخِّرة؛ حيث سعى مغرضون إلى تحديد سنٍّ لا يجوز الزواج قبله، محاولين إقناعَ الأمة بفوائدَ مزعومة لتأخير الزواج، والإرْجاف بأن ثَمَّة أضرارًا بالغة للتبكير به، بل وَسَعوا إلى ما هو أكْبر من ذلك وأبْعد أثَرًا، بمحاولة سَنِّ القوانين وفرْضِ الأنْظمة التي تجعلُ من الزواج المبكِّر جريمةً في حقِّ الإنسان وظُلمًا له وهَضْمًا، ناسِين أو متناسِين أنَّ ذلك مخالفٌ للشرْع، مناقض للمصالح التي جاء بها، هادمٌ لأهدافِ الزواج في الإسلام من أصْلها، وهي الأهدافُ التي أعْلَنَها إمامُ الأُمَّة وقُدْوتها - عليه الصلاة والسلام - بقوله : ((يا معشر الشباب، مَن استطاعَ منكم الباءةَ فليتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر وأحْصنُ للفَرْج))، وبقوله: ((تزوَّجوا الولودَ الودودَ؛ فإنِّي مكاثرٌ بكم)).



وإذا كان الزواجُ المبكِّرُ يساعدُ على تحقيق هذه الأهداف النبيلة، وتحصيل تلك الغايات الكريمة؛ مِن غَضِّ الأبصار وتحصين الفروج، وتطهير المجتمع من الفواحش ووقايته من الزنا، وتكثير سَواد الأُمة وتقوية شأنِها، فإنَّ تأخيرَه قد يفوِّتُ كلَّ هذه المصالح ويعطِّلُها؛ فقد يقع الشبابُ في الفاحشة، خاصة في هذه الأزمنة التي كَثُرَتْ فيها دواعيها وتيسَّرت أسبابُها، وبتأخيره يقلُّ النسلُ ويضيع مَغْزَى تكثيرِ أفراد المجتمع الذي هو رافد كبيرٌ من روافد القوَّة، وسببٌ مَتينٌ من أسباب العِزَّة والْمَنْعَة.



إننا نسمعُ في مجتمعنا اليومَ أصواتًا تنادِي بتأخير سنِّ الزواج، وتُدندنُ حولَ زواج القُصَّرِ، في حين أنَّها لا تَمَلُّ من ممارسة أدوار خبيثة بوسائل مُضِلَّة؛ لإيقاد نارِ الشهوات وتأجيج سُعارها، ومع ما نسمعُ ونرى مِن تَزايُدِ أعدادِ العوانس في المجتمع الإسلامي؛ نتيجة تأخير سنِّ الزواج، فإن هؤلاء الحَمْقَى يرفعون أصواتهم بتأخيره، معتمدين على توصيات ظالمة وقَرارات مُتَعَسِّفة صادرة عن مؤتمرات مَوْبُوءَة، واجتماعات مشبوهة دعتْ إليها أُممٌ كافرة، ونظَّمتْها هيئاتٌ فاجرة، وترى هؤلاء الإعلاميين إذا ظفروا بحالة زواج مُبَكِّرٍ فاشلة أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وعَمَّموا الأحْكام ولم يُخَصِّصوها، عبر الشنْشنة المعروفة منهم بالاستدلال على ما يريدون ولو بحالات فرديَّة لا تمثِّل شيئًا يُذْكَر، في حين أنهم يتعامون عن تناولِ الأسبابِ الحقيقيَّة لفشلِ كثيرٍ من حالات الزواج، والتي قد تكون ماديَّة أو أُسَريَّة أو تَوْعَوِيَّة، وإنَّ العاقلَ ليعجب أشدَّ العجبِ لكلِّ ما يُبْذلُ من جهودٍ لتقبيح صورة الزواج المبكِّر ومحاربته بتلفيق القَصص ونسْج الحكايات المكذوبة تارة، واختراع الأرْقام والإحصاءات تارة أخرى، وبتأليف المسرحيَّات المغْرِضة ونشْر الرسومات الساخرة، حتى وصلَ الحال ببعضِهم إلى وصْف المعارضين لتحديد سنِّ الزواج بأنهم خوارج أو مُتشددون أو إرهابيون، وهذا من الجهْل الشنيع والعِناد الفظيع، بل قد يكون من الْمُشَاقَّة لله ولرسوله، وعدم اتِّباع سبيل المؤمنين، بل هو اتِّباعٌ للكفار على حسدِهم لنا على النقاء والطهارة التي ما زال مجتمعُنا يعيشها بسبب تسهيل أمور الزواج وتيسيره؛ قال - سبحانه -:﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾[البقرة: 105].



أما السُّنة في الإسلام، فقدْ مضتْ بعدمِ تحديد سنٍّ للزواج، ودلَّتْ نصوصُ الكتاب والسُّنة وإجماع علماء الأمة على جواز زواج الصغيرة؛ قال - تعالى -:﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾[الطلاق: 4]، فذكرَ في الآية من أصناف النساء الصغيرة التي لم تحضْ بعدُ، وجعَلَ عِدَّتها ثلاثة أشهر، وفي هذا دَلالة واضحة من كتاب الله - تعالى - على صحة زواج الصغيرة التي لم تبلغْ، ولو كان زواجُها غيْرَ جائزٍ لما ذكَرَ لها المولى - جل وعلا - عِدةً في كتابه، وقال - تعالى -:﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ﴾[النساء: 127]، فوردَ في الآية ذِكْرُ اليتامى من النساء والرغبة في نكاحهنَّ، واليُتْمُ في لغة العرب لا يُطْلَقُ إلا على الصغير غير البالغ، وقال - تعالى -:﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾[النساء: 3].



قالتْ أمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: هي اليتيمة تكون في حجر ولِيِّها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالُها وجمالُها، فيريد أن يتزوجَها بغيرِ أن يُقْسطَ في صَداقِها، فيعطيها مثلَ ما يعطيها غيرُه، فَنُهُوا أن ينكحوهنَّ إلا أن يقسطوا لهنَّ، ويبلغوا بهنَّ أعلى سنتهن في الصَّدَاق.



وعنها - رضي الله عنها - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجَها وهي بنت ست سنين، وبَنَى بها وهي بنت تسع سنين، وقدْ زوَّج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ابنتَه فاطمة بعَلِي - رضي الله عنهما - وعمرُها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وأخْرَجَ عبدالرزاق أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - زوَّج ابنتَه أُمّ كلثوم من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقدْ ولدتْ له قبلَ موتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوَّجَها عمر - رضي الله عنه - وهي صغيرة لم تبلغْ بعدُ، وزوَّجَ الزبير - رضي الله عنه - ابنةً له صغيرة.



قال الشافعي - رحمه الله -: وزوَّجَ غيرُ واحدٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنتَه صغيرة.



وقال النووي - رحمه الله -: أجمع المسلمون على جواز تزويجِه - يَعني الأب - ابنتَه الصغيرة، وقال ابن عبدالبر - رحمه الله -: أجمع العلماءُ على أنَّ للأبِ أنْ يزوجَ ابنتَه الصغيرة، وقال ابنُ المنْذر - رحمه الله -: أجْمعَ كلُّ مَن نحفظُ عنه من أهلِ العلْم أنَّ نِكاحَ الأبِ ابنتَه الصغيرة جائزٌ إذا زوَّجَها من كُفءٍ، وقال ابن بطَّال - رحمه الله -: أجمعَ العلماءُ على أنه يجوز للآباءِ تزويج الصغار من بناتِهم، وإنْ كُنَّ في المهْد، إلا أنَّه لا يجوز لأزواجهِنَّ البناءُ بهنَّ إلا إذا صَلحْنَ للوطءِ، واحْتَمَلْنَ الرجالَ، وأحوالهنَّ في ذلك تختلفُ في قَدْرِ خلْقِهِنَّ وطاقتهن، وقال ابن قُدامة - رحمه الله -: وأمَّا الإناثُ فللأبِ تزويجُ ابنته البكر الصغيرة التي لم تبلغْ تسع سنين بغيرِ خلافٍ إذا وضعها في كفاءة، وبهذا يُعْرَفُ أن تزويجَ الصغيرة جائزٌ بالكتاب والسُّنة وإجماع علماء الأمة، ويكفي في ذلك زواجُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعائشة وعَقْدُه عليها وهي ذات ست سنين، ثُمَّ بناؤه بها ودخولُه عليها وهي ذات تسع سنين، إنَّ ذلك لأعْظم ردٍّ على مَن في قلبه مرضٌ، ولكنَّها مُخطَّطات مَن قال الله فيهم:﴿ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾[المائدة: 33]، ومن قال - تعالى - فيهم:﴿ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾[آل عمران: 118].



ألا فاتَّقوا الله - أيها المسلمون - واحْرِصوا على تزويج أبنائكم وبناتكم؛﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[النور: 32 - 33].


الخطبة الثانية

أما بعدُ:

فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه ولا تعصوه.



أيها المسلمون، لقد تبارَى دُعاة تأخير سنِّ الزواج في تعدادِ الأضْرَار التي تنشأ عن الزواج المبكِّر، وبالغوا فيها وضخَّموها، وتناولوا هذا الأمرَ وكأنه بدعة حادثة، متغافلين عن أنَّ الزواجَ المبكِّر ما زال معروفًا منذ أنْ خَلَقَ الله بني آدمَ وأوْجَدَهم، ومع هذا لم يتحدَّث الأطبَّاءُ يومًا ولا المؤرِّخون ولا الباحثون عن أضرار بَيِّنَة أو مَفَاسدَ متحقِّقة للزواج المبكَّر؛ مما يدلُّ على أنَّ هذه الهالة التي يُحاط بها الزواجُ المبكر والتكلُّف في عَدِّ أضراره ومفاسده المزعومة - إنما هي مجرَّد دعايات خالية من البراهين، وأنَّ بعضَ المواقف الفرديَّة التي قد تحصلُ هنا وهناك إنما هي وقائع أعيان تحدثُ فيها أضرارٌ عارضة لا يخلو منها حتى الزواج المتأخِّر في أحيان كثيرة، إنه لا حلَّ لمشكلة العنوسة التي تتزايدُ نِسَبُها في العالم يومًا بعد يوم، إلا بالتشجيع على الزواج المبكِّر.



ألا فلنتقِ الله - أيها المسلمون - ولنحْذرْ من هذه الدعوات الغربية الماكرة، ولنحرصْ على تسهيل الزواج والتبكير به؛ فإنه أحفظُ لأخلاق الشباب، وأدْعَى إلى شعورهم بالمسؤولية، وهو أفضلُ لصحة الزوجين عامة وللزوجة بصفة خاصة، ولا يَغْتَرَّنَّ أحدٌ بما يُقال من أنَّ الزواجَ المبكِّر يشغلُ عن التحصيل العلمي أو يلهي عن الدراسة؛ فإن الصحيحَ الذي دَلَّ عليه الواقعُ أنَّ الزواجَ مَدْعاةٌ إلى سكون النفْس وطمأنينة القلب، وراحة الضمير وقرَّة العين، وبه صفاءُ الذهْنِ، ونقاءُ الفكْر، والسلامة من القلق، وهي الأمورُ التي تساعدُ على زيادة التحصيل.



ولنحذرْ مما يقال من أنَّ الزواجَ المبكِّر يحمِّلُ الشاب مَؤونة النفقة على الزوجة وعلى الأولاد؛ فإنِّ هذا من ضَعف اليقين والثِّقة بالخالق الرزاق ذِي القوَّة المتين، بل إنَّ الزواجَ مَجْلبة للرزق، مَدعاةٌ للبركة؛ إذ هو طاعة لله ورسوله، والطاعة كلُّها خيْرٌ وبركة، ومَن تزوَّجَ ممتثلاً أمْرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومتحَرِّيًا لِمَا وعدَ به من الخيْر وصدقتْ نيته في اتِّباع السُّنة، كان زواجُه سببَ خيْرٍ له، والأرزاق بيد الله القائل - عز وجل -:﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾[هود: 6].



والقائل - سبحانه -:﴿ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾[الأنعام: 151]، وتالله إنَّه ما حصَلَ إثقالٌ بسببِ الزواج ذاتِه، ولا كان صِغَرُ الزوجين داعيًا لفشلِ الزواج، وإنما هو ابتعادُ الناس عن الآداب الشرعيَّة وترْك السُّنَن النبويَّة، والاشتغال بالأمورِ الجانبيَّة الهامشيَّة؛ مما لا علاقةَ لها بإنجاحه من قريب ولا بعيد، بل قد تكونُ هي سببَ فشلِه؛ من المغالاة في الملابس والحُلِي، والإسراف في الولائم والأطْعِمة، والتفاخُر في الدعوات والمحافل، ألا فرحِمَ الله امْرأً بَكَّرَ بالزواج وعملَ فيه بالسُّنَّة، فأحْسَنَ الاختيارَ ويَسَّرَ ، وتَواضَعَ ولم يَتَكَبَّرْ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتاكم مَن ترضونَ خُلُقَه ودينَه فزوجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنة في الأرض وفسادٌ عريض))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعها المرأة الصالحة))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((تُنْكَحُ المرأةُ لأربع؛ لمالها ولحَسبها، ولجمالها ولدينها، فاظفرْ بذات الدين، تَرِبَتْ يداك))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنَّ منْ يُمْنِ المرأة تيسيرَ خِطبتها وتيسيرَ صَداقِها وتيسير رحمِها))، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ألا لا تغلوا صدق النساء؛ فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله - عز وجل - كانَ أولاكُم به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ما أصْدَقَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأةً من نسائه، ولا أصْدقتِ امرأة من بناته أكثر مِن ثِنْتي عشرة أوقية، وإنَّ الرجلَ ليغلي بصدقة امرأتِه؛ حتى يكون لها عَداوة في نفسه.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/1128/24233/#ixzz2SckwZQ2d
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصب السكر في الزواج المبكر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: